فهو قائم بنفسه بمحل جوهري.
لنا : أن السرعة والبطوء عرضان ، وهما قائمان بالحركة ، وانما قلنا ذلك ، لان مرادنا بالقيام هنا هو اختصاص أحد الامرين بالآخر ، بحيث يكون القائم ناعتا والمقوم به منعوتا ، وهو هنا كذلك ، فان الحركة تنعت بكونها سريعة وبطيئة دون الجوهر ، فانه لا ينعت بهما ، لكن لا بدّ من الانتهاء الى محل جوهري ، والا لزم التسلسل ، لان العرض هو الذي لا يقوم الا بالغير ، فذلك الغير لا يخلو اما أن يكون جوهرا أو عرضا ، فان كان جوهرا ثبت المطلوب ، وان كان عرضا افتقر الى شيء آخر مقوم به ، وننقل الكلام إليه ونقول فيه كما قلنا فى الاول ، وحينئذ يلزم اما التسلسل أو الانتهاء الى محل جوهري ، لكن التسلسل محال ، فتعين انتهاؤه الى محل جوهري يقوم به ، وهو المطلوب.
الرابع : انه يجوز عليها البقاء ، خلافا للاشاعرة ، وتحرير البحث هنا أن نقول : العرض على قسمين : قار وغير قار. فالقار هو الذي تجتمع أجزاؤه فى الوجود ، كالسواد والبياض. وغير القادر ما لا تجتمع أجزاؤه فى الوجود ، بل يوجد منه شيء وينعدم منه شيء ، كالحركة فانها لا تجتمع أجزاؤها فى الوجود بل تتعاقب ساعة فساعة بحيث ينعدم المتقدم ويوجد المتأخر.
اذا عرفت هذا فنقول : لا شك فى عدم بقاء الاعراض الغير القارة ، أما القارة فهل هي باقية أم لا؟ فقالت المعتزلة والمحققون : نعم هي باقية ، وادعى أبو الحسين هنا الضرورة ، وذلك لان الحس كما يحكم ببقاء الاجسام الذي شاهدناها فى الزمن الاول ، كذلك يحكم ببقاء العرض الحال فيه من غير فرق بينهما.
وخالفت الاشاعرة فى ذلك وقالوا : الاعراض مطلقا غير باقية ، بل توجد آنا فآنا ، وهذا يتوجه فى غير القارة ، أما القارة فلا كما قلناه. احتجوا : بأن البقاء عرض ، فلو بقيت الاعراض لقام العرض بالعرض. أجيب : بأنا نمنع كونه عرضا