عرفت ، [و] لا يحتاج معه إلى تحريك حلقة الباب حتى لا تسكن عن الحركة ، بل ولا يحتاج معه إلى البراق والرفرف ، بل ولا إلى جبرئيل وغيره.
ومن هنا يظهر لك عدم الملإمة بين عبارتي الدعاء على نسخة المجلسي قدسسره ؛ فإنّ تسخير البراق لا حاجة إليه مع عروج الروح ؛ فهو من جهة القرائن السايقية على النسخة الاُخرى ، بأن تكون العبارة «وعرجت به» على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فتعيّن على القول بوقوع المعراج وجسمانيته إلى السماوات الالتزام بكونه في تمام الليل ، كما هو ظاهر إطلاق الآية ، حيث قال تعالى : (أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا) (١) ؛ فإن ظهور «الليل» من حيث إطلاقه في تمام الليل ، كما أن ظهور «العبد» في الجسم مع الروح لا الروح فقط ، فيستفاد منها كون المعراج جسمانياً وفي الليل بما يقرب من تمامه أو فيما يقرب من ثلث الليل ، كما هو ظاهر بعض الأخبار ، ومنها الخبر السابق المروي عن الاحتجاج.
والسير إلى ما فوق السماوات السبع في مثل الليلة أو ثلثها مع كون ثخن كل سماء مسيرة خمسمئة عام ، والفصل بين كل سماء مع الآخر كذلك على [ما في] بعض الأخبار (٢) ، أو المجموع مقدار خمسين ألف سنة كما مر في بعض الأخبار (٣) ، وهو المطابق لكون المسافة بين الشمس والأرض اثنين وسبعين مليوناً من الفرسخ ، على ما ذكرناه سابقاً نقلاً عن بعض علماء الاُروپ ؛ لأن مسيرة يوم ثمانية فراسخ غالباً ، وخارج تقسيم العدد على الثمانية تسعة ملايين يوماً ، وخارج تقسيم ذلك على ثلاثمئة وستين : خمسة وعشرون ألفاً من الأعوام ، والشمس في الوسط كشمسة القلادة ، فيكون ضِعْف العدد خمسين ألفاً كما أخبر به المعصوم سلام الله عليه ، وكفى به فخراً لهم ؛ حيث أخبروا بما فهمه حذّاق علماء العصر بأربعة عشر قرناً قبل ذلك ... إلى غير ذلك مما بيّنه أهل بيت العصمة ولم يفهم أكثره علماء العصر إلا قليلاً بعد مداقة عميقة.
__________________
١. سورة الإسراء ، الآية ١.
٢. الأمالي للصدوق ، ص ٤٣٥ ، ح ١٠ ؛ المجازات النبوية ، ص ٣٤٩ ؛ الاختصاص للمفيد ، ص ٣٦٤ ؛ بحار الأنوار ، ج ١١ ، ص ٢٧٧ و....
٣. الكافي ، ج ٨ ، ص ١٤٣ ، ح ١٠٨ ؛ شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ١٢ ، ص ١٤١ الأمالي للطوسي ، ص ١١١ ؛ بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ١٢٣ و....