الفصل الثالث [من الدعاء]
الدعاء :
بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَمَّا انْقَضَتْ اَيّامُهُ اَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ اَبي طالِب صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً ، اِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، فَقالَ وَالْمَلأُ اَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذَا مَوْلاهُ ، اَللّـهُمَّ والِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
وَقالَ : مَنْ كُنْتُ اَنَا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ اَميرُهُ.
وَقالَ : اَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَة واحِدَة ، وَسائِرُالنَّاسِ مِنْ شَجَر شَتّى.
وَاَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى ، فَقال لَهُ : اَنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى الّا اَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي.
وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمينَ ، وَاَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ ، وَسَدَّ الْاَبْوابَ اِلاّ بابَهُ.
ثُمَّ اَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ ، فَقالَ : اَنـَا مَدينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِىٌّ بابُها ، فَمَنْ اَرادَ الْمَدينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَاْتِها مِنْ بابِها.
ثُمَّ قالَ : اَنْتَ اَخي وَوَصِيّي وَوارِثي ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمي ، وَدَمُكَ مِنْ دَمي ، وَسِلْمُكَ سِلْمي ، وَحَرْبُكَ حَرْبي ، وَالإيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ ، كَما خالَطَ لَحْمي وَدَمي ، وَاَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَليفَتي ، وَاَنْتَ تَقْضي دَيْني وَتُنْجِزُ عِداتي ، وَشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُور ، مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جيراني ، وَلَوْلا اَنْتَ يا عَلِيُّ ، لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدي.
اللغة :
الملأ ـ بالهمز كالنبأ : الجماعة من الناس الذين يملأون العين والقلب هيبة. وقيل : هم أشراف الناس ؛ لأنهم مِلء بالرأي والغناء ، ولذا استشارت بهم بلقيس ملكة سبأ : (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ) (١) الآية.
قوله : «شتّى» جمع شتيت «كمرضى» جمع «مريض» : أي المتفرقة.
قوله : «تنجز» من الإنجاز : أي الوفاء والقضاء لما وعد به.
__________________
١. سورة النمل ، الآية ٢٩.