كاسهاش وبا دست مباركش سيراب كردنى كه وافى باشد وگوارا كه بعد از آن هرگز تشنه نشوم ، اى مهربانترين رحم كنندگان!
الخاتمة
اعلم أن «البداء» بمعنى الظهور لغة ، وفي الاصطلاح : ظهور شيء وانكشافه للشخص بعد خفائه ، كما قيل : إنه استصواب شيء غير الأول.
وهذا المعنى مستحيل على الله تعالى ؛ لاستلزامه الجهل ، والباري تعالى منزَّه عنه ، مع أنه ورد في أحاديث الفريقين : ما عُظِّم اللهُ بمثل البداء (١) ، وكذا في الخبر : ما بعثَ اللهُ نبياً حتى يُقرَّ له بالبداء (٢).
فهذا البداء بمعنى القضاء المجدَّد في كل يوم بما لم يكن ظاهراً للخلق ، بل كانوا ينتظرون خلافه ، كما في الخبر عن الصادق عليهالسلام : ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني (٣) ، حيث كان الناس ينتظرون إمامته بعد أبيه لكبره ومحبة أبيه له ، فخاب ظنونهم بموته قبل أبيه.
ولا يخفى أن البداء بهذا المعنى في مقابل قول اليهود ، حيث قالوا : قد جفّ القلم ، وقد فرغ الله عن الأمر ، مع أنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، وهو كل يوم في شأن ، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) (٤) يفعل ما يشاء ، وهو على ما يشاء قدير.
فالبداء في التكوينيات كالنسخ في الأحكام ، فكما أن النسخ تغيير حكمٍ ظاهره الاستمرار حسب مراعاة مصلحة الوقت ، فكذلك البداء.
وهذا لا ينافي علم الله تعالى في الأزل ؛ فإنه في اللوح المحفوظ ، وأما لوح المحو والإثبات فربما يكون المقدَّر فيه قابلاً للتبدل بالزيادة والنقصان وتغيير الشكل ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو لا آية في كتاب الله : (يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (٥)
__________________
١. الكافي ، ج ١ ، ص ١٤٦ ح ١ ؛ التوحيد ، ص ٣٣٣ ، ح ٢ ؛ بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ١٠٧ ، ح ٢٠.
٢. الكافي ، ج ٨ ، ص ١٦٥ ، ح ١٧٧ ؛ التوحيد ، ٣٣٤ ، ح ٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ٩٩ ، ح ٧.
٣. التوحيد ، ص ٣٣٦ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٦٨ مادة «بدا».
٤. سورة المائدة ، الآية ٦٤.
٥. سورة الرعد ، الآية ٣٩.