الروايات عدم الحسن في طلبه ، بل ربما كان الأساطين مانعين من الاستعجال والتمني قبل الوقت ؛ ففي البحار (١) عن الخصال الأربعمئة (٢) قال أمير المؤمنين عليهالسلام : انتظروا الفرج ، ولا تيأسوا من روح الله ؛ فإنّ أحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظار الفرج.
وقال عليهالسلام (٣) : مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة مُلك مؤجَّل ، واستعينوا بالله واصبروا ، (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٤) ، لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولا يَطولنَّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم.
وقال عليهالسلام (٥) : الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس ، والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله. انتهى.
فكيف التوفيق بين تلك الأخبار؟
قلت : لعل النظر في الأخبار المانعة إلى طلب الفرج من دون استعداد الوقت ومن دون تحصيل القابلية والصلاحية في نفس الطالب ، كأكثر المنتظرين في زماننا هذا ، تراهم ، يجتمعون في المجالس ويقرؤون دعاء الفرج وكلمات الاستغاثة بألحان وهيئة جامعة ، ويغمضون في أموال ناس بأنواع الدسائس. نعوذ بالله مما قال تعالى في كتابه : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ) (٦). ولعمري هذا هو الذي قال عليهالسلام : لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ... الخ (٧).
ويعجبني في هذا المقام ذكر ما سمعته عن الشيوخ مذاكرة : أن واحداً من الانتظاريين كان يتمنى ظهور إمام العصر ويتوقع قدومه منذ دهر وسنين ، إلى أن رأى في بعض الليالي في عالم الرؤيا أن الحجة ـ عجل الله فرجه ـ قد ظهر وأشرق العالم بنور قدومه ، فتشرف الرجل بكمال الوجد والسرور خدمته عليهالسلام منتظراً للتشريفات وأنواع التكرمة منه ولو بنصبه
__________________
١. بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٧.
٢. الخصال ، ص ٦١٦ ؛ تحف العقول ، ص ١٠٦.
٣. الخصال ، ص ٦٢٢ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٧.
٤. سورة الأعراف ، الآية ١٢٨.
٥. الخصال ، ص ٦٢٥ ؛ تحف العقول ، ص ١١٥ ؛ شرح الأخبار للقاضي النعمان ، ص ٥٦٠ ، ح ١٢٢٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٠ ، ص ١٠٤ وج ٥٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٧.
٦. سورة البقرة ، الآية ٤٤.
٧. الخصال ، ص ٦٢٢ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٠ ، ص ١٠٠ وج ٥٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٧ ؛ نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٤٢٩ ، ح ٧٣.