من أيام مصيبتهم.
وقد بيّن تضرع بني إسرائيل والتخفيف عنهم بطريق أوضح في رواية اُخرى مروية في الأنوار في ضمن بيان ما هو المروي عن الباقر عليهالسلام : إن لصاحب هذا الأمر أربع سنين من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسنّى من عيسى ، وسنّى من يوسف ، وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ فأما من موسى فخائف يترقب ، وأما من يوسف فالسجن ، وأما من عيسى فيقال : «إنه مات» ولم يمت ، وأما من محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآله فالسيف (١). انتهى.
فكون موسى خائفاً يترقب وخروجه من مصر إلى مَدْيَن وغيبته مدة مديدة ، في كلها مشابهات ومناسبات مع حجة العصر ، وقد روى السيد الجزائري في هذا الموضوع رواية عن النبي صلىاللهعليهوآله قبل ذلك الخبر في أنواره (٢) ، قال : وأما غيبة موسى عليهالسلام فقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه : لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته وأهل بيته ، فحمد الله واثنى عليه ، ثم حدثهم شدة تنالهم يقتل فيها الرجال ، وتشق فيها بطون الحبالى ، وتذبح الأطفال ، حتى يظهر الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب ، وهو رجل أمسر طويل ـ ونعته لهم بنعته ـ فتمسكوا بذلك. ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل وهم منتظرون قيام القائم أربعمئة سنة ، حتى إذا بُشِّروا بولادته ، ورأوا علامات ظهوره ، اشتدت البلوى عليهم ، وحُمل عليهم بالحجارة والخشب ، وطُلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر ، فراسلهم وقالوا : «كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك» ، فخرج بهم إلى بعض الصحاري وجلس يحدِّثه حديث القائم ونعته وقرب الأمر وكانت له فترة ، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليهالسلام ، وكان في ذلك الوقت حديث السن ، وخرج من دار فرعون يظهر النزهة ، فعدل عن موكبه ، وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز ، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت ، فقام إليه وأكبّ على قدميه فقبَّلها ، ثم قال : «الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك». فلما رأى الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم ، فأكبُّوا على الأرض شكراً لله عزّ وجل ، فلم يزدهم على أن قال : «أرجو أن يعجل الله فرجكم». ثم غاب بعد ذلك وخرج إلى مدينة مدين ، فأقام عند شعيب ما أقام ، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الاُولى وكانت نيفاً وخمسين سنة ، واشتدت البلوى عليهم واستتر الفقيه ، فبعثوا إليه بأنه : «لا صبر لنا على استتارك» ، فخرج إلى
__________________
١. الإمامة والتبصرة ، ص ٩٤ ، كمال الدين ، ص ٢٨ ، دلائل الإمامة ، ص ٤٧٠ ؛ الغيبة للنعماني ، ص ١٦٤ ؛ الغيبة للطوسي ، ص ٦٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥١ ، ص ٢١٧.
٢. ورواه الصدوق في كمال الدين ص ١٤٥ ، ح ١٢ ؛ والعلامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج ١٣ ، ص ٣٦ ، ح ٧.