بعض الصحاري واستدعاهم وطيّب نفوسهم وأعلمهم أن الله عزّ وجلّ أوحى إليه أنه مفرَّج عنهم بعد أربعين سنة ، فقالوا بأجمعهم : الحمد لله عزّ وجلّ. فأوحى الله إليه : قل لهم قد جعلتها ثلاثين سن لقولهم : الحمد لله». فقالووا : «كل نعمة من الله». فأوحى الله إليه : «قل لهم : قد جعلتها عشرين سنة». فقالوا : «لا يأتي بالخير إلا الله». فأوحى الله إليه : «قد جلتها عشراً». فقالوا : «لا يرف السوء إلا الله». فأوحى الله إليهم : «قل : لا تبرحوا فقد أذنت في فرجهم». فبينما هم كذلك إذ طلع موسى عليهالسلام راكباً حماراً ، فأراد الفقيه أن يعرّف الشيعة ما يستبصرون به فيه ، وجاء موسى حتى وقف عليهم فسلَّم ، فقال له الفقيه : «ما اسمك؟» فقال : «موسى». قال : «ابن من»؟ قال : «ابن عمران». قال : «ابن من»؟ قال : «ابن قاهت بن لاوي بن يعقوب». قال : «بماذا جئت؟» قال : بالرسالة من عند الله عزّ وجلّ. فقام إليه فقبّل يده ، ثم جلس بينهم وطيّب نفوسهم وأمرهم أمره ثم فرقهم ، وكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة. انتهى.
أقول : وحيث إنّ له ـ عجل الله تعالى فرجه ـ مناسبات تامة ومشابهات كاملة بموسى بن عمران في : خفاء الولادة ، وعدم ظهور الحمل ، ومواظبة طواغيت العصر لإعدامه ، [لا] سيما في فرج الاُمّة به بعد الشدة وطول المحنة كما فُرّج عن بني إسرائيل بموسى عليهالسلام ، فلذلك كله قد تلا الإمام وحجة العصر عند الولادة قبل كل شيء هذه الآية الشريفة في سورة القصص : (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (١).
فإذا عرفت من جميع ذلك أن للدعاء والالتجاء والتضرع مدخلاً عظيماً في رفع الغائلة وحصول الفرج والتصول إلى المقاصد ، فتكون إذاً من المصرّين على الدعاء والالتجاء في أوقات الاستجابة وأشرف الأماكن ، [لا] سيما إذا كان له اختصاص به ـ عجل الله فرجه ـ ، كما في المجمعات بين الأيام وفي السرداب الشريف بين الأمكنة ، كما نقل الفاضل القمي في هدية الزائرين استحباب قراءة دعاء الندبة السابق شرحه في السرداب على ما خرج في التوقيع من الناحية المقدسة إلى الحميري (٢). كما يستحب فيه تلاوة دعاء آخر مروي ومأثور (٣) عن الحجة فيه أيضاً لرجاء حصول المرام ونيل المقصود ، والدعاء هذا : «اللهم
__________________
١. بحار الأنوار ، ج ٥١ ، ص ١٨ ، باب ١ ، ح ٢٥.
٢. بحار الأنوار ، ج ٩٩ ، ص ٨١ ، باب ٧ ، ح ١.
٣. مزار ابن المشهدي ، ص ٥٩١ ؛ جمال الأسبوع ، ص ١٨١ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥٣ ، ص ٢٧٥ الحكاية الأربعين ، وج ٨٨ ، ص ١٩١ وج ٩٩ ، ص ٢٠.