الخطاب إليه ، فلا يلزم من المقارنة الزمانيّة محذور أصلاً. وبالجملة : الامتثال بالإضافة إلى الخطاب كالمعلول بالإضافة إلى علّته ، فلا مانع من مقارنته إيّاه زماناً ، فلا موجب لفرض وجود الخطاب قبلاً ولو آناً ما.
هذا ، وقد نصّ السيد الخوئي على متانة هذا الجواب.
وثالثاً : إن المكلّف إن كان عالماً قبل الفجر بوجوب الإمساك عليه عند الفجر ، كفى ذلك في إمكان تحقق الامتثال منه حين الفجر ، فوجوده قبله لغو محض ، إذ المحرّك له حينئذٍ هو الخطاب المقارن لتحقق متعلّقه ، لا الخطاب المفروض وجوده قبله ، إذ لا يترتب عليه أثر في تحقق الامتثال أصلاً. وأمّا إذا لم يكن المكلّف عالماً به قبل الفجر ، فوجود الخطاب في نفس الأمر لا أثر له في تحقق الامتثال في ظرف العلم ، فيكون وجوده لغواً أيضاً. ولأجل ما ذكرناه ـ من عدم كفاية وجود التكليف واقعاً في تحقق الامتثال من المكلّف في ظرفه ، بل لا بدّ فيه من وصول التكليف إليه ـ ذهبنا إلى وجوب تعلّم الأحكام قبل حصول شرائطها الدخيلة في فعليّتها ، فالقائل بلزوم تقدّم الخطاب على الامتثال قد التبس عليه لزوم تقدّم العلم على الامتثال بلزوم تقدّم الخطاب عليه.
رابعاً : إن تقدّم الخطاب على الامتثال ـ ولو آناً ما ـ يستلزم فعليّة الخطاب قبل وجود شرطه ، فلا بدّ من الالتزام بالواجب المعلّق ، وكون الفعل المقيّد بالزمان المتأخّر متعلّقاً للخطاب المتقدّم. وقد عرفت استحالته في محلّه.
خامساً : النقض بالواجبات الموسّعة ، فإنه لا إشكال في صحّة العبادات الموسّعة كالصّلاة مثلاً إذا وقعت في أول وقتها تحقيقاً. والقول بلزوم تقدّم الخطاب على زمان الامتثال آناً ما في المضيّقات ، يستلزم القول بلزوم تقدّمه عليه في الموسّعات أيضاً ، إذ لا فرق في لزوم ذلك بين وجوب مقارنة الامتثال لأوّل