بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤

* (باب) *

* (ثواب اسباغ الوضوء وتجديده ، والكون) *

* (على طهارة ، وبيان أقسام الوضوء وأنواعه) *

١ ـ مجالس الصدوق : عن علي بن أحمد بن موسى ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن سهل بن زياد ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام قال : لما كلم الله عزوجل موسى عليه‌السلام قال : إلهي ماجزاء من أتم الوضوء من خشيتك؟ قال : أبعثه يوم القيامة وله نور بين عينيه يتلالا (١).

٢ ـ ومنه : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن عبدالله بن إبراهيم الغفاري ، عن عبدالرحمن ، عن عمه ، عن عبدالعزيز بن علي ، عن سعيد بن المسيب عن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أدلكم علي شئ يكفرالله به الخطايا ، ويزيد في الحسنات؟ قيل : بلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطى إلى هذه المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة.

وما منكم أحد يخرج من بيته متطهرا فيصلي الصلاة في الجماعة مع المسلمين ثم يقعد ينتظر الصلاة الاخرى إلا والملائكة تقول : «اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه» فاذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وأقيموها ، وسدوا الفرج ، و إذا قال إمامكم : الله اكبر ، فقولوا : الله أكبر ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذ قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، إن خير الصفوف صف

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١٢٦.

٣٠١

الرجال المقدم وشرها المؤخر (١).

بيان : إسباغ الوضوء كماله والسعي في إيصال الماء إلى أجزاء الاعضاء ورعاية الادب والمستحبات فيه من الادعية وغيرها ، والمكاره : الشدايد كالبرد وأمثاله.

٣ ـ معانى الاخبار (٢) والخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي جميلة ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ثلاث كفارات : إسباغ الوضوء في السبرات ، والمشى بالليل والنهار إلى الصلوات ، والمحافظة على الجماعات (٣).

بيان : تمامه في باب المنجيات (٤) وقال في النهاية : السبرات : جمع سبرة بسكون الباء وهي شدة البرد.

٤ ـ الخصال : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أحمد بن خالد الخالدي ، عن محمد بن أحمد التميمي ، عن أنس بن محمد أبي مالك ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام ثلاث درجات : إسباغ الوضوء في السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات (٥).

أقول : قد مر مثله أيضا مرسلا (٦).

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١٩٤.

(٢) معانى الاخبار ص ٣١٤ في حديث.

(٣) الخصال ج ١ ص ٤٢ ، ومثله في المحاسن ص ٤.

(٤) راجع ج ٧٠ ص ٥ ـ ٧ من هذه الطبعة.

(٥) الخصال ج ١ ص ٤٢.

(٦) مر في ج ٧٠ ص ٦ وهو ذيل الحديث ولفظه : وفى حديث آخر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لما سئل في المعراج : فيما اختصم الملا الاعلى؟ قال : في الدرجات

٣٠٢

٥ ـ ومنه : عن أنس أنه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس أسبغ الوضوء تمر على الصراط مر السحاب (١).

٦ ـ العيون : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أبي بكر بن عبدالله بن النيسابوري عن عبدالله بن أحمد الطائي ، عن أبيه. وعن أحمد بن إبراهيم الخوزي ، عن إبراهيم بن مروان ، عن جعفر بن محمد الفقيه ، عن أحمد بن عبدالله الشيباني.

وعن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن محمد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء كلهم عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة ، وامرنا باسباغ الوضوء ، وأن لا ننزي حمارا على عتيقة (٢).

٧ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطينى عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن أبي بصيرو محمد بن مسلم ، عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : الوضوء بعدالطهور عشر حسنات فتطهروا (٣).

المحاسن : في رواية ابن مسلم مثله (٤).

٨ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن على ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن علي بن أبي الصقر ، عن أبي قتادة ، عن الرضا عليه‌السلام قال : تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو «لا والله» و « بلي

____________________

والكفارات ، قال : فنوديت : وما الدرجات؟ فقلت : اسباغ الوضوء في السبرات ، والمشى إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعدالصلاة ، وولايتى وولاية أهل بيتى حتى الممات ، قال الصدوق : والحديث طويل قد أخرجته مسندا على وجهه في كتاب اثبات المعراج.

(١) الخصال ج ١ ص ٨٥.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٩ ، ومثله في صحيفة الرضا عليه‌السلام ص ٢٥.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٦٠.

(٤) المحاسن ص ٤٧.

٣٠٣

والله » (١).

بيان : أي إثم الحلف بهما كاذبا أومنقصة الحلف صادقا أيضا.

٩ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من جدد وضوءه لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار (٢).

١٠ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، و أدى زكاته ، وكف غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر لذنبه ، وأدى النصيحة لاهل بيت نبيه فقد استكمل حقايق الايمان ، وأبواب الجنة مفتحة له (٣).

ومنه : عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٤).

ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر مثله (٥).

أمالى الصدوق : عن أحمد بن زياد بن جعفر ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن نصر بن علي الجهضمي ، عن علي بن جعفر مثله (٦).

١١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : لا صلاة إلا باسباغ الوضوء (٧)

١٢ ـ مجالس الشيخ المفيد : عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ،

____________________

(١ ـ ٢) ثواب الاعمال ص ١٧.

(٣) المحاسن ص ١١.

(٤) المحاسن ص ٢٩٠.

(٥) ثواب الاعمال ص ٢٥.

(٦) أمالى الصدوق : ٢٠٠.

(٧) فقه الرضا ص ٢.

٣٠٤

عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن إسماعيل بن أبان ، عن ربيع بن بدر ، عن أبي حاتم ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس أكثر من الطهور يزيد الله في عمرك ، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل ، فانك تكون إذا مت على طهارة شهيدا (١).

بيان : يدل على ما ذكره الاصحاب من استحباب الوضوء للكون على طهارة لكن الخبر ضعيف عامي وسيأتي ما هو أقوى منه ، ولعلها مع انضمام الشهرة بين الاصحاب تصلح مستندا للاستحباب ، لكن الاحوط عدم الاكتفاء به في الصلاة.

١٣ ـ كشف الغمة : نقلا من دلايل الحميري ، عن الوشا قال : قال فلان ابن محرز : بلغنا أن أبا عبدالله عليه‌السلام كان إذا أراد أن يعاود أهله للجماع توضأ وضوء الصلاة ، فاحب أن تسأل أبا الحسن الثاني عن ذلك ، قال الوشا : فدخلت عليه فابتدأني من غير أن أسأله فقال : كان أبوعبدالله عليه‌السلام إذا جامع وأراد أن يعاود توضأ للصلاة ، وإذا أراد أيضا توضأ للصلاة ، فخرجت إلى الرجل فقلت : قد أجابني عن مسئلتك من غير أن أسأله (٢).

بيان : يدل على استحباب الوضوء للجماع بعدالجماع ، والمشهور أنه إنما يستحب للمحتلم الذي أراد الجماع ، والرواية صحيحة ولا بأس بالعمل بها ولم أرمن تعرض له.

١٤ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي الحسن عليه‌السلام وصلى الظهر والعصر بين يدي ، وجلست عنده

____________________

(١) في مطبوعة الكمبانى «مجالس ابن الشيخ» وهوتصحيف ، وقد أخرجه الحر العاملى عن أمالى المفيد : فقط ، وأخرج المؤلف العلامة في ج ٧٦ ص ٣ شطرا منه عن أمالى المفيد أيضا فقط : راجع ص ٤٦ في ط وص ٣٨ في ط آخر.

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ١٣٦.

٣٠٥

حتى حضرت المغرب ، فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ، ثم قال : لي توضأ ، فقلت : جعلت فداك أنا على وضوء ، فقال : وإن كنت على وضوء! إن من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه ، إلا الكبائر ، ومن توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته ، إلا الكبائر (١).

تحقيق : لا شبهة في استحباب التجديد بعد أن صلى بالاول ، وأما بدونه فقد قطع في التذكرة بالاستحباب ، لاطلاق الاوامر من غير تقييد ، وتوقف الشهيد في الذكرى ، ولعل الاحوط الترك ، وإن كان الجواز أقوى ، ويمكن أن يقال مع الفصل الكثير الذي يحتمل طرو الحدث بعده ، وعدم تذكره ، يتحقق التجديد عرفا ، مع أن فيه نوعا من الاحتياط ، ولم أر هذا التفصيل في كلام القوم.

ثم إنه هل يستحب التجديد لكل ثالثة ورابعة إلى غير ذلك ، أم يختص بالثانية؟ المشهور الاول كما ذكره العلامة في المختلف ، والصدوق ـ رحمه‌الله ـ في الفقيه (٢) حمل الاخبار الواردة بتكرار الوضوء مرتين ، وأن من زاد لم

____________________

(١) المحاسن ص ٣١٢ ، وقد ترك حكم الصبح كما في المقنع ص ٣ ، لكنه مذكور في الكافى ج ٣ ص ٧٠ بهذا السند ، وقد مر عن ثواب الاعمال ص ٢٣١ فيما سبق مع بيان.

(٢) قال في الفقيه ج ١ ص ٢٥ بعد ما ذكر أن الوضوء مرة مرة ونقل الاحاديث في ذلك : وأما الاخبار التى رويت في أن الوضوء مرتين مرتين فأحدها باسناد منقطع يرويه أبوجعفر الاحول ذكره عن رواه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : فرض الله الوضوء واحدة واحدة ، ووضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للناس اثنتين اثنتين ، وهذا على جهة الانكار ، لا على جهة الاخبار كانه يقول عليه‌السلام : حد الله حدا فتجاوزه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعداه؟ وقد قال الله «ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه».

وقد روى أن الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، وأن المؤمن

٣٠٦

يؤجر ، على التجديد ، فيكون التجديد ثانيا عنده بدعة ، لكن لم يظهر أن المراد التجديد ثانيا وإن كان لصلاة ثالثة حتى يخالف المشهور أو التجديد ثانيا لصلاة واحدة وقال في المختلف : إن كان مراده الاول فقد خالف المشهور ، وإن كان الثاني لم أقف فيه على نص انتهى.

ثم اعلم أن الذي ذكره الاكثر : استحباب الوضوءبعد الوضوء ، ولم يتعرضوا للوضوء بعدالغسل كغسل الجنابة ، مع ورود الاخبار بكون الوضوء بعده بدعة ، والظاهر أنه إذاصلى بينهما يستحب التجديد لشمول بعض الاخبار له ، كرواية أمير المؤمنين عليه‌السلام المتقدمة وغيرها ، والمتبادر من أخبار كونه بدعة أنه إنما يكون بدعة إذاوقع بلافاصلة ، ولعل الاحتياط في الترك.

١٥ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد عن السندي ، عن محمد بن كردوس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من تطهر ثم أوى

____________________

لاينجسه شئ ، وانما يكفيه مثل الدهن ، وقال الصادق عليه‌السلام من تعدى في وضوئه كان كناقضه.

وفى ذلك حديث آخر باسناد منقطع رواه عمرو بن أبى المقدام قال : حدثنى من سمع أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : انى لاعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين ، وقد توضأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنتين اثنتين فان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يجدد الوضوء لكل فريضة ، ولكل صلاة.

أقول : ويظهر من قوله «فان النبى» أن ذلك من تتمة الخبر وعلى ذلك ابتنى كلامه فيما يأتى «فمعنى هذا الحديث» الخ كما سيأتى ، ولكن الشيخ الحر العاملى جعله حديثا مرسلا عليحدة! فتحرر.

ثم قال الصدوق ره : فمعنى هذا الحديث هو أنى لاعجب ممن يرغب عن تجديد الوضوء ، وقد جدده النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والخبر الذى روى أن «من زاد على مرتين لم يؤجر» يؤكد ماذكرته ، ومعناه أن تجديده بعد التجديد لا أجر له كالاذان من صلى الظهر والعصر باذان واقامتين أجزأه ومن أذن للعصر كان أفضل ، والاذان الثالث بدعة لا أجرله ، وكذلك ما روى أن مرتين أفضل معناه التجديد ، وكذلك ماروى في مرتين انه اسباغ.

٣٠٧

إلى فراشه ، بات وفراشه كمسجده الحديث (١).

المحاسن : عن محمد بن علي ، عن علي بن الحكم بن مسكين ، عن محمد بن كردوس مثله (٢).

بيان : أي يكتب له مادام نائما ثواب الكون في المسجد أو ثواب الصلاة.

١٦ ـ ومنه : عن حفص بن غياث ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده ، فان ذكرأنه ليس على وضوء فتيمم من دثاره كائنا ما كان ، لم يزل في صلاة ما ذكر الله عزوجل (٣).

أقول : وقد مضت الاخبار في ذلك في آداب النوم (٤) وسيأتي بعضها في باب التيمم.

١٧ ـ مجالس الصدوق : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : عليكم باتيان المساجد ، فانها بيوت الله في الارض ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره الحديث (٥).

أقول : سيأتي في باب المساجد عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : مكتوب في التوراة أن بيوتي في الارض المساجد ، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي (٦).

١٨ ـ ارشاد القلوب ، وأعلام الدين للديلمي قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله تعالى : من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضأ [ ولم يصل ركعتين فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضأ ] (٧) وصلى ركعتين ودعاني

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٨.

(٢ ـ ٣) المحاسن ص ٤٧ في حديث.

(٤) راجع ج ٧٦ ص ١٨١ ـ ١٨٣ ، من هذه الطبعة الحديثة.

(٥) أمالى الصدوق ص ٢١٦.

(٦) راجع ثواب الاعمال ص ٢٦.

(٧) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى.

٣٠٨

ولم اجبه فيما سألني من امور دينه ودنياه ، فقد جفوته ، ولست برب جاف (١).

١٩ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه أنه سأله عن الرجل يحل له أن يكتب القرآن في الالواح الصحيفة ، وهو على غير وضوء؟ قال : لا (٢).

بيان : ظاهره عدم جواز كتابة القرآن بغير وضوء ، ولم يقل به أحد ، و إنما اختلفوا في المس كما عرفت ، وربما يستدل له بهذا الخبر بالطريق الاولى أو لان ، العلة فيه استلزامه اللمس ، وكلاهما في محل المنع ، ويمكن حمله على الكراهة ، لورود رواية معتبرة بتجويز كتابة الحائض التعويذ الذي لا ينفك غالبا عن الايات وإن كان الاحوط الترك لصحة الرواية في ساير الكتب (٣).

٢٠ ـ مجمع البيان : عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : «لا يمسه إلا المطهرون» (٤) قال : من الاحداث والجنابات ، وقال : لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف (٥).

٢١ ـ مجالس الصدوق (٦) والعلل : عن أبي سعيد الخدري في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام قال : ياعلي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا و أنت على وضوء ، فانه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد (٧) ٢ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي ـ عبدالله عليه‌السلام قال : أول صلاة صلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في السماء بين يدي الله تبارك

____________________

(١) ارشاد القلوب ص ٧٣.

(٢) راجع البحار ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٥ ط حجر.

(٤) الواقعة : ٧٩.

(٥) مجمع البيان ج ٩ ص ٢٢٦.

(٦) أمالى الصدوق ص ٣٣٩ وتمام الحديث في ج ١٠٣ ص ٢٨٠ ـ ٢٨٣ راجعه ان شئت.

(٧) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٠٣.

٣٠٩

وتعالى مقابل عرشه جل جلاله ، أوحى إليه وأمره أن يدنو من صاد ، ويتوضأ وقال : أسبغ وضوءك ، وطهر مساجدك ، وصل لربك. قلت له : وما الصاد؟ قال : عين تحت ركن من أركان العرش ، اعدت لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قرأ أبوعبدالله عليه‌السلام «ص والقرآن ذي الذكر» فتوضا منها وأسبغ وضوءه تمام الخبر (١).

٢٣ ـ العلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن صباح الحذاء ، عن إسحاق بن عمار ، عنه عليه‌السلام مثله (٢).

وسيأتي تمامها في كتاب الصلاة.

٢٤ ـ فلاح السائل للسيد وكنز الفوايد للكراجكى : قالا : سأل رجل الصادق عليه‌السلام فقال : أخبرني بما لا يحل تركه ، ولا تتم الصلاة إلا به ، فقال أبو ـ عبدالله عليه‌السلام : لا تتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ.

٢٥ ـ مجالس المفيد : باسناده عن الحسن البصري قال : لما قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما‌السلام البصرة ، مربي وأنا أتوضأ ، فقال : يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك ، ثم جازني الحديث (٣).

٢٦ ـ تحف العقول : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الوضوء بعد الطهر عشر حسنات فتطهروا (٤).

٢٧ ـ دعائم الاسلام : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بنيت الصلاة على أربعة أسهم : سهم إسباغ الوضوء ، وسهم للركوع ، وسهم للسجود ، وسهم للخشوع (٥).

____________________

(١) المحاسن ص ٣٢٣.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٣.

(٣) مجالس المفيد ص ٧٧.

(٤) تحف العقول في حديث الاربعمائة ص ١٠٥ س ٤ ط الاسلامية.

(٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٠

٣١٠

ومنه : عن نوف الشامي قال : رأيت عليا عليه‌السلام يتوضأ وكأني أنظر إلى بصيص الماء على منكبيه ، يعني من إسباغ الوضوء (١).

ومنه : عن علي عليه‌السلام أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتم وضوءه وركوعه وسجوده وخشوعه فصلاته خداج (٢).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ألا أدلكم على ما يكفر الذنوب والخطايا؟ إسباغ الوضوء عند المكاره ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلك الرباط (٣) :

وعنه عليه‌السلام أنه كان يجدد الوضوء لكل صلاة يبتغي بذلك الفضل ، و صلى يوم فتح مكة الصلوات كلها بوضوء واحد (٤).

توضيح : البصيص البريق ، وفي النهاية فيه : كل صلاة ليست فيها قراءة فهي خداج ، الخداج النقصان ، وهو مصدرعلى حذف المضاف أي ذات خداج ويكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله : فانما هي إقبال وإدبار (٥).

وقال فيه : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، الرباط في الاصل الاقامة على جهادالعدو بالحرب ، وارتباط الخيل وإعدادها ، فشبه به ما ذكر من الافعال الصالحة والعبادة ، قال القتيبي : أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثغر كل منهما معد لصاحبه ، فسمي المقام في الثغور رباطا ، ومنه قوله عليه‌السلام «فذلكم الرباط» أي إن المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله ، فيكون الرباط مصدر رابطت أي لازمت.

وقيل : الرباط ههنا اسم لما يربط به الشئ أي يشد ، يعني أن هذه الخلال

____________________

(١ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٠.

(٥) البيت من قصيدة للخنساء ترثى بها أخاه صخرا منها : فما عجول على بوتطيف به * قد ساعدتها على التحنان أظآر ترتع مارتعت حتى اذا ادكرت * فانما هى اقبال وادبار

٣١١

تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم انتهى.

ولعل ما روينا من إرجاع اسم الاشارة إلى خصوص الانتظار أربط وأنسب فلا تغفل.

٢٨ ـ نوادر الراوندى : باسناده المتقدم ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : كان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا بالوا توضؤا أو تيمموا مخافة أن تدركهم الساعة (١).

٢٩ ـ دعوات الراوندى : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا غضب أحدكم فليتوضأ.

بيان : لا يبعد أن يراد به غسل اليد.

٣٠ ـ أعلام الدين للديلمى : عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من توضأ ثم خرج إلى المسجد فقال حين يخرج من بيته «بسم الله الذي خلقني فهو يهديني» هداه الله للايمان الخبر.

٣١ ـ عدة الداعى لابن فهد : قال الصادق عليه‌السلام : لقارئ القرآن بكل حرف يقرؤه في الصلاة قائما مائة حسنة ، وقاعدا خمسون حسنة ، ومتطهرا في غير الصلاة خمس وعشرون حسنة ، وغير متطهر عشر حسنات (٢).

٣٢ ـ مجالس الشيخ (٣) ومكارم الاخلاق : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أباذر قال : يا أباذر إسباغ الوضوء على المكاره من الكفارات (٤).

فائدة : ذكر الاصحاب استحباب الوضوء للصلاة والطواف المندوبين ، وللتجديد ، والتأهب للصلاة الفريضة قبل دخول وقتها ليوقعها في أول الوقت

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ٣٩.

(٢) عدة الداعى ص ٢١١ ، وتراه في ثواب الاعمال ص ٩١.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٣٨ ـ ١٥٦ ، ولم نجد موضع النص فيه.

(٤) مكارم الاخلاق ص ٥٤٨.

٣١٢

ولما يشرط فيه الطهارة من مناسك الحج وصلاة الجنازة ، ولنوم الجنب ، و أكله ، ولذكر الحايض ، وتغسيل الجنب الميت ، وجماع الغاسل إذا كان جنبا ولمس كتابة القرآن إذا لم يكن واجبا ، وقراءته ، وحمله ، ودخول المساجد وزيارة قبور المؤمنين ، والكون على طهارة ، ولمن يدخل الميت قبره ، ولطلب الحوائج ، وللنوم ، وجماع المحتلم قبل الغسل ، وجماع المرأة الحامل ، و وطي جارية بعد وطي اخرى ، ووضوء الميت قبل غسله ، ولحصول المذي والرعاف والقئ ، والتخليل المخرج للدم إذا كرههما الطبع ، والخارج من الذكر بعد الاستبراء ، والزيادة على أربعة أبيات شعر باطل ، والقهقهة في الصلاة عمدا ، والتقبيل بشهوة ، ومس الفرج ، وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضي قبله ولوكان قداستجمر.

وقد ورد في جميعها روايات إلا ماشذ ، لكن بعضها ضعيفة وبعضها محمولة على التقية كالرعاف والقئ والتخليل والشعر والقهقهة والتقبيل ومس الفرج ، ولتفصيل القول فيها محل آخر.

٣١٣

٥

* (باب) *

* (التسمية والادعية المستحبة عند) *

* (الوضوء وقبله وبعده) *

١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يتوضأ الرجل حتى يسمي : يقول قبل أن يمس الماء : «بسم الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» فاذا فرغ من طهوره قال : «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» فعند هما يستحق المغفرة (١).

المحاسن : في رواية ابن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله (٢).

٢ ـ العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال : يا أبا محمد من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده ، وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب ، ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء (٣).

٣ ـ ثواب الاعمال : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن الحسين بن محمد

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٦٥.

(٢) المحاسن ص ٤٦.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٣.

٣١٤

ابن عامر ، عن عمه عبدالله بن عامر ، عن محمد بن إسماعيل مثله (١).

ومنه عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية ابن حكيم ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل (٢).

المقنع : مرسلا مثله (٣).

٤ ـ المحاسن : عن محمد بن أبي المثنى ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : من ذكر اسم الله على وضوئه طهر جسده كله ، ومن لم يذكر اسم الله على وضوئه طهر من جسده ما أصابه الماء (٤).

بيان : لعل المعنى أن مع التسمية له ثواب الغسل ، أو أنه يغفر له ما عمل بجميع الجوارح من السيئات ، وإلا يغفر له ما فعل بجوارح الوضوء فقط أو أن الطهارة المعنوية التي تحصل بسبب الطهارة وتصير سببا لقبول العبادة و كمالها تحصل مع التسمية للجميع ، ومع عدمها لخصوص أعضاء الوضوء ، وهو قريب من الاول ، ويؤيدهما خبر ابن مسكان.

٥ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : أيما مؤمن قرأ في وضوئه «إنا أنزلناه في ليلة القدر» خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه (٥).

٦ ـ العياشى : عن أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام أن قنبرا مولى أمير ـ المؤمنين ادخل على الحجاج بن يوسف ، فقال له : ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال : كنت اوضيه ، فقال له : ما كان يقول : إذا فرغ من وضوئه؟ قال : كان يتلو هذه الاية « فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٥.

(٢) ثواب الاعمال ص ١٦.

(٣) المقنع ص ٣.

(٤) المحاسن ص ٤٦.

(٥) فقه الرضا ص ٢ ، س ٦.

٣١٥

كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذاهم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين » (١) فقال الحجاج : كان يتأولها علينا؟ فقال : نعم ، فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ قال : إذا أسعد وتشقى فأمر به (٢).

بيان : العلاوة بالكسر أعلى الرأس والقدم ، والمراد هنا الاول.

٧ ـ تفسير الامام : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، لا يقبل الله تعالى صلاة بغير طهور ، ولا صدقة من غلول ، وإن أعظم طهور الصلاة التي لا يقبل الصلاة إلا به ولا شيئا من الطاعات مع فقده موالاة محمد ، وأنه سيد المرسلين ، وموالاة علي وأنه سيد الوصيين ومولاة أوليائهما ، ومعاداة أعدائهما.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه ، تناثرت عنه ذنوب وجهه ، وإذا غسل يديه إلى المرفقين تناثرت ذنوب يديه ، وإذا مسح رأسه تناثرت عنه ذنوب رأسه ، وإذا مسح رجليه أو غسلهما للتقية تناثرت عنه ذنوب رجليه.

وإذا قال في أول وضوئه «بسم الله الرحمن الرحيم» طهرت أعضاؤه كلها من الذنوب ، وإن قال في آخر وضوئه أو غسله للجنابة : «سبحانك اللهم وبحمدك أشهدأن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك وأشهد أن عليا وليك وخليفتك بعد نبيك على خلقك ، وأن أولياءه خلفاؤك وأوصياءه أوصياؤك» تحاتت عنه ذنوبه كلها كما تحات ورق الشجر ، وخلق الله بعدد كل قطرة من قطرات وضوئه أو غسله ملكا يسبح الله ويقدسه ويهلله و يكبره ، ويصلي على محمد وآله الطيبين ، وثواب ذلك لهذا المتوضئ.

ثم يأمر الله بوضوئه وبغسله فيختم عليه بخواتيم رب العزة ، ثم يرفع تحت العرش حيث لا تتناوله اللصوص ، ولا يلحقه السوس ، ولا تفسده الاعداء ، حتى يرد عليه ويسلم إليه ، أو فرما هو أحوج وأفقر ما يكون إليه فيعطى بذلك في

____________________

(١) الانعام : ٤٤.

(٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٥٩.

٣١٦

الجنة ما لا يحصيه العادون ، ولا يعيه الحافظون ، ويغفر الله له جميع ذنوبه حتى تكون صلاته نافلة ، فاذا توجه إلى مصلاه ليصلي قال الله عزوجل لملائكته : يا ملائكتي ألا ترون إلى عبدي هذا ، قد انقطع عن جميع الخلائق إلى وأمل رحمتي وجودي ورأفتي؟ أشهد كم أني أخصه برحمتي وكراماتي (١).

أقول : تمامه في باب فضل الصلاة.

بيان : في النهاية تحاتت عنه الذنوب تساقطت ، وقوله : «عليه أوفر» حال عن فاعلي يرد ويسلم ، وقوله : «أحوج وأفقر» حالان من الضميرين في عليه وإليه ، أي يرد ويسلم إليه الوضوء والغسل ، أي ثوابهما في نهاية الوفور والكمال في حال يكون هو في غاية الاضطرار والافتقار إلى الثواب.

قوله «نافلة» أي زيادة لايحتاج إليه في غفران الذنوب.

٨ ـ المكارم : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس وكل شئ يصنعه ، ينبغي له أن يسمي ، فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك (٢).

٩ ـ جامع الاخبار : قال الباقر عليه‌السلام : من قرأ على أثر وضوئه آية الكرسي مرة أعطاه الله ثواب أربعين عاما ، ورفع له أربعين درجة ، وزوجه الله أربعين حوراء (٣).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إذ توضأت فقل : «بسم الله اللهم إني أسألك تمام الوضوء ، وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك ، وتمام مغفرتك» فهذا زكاة الوضوء (٤).

بيان : قال في الفقيه (٥) زكاة الوضوء أن يقول المتوضي : « اللهم إني

____________________

(١) تفسير الامام : ٢٣٩.

(٢) مكارم الاخلاق ص ١١٧.

(٣) جامع الاخبار ص ٥٣.

(٤) جامع الاخبار ص ٧٦.

(٥) فقيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٣٢.

٣١٧

أسألك تمام الوضوء ، وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك والجنة « فهذا زكاة الوضوء.

وظاهر رواية المتن كون الدعاء بعد الوضوء ، ويحتمل قبله أيضا ، وإطلاق الزكاة عليه إما باعتبار نمو التطهير ، أو زيادته وكماله بسببه ، أو باعتبار أنه سبب لقبول الوضوء والصلاة ، كما أن الزكاة سبب لقبول الصلاة والصوم.

١٠ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم ولم يسم كان للشيطان في وضوئه شرك ، فان أكل أو شرب أو لبس وكل شئ صنعه ينبغي له أن يسمي عليه ، وإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك (١).

وعن محمد بن سنان ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢).

وعن محمد بن عيسى ، عن العلا ، عن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٣).

١١ ـ ومنه : عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس لباسا ينبغي أن يسمي عليه ، فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك (٤).

١٢ ـ ثواب الاعمال (٥) ومجالس الصدوق (٦) وفلاح السائل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان عن عمه عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بينا أمير المؤمنين ذات

____________________

(١) المحاسن ص ٤٣٠.

(٢) المحاسن ص ٤٣٢.

(٣ و ٤) المحاسن ص ٤٣٣.

(٥) ثواب الاعمال ص ١٦.

(٦) أمالى الصدوق ص ٣٣١.

٣١٨

يوم جالس مع ابن الحنفية ، إذ قال : يا محمد ائتني باناء ماء أتوضأ للصلاة ، فأتاه محمد باناء ، فأكفى بيده اليمنى على يده اليسرى ، ثم قال : «بسم الله والحمدلله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا» قال : ثم استنجى (١) فقال : «اللهم حصن فرجي وأعفه ، واستر عورتي وحرمني على النار» قال : ثم تمضمض فقال : «اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك» ثم استنشق فقال : «اللهم لا تحرم علي ريح الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها».

قال : ثم غسل وجهه فقال : «اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه» ثم غسل يده اليمنى فقال : «اللهم أعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري ، وحاسبني حسابا يسيرا» ثم غسل يده اليسرى فقال : «اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ، ولا من وراء ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذبك من مقطعات النيران».

____________________

(١) قد عرفت فيما سبق أن المصانع والمتوضئات لم يكن في ذاك العهد ، وكانوا عند الحاجة يذهبون ويطوفون ليرتادوا موضع خلوة ، فان كانت معهم أداوة ماء ومطهرة تطهروا واستنجوا والا تمسحوا بالتراب ، فاذا وجدوا ماءا استنجوا من البول وجوباو من الغائط ندبا ، ولذلك تراه عليه‌السلام بعد ماكان جالسا مع أصحابه دعا بماء وطهر يديه ثم استنجى من البول ، ثم تمضمض واستنشق وتوضأ وضوء الصلاة.

وانمايجب الاستنجاء من البول بالماء لان البول من جنس الماء الذى هو من ألطف العناصر ، فلا يزول بالتراب الذى هو أكثف منه ، بل يزول بالماء الذى هو أطهر منه مادة فقط.

مع أن التراب كلما مسح بالبول الذى هو على رأس الحشفة صار طينا نجسا وخرج عن كونه مطهرا ، واذا نشف البول بتمسح الاحجار ، فليس هناك بول حتى يطهره التراب ، بل يبقى رأس الحشفة متلطخا بالتراب النجس ، وييبس البول على رأس الحشفة من دون ازالة كاملة ، نعم ، ينفع مسح التراب للتنشيف لئلا يتجاوز وينجس الثياب وسائر الاعضاء المجاورة.

٣١٩

ثم مسح رأسه فقال : «اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك» ثم مسح رجليه فقال : «اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، واجعل سعيي فيما يرضيك عني يا أرحم الراحمين».

ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال عليه‌السلام : يا محمد من توضأ مثل وضوئي ، و قال مثل قولي ، خلق الله عزوجل من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ويكتب الله عزوجل له ثواب ذلك إلى يوم القيامة.

المحاسن : عن محمد بن علي بن حسان مثله (١).

فقه الرضا : يروى أن أمير المؤمنين عليه‌السلام ذات يوم قال لابنه محمد ابن الحنفية وذكرمثله (٢).

المقنع مرسلا مثله (٣).

العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالرحمن بن كثير مثله.

ولنوضح هذا الخبر المتكرر في أكثر اصول الاصحاب ، وهو مع كونه في أكثرها مختلف اختلافا كثيرا ، ففي المقنع «اللهم غشني برحمتك ، وأظلني تحت عرشك ، يوم لا ظل إلا ظلك» وفي المصباح للشيخ «واستر عورتي ، وحرمهما على النار ، ووفقني لما يقر بني منك يا ذا اجلال والاكرام» وفيه «وأطلق لساني بذكرك» وفي بعض النسخ «وشكرك» وفيه «اللهم لا تحرمني طيبات الجنان واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وريحانها وطيبها» وفي بعض النسخ بعد قوله : «حسابا يسيرا» : «واجعلني ممن ينقلب إلى أهله مسرورا» وفي بعضها بعد قوله : «كتابي بشمالي» «ولا من وراء ظهري» وفي بعضها « من مقطعات

____________________

(١) المحاسن ص ٤٥.

(٢) فقه الرضا ص ١ و ٢.

(٣) المقنع ص ٢

٣٢٠