بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وعنه عليه‌السلام أنه سئل عن الغدير يكون بجانب القرية يكون فيه العذرة ، ويبول فيه الصبي ، وتبول فيه الدابة وتروث ، قال : إن عرض بقلبك شئ منه فقل هكذا (١) وتوضأ ـ وأشار بيده أي حركه وأفرج بعضه عن بعض ـ وقال : إن الدين ليس بضيق قال الله عزوجل : «ماجعل عليكم في الدين من حرج».

وسئل عليه‌السلام عن غدير فيه جيفة فقال : إن كان الماء قاهرا لا يوجد فيه ريحها فتوضأ (٢).

وسئل أيضا عن الغدير تبول فيه الدواب ، وتلغ منه الكلاب ، ويغتسل منه الجنب والحائض ، فقال : إن كان قدر كر لم ينجسه شئ.

وسئل عن الغدير يبول فيه الدواب وتروث ، ويغتسل فيه الجنب ، فقال : لا باس إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بأصحابه في سفر لهم على غدير ، وكانت دوابهم تبول فيه وتروث ، فيغتسلون فيه ويتوضؤون منه ويشربون.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : إذا مر الجنب بالماء وفيه الجيفة أو الميتة فان كان قد تغير لذلك طعمه أو ريحه أو لونه فلا يشرب منه ، ولا يتوضأ

____________________

(١) في المصدر المطبوع فافعل هكذا ، وهو تصحيف من المصحح ، فان لفظ الحديث في سائر المجاميع أيضا كما نقله في المتن (راجع التهذيب ج ١ ص ١١٨ ط حجر ، وج ١ ص ٤١٧ ط نجف) وقوله «فقل هكذا» «قل» فعل أمر يعبر به عن التهيؤ للافعال والاستعداد لها كما يقال : «قال فأكل» و «قال فضرب» و «قال فتكلم» واما «هكذا» فقيل انه اسم سمى به الفعل ، فقد وقع في الحديث (سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٤١٤) : «اذ أقبل خراش بن امية مشتملا على السيف فقال هكذا عن الرجل ، ووالله ما نظن الا أنه يريد أن يفرج الناس عنه ، فلما انفرجنا عنه حمل عليه فطعنه بالسيف في بطنه» وحكى عن أبى ذر أن هكذا اسم سمى به الفعل ومعناه تنحوا عن الرجل ، وعن متعلقة بما في هكذا من معنى الفعل ، لكن الظاهر أن القائل «هكذا» يشير بيديه ما يؤدى معنى الانفراج كما فهمه الراوى.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١١١.

٢١

ولا يتطهر منه.

وعنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الماء ترده السباع والكلاب والبهائم فقال : لما ما أخذت بأفواهها ولكم ما بقي (١).

١٤ ـ الهداية : لا يفسد الماءإلا ما كانت له نفس سائلة ، وإذا كان الماء كرا لم ينجسه شئ ، والكر ثلاثة أشبار طول ، في عرض ثلاثة أشبار ، في عمق ثلثة أشبار ، وإن أهل البادية سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله إن حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لها ما أخذت أفواهها ولكم سائر ذلك.

بيان : حمل على الكثير أو على عدم ملاقات الكلاب وأشباهها ، بل الظن الغالب وهو غير معتبر في هذا الباب ، وظاهره عدم انفعال القليل (٢).

____________________

(١) المصدر : ج ١ ص ١١٢.

(٢) عندى أن المراد بالورود : الشرب والكروع ، والسباع والكلاب وسائر البهائم ليس يلغون في الماء عند كروعها ، والملاقات المسرية انما تكون اذا سرى من الكلب شئ من أجزائه إلى الماء كلعاب فمه وهو الولوغ ، وليس مفروضا في الحديث ، فطهارة الماء وان كان قليلا (كما هو الظاهر من حياضهم فانهم كانوا يبنون على الابار حياضا ثم يستقون من البئر دلاء بقدر ما يحتاج دوابهم ويصبونها في الحوض) مطابق للاصل.

٢٢

٤

* (باب) *

* (حكم البئر وما يقع فيها) *

١ ـ قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل يذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما ، هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال : ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الاربعين دلواثم يتوضأ منها ولا بأس به (١).

وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت من يده في بئر ماء وأوداجها تشخب دما ، هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال : ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الاربعين (٢).

وسألته عن رجل يستقي من بئر ماء فرعف فيها هل يتوضأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيرة ويتوضأ منها (٣).

وسألته عن بئر وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين هل يصلح الوضوء منها؟ قال : لا بأس (٤).

بيان : يدل ما سوى الجواب الاخير على وجوب النزح إن قلنا بكون الامر وما في حكمه للوجوب ، وإلا فعلى الرجحان في الجملة.

واعلم أنه لاخلاف في نجاسته بالتغيير واختلف في حكمه مع مجرد الملاقات والاشهر أنه ينجس بالملاقات مطلقا ، وذهب جماعة من الاصحاب كالعلامة وولده إلى عدم نجاسته مطلقا ، وذهب محمد بن محمد البصروي من المتقدمين إلى التفصيل والقول بعدم النجاسة إن كان كرا ، وبها إن لم يكن كرا ، والزم على العلامة القول به حيث اشترط في الجاري الكرية وفيه نظر.

____________________

(١ ـ ٣) قرب الاسناد ص ٨٤ ط حجر.

(٤) قرب الاسناد ص ١١٠ ط نجف.

٢٣

ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح بوقوع النجاسات المخصوصة والمشهور بينهم الاستحباب ، وذهب العلامة في المنتهي إلى الوجوب تعبدا لا للنجاسة ولم يصرح بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتى يتفرع عليه بطلان الوضوء والصلاة ، بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا.

ثم إنهم اختلفوا في حكم الدم فالمفيد في المقنعة حكم بوجوب خمسة دلاء للقليل ، وعشرة للكثير ، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط : للقليل عشرة وللكثير خمسون ، والصدوق قال بوجوب ثلاثين إلى أربعين في الكثير ، ودلاء يسيرة في القليل ، وإليه ميل المعتبر والذكرى ، وهو أقوى ، وقال المرتضى في المصباح في الدم مابين الدلو الواحد إلى عشرين ، وفي ساير كتب الحديث في جواب السؤال عن الدجاجة والحمامة ينزح منها دلاء يسيرة وهو أظهر.

وفي المغرب أوداج الدابة هي عروق الحلق من المذبح ، الواحد ودج وفي الصحاح انشخب عروقه دما انفجر ، وقال : الزبيل معروف فاذا كسرت شددت فقلت زبيل أو زنبيل لانه ليس في كلامهم فعليل بالفتح انتهى ، والسرقين بكسر السين معرب سركين بفتحها.

قال الصدوق في الفقيه بعد إيراد مضمون الرواية : هذا إذا كانت في زبيل ولم ينزل منه شئ في البئر ، وربماتحمل العذرة والسرقين على ما إذا كانا من مأكول اللحم أو غير ذي النفس ، ولا يخفى بعد الوجهين ، وبعد مثل هذا السؤال عن مثل علي بن جعفر رضي‌الله‌عنه ، بل ظاهر الخبر عدم انفعال البئر بمجرد الملاقات كما هو الظاهر من النصوص القوية والله يعلم.

٢ ـ بصائر الصفار : عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبدالله عليه‌السلام فقال : جئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر قال : فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة ، قلت : فما التغيير؟ قال : الصفرة فتوضأ منه وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر (١).

____________________

(١) بصائر الدرجات ص ٢٣٨ ذيل حديث ، وقد مرتحت الرقم ٣ في الباب ٣ ، و

٢٤

٣ ـ فقه الرضا : ماء الئبر طهور مالم ينجسه شئ يقع فيه وأكبر ما يقع فيه إنسان فيموت ، فانزح منها سبعين منها سبعين دلوا وأصغر مايقع فيها الصعوة فانزح منها دلوا واحدا ، وفيما بين الصعوة والانسان على قدر مايقع فيها ، فان وقع فيها حمار فانزح منها كرا من الماء ، فان وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلوا إلى أربعين ، والكر ستون دلوا ، وقد روي سبعة أدل.

وهذا الذي وصفناه في ماء البئر مالم يتغير الماء فان تغيرالماء وجب أن ينزح الماء كله ، فان كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل ، فان توضأت منه أو اغتسلت أو غسلت ثوبا بعد ماتبين وكل آنية صب فيه ذلك الماء غسل ، وإن وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان فاستق للحية أدل ، وليس لسواها شئ ، وإن مات فيها بعير أوصب فيها خمر فانزح منها الماء كله ، وإن قطر فيها قطرات من دم فاستق منها دلاء ، وإن بال فيها رجل فاستق منها أربعين دلوا ، وإن بال صبي وقد أكل الطعام استق منها ثلاثة أدل ، وإن كان رضيعا استق منها دلوا واحدا.

وكل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها فسبيلها سبيل الماء الجاري إلا أن يتغير لونها وطعمها ورائحتها ، فان تغيرت نزحت حتى تطيب ، وإذا سقط في البئر فارة أو طائر أو سنور وما أشبه ذلك ، فمات فيها ولم يتفسخ ، نزح منه سبعة أدل من دلاء هجر ، والدلو أربعون رطلا ، وإن تفسخ نزح منها عشرون دلوا وروى أربعون دلوا.

اللهم إلا أن يتغير اللون والطعم والرائحة ، فينزح حتى تطيب.

بيان : لعل المراد بالاكبر الاكبر بحسب النزح بالنسبة إلى ما ينزح بالدلاء أو بالاضافة إلى ما يقع فيها غالباوفي أكثر نسخ التهذيب بالثاء المثلثة (١) ولا خلاف بين القائلين بوجوب النزح أنه يجب نزح سبعين بموت الانسان والمشهور بينهم

____________________

عرفت هناك أن قوله «من الكر» خ ل. (١) التهذيب ج ١ ص ٢٣٥ ط نجف

٢٥

شموله للكافر أيضا ، وذهب ابن إدريس إلى نزح الجميع لموت الكافر.

قوله : «على قدر ما يقع فيها» قال الوالد العلامة ـ رحمه‌الله ـ : يمكن أن يكون بتخمين المكلف أو بنصهم عليهم‌السلام والغرض من ذكره أنه لا ينقص من واحد ولا يزيد على السبعين ، فان سئلوا عليهم‌السلام عنه بينوا وإلا احتاطوا بنزح السبعين وهو أحسن من نزح الكل ، ويمكن أن يكون المراد الاكبر باعتبار النزح لا الجثة ويكون عاما في المية إلا ما أخرجه الدليل من الكل والكر و نحوهما انتهى كلامه رفع مقامه.

والكر للحمار هو المشهور ، بل لم يظهر مخالف ، أما تحديد الكر بما ذكر فغير معروف ولم أر به قولا ولا رواية غير هذا (٣) وما ذكر في الكب و السنور اختاره الصدوق في المقنع ، وقال بعد ذلك : وروي سبعة دلاء والمشهور أربعون فيهما ، وفي ما أشبههما ، وأما حكم التغير فعلى القول بعدم نجاسة البئر وعدم وجوب النزح فاكتفوا بالنزح حتى يزول التغير كمايدل عليه الخبر مع كرية البئر.

وعلى القول بوجوب النزح وانفعال البئر ففيه أقوال : الاول وجوب نزح الجميع ، فان تعذر فالتراوح كما دلت عليه هذه الرواية مع عدم الكرية ، الثاني نزح الجميع فان تعذر فالى أن يزول التغير ، الثالث النزح حتى يزول التغير ، الرابع نزح أكثر الامرين من استيفاء المقدر وزوال التغير ، الخامس نزح أكثر

____________________

(١) وبعد قوله «والدلو أربعون رطلا» يصير الكر ألفين وأربعمائة رطل وفى الكتاب أعنى المصدر المعروف بفقه الرضا ـ تحديد الكر هكذا : والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمى به في وسطه ، فان بلغت أمواجه من الحجر جنبى الغدير فهو دون الكر ، وان لم يبلغ فهو كر لا ينجسه شئ ، وقد ذكرنا مرارا أن المصدر هو كتاب التكليف لابن أبى العزاقر الشلمغانى ، ولذا لم ينقل هذا النحو من التحديد ـ وان كان فسره بذلك اللغوى الكبير أبومنصور الثعالبى في كتابه : فقه اللغة ـ لا من الشلمغانى ، راجع في ذلك البحارج ٥١ ص ٣٧٥ من طبعتنا هذه.

٢٦

الامرين إن كان للنجاسة مقدر ، وإلا فالجميع ، فان تعذر فالتراوح ، السادس نزح الجميع فان غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر ، السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم استيفاء المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة مقدر ، وإلا فالجميع فان تعذر فالتراوح ، الثامن اكثر الامرين إن كان لها مقدر وإلا فزوال التغير.

وأما الحية فذهب كثير من الاصحاب إلى أن فيها ثلاث دلاء ، والعلامة في المختلف أسند إلى علي بن بابويه في بحث الحية القول بنزح سبع دلاءلها.

وقال في مسألة العقرب :

وقال علي بن بابويه في رسالته : إذا وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان ، فاستق منها للحية سبع دلاء ، وليس عليك فيما سواها شئ ، لكن نقل المحقق في المعتبر عبارة الرسالة بنحو آخر ، وفيها موضع سبع دلاء دلوا واحدا ، وقال صاحب المعالم : وفيما عندنا من نسخة الرسالة القديمة التي عليها آثار الصحة دلاء بدون السبع.

وأما البعير فلا خلاف بين القائلين بوجوب النزح في وجوب نزح الجميع وكذا أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقات أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر مطلقا ، سواء كان قليلا أم كثيرا ، والصدوق في المقنع فرق بين قليله وكثيره فحكم بوجوب عشرين دلوا لوقوع قطرة منه ، ويفهم من ظاهر المعتبر الميل إليه.

وأما الاربعون لبول الرجل فهو المشهور وأما الثلاثة للصبي ، فهو مختار الصدوق والمرتضى في المصباح ، وذهب الشيخان وأتباعهما إلى السبع وفي الرضيع المشهور الدلو الواحد ، وقال أبوالصلاح وابن زهرة ينزح له ثلاث دلاء ، ويدل على أن مع الكرية لا ينفعل ماء البئر بالنجاسة ، وعلى أن الكر ثلاثة أشبار ونصف كما هو المشهور.

وأما الفأرة فالمشهور أنه مع عدم التفسخ أو الانتفاخ ثلاث دلاء ومع

٢٧

أحدهما السبع ، وقال المرتضى في المصباح : في الفارة سبع وقد روي ثلاث ، وقال الصدوق في الفقيه فان وقع فيها فارة ولم تنفسخ ينزح منها دلو واحد ، وإذا تفسخت فسبع دلاء ، ولعل رواية الاربعين إشارة إلى ما رواه الشيخ عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن الفارة تقع في البئر قال : إذا ماتت ولم تنتن فأربعين دلوا ، وإذا تفسخت فيه ونتنت نزح الماء كله.

والمعروف بين الاصحاب في الطير السبع ويفهم من الاستبصار جواز الاكتفاء بالثلاث. وأما السنور فلعله وقع في أحد الموضعين اشتباه من السناخ أو السبع على الوجوب والزائد على الاستحباب.

وفي الفقيه قال : في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السنور سبع دلاء ، وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : المراد بالدلو حيث تذكر ما كانت عادية وقيل : هجرية ثلاثون رطلا ، وقال الجعفي أربعون رطلا.

٤ ـ المعتبر : عن علي بن حديد ، عن بعض أصحابنا قال : كنت مع أبي عبدالله عليه‌السلام في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبدالله عليه‌السلام دلوا فخرج فيه فارتان ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أرقه قال : فاستقى آخر فخرج فيه فارة ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أرقه ، قال : فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شئ فقال صبه في الاناء فصبه فتوضأ منه وشرب (١).

بيان : هذا الخبر مما يدل على عدم انفعال البئر بالملاقات ، والشيخ في التهذيب (٢) أوردهذا الخبر إلى قوله صبه في الاناء ، وبعد الطعن في السند قال : يحتمل أن يكون أراد بالبئر المصنع ألذي فيه الماء ما يزيد مقداره على الكر فلا يجب نزح شئ منه ، ثم إنه لم يقل إنه توضأمنه بل قال : صبه في الاناء وليس في قوله صبه في الاناء دلالة على جواز استعماله في الوضوء ، ويجوز أن يكون إنما أمره بالصب في الاناء لاحتياجهم إليه في الشرب ، وهذا يجوز عندنا عند

____________________

(١) المتعبر : ١١.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٤٠ وفى ط حجر ج ١ ص ٦٨.

٢٨

الضرورة انتهى.

ولا يخفى أن هذا الوجه الاخير لا يستقيم مع التتمة التي رواها في المعتبر وربما يحمل على أنه كانت الفارة حية.

٥ ـ السرائر : قال : الاخبار المتواترة عن الائمة الطاهرين سلام الله عليهم بأن ينزح لبول الانسان أربعون دلوا (١).

بيان : إن كان النقل بتلك العبارة كما ادعاه ـ رحمه‌الله ـ فهو شامل لبول المرأة فيدل على ما اختاره من مساواة بولها لبوله في الحكم ، وألحقه جماعة بما لانص فيه ، والمحقق أوجب في المعتبر فيه ثلاثين دلوا.

٦ ـ المعتبر : روى الحسين بن سعيد ، في كتابه عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن السنور فقال : أربعون دلوا وللكلب وشبهه (٢).

بيان : أي شبهه في الجثة أو في الاوصاف أيضا كالخنزير.

٧ ـ كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن فارة وقعت في بئر فاخرجت وقد تقطعت هل يصلح الوضوء من مائها؟ قال : ينزح منهاعشرون دلوا إذا تقطعت ثم تتوضأ ولا باس.

وسألته عن صبى بال في بئرهل يصلح الوضوء منها؟ فقال : ينزح الماء كله (٣).

بيان : لعل نزح العشرين في الفارة موافقا لما مر في الفقه الرضوى ، و نزح كل الماء لبول الصبي محمولان على الاستحباب ، أو في الاخير على التغير وقال سيد المحققين في المدارك : الاظهر نزح دلاء للقطرات من البول مطلقا

____________________

(١) السرائر ص ١٣.

(٢) المعتبر ص ١٦.

(٣) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٩٠.

٢٩

لصحيحة ابن بزيع (١) ونزح الجميع لانصبابه فيها كذلك لصحيحة (٢) معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها خمر أو بول فقال : ينزح الماء كله.

٨ ـ الهداية : ماء البئر واسع لا يفسده شئ وأكبر ما يقع في البئر الانسان فيموت فيها ، ينزح منها سبعون دلوا ، وأصغر ما يقع فيها الصعوة ينزح منها دلوا واحد ، وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع فيها ، وإن وقع فيها ثور أو بعير أو صب فيها خمر نزح الماء كله ، وإن وقع فيها حمارنزح منها كرمن ماء ، وإن وقع فيها كلب أو سنور نزح منها ثلاثون دلوا إلى أربعين دلوا ، وان وقعت فيها دجاجة أو طير نزح منها سبع دلاء ، وإن وقعت فيها فارة نزح منها دلو واحد ، وإن تفسخت فسبع دلاء ، وإن بال فيها رجل نزح منها أربعون دلوا وإن بال فيهاصبي قد أكل الطعام نزح منها ثلاث دلاء ، فإن كان رضيعا نزح منها دلو واحد ، وإن وقعت فيها عذرة استقى منها عشرة دلاء ، فان ذابت فيها فأربعون دلوا إلى خمسين دلوا.

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٤٤ وج ١ ص ٦٩ ط حجر.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٤١ وج ١ ص ٦٨.

٣٠

٥

* (باب) *

* (البعد بين البئر والبالوعة) *

١ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن العلاء ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن البئر يتوضأ منها القوم وإلى جانبها بالوعة؟ قال : إن كان بينهما عشرة أذرع ، وكانت البئر التي يستقون منها يلي الوادى فلا بأس (١).

توضيح وتنقيح : اعلم أن المشهور أن البئر لا تنجس بالبالوعة ، وإن تقاربنا ، إلا أن يعلم وصول نجاستها إلى الماء بناء على القول بالانفعال أو بتغيره بناء على عدمه ، ثم المشهور استحباب التباعد بينهما بمقدار خمس أذرع إن كانت البئر فوق البالوعة ، أو كانت الارض صلبة ، وإلافسبع ، ومنهم من اعتبر الفوقية بحسب الجهة ـ على أن جهة الشمال أعلى ـ فحصلت الفوقية والتحية والتساوي بحسب الجهة ، ومنهم من قسم التساوي إلى الشرقية والغربية فتصير أقسام المسألة باعتبار صلابة الارض ورخاوتها ، وكون البئر أعلا بسب القرار أو أسفل أو مساويا ، وكونها في جهة المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال أربعا وعشرين : فمنهم من قال : إذا كانت البئر فوق البالوعة جهة أو قرارا أو كانت الارض صلبة فخمس وإلا فسبع ومنهم من عكس وقال : إذا كانت البئر تحت البالوعة جهة أو قرارا أو كانت الارض رخوة فسبع وإلا فخمس ، والفرق بين التعبيرين ظاهر ، إذ التساوي في أحدهما ملحق بالخمس ، وفي الاخر بالسبع.

وخالف ابن الجنيد المشهور واختلف النقل عنه فالمشهور أنه يقول : إن

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٦ ط حجر وص ٢٤ ط نجف.

٣١

كانت الارض رخوة والبئر تحت البالوعة ، فليكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا ، وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع ، وحكى صاحب المعالم عنه أنه قال في المختصر : لا أستحب الطهارة من بئر تلي بئر النجاسة التي تستقر فيها من أعلاها في مجري الوادي إلا إذا كان بينهما في الارض الرخوة اثنتا عشرة ذراعا ، وفي الارض الصلبة سبعة أذرع ، فان كانت تحتها والنظيفة أعلاعا فلا بأس ، وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فاذا كان بينهما سبعة أذرع فلا بأس.

فاذا عرفت هذا فالخبر المتقدم لا يوافق شيئا من المذاهب ، ويمكن حمله على المشهور ، على مرتبة من مراتب الاستحباب والفضل ، ولعل المراد بكون البئر يلى الوادي كونها في جهة الشمال لان مجري العيون منها ، فالمراد الوادي تحت الارض ، ولا يبعد أن يكون في الاصل أعلى الوادي ، وفقا لما رواه الكليني (١) عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير قالوا : قلنا له عليه‌السلام : بئريتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها؟ قال : فقال : إن كانت البئر في أعلى الوادي يجري فيه البول من تحتها ، وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شئ ، وإن كان أقل من ذلك نجسها ، وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها ، وما كان أقل من ذلك فلا يتوضأ منه.

قال زرارة : فقلت له : فان كان مجرى البول بلزقها ، وكان لا يلبث على الارض؟ فقال : مالم يكن له قرار فليس به بأس ، وإن استقر منه قليل ، فانه لا يثقب الارض ولا قعر له حتى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فيتوضأ منه إنما ذلك إذا استنقع كله.

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٧ و ٨ ومن ط حجر الفروع ج ١ ص ٣ ، ورواه في التهذيب ط حجر ج ١ ص ١١٦.

٣٢

قوله عليه‌السلام : «في أعلى الوادي» ظاهره الفوقية بحسب القرار ، ويحتمل الجهة أيضا ، والمعنى أن البئرأعلى من الوادي الي يجري فيه البول ، وكذا قوله «في أسفل الوادي» أن أسفل من الوادي «ويمرالماء» أي البول «عليها» أي مشرفا عليها بعكس السابق ، والتعبير عن وادي البول بالماء للاشعار بأن الوادي قد وصل إلى الماء.

قوله : «فان كان مجرى البول بلزقها» الظاهر أن السابق كان حكم ما إذا وصلت بالوعة البول الماء ، وهذا الذي سأله زرارة حكم ما إذا لم يصل إلى الماء ففصل عليه‌السلام فيه بأنه إذا كان كل البول أو أكثره يستقر في مكان قريب من البئر ، يلزم التباعد بالقدرين المذكورين أيضا ، وإن كان لا يستقر منه شئ أصلا أو يستقر منه شئ قليل ، فانه لا يثقب الارض بكثرة المكث «ولا قعر له» أي لم يصل إلى الماء حتى يتصل إلى الماء بمجاريه فلا يضر قربهما.

وهذا التفصيل لم أر قائلا به ، ومن استدل به من الاصحاب على مقدار البعد لم يتفطن لذلك ولم يتعرض له والمشهور بينهم أن مع عدم بلوغ البالوعة الماء لا يستحب التباعد مطلقا ويمكن تأويله على ما يوافق المشهور بأن يكون المراد بعدم القرار وعدم القعر عدم الوصول إلى الماء.

وقوله عليه‌السلام : «إنما ذلك إذا استنقع كله» أي إذا كان له منافذ ومجاري إلى البئر فانه حينئذ يستنقع كله ، ولا يخفى بعده ، والتفصيل الذي يستفاد منه قريب من التجربة والاعتبار ، فان التجربة شاهدة بأنه إذا استقر بول كثير في مكان قريب من البئر زمانا طويلا فلا محالة يصل أثره إلى البئر ، وإن لم يصل إلى الماء ، والله تعالى يعلم بحقايق الاحكام وحججه الكرام عليهم‌السلام.

٣٣

٦

* (باب) *

* (حكم ماء الحمام) *

١ ـ قرب الاسناد : للحميري ، عن محمد بن عبدالحميد وعبدالصمد بن محمد ، عن حنان قال : سمعت رجلا يقول لابي عبدالله عليه‌السلام : إني أدخل الحمام في السحر ، وفيه الجنب وغير ذلك ، فأقوم فأغتسل فينتضح على بعد ما أفرغ من مائهم قال : أليس هو جار؟ قلت : بلى ، قال لا بأس به (١).

بيان : قوله عليه‌السلام : «أليس هو جار» أي أليس الماء جاريا من المادة إلى الحياض الصغار التي يغتسلون منها؟ إذ الماء يمكن أن يكون انتضح من أبدانهم إذا كانوا خارج الحوض أو من الماء المتصل بالمادة إذا كانوا داخل الحوض ، أو المعنى أليس الماء جاريا من أطراف الحوض إلى سطح الحمام ، فلا يضر وثوب الماء من سطح الحمام لا تصاله بالمادة.

وفيل : المعنى أن سمعت أن حكم ماء الحمام حكم الماء الجاري ، أو أليس يجري الماء الجاري في سطح الحمام كما هو الشايع في بعض البلاد ، وقيل : يعني أن ماءهم جار على أبدانهم ، فلا بأس أن ينتضح منه عليك ، فلا يخفى بعد ما سوى الاولين.

٢ ـ قرب الاسناد ، عن أيوب بن نوح ، عن صالح بن عبدالله ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : ابتدأني فقال : ماء الحمام لا ينجسه شئ (٢).

بيان : فسر الاصحاب ماء الحمام بالحياض الصغار التي تكون في

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٨ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ١٢٨ ط حجر وص ١٧٣ ط نجف.

٣٤

الحمامات ، واختلف في أنه هل يشترط كرية المادة أم لا؟ فقيل لا تشترط الكرية أصلا ، وقيل [ تشترط ] كرية الاعلى والاسفل معا ، وقيل تشترط كرية الاعلى فقط وقيل : يشترط كونه أزيد من الكر.

واختلف في أنه لو تنجس الحياض الصغار هل تطهر بمجرد الاتصال أم يعتبر فيه الامتزاج؟ وليس في هذا الخبر ذكر المادة ، وحمل عليها جمعا (١).

____________________

(١) قد مر في الحديث السابق «فأقوم فأغتسل فينتضح على بعد ما أفرغ من مائهم» والحديث رواه الكلينى أيضا في الفروع ج ١ ص ٥ ط حجر وج ٣ ص ١٤ ط الاخوندى وهكذا رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٠٧ ط حجر ، فيظهر من لفظ الحديث مضافا إلى سائر ماورد في المقام أن الحمامات كانت وقتئذ ذات مخزن كبير من الماء المستحم ، ينشعب منه جداول صغار إلى الحياض التى بنيت كالاجانة يغترف الناس منها للاغتسال فكلما اغترف الناس من حوض من تلك الحياض كاسأ انجر الماء من المخزن اليه حتى يستوعبه فالمخزن هو المادة وهو ماء كثير لا ينجسه شى ء.

وأما الغسالة فما كانت تجرى اليها ، بل تجرى إلى بئر معدة هناك كماتراها منصوصا علهيا في الروايات ، فليس لماء الحمام بنفسه حكم يختص به ، بل ماء الحمام كماء الطشت والاجانة اذا قطر من ماء الغسالة في الطشت ، اللهم الا ماعند المتأخرين من الحكم بكرية الماء المتصل بالكر من دون امتزاج ووحدة ، فتكون تلك الحياض الصغار أيضا ماؤها محكوما بالطهارة والكرية ، وأنها لا ينجسها شئ.

ففى التهذيب ج ١ ص ٣٧ باسناده عن سماعة عن أبى عبدالله (ع) قال : اذا أصاب الرجل جنابة فأراد الغسل فليفرغ على كفيه فليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده في انائه ثم يغسل فرجه ثم ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات مل ء كفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كله ، فما انتضح من مائه في انائه بعد ما صنع ما وصفت لك فلا بأس. وبمعناه أحاديث اخر.

٣٥

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : إن اغتسلت من ماء الحمام ، ولم يكن معك ما تغرف به ، ويداك قذرتان فاضرب يدك في الماء وقل : بسم الله وهذا مما قال الله تبارك وتعالى : «وما جعل عليكم في الدين من حرج».

وإن اجتمع مسلم مع ذمي في الحمام اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمى وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة.

بيان : لعل تقديم المسلم في الغسل على الاستحباب لشرف الاسلام إذاكان الماء كثيرا ، وإذا كان الماءقليلا فعلى الوجوب بمعنى عدم الاكتفاء به في رفع الحدث والخبث.

٤ ـ الهداية : وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة (١).

٥ ـ المكارم : عن الباقر عليه‌السلام قال : ماء الحمام لا بأس به ، إذا كان له مادة.

داود بن سرحان قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما تقول في ماء الحمام؟ قال : هو بمنزلة الماء الجاري.

محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره أغتسل من مائه؟ قال : نعم ، لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما لزق بهما من التراب.

وعن زرارة قال : رأيت الباقر عليه‌السلام يخرج من الحمام فيمضي كما هو لا يغسل رجله حتى يصلي (٢).

٦ ـ العلل : عن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسن ابن فضال ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالله بن بكير ، عن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث قال : وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو

____________________

(١) الهداية ص ١٤.

(٢) مكارم الاخلاق ص ٥٩.

٣٦

شرهم ، فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب ، وإن الناصب لنا أهل البيت لانجس منه (١).

تبيين : اعلم أن الاصحاب اختلفوا في غسالة الحمام فقال الصدوق : لا يجوز التطهر بغسالة الحمام ، لانه تجتمع فيه غسالة اليهودي والمجوسي والمبغض لال محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو شرهم ، وقريب منه كلام أبيه ، وقال الشيخ في النهاية : غسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال ، وقال ابن إدريس : غسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال ، وهذا إجماع وقد وردت به عن الائمة عليهم‌السلام آثار معتمدة قد أجمع الاصحاب عليها لا أحد خالف فيها.

وقال المحقق : لا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة ونحوه قال العلامة في بعض كتبه ، والشهيد في البيان ، وليس في تلك العبارات تصريح بالنجاسة بل مقتضاها عدم جواز الاستعمال ، بل الظاهر أن الصدوق قائل بطهارتها لانه نقل الرواية الدالة على نفي البأس إذا أصابت الثوب (٢) والعلامة في بعض كتبه صرح بالنجاسة ، واستقرب في المنتهى الطهارة ، وتبعه في ذلك بعض الاصحاب والاخبار في ذلك مختلفة ، وأخبار طهارة الماء حتى يعلم نجاسته مؤيدة للطهارة مع أصل البراءة.

ويمكن حمل الخبر على ما إذا علم دخول غسالة هؤلاء الانجاس فيها.

ثم إن أكثر الاخبار الواردة في نجاستها مختصة بالبئر التي يجتمع فيها

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٦ في حديث.

(٢) ان كان المراد بالغسالة الغسالة من الغسلة المزيلة لعين النجاسة ، فلا ريب في نجاستها لانها ماء قليل حامل للخبث ، وان لم تكن من الغسلة المزيلة فهى التى اختلفت فيه كلمات الاصحاب ، والظاهر نجاستها اذا كانت من الغسلات الواجبة ، وطهارتها اذا كانت من الغسلات المستحبة ، فانه لا معنى الحكم بنجاسة الموضع وطهارة غسالته ، ولا للحكم بطهارة الموضع ونجاسة غسالته.

٣٧

ماء الحمام كقول أبي عبدالله عليه‌السلام في خبر ابن أبي يعفور (١) لا تغتسل في البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر إلى ستة آباء ، وفيها غسالة الناصب وهو شر هما وكقول أبي الحسن عليه‌السلام (٢) لا تغتسل من البئر التى تجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شر هم ، فالحاق المياه المنحدرة في سطح الحمام بها مما لا دليل عليه (٣) ومع ورد روايات اخر دالة على الطهارة كرواية محمدبن مسلم وزرارة (٤).

____________________

(١) راجع فروع الكافى ج ١ ص ٥ ط حجر وج ٣ ص ١٤ ط الاخوندى.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٠٦ ط حجر.

(٣) المياه المنحدرة في سطح الحمام انما انحدر ليجتمع في البئر ، فاذا كان بعد اجتماعها وكثرتها في البئر نجسا ، فكيف لا يحكم بنجاسة المياه المنحدرة اليه؟ (٤) الروايتان سبقتا نقلا من المكارم ، وتراهما في التهذيب ج ١ ص ١٠٧ ط حجر.

٣٨

٧

* (باب) *

* (المضاف وأحكامه) *

١ ـ فقه الرضا : كل ماء مضاف أو مضاف إليه فلا يجوز التطهير به ويجوز شربه مثل ماء الورد ، وماء القرع ، ومياه الرياحين والعصير ، والخل ، ومثل ماء الباقلى وماء الخلوق وغيره ، مما يشبهها ، وكل ذلك لا يجوز استعمالها إلا الماء القراح أو التراب (١).

بيان : جمهور الاصحاب على أن الماء المضاف لا يرفع الحدث ، بل ادعى عليه الاجماع جماعة ، وخالف في ذلك الصدوق رحمه‌الله ـ فقال في الفقيه : (٢) ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة ، والاستياك بماء الورد (٣) وحكى الشيخ

____________________

(١) فقه الرضا ص ٥

(٢) الفقيه ج ١ ص ٦ ط نجف.

(٣) روى الكلينى في الكافى ج ١ ص ٧٣ وج ١ ص ٢٢ ط حجر عن على بن محمد عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبى الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال : لا بأس بذلك ، ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٦٢ ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المراد بماء الورد الماء الذى وقع فيه الورد ، فان ذلك يسمى ماء ورد ، وان لم يكن معتصرا منه.

أقول : ماء الوردانما يعمل من ماء كثيريلقى فيه ورق الاوارد ثم يغلى تحته فيعلو البخار وبعد ما يصيرماء يجرى من الانبيق إلى الظروف ، فان كان الاعتبار بحقيقة المائية فلا بأس به فانه ماء حقيقة قد اختلط به عناصر الورد ، فزاده بهاعا ، كما قد يختلط به عناصر الجيفة فينتن ، ولا يخرجه عن كونه ماء ، أو يختلط به غير ذلك من العناصر و الاملاح كماء البحر الاجاج المنتن أو ماء الكبريت ، وان كان الاعتبار بعنوان اللفظ واطلاق

٣٩

في الخلاف عن قوم من أصحاب الحديث منا أنهم أجازوا الوضوء بماءالورد ، و ماعليه الاكثر أقوى.

وللاصحاب في إزالة النجاسة بالمضاف قولان : أحدهما المنع وهو قول المعظم ، والثاني الجواز وهو اختيار المفيد والمرتضى ، ويحكى عن ابن أبي عقيل ما يشعر بالمصير إليه أيضا إلا أنه خص جواز الاستعمال بحال الضرورة ، وعدم وجدان غيره ، وظاهر العبارة المحكية عنه أنه يرى جواز الاستعمال حينئذ في رفع الحدث أيضاحيث أطلق تجويز الاستعمال مع الضرورة والمشهور أقوى والعمل به أولى.

وقال ابن الجنيد في مخصتره : لا بأس بأن يزال بالبصاق عين الدم من الثوب (١) وظاهر هذا الكلام كون ذلك على جهة التطهير له ، وجزم الشهيد بنسبة القول بذلك إليه ، وقد روى الشيخ في الموثق (٢) عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال : لا يغسل بالبزاق شئ غير الدم ، وبسند آخر عن غياث أيضا ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن علي عليه‌السلام قال : لا بأس بأن يغسل الدم بالبصاق.

____________________

العرف واللغة فهو مشكل ، الا أن يثبت صحة الخبر ، فيكون واردا وسائر الادلة مورودا.

(١) الظاهر من أخبار الباب بقرينة الحكم والموضوع مصر الدم من الجرح القليل بالفم وما فيه من الماء ثم مجها خارجا ، لا غسل الثوب أو البدن بالبصاق ، فانه لا يسيل لعاب الفم بحيث يصب على الثوب أو البدن الملطخ بالدم ، مع أن البصاق لكونه لعابا لا يسيل لا ينفصل عن موضع النجس حتى يتطهر وهو ظاهر ، وانما جوز فعل ذلك ـ مع ما يجب بعد ذلك من التطهير بالماء ـ لان الدم الخارج من البدن جزء من البدن لا يستقذر مصها ولو بقى من أجزائها الصغار غير المرئية شئ في الفم لا بأس بها ، وأما البول و الغائط والمنى وسائر النجاسات فليس بهذه المثابة.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٢٠.

٤٠