بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

على ما ينافي ما ذهب إليه الفراء ، للزوم رجوع الكلام حينئذ إلى طلب النقيضين والتعبير عن أمثال هذه العبارات الدالة على أمر غير لايق بالمتكلم بعنوان الغيبة ، وإن كان في الاصل موضوعا على التكلم ، شايع مستعمل في التنزيل والاخبار وكلام الفصحاء ، كما قال تعالى : «أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» (١) وقوله : «وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين» (٢) وأمثاله أكثر من أن تحصى.

قوله : «حصن فرجي» في بعض النسخ بعده «وأعفه» كما في سائر الروايات وتحصين الفرج وإعفافه هو صونه عن الحرام ، كما ذكره الجوهري ، فعطف الاعفاف عليه تفسيرى ، ويمكن أن يكون الحصين من المحرمات ، والاعفاف من المكروهات ، والشبهات.

والعورة العيوب لانها في اللغة كل ما يستحى منه ، والضمير في «حرمهما» يحتمل عوده إلى الفرج والعورة ، نظر إلى اختلاف اللفظين ، بناء على أن المراد بالعورة أيضا الفرج ، وعلى ما ذكرنا راجع إلى الفرجين بقرينة المقام ، أو يرتكب تجوزفي إسناد التحريم إلى العورة ، وربما يقرأ «عورتي» بالياء المشددة على صيغة التثنية فلا إشكال ، وفي أكثر نسخ الحديث «وحرمني».

وفسر الجلال بصفات القهر ، والاكرام بصفات اللطف ، أو الجلال بالسلبية والاكرام بالثبوتية ، أو الجلال الاستغناء المطلق ، والاكرام الفضل العام.

قوله عليه‌السلام : «لذته» الضمائر الثلاثة راجعة إلى الطعام بقرينة المقام «يا لها نعمة» «يا» حرف تنبيه أو حرف نداء ، واللام للتعجب ، نحويا للماء ويا للدواهي ، والضمير في «لها» مبهم يفسره قوله : نعمة ، على نحو ما قيل في ربه رجلا أو راجع إلى النعم المذكورات أو إلى مادل عليه المقام من النعم ، ونعمة منصوب على التمييز والتنوين للتفخيم ، أي يا قوم تعجبوا أو تنبهوا لنعمة عظيمة

____________________

(١) النور : ٧.

(٢) النور : ٩.

١٨١

لا يقدر القادرون قدرها أي لا يطيق المقدرون تقديرها ، أولا يعظمونها حق تعظيمها ، على وزان قوله تعالى : «وما قدروا الله حق قدره» (١) أي ما عظموا الله حق تعظيمه ، ويظهر من بعض الاخبار تكرير قوله : «لا يقدر القادرون قدرها» أيضا ثلاثا.

٣٠ ـ مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن عن الباقر عليه‌السلام قال : من تخلى على قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائما أومشى في حذاء واحد أوشرب قائما أو خلافي بيت واحدا أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات (٢).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق (٣).

٣١ ـ تفسير النعمانى : عن علي عليه‌السلام في قوله عزوجل : «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم» (٤) معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه ، ثم قال : «قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن» أي مما يلحقهن من النظر كما جاء في حفظ الفروج فالنظر سبب إيقاع الفعل من الزنا وغيره (٥).

٣٢ ـ المقنع : سئل أبوالحسن الرضا عليه‌السلام ما حد الغائط؟ فقال : لا تستقبل القبلة ، ولا تستدبرها ، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها (٦).

٣٣ ـ مجالس الشيخ (٧) والمكارم : في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لابي ذر

____________________

(١) الانعام : ٩١

(٢) مكشاة الانوار ص ٣١٨.

(٣) مكشاة الانوار ص ١٢٩ في حديث.

(٤) النور ٣٠ و ٣١.

(٥) تفسير النعمانى المطبوع في البحار ج ٩٣ ص ٥١ ، وتراه في الكتاب المعروف بالمحكم والمتشابه ص ٦٤.

(٦) المقنع : ٣.

(٧) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٤٧.

١٨٢

قال : يا أباذر استحي من الله فاني والذي نفسي بيده لاظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي.

يا أباذر أتحب أن تدخل الجنة؟ قلت : بلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فاقصر الامل ، واجعل الموت نصب عينك ، واستحي من الله حق الحياء (١).

بيان : المشهور بين الاصحاب استحباب تغطية الرأس في الخلاء ، والذي يظهر من الاخبار والتعليلات الواردة فيها وفي كلام بعض الاصحاب أنه يستحب التقنيع بأن يسدل على رأسه ثوبا يقع على منافذ الرأس ، ويمنع وصول الرائحة الخبيثة إلى الدماغ ، وإن كان متعمما (٢) وهذا أظهر وأحوط.

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٥٤٦.

(٢) قال الشيخ المفيد في المقنعة ص ٣ ، وترى نصه في التهذيب ج ١ ص ٢٤ ط نجف : ومن أراد الغائط فليرتد موضعا يستتر فيه عن الناس بالحاجة ، وليغط رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه ، وهو سنة من سنن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه اظهار الحياء من الله تعالى لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه ».

أقول : لم يكن يعرف في عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده بقليل في جزيرة العرب لافى مكة ولا مدينة مصانع يختزن فيها الماء في الدار ، ولابيت الخلاء للبراز ، فكانوا عندالحاجة يبرزون من الدار ويطوفون هكذا وهكذا ليرتادوا خلوة من الناس ويتخلون ، وربما وجد الرجل خلوة وقعد للغائط ، واذا رجل أو امرءة طلع من جانب يمر عليه ، فيراه ويعرفه فيخجل استحياء منه.

ولذلك كان صلوات الله وسلامه عليه يرتاد لغائطه ، واذا كان مع أصحابه ذهب فأبعد حتى لا يراه أحد ولا يجلس معذلك الا بعدأن يغطى رأسه بردائه أو غير ذلك ، ولذلك قالوا : انه صلى‌الله‌عليه‌وآله مارئى على غائط قط ، وقصته مع غورث بن الحارث المحاربى في غزوة ذات الرقاع معروفة حيث خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليقضى حاجته فجعل بينه وبين أصحابه الوادى.

١٨٣

٣٤ ـ محاسن البرقى : عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن حماد بن عثمان أو حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم إلى أن قال : وإذا أردت قضاء حاجتك ، فأبعد المذهب في الارض (١).

بيان : يدل على استحباب الذهاب في الارض ، ولعله ليستر بدنه عن الناس كما ذكره الاصحاب ، ويدل على عليه ساير الاخبار.

٣٥ ـ مجمع البيان : عن أبي عبدالله عليه‌السلام في وصف لقمان عليه‌السلام قال : لم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وتحفظه في أمره.

ثم قال ـ ره ـ : وقيل : إن مولاه دخل المخرج فأطال الجلوس فناداه لقمان إن طول الجلوس على الحاجة يفجع الكبد ، ويورث منه الباسور ، ويصعد الحرارة

____________________

فهذا سنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذاك العهد ، ووجهه معلوم ، فليستن بسنته صلى‌الله‌عليه‌وآله من كان له حاجته في الصحارى والبرارى والجبال والاكام ، وأما في بيت الخلاء وهو مستور من الجوانب الست كما هو المعهود الان فلا معنى لذلك ، ولا خجل ولا استحياء ، الا اذا كان البيت منتابا عموميا. واذاخرج الرجل واجهه بعض معاريفه حين خروجه من بيت الخلاء فيخجل ـ ان كان هناك خجل ـ فليستتر رأسه ووجهه بردائه لئلا يعرفه الناس.

وأما ما رواه الشيخ دليلا على ما ذكره المفيد ص ٢٤ من التهذيب باسناده عن على ابن أسباط أو رجل عنه عمن رواه [ عن زرارة ] خ ل. عن أبى عبدالله (ع) أنه كان يعمله اذا دخل الكنيف : يقنع رأسه ويقول سرا في نفسه «بسم الله وبالله» فليس فيه دلالة ، فان الكنيف ليس الا بمعنى الحظيرة ، كماهو اليوم معمول في بعض البلدان والقرى ، وهو عبارة عن حيطان قصيرة حول مبرز البئر بحيث اذا قعد المتخلى لا يراه أحد ، أوقد يرى رأسه أحيانا ، فالتخلى في هذه الكنف كالتخلى في البرارى والجبال والاودية ، يستحب الاخذ بسنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن كان مستحيا ، كما قال الصادق (ع).

(١) المحاسن ص ٣٧٥.

١٨٤

إلى الرأس ، فاجلس هونا ، وقم هونا. قال : فكتب حكمته على باب الحش (١).

بيان : في النهاية : الهون : الرفق واللين والتثبت ، ومنه الحديث احبب حبيبك هونا ما أي حبا مقتصدا لا إفراط فيه ، وفي القاموس : هان هونا سهل ، و قال : الحش مثلثة المخرج ، لانهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين.

٣٦ ـ شرح النفلية : للشهيد الثاني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يرعلى بول ولا غائط.

قال : وقال عليه‌السلام : من أتى الغائط فليستتر (٢).

٣٧ ـ كشف الغمة عن جنيد بن عبدالله قال : نزلنا النهروان ، فبرزت عن الصفوف ، وركزت رمحي ، ووضعت ترسي ، واستترت من الشمس ، فاني لجالس إذ ورد علي أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أخا الازد! معك طهور؟ قلت : نعم ، فناولته الاداوة فمضى حتى لم أره وأقبل وقد تطهر فجلس في ظلل الترس الحديث (٣).

٣٨ ـ العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن العمركي ، علي بن بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام : يا موسى لاتفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال تنسي الذنوب ، وإن ترك ذكري يقسي القلوب (٤).

٣٩ ـ الخصال : عن أحمد بن محمدبن يحيى ، عن أبيه ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٥).

____________________

(١) مجمع البيان ج ٨ ص ٣١٧.

(٢) شرح النفلية ص ١٧.

(٣) كشف الغمة ج ١ ص ٣٨١ وص ٨٠ حجر.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٧٧.

(٥) الخصال ج ١ ص ٢٠.

١٨٥

٤٠ ـ قرب الاسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان أبي يقول : إذا عطس أحدكم وهو على خلاءفليحمد الله في نفسه (١).

بيان : «في نفسه» أي من غير أن يتكلم به أوسرا جمعا بينه وبين مادل على استثناء التحميد بل مطلق الذكر.

٤١ ـ الخصال : عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي سعيد الادمي ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سعيد بن غزوان ، عن إسماعيل ابن أبي زياد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن علي عليه‌السلام قال : طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور (٢).

بيان : في القاموس الباسور علة معروفة ، والجمع البواسير.

٤٢ ـ عيون الاخبار : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أبي بكر بن عبدالله النيشابوري ، عن عبدالله بن أحمد الطائي ، عن أبيه وعن أحمد بن إبراهيم الخوري عن إبراهيم بن مروان ، عن جعفر بن محمد بن زياد ، عن أحمد بن عبدالله الهروي.

وعن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن محمد بن مهرويه ، عن داودبن سليمان كلهم عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن الحسين بن علي عليهما‌السلام أنه دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة ، فدفعها إلى غلام له ، فقال له : يا غلام اذكرني بهذه اللقمة إذاخرجت ، فأكلها الغلام ، فلما خرج الحسين عليه‌السلام قال : يا غلام اللقمة! قال : أكلتها يا مولاي ، قال : أنت حرلوجه الله.

قال له رجل : أعتقته يا سيدي؟ قال : نعم سمعت جدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من وجد لقمة فمسح منها أو غسل منها ثم أكلها لم تستقر في جوفه إلا أعتقه الله من النار ، ولم أكن أستبعد رجلا أعتقه الله من النار (٣).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٥٠ ط نجف.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٢.

(٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ٤٣.

١٨٦

ورواه في صحيفة الرضا باسناده مثله (١).

بيان : رواه في الفقيه (٢) مرسلا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ولا تنافي بينهما لا مكان صدوره عنهما عليهما‌السلام وفي الفقيه دخل أبوجعفر عليه‌السلام فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه إلى آخر الخبر.

واستدل به على كراهة الاكل في الخلاء ، وإلا لما أخر عليه‌السلام الاكل مع شدة اهتمامه بذلك.

والقذر بمعنى الوسخ أو النجس ، فان كانا يابسين فالغسل على الاستحباب وعلى الثاني لو كان رطبا فيمكن أن يكون الغسل في الجاري ومثله على المشهور والترديد في هذا الخبر إما على التخيير استحبابا بناء على عدم النجاسة ، أو المسح على عدم النجاسة ، والغسل على النجاسة ، فيدل إطلاقه على جواز الغسل بالقليل ولا ينافيه مايدل على عدم جواز تطهير العجين ، والامر بدفنه أو طرحه أو بيعه ممن يستحل الميتة ، إذ الفرق بينهمابين ، إذ لا يصل الماء إلى أجزاء العجين ، و إن وصل يصير مضافا بخلاف الخبز ، لا سيما يابسه ، فانه يصل الماء إلى الاجزاء التي وصلت إليها النجاسة.

قال في التذكرة : العجين النجس إذا مزج بالماء الكثير حتى صار رقيقا و تخلل الماء جميع أجزائه طهر ، وظاهره في النهاية والمنتهى عدم قبوله للتطهير بالماء ، وقال في المنتهى : الصابون إذا انتقع في الماء النجس والسمسم والحنطة إذا انتقعا كان حكمها حكم العجين ، يعني في عدم قبول التطهير بالماء ، ثم قوى قبولها للطهارة إذا غسلت مرارا ثم تركت حتى تجف.

وذكر بعض المحققين في توجيه الاخبار الموهمة لعدم تطهير العجين : السر فيه توقف تطهيره بالماء على الممازجة والنفوذ في أجزائه ، بحيث يستوعب كل ما أصابه الماء النجس ، إذ المفروض في الاخبار عجنه بماء نجس ، وفي ذلك

____________________

(١) صحيفة الرضا (ع) ص ٣١.

(٣) فقيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ١٨.

١٨٧

من المشقة والعسر مالا يخفى ، فلذا وقع العدول عنه إلى الوجهين المذكورين انتهى.

ثم إن الخبر يدل على مرجوحية استخدام أهل الفضل والصلاح في الجملة.

أقول : وقد مر بعض الاداب في الباب السابق.

٤٣ ـ كتاب المسائل : بالاسناد عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه خاتم فيه ذكر الله ، أو شئ من القرآن ، أيصلح ذلك؟ قال : لا (١).

٤٤ ـ نوادر الراوندى : عن عبدالواحد بن إسماعيل الرويانى ، عن محمد بن الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى ابن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البول في الماء القائم من الجفاء (٢).

وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه‌السلام : علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخلت الكنيف أن أقول : «اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث النجس الرجس الشيطان الرجيم» (٣).

وبهذا الاسناد قال : قال الباقر عليه‌السلام : قال أبي علي بن الحسين عليهما‌السلام : يا بني اتخذ ثوبا للغايط ، فانى رأيت الذباب يقعن على الشئ الرقيق ثم يقعن علي ، قال : ثم أتيته فقال : ما كان للنبي ولالاصحابه إلا ثوب واحد (٤).

وبهذا الاسناد قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يطمح الرجل ببوله من السطح

____________________

(١) البحار ج ١٠ ص ٢٨٦ ، وتراه في قرب الاسناد ص ١٢١ ط حجر.

(٢) نوادر الراوندى ص ٤٠.

(٣) نوادر الراوندى ص ٥٣.

(٤) نوادر الراوندى ص ٥٣ ، وزاد بعده : فرفضه

١٨٨

في الهواء ، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للقبلة (١).

توضيح : لعل قوله عليه‌السلام أخيرا : «ما كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله» لبيان كون ما ذكره أولا على الاستحباب والفضل ، لاعلى الوجوب ، أو على الاختيار و السهولة ، لا العسر والاضطرار ، والمراد بالرقيق المايع ، والاظهر عدم الحكم بنجاسة الثوب بظهور بقاء النجاسة رطبة على الذباب ، إذ الاصل عدم علوق شئ من النجاسة ، فلابد من العلم به ، وبقاء الرطوبة ، وإن كان موافقا للاصل ، لكنه معارض بأصالة طهارة الثوب ، وتبقى أصالة براءة الذمة من التكليف بأحكام النجاسة حينئذ.

قال الشهيد قدس‌سره في الذكرى : لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعند الشيخ عفو ، واختاره المحقق في الفتاوى لعسر الاحتراز ، ولعدم الجزم ببقائها لجفافها بالهواء ، قال : وهو يتم في الثوب دون الماء ، ونوقش في ذلك بأن المتقضي لعدم تمام الحكم في الماء موجود في الثوب من رطوبته ، فلا يستقيم إطلاق القول فيه ، مع أنه على ماهو المشهور من الاكتفاء بزوال العين في الحيوان لا وجه للفرق أصلا.

والتطميح في البول هو أن يرمي به في الهواء من موضع مرتفع كما يدل عليه هذه الرواية وغيرها ، وأما ما يوهمه كلام بعض اللغويين من أن المراد به البول إلى جهة الفوق فهو غير مراد ، ويرد عليه إشكال ، وهو أنه مناف لما مر وذكره الاصحاب من استحباب ارتياد مكان مرتفع للبول ، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال : المستحب ارتفاع يسير يؤمن معه من النضح وعود البول ، والمكروه مايخرج عن هذا الحد ، ويكون ارتفاعا كثيرا ، ثم إنه على هذا التقدير هل البول في البلاليع العميقة هكذا حكمه أم لا؟ محل إشكال ، والقول بعدم الكراهة لا يخلو من قوة.

٤٥ ـ نقل من خط الشهيد ـ رحمه‌الله ـ : عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان نوح

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ٥٤ وفيه «يطيح» بدل «يطمح»

١٨٩

كبير الانبياء إذا قام من الحاجة قال : «الحمد لله الذي أذاقني طعمه ، وأبقى في جسدى منفعته ، وأخرج عني أذاه ومشقته».

٤٦ ـ الخصال : عن علي بن أحمد بن موسى ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن ابن عبيد ، عن هدية بن خالد القيسي ، عن مبارك بن فضالة ، عن الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام للحسن ابنه : يا بني ألا اعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين قال : لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقم على الطعام إلا وأنت تشتهيه وجود المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب (١).

دعوات الراوندى : عنه عليه‌السلام مثله.

٤٧ ـ عدة الداعى : روى الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا بأس بذكر الله وأنت تبول ، فان ذكر الله حسن على كل حال ، ولا تسأم من ذكر الله.

وعنه عليه‌السلام فيما اوحي إلى موسى عليه‌السلام : يا موسى لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال تنسي الذنوب ، وإن ترك ذكري يقسي القلوب.

وعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : مكتوب في التوراة التي لم تغير أن موسى سأل ربه فقال : إلهي يأتي علي مجالس اعزك واجلك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى إن ذكري على كل حال حسن (٢).

٤٨ ـ الهداية : السنة في دخول الخلاء أن يدخل الرجل رجله اليسرى قبل اليمني ، ويغطي رأسه ، ويذكر الله عزوجل ، ولا يجوز التغوط على شطوط الانهار ، والطرق النافذة ، وأبواب الدور ، وفئ النزال ، وتحت الاشجار

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٠٩.

(٢) عدة الداعى ص ١٨٦

١٩٠

المثمرة ، ولا يجوز البول في حجرولا ماء راكد ، ولابأس بالبول في ماء جار ، ولايجوز أن يطمح الرجل ببوله في الهواء ، ولا يجوز أن يجلس للبول والغائط مستقبل القبلة ولا مستدبرها ، ولا مستقبل الهلال ولا مستدبره (١).

ويكره الكلام والسواك للرجل وهو على الخلاء.

وروي أن من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته ، والسواك على الخلاء ، يورث البخر ، وطول الجلوس على الخلاء يورث الباسور.

وعلى الرجل إذا فرغ من حاجته أن يقول : «الحمد لله الذي أماط عني الاذى ، وهنأني الطعام ، وعافاني من البلوى» ولا بأس بذكر الله على الخلاء لان ذكر الله حسن على كل حال ، ومن سمع الاذان وهو على الخلاء ، فليقل كما يقول المؤذن.

ولا يجوز أن يبول الرجل قائما من غير علة ، لانه من الجفاء ، ويكره للرجل أن يدخل الخلاء ومعه مصحف فيه القرآن ، أودرهم عليه اسم الله ، إلا أن يكون في صرة ، ولايجوز أن يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله ، فاذا دخل وهو عليه فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء.

فاذا أراد الخروج من الخلاء فليخرج رجله اليمنى قبل اليسرى ، ويمسح يده على بطنه ، وهو يقول : «الحمدلله الذي عرفني لذته ، وأبقى قوته في جسدي وأخرج عني أذاه ، يالها نعمة!» ثلاث مرات (٢).

٤٩ ـ وجدت : بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي ، نقلا من جامع البزنطي عن أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تنم وبيدك ريح الغمر ولا تبل في الماء ، ولا تخل على قبر ، ولا تمش في نعل واحدة فان الشيطان أسرع مايكون [ إلى الانسان ] ظ على بعض هذه الاحوال ، وقال : ما أصاب أحدا على هذه الحال فكاد يفارقه إلا أن يشاء الله.

____________________

(١) الهداية : ١٥.

(٢) المصدر نفسه ص ١٦.

١٩١

٥٠ ـ الخصال : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن عيسى اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لايبولن الرجل من سطح في الهواء ، ولا يبولن في ماء جار ، فان فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه ، فان للماء أهلا وللهواء أهلا (١).

وقال عليه‌السلام : إذا بال أحدكم فلا يطمحن ببوله ، ولا يستقبل ببوله الريح (٢).

وقال عليه‌السلام : لا تبل المحجة ، ولا تتغوط عليها (٣).

وقال عليه‌السلام : لا تعجلوا الرجل عند طعامه حتى يفرغ ، ولا عند غائطه حتى يأتى على حاجته (٤).

٥١ ـ دعائم الاسلام : روينا عن أهل البيت عليهم‌السلام أنهم أمروا بستر العورة ، وغض البصر عن عورات المسلمين ونهوا المؤمن أن يكشف عورته ، وإن كان بحيث لا يراه أحد.

وإن بعضهم صلوات الله عليهم نزل إلى الماء وعليه إزار ولم ينزعه ، فقيل له : قد نزلت في الماء واستترت به فانزعه! قال : فكيف بساكن الماء.

ونهوا عن الكلام في حال الحدث والبول ، وأن يرد سلام من سلم عليه وهو في تلك الحالة (٥).

ورووا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا دخل الخلاء تقنع وغطى رأسه ولم يره أحد ، وأنه كان إذا أراد قضاء حاجة في السفر أبعد ماشاء ، واستتر.

وقالوا : من فقه الرجل ارتياد مكان الغائط والبول والنخامة ، يعنون عليهم‌السلام

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٦ في حديث الاربعمائة.

(٢) الخصال : ج ٢ ص ١٥٧ في حديث الاربعمائة.

(٣) المصدر ج ٢ ص ١٦٩.

(٤) المصدر ج ٢ ص ١٦٣.

(٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٣.

١٩٢

أن لا يكون ذلك بحيث يراه الناس.

وروينا عن بعضهم عليهم‌السلام أنه أمر بابتناء مخرج في الدار فأشاروا إلى موضع غير مستتر من الدار ، فقال : يا هؤلاء أن الله عزوجل لما خلق الانسان خلق مخرجه في أستر موضع منه ، وكذا ينبغي أن يكون المخرج في أستر موضع في الدار.

وعنهم صلوات الله عليهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : البول في الماء القائم من الجفاء ، ونهي عنه وعن الغائط فيه ، وفي النهر ، وعلى شفير البئر يستعذب من مائها ، وتحت الشجرة المثمرة ، وبين القبور ، وعلى الطرق والافنية ، وأن يطمح الرجل ببوله من المكان العالي ، ومن استقبال القبلة واستدبارها في حال الحدث والبول ، وأن يبول الرجل قائما وأمر بالتوقي من البول والتحفظ منه ومن النجاسات كلها. ورخصوا في البول والغايط في الانية.

وروينا عن علي عليه‌السلام أنه كان إذا دخل المخرج لقضاء الحاجة قال : «بسم الله اللهم إني أعوذبك من الرجس النجس الخبيث الشيطان الرجيم» فاذا خرج قال : «الحمد الله الذي عافاني في جسدي ، والحمد لله الذي أماط عني الاذى».

وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إذادخلت المخرج : فقل : «بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم اللهم كما أطعمتنيه في عافية فأخرجه مني في عافية» فاذا فرغت فقل : «الحمد لله الذي أماط عني الاذي وهنأني طعامي وشرابي» (١).

٥٢ ـ توحيد المفضل : برواية محمد بن سنان عنه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : اعتبرالان يا مفضل بعظم النعمة على الانسان في مطعمه ومشربه ، و تسهيل خروج الاذى ، أليس من خلق التقدير في بناء الدار أن يكون الخلافي

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٤ و ١٠٥.

١٩٣

أستر موضع منها ، فهكذا جعل الله سبحانه المنفذ المهيأ للخلاء من الانسان في أستر موضع منه ، ولم يجعله بارزا من خلفه ، ولا ناشرا من بين يديه ، بل هو مغيب في موضع غامض من البدن ، مستور محجوب ، يلتقي عليه الفخذان ، وتحجبه الاليتان بما عليهما من اللحم ، فيواريانه فاذا احتاج الانسان إلى الخلاء ، جلس تلك الجسلة ألفى ذلك المنفذ منه منصبا مهيا لانحدار السفل ، فتبارك من تظاهرت آلاؤه ولا تحصى نعماؤه (١).

٥٣ ـ العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قال : أول حد من حدود الصلاة هو الاستنجاء ، وهو أحد عشر ، لابد لكل الناس من معرفتها وإقامتها ، وذلك من آداب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فاذا أراد البول والغايط فلا يجوز له أن يستقبل القبلة بقبل ولا دبر ، و العلة في ذلك أن الكعبة أعظم آية لله في أرضه وأجل حرمه فلا تستقبل بالعورتين القبل والدبر ، لتعظيم آية الله وحرم الله وبيت الله.

ولا يستقبل الشمس والقمر ، لانهما آيتان من آيات الله ليس في السماء أعظم منهما لقول الله تعالى : «وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل» (٢) و هو السواد الذي في القمر «وجعلنا آية النهار مبصرة» الاية وعلة اخرى أن فيها نورا مركبا فلا يجوزأن يستقبل ولا دبر إذا كانت من آيات الله ، وفيها نور من نور الله.

ولايستقبل الريح لعلتين إحداهما أن الريح يردالبول ، فيصيب الثوب وربما لم يعلم الرجل ذلك ، أولم يجد ما يغسله ، والعلة الثانية أن مع الريح

____________________

(١) توحيد المفضل المطبوع في البحار ج ٣ ص ٧٦ من طبعتنا هذه وقال المؤلف في بيانه : ألفى أى وجد ، وقوله «منصبا» اما من الانصباب كناية عن التدلى أو من باب التفعيل من النصب قال الفيروز آبادى : نصب الشئ وضعه ورفعه ضد ، كنصبه فانتصب وتنصب.

(٢) أسرى : ١٢.

١٩٤

ملكا فلا يستقبل بالعورة.

ولايتوضأ على شط نهر جار ، والعلة في ذلك أن في الانهار سكانا من الملائكة.

ولا في ماء راكد ، والعلة فيه أنه ينجسه ويقذره ، فيأخذ المحتاج منه فيتوضأ منه ، ويصلي به ولا يعلم ، أو يشربه أو يغتسل به.

ولا بين القبور ، والعلة فيه أن المؤمنين يزورون قبروهم فيتأذون به.

ولا في فيئ النزال لانه ربما نزله الناس في ظلمة الليل فيظلوافيه ويصيبهم ولايعلموا.

ولافي أفنية المساجد أربعون ذراعا في أربعين ذراعا لانهاحرم ولها حريم ، لقول الصادق عليه‌السلام : حريم المساجد أربعون ذراعا في أربعين ذراعا.

ولا تحت شجرة مثمرة لقول الصادق عليه‌السلام ما من ثمرة ولا شجرة ولا غرسة إلا ومعها ملك يسبح الله ويقدسه ويهلله فلا يجوز ذلك لعلة الملك الموكل بها ولئلا يستخف بما أحل الله.

ولا على الثمار لهذه العلة.

ولا على جواد الطريق والعلة فيه أنه ربما وطئه الناس في ظلمة الليل.

ولا في بيت يصلي فيه ، والعلة فيه أن الملائكة لايدخلون ذلك البيت ، فهذه حدود الاستنجاء وعللها.

٥٤ ـ فلاح السائل : باسناده ، عن هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله عليه عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريابن شيبان ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا دخلت إلى المخرج وأنت تريد الغائط فقل «بسم الله وبالله أعوذ بالله من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم» (١).

٥٥ ـ جنة الامان : رأيت في بعض كتب أصحابنا أن رجلا جاء إلى النبي

____________________

(١) فلاح السائل ص ٤٩.

١٩٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله وشكى إليه الشدة والعسر والحزن في جميع الاحوال ، و كثرة الهموم ، وتعسر الرزق ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعلك تستعمل ميراث الهموم؟ فقال : وما ميراث الهموم؟ قال : لعلك تتعمم من قعود ، أو تتسرول من قيام ، أو تقلم أظفارك بسنك ، أو تمسح وجهك بذيلك ، أو تبول في ماء راكد ، أو تنام منبطحا على وجهك الخبر (١).

٥٦ ـ مجموع الدعوات : لابن التلعكبري في حديث عن الصادق عليه‌السلام في نقش الحديد الصيني قال : واحذر عليه من النجاسة والزهومة ، ودخول الحمام والخلاء الخبر.

____________________

(١) أخرجه المؤلف العلامة في ج ٧٦ ص ٣٢٣ ، راجعه.

١٩٦

٣

* (باب) *

* (آداب الاستنجاء والاستبراء) *

١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من نقش على خاتمه اسم الله عزوجل فليحوله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضأ.

وقال عليه‌السلام : الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير (١).

بيان : يفهم منه جواز استصحاب الخاتم في الخلاء ، وإنما يلزم تحويله عند الاستنجاء عن اليد التي يستنجي بها ، ويدل بعض الاخبار على المنع من الاستصحاب مطلقا وهو أحوط ، والتحويل مع عدم التلوث على الاستحباب كما هو المشهور ، ومعه على الوجوب ، بل يكفر فاعله لو فعله بقصد الاهانة ، والحق باسم الله أسماء الانبياء والائمة إذا كتب بقصد اسمهم ، لعموم ما يدل على لزوم تعظيمهم عليهم‌السلام.

٢ ـ الخصال : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن مصعب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : جرت في البراء بن معرور الانصاري ثلاث من السنن أما اولاهن فان الناس كانوا يستنجون بالاحجار فأكل البراء بن معرور الدبا فلان طبعه ، فاستنجى بالماء ، فأنزل الله عزوجل فيه «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» (٢)

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

(٢) البقرة : ٢٢٢.

١٩٧

فجرت السنة في الاستنجاء بالماء ، فلما حضرته الوفاة كان غائبا عن المدينة فأمر أن يحول وجهه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوصى بالثلث من ماله ، فنزل الكتاب بالقبلة وجرت السنة بالثلث (١).

٣ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان الناس يستنجون بثلاثة أحجار ، لانهم كانوا يأكلون البسر ، فكانوا يبعرون بعرا ، فأكل رجل من الانصار الدبا فلان بطنه ، فاستنجى بالماء فبعث إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال : فجاء الرجل وهو خائف أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه في استنجائه بالماء ، فقال له : عملت في يومك هذا شيئا؟ فقال : نعم يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إني والله ما حملني على الاستنجاء بالماء إلا أني أكلت طعاما فلان بطني ، فلم تغن عني الحجارة شيئا فاستنجيت بالماء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هنيئا لك ، فان الله عزوجل قد أنزل فيك آية فأبشر «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» فكنت أول من صنع هذا ، أول التوابين وأول المتطهرين (٢).

تفسير العياشى : عن أبي خديجة مثله (٣).

ايضاح : قال والدي قدس الله روحه : ذكر التوابين مع المتطهرين في هذا المقام يمكن أن يكون لاظهار شرف التطهير كأنه تعالى يقول : إني احب المتطهرين كما احب التوابين ، فان محبة الله للتوابين بمنزلة لا يمكن وصفها ويمكن أن يكون حصلت له توبة أيضا في ذلك اليوم مع التطهر ، ويمكن أن يكون بالمعنى اللغوي أي الرجوع ، فانه لما رجع عن الاكتفاء بالاحجار إلى ضم الماء

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٩٠.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٧١.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ١٠٩ و ١١٠.

١٩٨

أو إلى التبديل بالماء لله تعالى فكأنه رجع إليه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أول التوابين» أي في هذا الفعل أو مطلقا وتكون الاولية بحسب الكمال والشرف ، أو بالنسبة إلى الانصار أو في ذلك اليوم ، والاول أظهر.

٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبعض نسائه : مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن ، وفانه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير (١).

بيان : قال الشهيد رفع الله درجته في الاربعين : الحواشي جمع حاشية ، وهي الجانب أي مطهرة لجوانب المخرج ، والمطهرة بفتح الميم وكسرها والفتح أولى موضوعة في الاصل للادواة وجمعها مطاهر ، ويراد بها المطهرة أي المزيلة للنجاسة ، مثل السواك مطهرة للفم أي مزيلة لدنس الفم.

والبواسير جمع باسور وهي علة تحدث في المقعدة وفي الانف أيضا والمراد ههنا هوالاول ، والمعنى أنه يذهب البواسير.

واستدل به الشيخ أبوجعفر على وجوب الاستنجاء ، ويمكن تقرير الدلالة من وجهين : الاول أن الامر بالامر أمر عند بعض الاصوليين ، والامر للوجوب ، وفيهما كلام في الاصول ، الثاني من قوله «مطهرة» فقد قلنا إن المراد بها المزيلة للنجاسة وإزالة النجاسة واجبة فيكون الاستنجاء واجبا.

ثم إذا وجب الاستنجاء على النساء وجب على الرجال لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حكمي على الواحد حكمي على الجماعة (٢) ولعدم فصل السلف بين المسئلتين انتهى.

أقول : يرد على الوجه الثاني أنه إذا ثبت وجوب الازالة فلا حاجة إلى هذا الخبر ، وإلا فلايتم ، إذ غاية ما يظهر منه أن الماء مطهر ، وأما أن التطهير

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧١.

(٢) راجع ج ٢ ص ٤٧٢ من هذه الطبعة.

١٩٩

واجب فلا ، وعلى تقدير التسليم ، إنما يتم إذا ثبت الانحصار وهو ممنوع فتأمل.

٥ ـ تفسير على بن ابراهيم : قوله تعالى : «وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بماكانوا يصنعون» (١) قال : نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له : الثرثار ، وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير (٢) وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون : هو ألين ، لنا فكفروا بأنعم الله ، واستخفوا بنعمة الله ، فحبس الله عليهم الثرثار ، فجدبوا أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به ، حتى كانوا يتقاسمون عليه (٣).

بيان : «يتقاسمون عليه» أي يحلفون أو يقسمون أو يقرعون عليه في القاموس تقاسما تحالفا ، والمال اقتسماه بينهم.

٦ ـ العيون (٤) والمجالس : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن الحسن بن أبي العقبة ، عن الحسين بن خالد قال : قلت للرضا عليه‌السلام : الرجل يستنجى وخاتمه في أصبعه ، ونقشه «لا إله إلا الله» فقال : أكره ذلك له ، فقلت : جعلت فداك أوليس كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و كل واحد من آبائك يفعل ذلك ، وخاتمه في أصبعه؟ قال : بلى ، ولكن اولئك يتختمون في اليد اليمنى ، فاتقوا الله وانظروا لانفسكم (٥).

مكارم الاخلاق : من كتاب اللباس للعياشي ، عن الحسين بن خالد مثله بتغيير قد أوردناه في أبواب الخواتيم (٦).

____________________

(١) النحل : ١١٢.

(٢) فبطروا حتى كانوا خ ل.

(٣) تفسير القمى ص ٣٦٦.

(٤) عيون الاخبارج ٢ ص ٥٥.

(٥) أمالى الصدوق ص ٢٧٣.

(٦) مكارم الاخلاق ص ١٠٣ ، ومن راجع ج ٧٩ كتاب الزى والتجمل عرف أن أبواب الخواتيم من البحار لم يصل الينا.

٢٠٠