بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٧ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف ، وعليه الخاتم فيه ذكر الله أو الشئ من القرآن ، أيصلح ذلك؟ قال : لا (١).

ومنه : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان نقش خاتم أبي محمد بن علي عليه‌السلام «العزة لله جميعا» كان في يساره يستنجي بها ، وكان نقش خاتم علي عليه‌السلام «الملك لله» وكان في يده اليسرى يستنجي بها (٢).

بيان : الظاهرأنه محمول على التقية ، كما حمله الشيخ في التهذيب (٣) وقال : لان روايه عامى متروك العمل بما يختص بروايته ، ثم قال : على أن ما قدمناه من آداب الطهارة وليس من واجباتها.

أقول : ويؤيد الحمل على التقية أنهم عليهم‌السلام كانوا لا يتختمون بغير اليمين إلا في التقية ، وذكروا أنه من علامات المؤمنين.

٨ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البول قائما من غير علة من الجفاء ، والاستنجاء باليمين من الجفاء (٤).

٩ ـ ثواب الاعمال : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عذاب القبرمن البول (٥).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٢١ ط حجر.

(٢) قرب الاسناد ص ٧٢ ط حجر.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١٠ ط حجر وص ٣٢ ط نجف.

(٤) الخصال : ج ١ ص ٢٨ ، وقد مر في الباب السابق.

(٥) ثواب الاعمال ص ٢٠٥ ، وفيه «ان جل عذاب القبر» كما مر في الباب السابق تحت الرقم ٢٤ منه ومن المحاسن.

٢٠١

١٠ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عمرو بن شمر قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إني لالعق أصابعي من المآدم حتى أخاف أن يرى خادمي أن ذلك من جشع ، وليس ذلك كذلك ، إن قوما افرغت عليهم النعمة وهم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجائا فجعلوا ينجون به صبيانهم جتى اجتمع من ذلك جبل.

قال : فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا الله لا تغير ما بكم من نعمة ، فقالت : كأنك تخوفنا بالجوع؟ أما مادام ثرثارنا يجري فانا لا نخاف الجوع ، قال : فأسف الله عزوجل وضعف لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الارض ، قال : فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوا ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل ، فان كان ليقسم بينهم بالميزان (١).

ايضاح : قال الجوهري : الجشع محركة أشد الحرص وأسوؤه ، قوله : «هجائا» كذا فيما رأينا من نسخ الكافي (٢) والمحاسن ، وفي القاموس ، هجأ جوعه كمنع هجأ وهجوءا سكن وذهب ، والطعام أكله ، وبطنه ملاه وهجي كفرح التهب جوعه ، والهجأة كهمزة الاحمق انتهى فيحتمل أن يكون بالتشديد صفة للخبزأي صالحا لرفع الجوع أو أن يكون بالتخفيف مصدرا أي فعلوا ذلك حمقا وسفاهة ، ولا يبعد أن يكون تصحيف هجانا أي خيارا جيادا كما روي عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام «هذا جناي وهجانه فيه» (٣).

____________________

(١) المحاسن ص ٥٨٦.

(٢) الكافى ج ٦ ص ٣٠١ ، راجعه.

(٣) وحكى عن الطريحى أنه ضبط كلمة «هجائا» منجاء ، وجعله اسم آلة من نجا ينجو ، وجعل قوله «ينجون» به صبيانهم «تفسيرا لذلك ، وعندى أن كلها حسن وليس به ، والصحيح أنه مصحف« هجأنا » والهجان جمع الهجين : الذى لم يدرك ولم يبلغ بعد كالهاجنة للصبية تزوج قبل بلوغها ، والنخلة تحمل صغيرة ، فوصف الخبز بالهجان يفيد

٢٠٢

قوله : ينجون لعله على بناء التفعيل بمعني السلب ، نحو قولهم : قردت البعير أي أزلت قراده ، وقال في القاموس : الثرثار نهر أوواد كبير بين سنجار وتكريت وقال : الاسف محركة شدة الحزن ، أسف كفرح وعليه غضب.

قوله عليه‌السلام : «وضعف لهم الثرثار» أي جعله ضعيفا والمشهور في هذا المعنى الاضعاف لا التضعيف ، ويمكن أن يقرأ على بناء المجرد أو على بناء التفعيل بمعنى التكثير أي زاد في الماء وذهب ببركة السماء ، ليعلموا أن الرزق ليس بالماء ، بل بفضل رب السماء ، ولعله أظهر ، ويدل الخبر على عدم جواز الاستنجاء بالخبز وظاهر المنتهى الاجماع على تحريم الاستنجاء بمطلق المطعوم ، لكنه في التذكرة احتمل الكراهة والعجب أنهم استدلوا بوجوه ضعيفة ، ولم يستدلوا بهذه الاخبار ، ويمكن أن يستدل في أكثرها بالاسراف أيضا.

١١ ـ المحاسن : عن محمد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن عمرو بن شمرقال : قال قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إني لالعق أصابعي حتى أرى أن خادمي سيقول : ما أشره مولاي؟ ثم قال : تدري لم ذاك؟ فقلت : لا ، فقال : إن قوما كانوا على نهر الثرثار فكانوا قد جعلوا من طعامهم شبه السبائك ينجون به صبيانهم فمر رجل متوكئ على عصا فاذا امرأة أخذت سبيكة من تلك السبائك تنجي بها صبيها ، فقال لها : اتقي الله فان هذا لا يحل ، فقالت : كأنك تهد دني بالفقر أما ما جرى الثرثار فاني لا أخاف الفقر.

____________________

أنها اخرجت من التنور قبل أن تخبز كاملا بحيث تكون لينة ، كما مر في خبر على بن ابراهيم تحت الرقم ٥ «أنهم» كانوا يستنجون بالعجين ويقولون هو ألين لنا « ويحتمل ان يكون مصحفا عن العجان وعجان أيضا جمع عجين ، كما وقع في هذا التفسير ، لكن العجين اليابس غير لين ، الا اذا كان المراد ما اختبز لا باشتداد.

ومن المحقق أنهم كانوا يخبزون تلك العجان أو الهجان شبه الانملة الكبيرة رأسها ، ولذلك وقع التعبير عنها بالتماثيل كما سيجئ عن العياشى تحت الرقم ١٦ ، أو بالسبائك جمع السبيكة كما يأتى بعد هذا الحديث.

٢٠٣

قال : فأجرى الله الثرثار أضعف ما كان عليه ، وحبس عنهم بركة السماء ، فاحتاجوا إلى الذي كانوا ينجون به صبيانهم ، فقسموه بينهم بالوزن قال : ثم إن الله عزوجل رحمهم فرد عليهم ماكانوا عليه (١).

١٢ ـ ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي عيينة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن قوما وسع عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا إلى النقي فصنعوا منه كهيئة الافهار في مذاهبهم (٢) فأخذهم الله بالسنين فعمدوا إلى أطعمتهم ، فجعلوها في الخزائن فبعث الله على ما في خزائنهم ما أفسد حتى احتاجوا إلى ما كانوا يستنظفون به في مذاهبهم ، فجعلوا يغسلونه و يأكلونه (٣).

بيان : النقي بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء هو الخبز المعمول من لباب الدقيق ، قال : في النهاية فيه يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي يعني الخبز الحواري ، وهو الذي نخل مرة بعد مرة ، وقال : الفهر الحجر ، ملء الكف ، وقيل هو الحجر مطلقا وفي القاموس الفهر بالكسر الحجر قدر ما يدق به الجوز أو ما يملؤ به الكف ، والجمع أفهار وفهور ، وقال : المذهب المتوضأ.

١٣ ـ تفسير العياشى : عن جميل قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان الناس يستنجون بالحجار والكرسف ثم أحدث الوضوء ، وهو خلق حسن فأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنزل الله في كتابه «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» (٤).

____________________

(١) المحاسن ص ٥٨٧.

(٢) المذاهب جمع مذهب بمعنى الكنيف والمتوضأ ومنه قولهم «مثل مذهبكم وقذره مثل مذهبكم وقدره».

(٣) المحاسن : ص ٥٨٨ في حديث.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ١٠٩.

٢٠٤

١٤ ـ ومنه : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : «فيه رجال يحبون أن يتطهروا» (١) قال : الذين يحبون أن يتطهروا نظف الوضوء ، وهو الاستنجاء بالماء ، قال : قال : نزلت هذه الاية في أهل قبا (٢).

وفي رواية ابن سنان عنه عليه‌السلام قال : قلت له : ما ذلك الطهر؟ قال : نظف الوضوء ، إذا خرج أحدهم من الغائط ، فمدحهم الله بتطهرهم (٣).

بيان : الحجار بالكسر أحد جموع الحجر ، والمراد بالوضوء في المواضع الاستنجاء.

١٥ ـ السرائر : نقلا من كتاب حريز قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجل بال ولم يكن معه ماء ، فقال : يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات ، وينتر طرفه ، فان خرج بعد ذلك شئ فليس عليه شئ من البول ، ولكنه من الحبائل (٤).

تبيين أقول : روى في الكافي (٥) هذا الحديث عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عنه عليه‌السلام وفيه فليس من البول.

والخبر يحتمل وجوها الاول أن يكون المراد بالطرف في الموضعين الذكر وفي الحديث نقي الطرفين ، وفسر بالذكر واللسان ، وقال الجوهري : قال ابن الاعرابي : قولهم : لا يدري أي طرفيه أطول؟ طرفاه لسانه وذكره ، فيكون إشارة إلى عصرين العصر من المقعدة إلى الذكر ، ونتر أصل الذكر ، لكن لا يدل على تثليث الاخير ، ولا يبعد أن يكون التثليث على الفضل والاستحباب.

الثاني أن يكون المراد بالطرف في الموضعين الجانب ، ويكون الضميران راجعين إلى الذكر أي يعصر من المقعدة إلى رأس الذكر فيكون العصران داخلين فيه ، والمراد بالاخير عصر رأس الذكر ، فيدل على العصرات الثلاث التي ذكرها الاصحاب.

____________________

(١) براءة : ١٠٨. (٢ و ٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ١١٢.

(٤) السرائر : ٤٧٢ ، والمراد بالحبائل حبائل الشيطان ليؤذى ويوسوس.

٢٠٥

الثالث أن يكون المراد بالاول عصر الذكر ، وبالثاني عصر رأس الذكر [ ويضعف الاخيرين أن النترهو الجذب بقوة لا مطلق العصر وهو لا يناسب عصر راس الذكر ] (١) مع أنه لا يظهرمن سائر الاخبار هذا العصر ، قال في النهاية : فيه إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات : النتر جذب فيه جفوة وقوة انتهى.

ثم اعلم أن الشيخ روى هذا الخبر (٢) نقلا من الكافي (٣) وفيه يعصر أصل ذكره إلى ذكره ويروى عن بعض مشايخنا رحمهم‌الله أنه قرأ ذكره بضم الذال وسكون الكاف وفسره بطرف الذكر لينطبق على الوجه الثاني من الوجوه المذكورة ، و يخدشه أن اللغويين قالوا : ذكرة السيف حدته وصرامته ، والظاهر منه أن المراد به المعنى المصدري لا الناتي من طرفه.

وبقي ههنا إشكال آخر وهو أنه ما الفائدة في التقييد بعدم وجدان الماء.

والجواب أنه مجرب بأنه مع عدم الاستنجاء بالماء يتوهم خروج البول ساعة بعد ساعة بل يكون خروجه دريرة البول أكثر كما ذكر العلامة في المنتهى أن الاستنجاء بالماء يقطع دريرة البول.

ففايدة الاستبراء هنا أنه إن خرج بعده شئ أو توهم خروجه لا يضره ذلك أما من حيث النجاسة فلانه غير واجد للماء ، وأما من حيث الحدث فانه لا يحتاج إلى تجديد التيمم ولا قطع الصلاة ، وقيل : يحتمل أن يكون وجه التخصيص أن يكون الراوي عالما بأنه مع وجدان الماء إذ استبرأ وغسل المحل فلا بأس بما يخرج بعد ذلك ، ولكنه لم يعلم الحال في حال العدم ولا يخفى مافيه.

وقال في الحبل المتين : الحبائل يراد بها عروق في الظهر ولم نجده في كتب اللغة نعم قال في القاموس : الحبل عرق في الظهر ، وقال : الحبال في الذكر عروقه ، وكأنه جمع الحبل على غير القياس.

____________________

(١) مابين العلامتين ساقط عن الكمبانى.

(٢) الكافى ج ٣ ص ١٩.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٩ ط حجر وص ٢٨ ط نجف.

٢٠٦

١٦ ـ تفسير العياشى : عن حفص بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن قوما كانوا في بني إسرائيل يؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل مدرة كانت في بلادهم ، يستنجون بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا إلى التمائيل يتبعونها ويأكلونها ، وهو قول الله (١) «ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون» (٢).

١٧ ـ ومنه : عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد أوسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدنا إلى شئ من هذه النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة ، قال : فلما فعلوا ذلك ، بعث الله على أرضهم دواب أصغر من الجراد ، فلم يدع لهم شيئا خلقه الله إلا أكله من شجر أو غيره فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا إلى الذي كانوا يستنجون به فأكلوه ، وهي القرية التي قال الله : «ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة» إلى قوله «بما كانوا يصنعون» (٣).

١٨ ـ السرائر : من كتاب المشيخة لمحمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل ذكر وهو في صلاته أنه لم يستنج من الخلاء ، قال : نعم ، ينصرف ويستنجي من الخلاء ، ويعيد الصلاة ، وإن ذكره وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك ولا إعادة عليه.

قال محمد بن إدريس : الواجب عليه الاعادة على كل حال ، لانه عالم بالنجاسة ونسيها (٤).

____________________

(١) النحل : ١١٢.

(٢ و ٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٧٣

(٤) السرائر : ٤٧٧.

٢٠٧

ومن الكتاب المذكور : عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن الحكم بن مسكين ، عن سماعة قال : قلت لابي الحسن موسى عليه‌السلام : إني أبول ثم أتمسح بالاحجار فيجئ مني البلل ما يفسد سراويلي ، قال : ليس به بأس (١).

١٩ ـ الهداية : إذا أراد الاستنجاء مسح بأصبعه من عند المقعدة إلى الانثيين ثلاث مرات ، فاذا صب الماء على يده للاستنجاء فليقل «الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا» ويبدأ بذكره ويصب عليه من الماء مثلي ما عليه من البول يصبه مرتين ، هذا أدنى ما يجزي ثم يستنجي من الغائط ويغسل حتى ينقى ماثم ، ولا يجوز للرجل أن يستنجي بيمينه إلا إذا كانت بيساره علة ، ولا يجوز له أن يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله ، فان دخل وهو عليه فليحو له عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء (٢).

٢٠ ـ العلل : عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل ابن مرار ، عن يونس بن عبدالرحمان ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت أن تستنجي ، وذكرت بعد ما صليت ، فعليك الاعادة ، فان كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت ، فعليك إعادة الوضوء والصلاة ، وغسل ذكرك لان البول مثل البراز (٣).

ايضاح قوله عليه‌السلام : «مثل البراز» أي في إعادة الصلاة ، وإن اختلفا في إعادة الوضوء ، والاظهر أنه «ليس مثل البراز» كما في أكثر نسخ التهذيب (٤) والكافي (٥)

____________________

(١) السرائر : ٤٧٧

(٢) الهداية : ١٦.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٦٧.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٤ ط حجر وص ٥٠ ط نجف.

(٥) الكافى ج ٣ ص ١٩.

٢٠٨

وقرأ الشيخ حسين بن عبدالصمد مثل البران بالنون وقال : إناء يوضع فيه الماء أي مثله في أنه لا يطهر إلا بالماء ولا يخفى مافيه.

وأما إعادة الوضوء مع ترك استنجاء البول ، ناسيا فقد حمله الشيخ على الاستحباب ، والمشهور عدم وجوب الاعادة ، ويظهر من الصدوق الوجوب.

وأما إعادة الصلاة فالمشهور في ناسي استنجاء البول والغايط الاعادة في الوقت وخارجه ، والاخبار مختلفة فيهما ، وقال في المختلف : المشهور أن من ترك الاستنجاء ناسيا حتى صلى أعاد صلاته في الوقت وخارجه ، وقال ابن الجنيد : إذا ترك غسل البول ناسيا تجب الاعادة في الوقت ويستحب بعده ، وقال ابن بابويه : من صلى وذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره ، فعليه أن يغسل ذكره ويعيد الوضوء والصلاة ، ومن نسي أن يستنجي من الغايط حتى صلى لم يعد الصلاة انتهى.

والذي يقوى عندي في نسيان الاستنجاء من البول ما هو المشهور ، ومن الغائط ما ذهب إليه الصدوق ـ رحمه‌الله ـ والاحتياط ظاهر.

٢١ ـ السرائر : من جامع البزنطي قال : سألته عن البول يصيب الجسد قال : صب عليه الماء مرتين ، فانما هو ماء (١).

٢٢ ـ نوادر الراوندى : عن عبدالواحد بن إسماعيل الروياني ، عن محمد بن الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بال فليضع أصبعه الوسطى في أصل العجان ثم ليسلها ثلاثا (٢).

وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الاستنجاء باليمين من

____________________

(١) السرائر ص ٤٦٥.

(٢) نوادر الراوندى ص ٣٩.

٢٠٩

الجفاء (١).

وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد كيف ننزل عليكم وأنتم لا تستاكون ولا تستنجون بالماء ، ولا تغسلون براجمكم (٢).

وبهذا الاسناد قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا بال نتر ذكره ثلاث مرات (٣).

بيان : قال في النهاية : «العجان» الدبر ، وقيل : ما بين القبل والدبر وفي القاموس العجان ككتاب الاست ، والقضيب الممدود من الخصية إلى الدبر ، وفي النهاية فيه : من الفطرة غسل البراجم هي العقد التي في ظهور الاصابع يجتمع فيه الوسخ الواحدة برجمة.

٢٣ ـ دعوات الراوندى : روى ابن عباس أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث : ثلث للغيبة ، وثلث للنميمة ، وثلث للبول.

٢٤ ـ مجالس الصدوق : في خبر مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يستنجي الرجل بالروث والرمة (٤).

بيان : قال في النهاية : في حديث الاستنجاء أنه نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الاستنجاء بالروث والرمة ، والرميم العظم البالى ، ويجوز أن يكون الرمة جمع الميم ، وفي القاموس الرمة بالكسر العظام البالية ، والمشهور عدم جواز الاستنجاء بالعظم والروث ، فظاهر المنتهى أنه إجماعي لكنه في التذكرة احتمل الكراهة ، والاشهر أنه لو استنجى بهما يطهر المحل به ، وقيل بعدم الاجزاء ، والاول أقوى.

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ٤٠.

(٢) المصدر نفسه ص ٤٠.

(٣) نوادر الراوندى ص ٥٤.

(٤) أمالى الصدوق ص ٢٥٤ ، ورواه في الفقيه ج ٤ ص ٣.

٢١٠

٢٥ ـ دعائم الاسلام : نهوا عن الاستنجاء بالعظام والبعر ، وكل طعام وأنه لا بأس بالاستنجاء بالحجارة والخرق والقطن وأشباه ذلك (١).

وعن الصادق عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : لا يكون الاستنجاء إلا من غائط أو بول أو جنابة ، وليس من الريح استنجاء (٢).

وعن علي عليه‌السلام قال : الاستنجاء بالماء في كتاب الله وهو قوله «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» (٣) وهو خلق كريم (٤).

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٥.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٦ ، وفيه «أو جنابة أو مما يخرج غير الريح فليس من الريح استنجاء واجب».

(٣) البقرة : ٢٢٢.

(٤) المصدر نفسه ، وفيه : الاستنجاء بالماء بعد الحجارة في كتاب الله ».

٢١١

أبواب الوضوء

١

* (باب) *

* (ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل استاك أو تخلل فخرج من فمه الدم أينقض ذلك الوضوء؟ قال : لا ، ولكن يتمضمض (١).

قال : وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يستدخل الدواء ويصلي وهو معه ، وهل ينقض الوضوء؟ قال : لا ينقض الوضوء ، ولا يصلي حتى يطرحه (٢).

بيان : يدل على عدم نقض خروج الدم للوضوء ، ولا خلاف فيه بيننا ، وعلى عدم نقض الحقنة إدخالا وإخراجا إذ ظاهر الخبر عدم النقض بالاخير أيضا كما لا يخفى على المتأمل ، ولا خلاف فيه أيضا إلا من ابن الجنيد فانه ذهب إلى أن الحقنة من النواقض ، والظاهر أن مراده خروجها.

٢ ـ قرب الاسناد : بالسند المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يقطع راس الثألول أو بعض جرحه في الصلاة؟

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٣ ط حجر ، وص ١٠٨ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ٨٨ ط حجر وص ١١٥ ط نجف.

٢١٢

قال : إن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعل ، وإن فعل فقد نقض من ذلك الصلاة ولا ينقض الوضوء (١).

قال : وسألته عن رجل كان في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم ، هل ينقض ذلك وضوءه؟ فقال : لاينقض الوضوء ، ولكنه يقطع الصلاة (٢).

٣ ـ ومنه ومن كتاب المسائل : باسنادهما عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت ، ولا يجد ريحها ولا يسمع صوتها ، قال : يعيد الوضوء والصلاة ، ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا (٣).

قال : وسألته عن رجل وجد ريحا في بطنه فوضع يده على أنفه ، وخرج من المسجد متعمدا حتى أخرج الريح من بطنه ، ثم عاد إلى المسجد فصلى ، ولم يتوضأ هل يجزيه ذلك؟ قال : لا يجزيه حتى يتوضأو لا يعتد بشئ مما صلى (٤).

بيان : يدل الجواب الاول على أن الريح ناقضة ، وإن لم يجد ريحها ولم يسمع صوتها كما هو ظاهر الاصحاب ، ويعارضه بعض الروايات مثل مارواه الشيخ في الصحيح (٥) عن معاوية بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الشيطان بنفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه أنه قد خرج منه ريح ، ولا ينقض وضوءه إلا ريح يسمعها أو يجد ريحها وروى مثله (٦) عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله عنه عليه‌السلام والاولى حملهما على الشك كما سيأتي في فقه الرضا عليه‌السلام.

____________________

(١ و ٢) قرب الاسناد ص ٨٨ ط حجر ص ١٥٥ ط نجف وفيه ، أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه قال (ع) : ان لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس وان تخوف الخ.

(٣ و ٤) قرب الاسناد ص ١٢١ ط نجف وص ٩٢ ط حجر ، المسائل ج ١٠ ص ٢٨٤ من بحار الانوار.

(٥ و ٦) التهذيب ج ١ ص ٩٩ ط حجر ، الكافى ج ٣ ص ٣٦.

٢١٣

ثم الظاهر أن الريح محمولة على ما إذا خرجت من الموضع المعتاد ، وأما الريح الخارج من الذكر فقد نسب إلى بعض الاصحاب القول بالنقص وهو ضعيف وذهب المحقق والعلامة إلى نقص الريح الخارجة من قبل المرأة ، وعدم النقض أقوى لما عرفت.

٤ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن سماعة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير المرادي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الحجامة والقئ كل دم سائل فقال : ليس فيه وضوء ، إنما الوضوء مما خرج من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك.

قال الصدوق ـ ره ـ : يعني من بول أو غايط أو ريح أومني (١).

توضيح : يحتمل أن يكون المراد صنف المخاطب من الذكورأو نوعه ليشتمل الاناث أيضا ، وعلى التقديرين الحصر إضافي بالنسبة إلى مايخرج من الانسان ، أو ما تعده العامة ناقضا وليس بناقض ، بقرينة السؤال ، فلا يرد النقض بالنوم وأشباهه (٢) وفي إلحاق الصدوق ـ رحمه‌الله ـ المني إذ ليس فيه الوضوء ، ولعله حمل «إنما الوضوء» على أن المعنى إنما نقض الوضوء ، ولا يخفى مافيه.

٥ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا خالط النوم القلب وجب الوضوء (٣).

٧ ـ ومنه : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان ومحمد ابن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصائغ وعلي بن

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٩.

(٢) بل النوم أمارة حصول الناقض وليس هو بناقض.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٦٥.

٢١٤

عبدالله الوراق كلهم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق عليه‌السلام قال : لا ينقض الوضوء إلا البول والريح والنوم والغائط والجنابة (١).

٧ ـ العيون : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام فيما كتب للمأمون من شرائع الدين قال : لا ينقض الوضوء إلا غايط أو بول أو ريح أو نوم أو جنابة (٢).

بيان : لعل المراد في الخبرين حصر نواقض الذكر فيماذكر ، وظاهرهما عدم انتقاض الوضوء بالاغماء ونحوه مما يزيل العقل ، لكن أكثر الاصحاب نقلوا الاجماع على كونها ناقضة (٣) قال في المنتهى : كل ما غلب على العقل من إغماء أو جنون أو سكر أو غيره ناقض لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم انتهى ، وما استدلوا به من النصوص فهي غير دالة على مطلوبهم ، فالعمدة الاجماع إن ثبت ، وأما مس الميت فلم يثبت كونه ناقضا للوضوء ولا كون الغسل منه شرطا في شئ من العبادات فلا حاجة إلى جعل الحصر إضافيا.

٨ ـ العيون : عن جعفر بن نعيم بن شاذان ، عن عمه ، عن محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان ، عن ابن بزيع ، عن الرضا عليه‌السلام قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : لا ينقض الوضوء إلا ماخرج من طرفيك اللذين جعلهما الله لك ، أو قال : اللذين أنعم الله بهما عليك (٤).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥١.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٣.

(٣) أقول : الاغماء والجنون والسكر كالنوم يوجب استرخاء وكاء السنة ، و كلها أمارة فطرية على نقض الوضوء بالريح ، لا أنها نواقض في عرض ما يخرج من الاسفلين ولذلك لم تذكر في كتاب الله عزوجل في عداد النواقض.

(٤) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٨ في حديث.

٢١٥

ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن القئ والرعاف و المدة والدم أينقض الوضوء؟ قال : لا ، لا ينقض شيئا (١).

٩ ـ وعنه عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل عن زكريا بن آدم قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الناسور فقال : إنما ينقض الوضوء ثلاث : البول والغائط والريح (٢).

بيان : الناسور علة في المآقي ، وعلة في حوالي المقعدة ، وعلة في اللثة ، ذكرها الفيروز آبادي.

١٠ ـ العلل : للصدوق : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن اورمة ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وعبدالرحمن بن أبي نجران معا عن مثنى الحناط ، عن منصور ابن حازم ، عن سعيد بن أحمد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : توضأوا مما يخرج منكم ، ولا تتوضأوا مما يدخل ، فانه يدخل طيبا ويخرج خبيثا (٣).

ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ابن فضال ، عن عبدالله بن بكير ، عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن المذي قال : ماهو والنخامة إلاسواء (٤).

ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن بريد قال : سألت أحدهما عليه‌السلام عن المذي فقال : لا ينقض الوضوء ، ولا يغسل منه ثوب ولا جسد ، إنما

____________________

(١ ـ ٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٢.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٧ و ٢٦٨.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٢٨٠.

٢١٦

هوبمنزلة البصاق والمخاط (١).

ومنه : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن سال من ذكرك شئ من مذي أووذي وأنت في الصلاة ، فلا تقطع الصلاة ، ولا تنقض له الوضوء ، وإن بلغ عقبك ، إنما ذلك بمنزة النخامة ، وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فانه من الحبايل أو من البواسير ، فليس بشئ فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره (٢).

ومنه : بالاسناد المتقدم ، عن حريز قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المذي يسيل حتى يبلغ الفخذ ، قال : لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه ، لانه لم يخرج من مخرج المني إنما هوبمنزلة النخامة (٣).

بيان : ما دلت عليه الاخبار السالفة من عدم انتقاض الوضوء بالقئ والرعاف والمدة والدم ، مما لا خلاف فيه ظاهرا بين الاصحاب ، وأما ما يخرج من الاحليل غير المني والبول فهي ثلاثة : المذي والودى بالدال المهملة والوذي بالذال المعجمة.

فأما المذي فهو ما يخرج عقيب الملاعبة والتقبيل كما في الصحاح والقاموس والمشهور عدم انتقاض الوضوء به مطلقا ، وابن الجنيد قال بنقضه إذا خرج عقيب شهوة ، وقد يشعر كلام الشيخ في التهذيب بنقضه إذا كان كثيرا خارجا عن المعتاد قاله على سبيل الاحتمال للجمع بين الاخبار ، والاظهر ما ذهب إليه الاكثر و ما ذهب إليه ابن الجنيد فلا نعرف له معنى ، إذا الظاهر من كلام أهل اللغة وغيرهم لزوم كون المذي عقيب شهوة.

ويؤيده مارواه الشيخ باسناده عن ابن رباط ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي ـ عبدالله عليه‌السلام قال : يخرج من الا حليل المني والمذي والودي والوذي أما المني فهو الذي تسترخي له العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل ، وأما المذي يخرج من الشهوة ولا شئ فيه ـ.

____________________

(١ ـ ٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٩.

٢١٧

وأما الودي فهو الذي يخرج بعد البول ، وأما الوذي فهو الذي يخرج من الادواء ولا شئ فيه. (١) فالتفصيل الذي قال به لا يطابق كلام اللغويين ولا صريح الخبر.

وأما الودي بالمهملة فهو ماء ثخين يخرج عقيب البول واتفق أصحابنا على عدم النقض به ، وأما الوذي بالمعجمة فلم يذكر فيما عندنا من كتب اللغة معنى مناسب له ، وقد مر تفسيره في الخبر ، والادواء جمع الداء ، ولعل المعنى مايخرج بسبب الامراض ، وفي بعض نسخ الاستبصار (٢) الاوداج ولعل المراد به مطلق العروق ، وإن كان في الاصل لعرق في العنق ، وقال الصدوق في الفقيه : الوذي مايخرج من عقيب المني. وعلى التقادير عدم الانتقاض به معلوم للحصر المستفاد من الاخبار السالفة ، وغيرها ، ومن كلام الاصحاب.

١١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : لا تغسل ثوبك إلا مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء ، ولا تجب عليك إعادة إلا من بول أومني أوغائط أوريح تستيقنها فان شككت في ريح أنها خرجت منك أم لم تخرج ، فلا تنقض من أجلها الوضوء إلا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها ، وإن استيقنت أنها خرجت منك فأعد الوضوء سمعت وقعها أم لم تسمع ، شممت ريحها أم لم تشم.

ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين ، ولا ينقض القئ والقلس و الرعاف والحجامة والدماميل والقروح وضوءا ، وان احتقنت أو حملت الشياف فليس عليك إعادة الوضوء ، فان خرج منك مما احتقنت أو احتملت من الشياف وكانت بالثفل فعليك الاستنجاء والوضوء ، وإن لم يكن فيهاثفل فلا استنجاء عليك ولا وضوء ، وإن خرج منك حب القرع وكان فيه ثفل فاستنج وتوضأ ، وإن لم يكن فيه ثفل فلا وضوء عليك ولا استنجاء.

وكل ما خرج من قبلك ودبرك من دم أوقيح أو صديد وغير ذلك فلا

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٧ ط حجر ص ٢٠ ط نجف.

(٢) الاستبصارج ١ ص ٤٧.

٢١٨

وضوء عليك ولا استنجاء ، إلا أن يخرج منك بول أو غايط أوريح أومني ، ولا بأس أن تصلي بوضوء واحد صلوات الليل والنهار ، ما لم تحدث (١).

وإن كنت أهرقت الماء فتوضأت ونسيت أن تستنجى حتى فرغت من صلاتك ثم ذكرت فعليك أن تستنجى ثم تعيد الوضوء والصلاة (٢).

وليس عليك وضوء من مس الفرج ، ولا من مس القرد والكلب والخنزير ولا من مس الذكر ، ولا من مس مايؤكل من الزهومات وضوء عليك (٣).

توضيح : قال الجوهري : قال الخليل : القلس ماخرج من الحق ملء الفم أودونه وليس بقئ ، فان عاد فهوالقئ والمشهور بين الاصحاب عدم انتقاض الوضوء بمس الفرج ظاهره وباطنه ، وبالتقبيل مطلقا.

وقال ابن الجنيد ـ على مانقل عنه : من قبل بشهوة للجماع ولذة في المحرم نقض الطهارة والاحتياط إذا كانت في محلل إعادة الوضوء ، وقال أيضا : من مس ما انضم عليه الثقبتان نقض وضوء ، ومس ظهر الفرج من الغير إذا كان بشهوة فيه الطهارة واجبة في المحلل والمحرم احتياطا ، ومس باطن الفرجين من الغير ناقض للطهارة من المحلل والمحرم.

وقال الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في الفقيه : إن مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة ، وان فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة (٤) والاظهر عدم نقض شئ من ذلك ، والاخبار الدالة على نقضها محمولة على التقية (٥) وبعضهم حملوها على الاستحباب.

____________________

(١) فقه الرضا ص ١.

(٢ و ٣) فقه الرضا ص ٣.

(٤) راجع الفقيه ج ١ ص ٣٩.

(٥) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٣ و ٩٩ ط حجر وص ٤٥ و ٣٤٨ ط نجف

٢١٩

وقال الجوهري : الزهم بالضم الشحم ، والزهمة الريح المنتنة ، والزهم بالتحريك مصدر قولك زهمت يدي بالكسر من الزهومة فهي زهمة أي دسمة.

١٢ ـ تفسير العياشى : عن أبي مريم قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده حتى ينتهى إلى المسجد ، فان من عندنا يزعمون أنها الملامسة ، فقال : لا والله ، مابذاك بأس ، وربما فعلته ، وما يعني بهذا أي «لامستم النساء» (١) إلا المواقعة دون الفرج (٢).

بيان : الضمير في قوله عليه‌السلام : «ربما فعلته» عايد إلى اللمس المدلول عليه بالملامسة ، مع أن في المصدر اتساعا في ذلك ، قوله : «أي لا مستم» في بعض النسخ «أو لا مستم» كما في التهذيب (٣) فهو في محل جر بالبدلية من اسم الاشارة ، قوله عليه‌السلام : «دون الفرج» أي عند الفرج ، بقرينة أن في التهذيب في الفرج.

١٣ ـ العياشى : عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اللمس الجماع (٤).

[ ومنه : عن الحلبي عنه عليه‌السلام قال : هو الجماع ] ولكن الله ستيريحب الستر ، فلم يسم كما تسمون (٥).

____________________

باسناده عن عمار بن موسى عن أبى عبدالله (ع) قال : سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال : نقض وضوءه وان مس باطن احليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وان كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة ، وان فتح احليله أعاد الوضوء وأعاد الصلاة.

أقول : لعل وجه النقض أن باطن الدبر والاحليل متلطخ بالخبث الناقض ، ولا فرق بين خروجه إلى البراز وبين ابرازه باليد ، فمن فتح دبره أو احليله باليد فقد أبرز إلى الخارج ما هناك من الخبث الناقض فيجب عليه اعادة الوضوء.

(١) السناء : ٤٣ ، المائدة : ٦.

(٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٤٣.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٧ ط حجر.

(٤ و ٥) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٤٣ وما بين العلامتين ساقط من الكمبانى.

٢٢٠