بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

[ مفظعات ] النيران «وفيه بعد قوله : « فيما يرضيك عني «ياذا الجلال والاكرام».

وفي التهذيب (١) كما في المتن إلا أن فيه : بذكراك ، وفي الفقيه (٢) «بسم الله وبالله ، والحمد لله» وفيه «بذكرك وشكرك» وفيه «لا تعطني كتابي بيساري ولاتجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك ربي من مقطعات النيران» وفي بعض النسخ «النار» وفي التهذيب «اللهم ثبتني على الصراط» وفي الكافي (٣) «الحمد الله الذي» بدون التسمية ، وفيه «وحرمها على النار» وفيه «ممن يشم ريحها و طيبها وريحانها» وفيه دعاء المضمضة هكذا «اللهم أنطق لساني بذكرك ، واجعلني ممن ترضى عنه» وفي دعاء غسل اليمنى «اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد بيساري» بدون التتمة ، والباقي موافق للمتن.

قوله عليه‌السلام : «بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام» أصل بينا فاشبعت الفتحة وقفا فصارت ألفا يقال : بينا وبينما ، ثم اجري الوصل مجرى الوقف ، وابقيت الالف المشبعة وصلا مثلها وقفا ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجات ، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ، ومبتدأ وخبر ، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والافصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذ وإذا ، وقد جاء في الجواب كثيرا تقول : بينا زيد جالس دخل عليه عمرو ، وإذ دخل عليه وإذا دخل عليه ، على ما ذكره الجوهري لكن دخول إذفي كلامه عليه‌السلام على تقدير صحة الخبر وضبطه يدل على كونه أفصح.

و «بينا» هنا مضاف إلى جملة مابعده ، وهي «أميرالمؤمنين جالس» و اقحم بين جزئي الجملة الظرف المتعلق بالخبر ، وقدم عليه توسعا.

وأما كلمة «ذات» فقد قال الشيخ الرضي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في شرح الكافية : وأما ذا وذات وما تصرف منهما ، إذا اضيقت إلى المقصود بالنسبة فتأويلها قريب من التأويل المذكور ، إذ معنى «جئت ذاصباح» أي وقتا صاحب هذا الاسم فذامن

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٥ ط حجر ص ٥٣ ط نجف.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٢٦ و ٢٧.

(٣) الكافى ج ٣ ص ٧٠ و ٧١.

٣٢١

الاسماء الستة ، وهو صفة موصوف محذوف ، وكذا «جئته ذات يوم» أي مدة صاحبة هذا الاسم ، واختصاص ذا بالبعض وذات بالبعض الاخر يحتاج إلى سماع.

وأما ذا صبوح وذاغبوق ، فليس من هذا الباب ، لان الصبوح والغبوق ليسا زمانين ، بل ما يشرب فيهما ، فالمعنى جئت زمانا صاحب هذا الشراب ، فلم يضف المسمى إلى اسمه انتهى.

وقيل : إن ذاوذات في أمثال هذه المقامات مقحمة بلا ضرورة داعية إليها بحيث يفيدان معنى غير حاصل قبل زيادتهما مثل كاد في قوله تعالى : «وما كادوا يفعلون» (١) والاسم في «بسم الله» على بعض الاقوال.

وظرف المكان المتأخر أعني «مع» متعلق بجالس أيضا واختلف في إذا الفجائية هذه هل هي ظرف مكان أو ظرف زمان أو غيرهما ، فذهب المبرد إلى الاول والزجاج إلى الثاني ، وبعض إلى أنها حرف بمعنى المفاجاة ، أو حرف زائد وعلى القول بأنها ظرف مكان قال ابن جني : عاملها الفعل الذي بعدها ، لانها غير مضافة إليه ، وعامل بينا وبينما محذوف يفسره الفعل المذكور ، فمعنى الفقرة المذكورة في الحديث : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بين أوقات جلوسه يوما من الايام مع محمد ابن الحنفية ، وكان ذلك القول في مكان جلوسه وقال : شلوبين إذ مضافة إلى الجملة ، فلا يعمل فيها الفعل ، ولا في بينا وبينما ، لان المضاف إليه لا يعمل في مضاف ، ولا فيما قبله ، وإنما عاملها محذوف يدل عليه الكلام وإذ بدل من كل منهما ، ويرجع الحاصل إلى ما ذكرنا على قول ابن جني ، وقيل : العامل مايلي بين ، بناء على أنها مكفوفة عن الاضافة إليه ، كما يعمل تالي اسم الشرط فيه ، والحاصل حينئذ : أمير المؤمنين عليه‌السلام جالس مع محمد بين أوقات يوم من الايام في مكان قوله : يامحمد الخ ، وقيل «بين» خبر لمبتدء محذوف وهو المصدر المسبوك من الجملة الواقعة بعد إذ ، والمآل حينئذ أن بين أوقات جلوسه عليه‌السلام مع ابنه

____________________

(١) البقرة : ٧١.

٣٢٢

قوله يا محمد إلى آخره ، ثم حذف المبتدأ مدلولا عليه بقوله قال يا محمد الخ وعلى قول الزجاج وهو كون إذا ظرف زمان يكون مبتدأ مخرجا عن الظرفية ، خبره بينا وبينما ، فالمعنى حنيئذ وقت قول أمير المؤمنين عليه‌السلام حاصل بين أوقات جلوسه يوما من الايام مع محمد ابن الحنفية.

قول ائتني يدل على أن طلب إحضار الماء ليس من الاستعانة المكروهة ، وقال الجوهري : كفأت الاناء كببته وقلبته فهو مفكوء ، وزعم ابن الاعرابي إلى أن أكفأته لغة انتهى ، ويظهر من الخبر أن أكفأته لغة فصيحة إن صح الضبط وفي الكافي فصبه.

قوله عليه‌السلام «بيده اليمنى» كذا في النسخ الفقيه والكافي وبعض النسخ التهذيب وفي أكثرها بيده اليسرى على يده اليمنى ، وعلى كلتا النسختين الاكفاء إما للاستنجاء أو لغسل اليد قبل إدخالها الاناء ، والاول أظهر ، ويؤيده استحباب الاستنجاء باليسرى على نسخة الاصل ، وعلى الاخرى يمكن أن يقال : الظاهر أن الاستنجاء باليسرى إنما يتحقق بأن تباشر اليسرى العورة وأما الصب فلابد أن يكون باليمني في استنجاء الغايط ، وأما في استنجاء البول ، فان لم تباشر اليد العورة فلا يبعد كون الافضل الصب باليسار ، وإن باشرتها ، فالظاهر أن الصب باليمين أولى.

قوله عليه‌السلام «بسم الله» أي أستعين أو أتبرك باسمه تعالى «طهورا» أي مطهرا كما يناسب المقام ، ولان التأسيس أولى من التأكيد على بعض الوجوه «ولم يجعل نجسا» أي متأثرا من النجاسة أو بمعناه ، فانه لو كان نجسا لم يمكن استعماله في إزالة النجاسة ، ولعل كلمة ثم في المواضع منسلخة عن معنى التراخي كما قيل في قوله تعالى : «ثم أنشأناه خلقا آخر» (١).

والمضمضة تحريك الماء في الفم كما ذكره الجوهري ، والتلقين التفهيم وهوسؤال منه تعالى أن يلهمهم في يوم لقائه ما يصير سببا لفكاك رقابهم من النار

____________________

(١) المؤمنون : ١٤.

٣٢٣

كما قال سبحانه «يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها» (١) وقرئ بتخفيف النون من التلقي كما قال تعالى : «ولقاهم نضرة وسرورا» (٢) والاول أظهر وإن كان في الاخير لطف.

ويوم اللقاء إما يوم القيامة والحساب ، أو يوم الدفن والسؤال أو يوم الموت وفي الاخير بعد ، ويحتمل الاعم وإطلاق اللسان إما عبارة عن التوفيق للذكر مطلقا أو عدم اعتقاله عند معاينة ملك الموت وأعوانه ، والاول أعم وأظهر ، و يدل الخبر على استحباب تقديم المضمضة على الاستنشاق ، وتأخير دعاء كل منهما عنه كما هو المشهور في الكل ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز تأخير المضمضة عن الاستنشاق ، وقال في الذكرى : هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعية التأخير أما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة ، وأما الفعل فالظاهر لا ، انتهى والاستنشاق اجتذاب الماء بالانف وأما الاستنثار فلعله مستحب آخر ، ولا يبعد كونه داخلا في الاستنشاق عرفا.

ويشم بفتح الشين من باب علم ، ويظهر من الفيروز آبادي أنه يجوز الضم ، فيكون من باب نصر ، والريح الرائحة ، وقال الجوهري : الروح نسيم الريح ويقال أيضا : يوم روح أي طيب ، و «روح وريحان» (٣) أي رحمة ورزق وأول الدعاء استعاذة من أن يكون من أهل النار ، فانهم لا يشمون ريح الجنة حقيقة ولا مجازا.

وبياض الوجه وسواده إما كنايتان عن بهجة السرور والفرح ، وكآبة الخوف والخجلة ، أو المراد بهما حقيقة السواد والبياض ، وفسر بالوجهين قوله تعالى : «يوم تبيض وجوه وتسود وجوه» (٤) ويمكن أن يقرء قوله : تبيض وتسود

____________________

(١) النحل : ١١١.

(٢) الانسان : ١١.

(٣) الواقعة : ٨٩.

(٤) آل عمران : ١٠٦.

٣٢٤

على مضارع الغائب من باب الافعلال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية ، وأن يقرء بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني رفع الله درجته والاول هو المضبوط في كتب الدعاء ، المسموع عن المشايخ الاجلاء.

ثم الظاهر أن التكرير للالحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في الدعاء ، فانه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن يكون الثانية تأسيسا على التنزل فان ابيضاض الوجوه تنور فيها زايدا على الحالة الطبيعية ، فكأنه يقول إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولاتسودها.

والكتاب كتاب الحسنات ، وإعطاؤه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة ، كما قال تعالى : «فأما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا و ينقلب إلى أهله مسرورا» (١) وقوله عليه‌السلام : «والخلد في الجنان بيساري» يحتمل وجوها : الاول أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لاعطني كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بأيمانهم ، وبراءة الخلد في الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه.

والثاني أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كماقال تعالى : «وسنيسره لليسرى» (٢) فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة ، من غير أن يتقدمه عذاب النار وأهوال يوم القيامة ، أو سهولة الاعمال الموجبة له.

الثالث أن يراد باليسار مقابل الاعسار أي اليسار بالطاعات أي أعطني الخلد في الجنان بكثرة طاعاتي ، فالباء للسببية ، فيكون في الكلام إيهام التناسب ، وهو الجمع بين المعنيين المتباينين بلفظين لهما معنيان متناسبان كما قيل في قوله تعالى :

____________________

(١) الانشقاق : ٩.

(٢) الليل ٧.

٣٢٥

«والشمس والقمر بحسبان * والنجم والشجر يسجدان» (١) فان المراد بالنجم ما ينجم من الارض ، أى يظهر ولاساق له كالبقول ، وبالشجر ماله ساق فالنجم بهذا المعنى وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر ، لكنه بمعنى الكواكب يناسبهما وهذا الوجه مع لطفه لايخلو من بعد.

الرابع أن الباء للسببية أي أعطني الخلد بسبب غسل يساري ، وعلى هذا فالباء في قوله بيميني أيضا للسببية ، ولا يخفى بعده ، لا سيما في اليمين ، لان إعطاء الكتاب مطلقا ضروري وإنما المطلوب الاعطاء باليمين الذي هو علامة الفائزين ، وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه في قوله : «وحاسبني حسابا يسيرا» لم يطلب دخول الجنة بغير حساب ، هضما لمقامه واعترافا بتقصيره ، عن الوصول إلى هذا القدر من القرب ، لانه مقام الاصفياء بل طلب سهولة الحساب تفضلا من الله تعالى وعفوا عن المناقشة بما يستحقه ، وتحرير الحساب بماهو أهله وفيه مع ذلك اعتراف بحقية الحساب ، مضافا إلى الاعتراف بأخذ الكتاب ، وذلك بعض أحوال يوم الحساب.

وقوله عليه‌السلام : «اللهم لاتعطني كتابي بشمالي» إشارة إلى قوله سبحانه : «فأما من اوتي كتابه بشماله فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا» (٢) وقوله : «ولا من وراء ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي» إشارة إلى ماروي من أن المجرمين يعطى كتابهم من وراء ظهورهم بشمائلهم ، حال كونها مغلولة إلى أعناقهم.

وقال الجزري : المقطع من الثياب كل مايفصل ويخاط من قميص و غيره ، ومالا يقطع منه كالازر والاردية ، وقيل : المقطعات لا واحد لها فلا يقال للجبة القصيرة مقطعة ولا للقميص مقطع ، وإنما يقال لجملة الثياب القصار : مقطعات ، والواحد ثوب انتهى ، وهذه إشارة إلى قوله تعالى : « قطعت لهم ثياب من

____________________

(١) الرحمن : ٥.

(٢) الانشقاق : ١١.

٣٢٦

نار » (١) فاما أن تكون جبه وقميصا حقيقة من النار ، كالرصاص والحديد أو تكون كناية عن لصوق النار بهم كالجبة والقميص ، ولعل السرفى كون ثياب النار مقطعات أو التشبيه بها ، كونها أشد اشتمالا على البدن من غيرها ، فالعذاب بها أشد.

وفي بعض النسخ «مفظعات» بالفاء والظاء المعجمة ، جمع المفظعة بكسر الظاء من فظع الامر بالضم فظاعة ، فهو فظيع ، أي شديد شنيع ، وهو تصحيف ، والاول موافق للاية الكريمة حيث يقول : «فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار».

والتغشية : التغطية ، والبركة : النماء والزيادة ، وقال في النهاية في قولهم : وبارك على محمد وآل محمد أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، و هو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة و الاصل الاول انتهى ، ولعل الرحمة بالنعم الاخروية أخص كما أن البركة بالدنيوية أنسب ، كما يفهم من موارد استعمالهما ، ويحتمل التعميم فيهما.

وقال الوالد قدس‌سره : يمكن أن يكون الرحمة عبارة عن نعيم الجنة وما يوصل إليها ، والبركات عن نعم الدنيا الظاهرة والباطنة ، من التوفيقات للاعمال الصالحة والعفو ، والخلاص من غضب الله وما يؤدي إليه.

قوله : «من كل قطرة» أي بسببها أو من عملها ، بناء على تجسم الاعمال والتسبيح والتقديس مترادفان بمعنى التنزيه ، ويمكن تخصيص التقديس بالذات والتسبيح بالصفات ، والتكبير بالافعال وقوله عليه‌السلام «إلى يوم القيمة» إما متعلق بيكتب ، أو يخلق أو بهما أو بالافعال الثلاثة على التنازع.

وإنما أطنبنا الكلام في تلك الرواية لكثرة رجوع الناس إليها ، وكثرة جدواها واشتهارها وتكررها في الاصول.

١٣ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام أنه قال : ما من مسلم يتوضأ فيقول

____________________

(١) الحج : ١٩.

٣٢٧

عند وضوئه : «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين» إلا كتب في رق وختم عليها ثم وضعت تحت العرش حتى تدفع إليه بخاتمها يوم القيامة (١).

وعن جعفربن محمد أنه قال : إذا أردت الوضوء فقل : «بسم الله على ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

١٤ ـ اختيار السيد بن الباقى والبلد الامين : روي أن من قرأ بعد إسباغ الوضوء إناء أنزلنا في ليلة القدر ، وقال : « اللهم إني أسئلك تمام الوضوء ، وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك ، وتمام مغفرتك » لم تمر بذنب قد أذنبه إلا محته (٣).

١٥ ـ الاختيار : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام لابي ذر : إذا نزل بك أمرعظيم في دين أو دنيا ، فتوضأ وارفع يديك وقل : يا الله سبع مرات فانه يستجاب لك.

١٦ ـ كتاب جعفر ابن محمد بن شريح : عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس ثوبا وكل شئ يصنع ، ينبغي أن يسمي عليه ، فان هو لم يفعل كان الشيطان فيه شريكا.

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٥.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٦.

(٣) البلد الامين ص ٣.

٣٢٨

٦

* (باب) *

* (التولية والاستعانة والتمندل) *

١ ـ مجالس الصدوق : عن الحسين بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده يحيى بن الحسن بن جعفر ، عن عبدالله بن محمد ، عن عبدالرزاق قال : جعلت جارية لعلي بن الحسين بن عليه‌السلام تسكب الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة ، فسقط الابريق من يد الجارية على وجهه فشجه ، فرفع علي بن الحسين عليه‌السلام رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله عزوجل يقول : «والكاظمين الغيظ» (١) فقال : قد كظمت غيظي قالت : «والعافين عن الناس» قال لها «قدعفى الله عنك ، قالت : « والله يحب المحسنين » قال : اذهبي فأنت حرة (٢).

بيان : صب الماء عليه إما للضرورة ، أو لبيان الجواز.

٢ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلتان (٣) لا احب أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي فانه من صلاتي ، وصدقتي فانها من يدي إلى يد السائل ، فانها تقع في يد الرحمن (٤).

العياشى : عن السكوني مثله (٥).

____________________

(١) آل عمران : ١٣٤.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٢١.

(٣) خصلتان خ ل.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٨.

(٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٠٨.

٣٢٩

٣ ـ العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن شهاب بن عبد ربه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء قال : لا احب أن اشرك في صلاتي أحدا (١).

المقنع : مرسلا مثله (٢).

٤ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن معلى ، عن إبراهيم بن محمد بن حمران ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من توضأ وتمندل كتبت له حسنة ، ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضؤوه كتبت له ثلاثون حسنة (٣).

٥ ـ المحاسن : عن إبراهيم بن محمد الثقفي مثله (٤).

٦ ـ ومنه : عن أبيه عمن ذكره ، عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا ـ عبدالله عليه‌السلام عن التمندل بعد الوضوء ، فقال : كان لعلي عليه‌السلام خرقة في المسجد ليست إلا للوجه يتمندل بها (٥).

ومنه : عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٦).

٧ ـ ومنه : بهذا الاسناد قال : كانت لعلي عليه‌السلام خرقة يعلقها في مسجد بيته لوجهه إذا توضأ يتمندل بها (٧).

٨ ـ ومنه : عن الحسن بن علي الوشا ، عن محمد بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان لامير المؤمنين عليه‌السلام خرقة يمسح بها وجهه إذاتوضأ للصلاة ثم يعلقها على وتد لا يمسها غيره (٨).

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٤.

(٢) المقنع ص ٢ ط حجر.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٧.

(٤ ـ ٨) المحاسن ص ٤٢٩.

٣٣٠

٩ ـ ومنه : عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله عليه الصلاة والسلام عن الرجل يمسح وجهه بالمنديل قال : لابأس به (١).

توضيح : ذهب الشيخ وجماعة من الاصحاب إلى كراهية التمندل بعد الوضوء ، ونقل عن ظاهر المرتضى عدم الكراهة وهو أحد قولي الشيخ ثم اختلفوا فقال بعضهم : هو المسح بالمنديل ، فلا يلحق به غيره وبعضهم عبر عنه بمسح الاعضاء ، وجعله بعضهم شاملا للمسح بالمنديل والذيل دون الكم ، وبعضهم ألحق به التجفيف بالشمس والنار وهو ضعيف.

والذي يظهر لي أنه لما اشتهربين بعض العامة كأبي حنيفة وجماعة منهم نجاسة غسالة الوضوء ، وكانوا يعدون لذلك منديلا يجففون به أعضاء الوضوء ويغسلون المنديل ، فلذا نهوا عن ذلك ، وكانوا يتمسحون بأثوابهم ردا عليهم ، كما روي عن مروان بن مسلم (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : توضأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ، ثم قال : يا إسماعيل افعل هكذا ، فاني هكذا أفعل (٣).

فيمكن حمل تلك الاخبار على التقية أو أنه لم يكن بقصد الاجتناب عن الغسالة أو أنه كان لبيان الجواز.

١٠ ـ الخرايج للراوندى : عن الحسن بن سعيد ، عن عبدالعزيز ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام أنه قال له : ضع لي ماء أتوضأ به الحديث (٤).

____________________

(١) المحاسن ص ٤٢٩.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٠١ ط حجر.

(٣) والذى عندى أن الغسل في الوضوء لطرد الشياطين عن الوجه واليدين والمبالغة في طردهم بالتسمية لقوله تعالى : «واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا» فعلى هذا الاولى أن لا يتمندل حذرا من أن يعلق بيده الشياطين التى توطن في المنديل وان كان مأمونامن ذلك فلا بأس به.

(٤) الخرائج ص ٢٣٤.

٣٣١

١١ ـ ارشاد المفيد : قال : دخل الرضا عليه‌السلام يوما والمأمون يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء ، فقال : لاتشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا فصرف المأمون الغلام وتولى تمام الوضوء بنفسه (١).

٦

* (باب) *

* (سنن الوضوء وآدابه من غسل اليد) *

* (والمضمضة والاستنشاق وما ينبغى) *

* (من المياه وغيرها) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن المضمضة والاستنشاق ، قال : ليس بواجب ، وإن تركهما لم يعدلهما صلاة (٢).

قال : وسألته عن الرجل يتوضأفي الكنيف بالماء يدخل يده فيه أيتوضأ من فضله للصلاة؟ قال : إذا أدخل يده وهي نظيفة فلا بأس ، ولست احب أن يتعود ذلك إلا أن يغسل يده قبل ذلك (٣).

أقول : قد مضى في باب علل الوضوء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إذا تمضمض نورالله قلبه ولسانه بالحكمة ، فاذا استنشق آمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنة (٤).

٢ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن

____________________

(١) ارشاد المفيد ص ٢٩٥.

(٢ ـ ٣) قرب الاسناد ص ٨٣ ط حجر ص ١٠٩ ط نجف.

(٤) راجع ص ٢٢٩ فيما سبق.

٣٣٢

أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن عبدالكريم بن عتبة قال : سألته عن الرجل يستيقظ من نومه ولم يبل يدخل يده في الاناء قبل أن يغسلها قال : لا ، لانه لا يدرى أين باتت يده فيغسلها (١).

بيان : هذا الخبر رواه المخالفون بأسانيد عن أبي هريرة (٢) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي بعض رواياتهم حتى يغسلهما ثلاثا ، وقال في شرح السنة بعد إيراد الخبر : فلو غمس يده في الاناء ولم يعلم بها نجاسة يكره ، ولايفسد الماء عند أكثر أهل العلم.

وقال أحمد : إذا قام من نوم الليل يجب غسل اليدين لانه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لايدري أين باتت ، والبيتوتة عمل الليل ، ولانه لا ينكشف بالنهار كتكشفه بالليل و لايتوهم وقوع يده على موضع النجاسة بالنهارما يتوهم بالليل ، وقال إسحاق : يجب غسل اليدين سواء قام من نوم الليل أو من نوم النهار ، قال : وفيه إشارة إلى أن الاخذ بالوثيقة والاحتياط في العبادة أولى ، وفيه دليل على الفرق بين

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٧.

(٢) رواه في مشكاة المصابيح ص ٤٥ ، وقال متفق عليه ، وفى بعض الحواشى عليه : روى النووى عن الشافعى وغيره : أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة ، وبلادهم حارة ، فاذا ناموا عرقوا ، فلا يؤمن أن تطوف يده على موضع النجاسة أوعلى بثرة أو قملة والنهى عن الغمس قبل غسل اليد مجمع عليه ، لكن الجماهير على أنه نهى تنزيه لا تحريم فلو غمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس.

وفى شرح السنة : علق النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله غسل اليدين بالامر الموهوم ، وما علق بالموهوم لا يكون واجبا ، فأصل الماء واليدين على الطهارة ، فحمل الاكثرون هذا الحديث على الاحتياط ، وذهب الحسن البصرى والامام أحمد في احدى الروايتين إلى الظاهر ، وأوجب الغسل وحكم بنجاسة الماء ، كذا نقله الطيبى.

وقال الشمنى عن عروة بن الزبير وأحمد بن حنبل وداود أنه يجب على المستيقظ من نوم الليل غسل اليدين لظاهر الحديث ، ولنا أن النوم ان كان حدثا كالبول ، وان كان سببا للحدث فهو كالمباشرة وكل ذلك لا يوجب غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء عندهم.

٣٣٣

ورود النجاسة على الماء القليل ، وورود الماء على النجاسة.

٣ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : المضمضة والاستنشاق سنة ، وطهور للفم والانف (١).

٤ ـ مجالس ابن الشيخ : بالسند المتقدم فيما كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى محمد بن أبي بكر : وانظر إلى الوضوء فانه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث مرات ، واستنشق ثلاثا ، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ، ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك ، فاني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصنع ذلك واعلم أن الوضوء نصف الايمان (٢)

بيان : قد مر أن هذاسند تثليث المضمضة والاستنشاق ، لكن رأيت في كتاب الغارات هذا الخبر ، وفيه تثليث غسل ساير الاعضاء أيضا ، وهذا مما يضعف الاحتجاج.

٥ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عمن أخبره ، عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام أنهما قالا : المضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء لانهما من الجوف (٣).

بيان : يدل على ما ذهب إليه ابن أبي عقيل من أن المضمضة والاستنشاق ليسا بفرض ولا سنة والمعروف بين الاصحاب استحبابهما ، واول بأنهما ليسا من فرايض الوضوء ، ويمكن أن يكون المراد أنهما ليسامن الاجزاء المسنونة بل من السنن المتقدمة على الوضوء كالسواك.

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٩.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧١

٣٣٤

٦ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن أبي محمد الفحام ، عن عمه عمرو بن يحيى ، عن كافور الخادم قال : قال لي الامام علي بن محمد : اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لاتطهر منه للصلاة ، وأنفذني في حاجة ، وقال : إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة ، واستلقى عليه‌السلام لينام ، وانسيت ما قال لي وكانت ليلة باردة.

فحسست به وقد قال إلى الصلاة وذكرت أنني لم أترك السطل فبعدت عن الموضع خوفا من لومه ، وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء ، فناداني نداء مغضب فقلت : إنا لله أيش عذري أن أقول : نسيت مثل هذا. ولم أجد بدأمن إجابته ، فجئت مرعوبا فقال : يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر إلا بماء بارد فسخنت لي ماء وتركته في السطل؟

فقلت : والله يا سيدي ما تركت السطل ولا الماء ، قال : الحمدلله ، والله لا تركنا رخصة ، ولا رددنا منحة ، الحمد لله الذي جعلناه من أهل طاعته ووفقنا للعون على عبادته ، إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : إن الله يغضب على من لا يقبل رخصه (١).

٧ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضأوا به ولا تغسلوا ولاتعجنوا ، فانه يورث البرص (٥).

ايضاح : يدل على ماهو المشهور من كراهة استعمال الماء المسخن بالشمس في الامور المذكورة بل نقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه ، في الجملة ، لكن اشترط في الحكم القصد إلى ذلك وصرح بالتعميم في المبسوط وأطلق في النهاية كما هو ظاهر هذه الرواية ، وكذا أكثر الاصحاب ، واحتمل العلامة في النهاية اشتراط

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠٣ و ٣٠٤.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٦٦.

٣٣٥

كونه في الاواني المنطبعة غير الذهب والفضة واتفاقه في البلاد المفرطة الحرارة ثم احتمل التعميم وهو أظهر.

وظاهرهذا الخبرعدم الفرق بين أن يكون في الانية وغيرها في حوض أو نهر أو ساقية ، لكن العلامة في النهاية والتذكرة حكى الاجماع على نفي الكراهة في غير الانية ، وهل يشترط القلة في الماء؟ وجهان ، واختلف الاصحاب فيه.

وألحق بعضهم بالطهارة ساير الاستعمالات ، واقتصر في الذكرى على استعماله في الطهارة والعجين ، وفاقا للصدوق ، وهو حسن اقتصارا على مورد النص و احتمل في التذكرة بقاء الكراهة لوزال التشميس ، وتبعه الشهيد وجماعة والظاهر اختصاص الكراهة بالاختيار ، وأما القول بالكراهة فلوجود المعارض.

وليس معنى كونه مورثا للبرص أنه يحصل بمجرد استعمال واحد ، ولا يتخلف حتى يستدل به على التحريم ، بل الظاهر أن المراد به أن مداومته مظنة ذلك ، والله يعلم.

٨ ـ ثواب الاعمال (١) والعلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن إسماعيل بن همام ، عن محمد بن سعيد بن غزوان ، عن السكوني ، عن ابن جريح ، عن عطا ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لاترى نار جهنم (٢).

المقنع : مرسلا مثله (٣).

٩ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء ، لعلها لاترى نارا حامية (٤).

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٧.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٦٦.

(٣) المقنع ص ٣.

(٤) نوادر الراوندى ص ٣٩.

٣٣٦

دعائم الاسلام : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (١).

بيان : قال في الدورس : يستحب فتح العين عند الوضوء ، وذهب إليه الصدوق والشيخ في الخلاف ادعى الاجماع منا على عدم وجوبه ولا استحبابه وظاهر الاصحاب أن مرادهم مجرد فتحها استظهارا لغسل نواحيها لا مع غسلها أيضا لانه مضرة عظيمة كادت أن تكون حراما ، وروي أن ابن عمر كان يفعله فعمي لذلك (٢) لكن ظاهر الخبر الثاني استحباب إيصال الماء إلى داخل العين ، ويمكن حمله على مايصل أحيانا عندالفتح إليه لا المبالغة في ذلك ، أوالمراد غسل الاشفار ولا يبعد حمل الخبرين على التقية لكون الاول عاميا ، والثاني غير صحيح السند ، ونسبة القول باستحبابه إلى الشافعي ، ويمكن حمل الخبر الاول على المجاز ، أي بالغوافي إيصال الماء إلى أجزاء الاعضاء.

٩ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعدبن عبدالله ، عن معاوية بن حكيم ، عن

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٠.

(٢) روى أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قبل أن يتوضأ يستاك ثم يتمضمض ثم يستنشق وليس فيها أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله فتح أجفان عينه وأشرب داخل العين ، ولعله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بعض العامة كما رأيت كثيرا من الناس يغمضون أجفافهم ويشدون عليها بحيث تغيب أشفار هم تحت أسرة الاجفان ، فلا يجرى الماء عند ارساله من أعلى الجبهة إلى الاشفار ومنبتها ، ولا تصل اليها اليد عندمسحها عن الغسالة ، فأمر بأن يفتحوا أسرة الاجفان والا فداخل العين أنظف من أن يغسل بالماء :

خلق الله فيهاغددا تنفجر منها الطهور تغسل العين حينا فحينا عن الادناس وتذهب برجز الشيطان وتدفع غسالتها إلى قناة معدة في المآقى تجرى إلى الانف ، ولولا هذا الطهور وقناة الغسالة لاتى الشيطان على العين وجلائها وصحتها.

على أن مقتضى الفطرة أن لا يصل إلى داخل العين شئ من المواد الخارجية ماء كان أو غبارا ، ولذلك ينطبق الاجفان بالطبع من دون ارادة عند هجوم شئ عليها ، و هذا دليل على ان رش باطنها واشرابها فعل مرغوب عنه ، ولذلك يوجب الفساد وخروج المدة والقيح عنها ، كما ابتليت به وقتاما.

٣٣٧

عبدالله بن المغيرة ، عن رجل ، أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا توضأ الرجل فليصفق وجهه بالماء ، فانه إن كان ناعسا فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع فلم يجد البرد (١).

أقول : قد مر في باب صفة الوضوء ، عن موسى بن جعفر عليه‌السلام أنه قال : لا تلطم وجهك بالماء لطما (٢) ومر وجه الجمع بينهما وأنه ذهب والد الصدوق رحمهما الله إلى استحباب التصفيق لهذا الخبر.

١٠ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق ، فانه غفران لكم ومنفره للشيطان (٣).

١١ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : عليك بالسواك لكل وضوء (٤) مكارم الاخلاق : مرسلا مثله (٥)

١٢ ـ المحاسن : عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن محمد بن مروان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : عليك بالسواك لكل صلاة (٦).

ومنه : عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن الصنعاني رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام في وصيته : عليك بالسواك عند كل وضوء ، وقال بعضهم :

____________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢٦٦.

(٢) راجع ص ٢٥٨ فيماسبق.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٨ و ١٩.

(٤) المحاسن ص ١٧ في حديث.

(٥) مكارم الاخلاق ص ٥٣.

(٦) المحاسن ص ٥٦١.

٣٣٨

لكل صلاة (١).

ومنه : عن أبيه ، عن صفوان ، عن معلى بن عثمان ، عن معلى بن خنيس قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن السواك بعد الوضوء؟ فقال : الاستياك قبل أن يتوضأ ، قلت : أرأيت إن نسي حتى يتوضأ؟ قال : يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات (٢).

بيان : يشكل الاستدلال به على استحباب تثليث المضمضة مطلقا.

١٣ ـ المحاسن : عن جعفر بن محمد ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إذا توضأ الرجل وسوك ثم قام فصلى وضع الملك فاه على فيه ، فلم يلفظ شيئا إلا التقمه ، وزاد بعضهم : فان لم يستك قام الملك جانبا يستمع إلى قراءته (٣).

بهذا الاسناد عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك (٤)

مكارم الاخلاق : عن الباقر والصادق عليهما‌السلام مثله (٥).

١٤ ـ المحاسن : عن الحسن بن علي بن فضال ، عن غالب ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : صلاة ركعتين بسواك أفضل من أربع ركعات بغير سواك (٦).

١٥ ـ المكارم : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا بميانكم (٧)

١٦ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق عليه‌السلام : إن أردت الطهارة والوضوء

____________________

(١ ـ ٤) المحاسن ص ٥٦١.

(٥) مكارم الاخلاق ص ٥٣.

(٦) المحاسن ص ٥٦٢. (٧) مكارم الاخلاق ١١٧.

٣٣٩

فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله ، فان الله قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ، ودليلا إلى بساط خدمته ، فكما أن رحمته تطهر ذنوب العباد ، كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء ، لاغير ، قال الله عزوجل : «وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا» (١) وقال عزوجل : «وجعلنا من الماء كل شئ حي» (٢) وكما أحيابه كل شئ من نعيم الدنيا كذلك برحمته وفضله جعله حياة القلوب والطاعات.

وتفكر في صفاء الماء ورقته وطهوره وبركته ، ولطيف امتزاجه بكل شئ ، واستعمله في تطهير الاعضاء التي أمرك الله بتطهيرها ، وأت بآدابه وفرائضه وسننه ، فان تحت كل واحدة منها فوايد كثيرة ، وإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب.

ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالاشياء يؤدي إلى كل شئ حقه ، ولا يتغير عن معناه ، معتبرا لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل المؤمن الخالص كمثل الماء» ولكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك ، كصفوة الماء حين أنزله من السماء ، وسماه طهورا ، وطهر قلبك للتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء (٣).

١٧ ـ العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن ميمون ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة (٤).

المحاسن : عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

____________________

(١) الفرقان : ٤٨.

(٢) الانبياء ، ٣٠.

(٣) مصباح الشريعة ص ٩.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٧.

٣٤٠