بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا إلى الصلاة لتنهانا عن الفحشاء والمنكر ، وإلى ذكره الذي هو أكبر ، والصلاة على خير من صلى وكبر ، وتنظف وتطهر ، وبشر وأنذر ، محمد وآله النجوم الانثي عشر ، شفعاء المحشر ، وأفضل من مضى ومن غبر.

أما بعد ، فيقول الخاطئ العاثر محمد بن محمد المدعو بباقر رزقهما الله شفاعة مواليهما في اليوم الاخر ، هذا هو الجزء الثامن عشر من كتاب بحار الانوار ، وهو يشتمل على كتابين : كتاب الطهارة وكتاب الصلاة ، وقد عدلنا عن رموز الكتب إلى التصريح بها لشدة الحاجة إلى تلك المطالب ، واحتمال التصحيف والاشتباه فيها وعلى الله توكلنا في جميع امورنا وإليه المصير.

١

* (كتاب الطهارة) *

* (أبواب المياه وأحكامها) *

١

* (باب) *

* (طهورية الماء) *

الايات : البقرة : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (١).

[ الانفال : وينزل عليكم من لسماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام (٢).

التوبة : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين (٣). ] الفرقان : وأنزلنا من السماء مآء طهورا (٤).

تفسير : الاية الاولى تدل على رجحان التطهر ، وأظهر أفراده التطهر بالماء ، ويؤيده ما رواه الصدوق رضي‌الله‌عنه في الفقيه (٥) قال : كان الناس يستنجون بالاحجار فأكل رجل من الانصار طعاما فلان بطنه فاستنجى بالمآء فأنزل

____________________

(١) البقرة : ٢٢٢.

(٢) الانفال : ١١.

(٣) براءة : ١٠٨ والايتان ساقطتان عن المطبوعة.

(٤) الفرقان : ٤٨.

(٥) الفقيه ج ١ ص ٢٠ طبعة النجف في أربع مجلدات ، وطبع ايران ج ١ ص ١١.

٢

الله سبحانه «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخشي أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه ، فلما دخل قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل عملت في يومك هذا شيئا؟ قال : نعم يا رسول الله أكلت طعاما فلان بطني فاستنجيت بالماء ، فقال له : أبشر ، فان الله تعالى قدأنزل فيك الاية.

والمشهور بين المفسرين أن المراد التواب من الذنوب؟ والمتطهر منها مطلقا أو التواب من الكبائر والمتطهر من الصغاير ، أو التواب من الذنوب والمتطهر من الاقذار (١) وسيأتي بعض القول فيها.

وأما الاية الثانية فالمراد من السماء إما السحاب ، فان كل ما علا يطلق عليه السماء لغة ، ولذا يسمون سقف البيت سماء ، وإما الفلك بمعنى أن ابتداء نزول المطر منه إلى السحاب ، ومن السحاب إلى الارض ولا التفات إلى ما زعمه الطبيعيون في سبب حدوث المطر ، فانه مما لم يقم عليه دليل قاطع ، وربما يقال : إن المراد بانزاله من السماء أنه حصل من أسباب سماوية وتصعد أجزاء رطبة من أعماق الارض إلى الجو فينعقد سحابا ماطرا وقد مر القول فيه في كتاب السماء والعالم.

ثم المشهور في سبب نزولها أنها نزلت في بدر بسبب أن الكفار سبقوا المسلمين إلى الماء فاضطر المسلمون ونزلوا إلى تل من رمل سيال لا تثبت فيه أقدامهم ، وأكثرهم خائفون لقلتهم وكثرة الكفار ، فباتوا تلك الليلة على

____________________

(١) ظاهر التطهير والتطهر هو ازالة القذارات عن النفس والبدن ، وكل قذارة لها طهارة مزيلة والطهارة من القذارات المعنوية بالتوبة والتخلق بضدها ، والطهارة من القذارات المادية بازالتها بالتراب أو الماء ، والسنة في الاستنجاء هى الاحجار الثلاثة الترابية.

والافضل التطهير بالماء ، لانه اطهر من التراب ، وانما كان أفضل لان السنة انما اتخذت في مكة والمدينة ، حيث لم يكن مصانع للماء ولا بيت الخلاء للبراز ، وهذاكما قال الصادق عليه‌السلام أن نتف الابط والعانة سنة لرسول الله ، والافضل الطلى ، حيث لم يكن في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله داوء يطلى به.

٣

غيرماء فاحتلم أكثرهم ، فتمثل لهم إبليس وقال : تزعمون أنكم على الحق وأنتم تصلون بالجنابة وعلى غير وضوء ، وقد اشتد عطشكم ، ولو كنتم على الحق ما سقبوكم إلى الماء ، وإذا أضعفكم العطش قتلوكم كيف شاؤا ، فأنزل الله عليهم المطر وزالت تلك العلل ، وقويت قلوبهم ، ونزلت الاية.

فتدل ظاهرا على تطهيرماء المطر للحدث والخبث (١) ولعل المراد بتطهير الله إياهم توفيقهم للطهارة ، وقيل : الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر والمراد بقوله : «وليطهركم به» الطهارة من النجاسة الحكمية أعني الجنابة و الحدث الاصغر أو منها ومن العينية أيضا كالمنى.

ويراد برجز الشيطان (٢) إما الجنابة فانها من فعله ، وإما وسوسته لهم ، والربط على القلوب يراد به تشجيعها وتقويتها ووثوقها بلطف الله بهم ، وقيل : إن هذا المعنى هو المراد أيضا بتثبيت أقدامهم.

وبالجملة الاية تدل على تطهير ماء المطر للحدث والخبث في الجملة وأما الاستدلال بها على مطهرية الماء مطلقا فلا يخلو من إشكال (٣).

وأما الاية الثالثة فتدل في الجملة على مدح التطهر من الاقذار لاسيما بالماء ، وقد روي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنها نزلت في أهل قبا لجمعهم في الاستنجاء عن الغائط بين الاحجار والماء ، وروي لاستنجائهم بالماء ، وقيل : ربما

____________________

(١) ليس يمن الله عزوجل بأنه نزل المطر ليطهرهم بماء المطر لمزيته على سائر المياه ، بل المنة لاجل أنهم جيئوا بالماء من فوق رأسهم من دون أن يشقوا أنفسهم بحفر القليب وتهيئة الدلاء والرشا وغير ذلك ، والمطر من منن الله العظام ، فانه يرفع بقدرته ومشيئته المياه من البحار ويركمها سحابا يسوقه إلى حيث يشاء ، فيعصره وينزل بالمطر فيتلبد الارض وينبت العشب والكلاء والحبوب والاثمار ، ثم تسيل من الوادى إلى القرار فيأخذه الناس لحاجاتهم.

(٢) ولعل المراد برجز الشيطان هو الذى أمر بهجره في قوله تعالى : «والرجز فاهجر» ، فيناسب كون المراد به المنى وآثار الجنابة.

(٣) قد عرفت أنه لا اشكال في الاستدلال بها.

٤

دلت على استحباب المبالغة في الاجتناب من النجاسات ، ولا يبعد فهم استحباب النورة وأمثالها ، بل استحباب الكون على الطهارة وتأييد لدلايل الاغسال المستحبة ، و استحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات والمكروهات ، والاجتناب عن محال الشبهات ، وكل ما فيه نوع خسة ودناءة ، والحرص على الطاعات والحسنات ، فانهن يذهبن السيئات ، فان الطهارة إن كان لها شرعا حقيقة فهي رافع الحدث أو المبيح للصلاة ، وهنا ليست مستعملة فيه اتفاقا فلم يبق إلا معناها اللغوي العرفي أي النزاهة والنظافة ، وهي يعم الكل انتهى.

وأكثر ما ذكر لا يخلو من مناقشة كما لا يخفي.

وأما الاية الرابعة فاستدل بها على طهارة مطلق الماء ومطهريته ، و اورد على بأنه ليس في الكلام ما يدل على العموم ، وإنما يدل على أن الماء من السماء مطهر ، وبأن الطهور مبالغة في الطاهر ، ولا يدل على كونه مطهرا بوجه.

واجيب عن الاول بأن ذكره تعالى ماء مبهما غير معين ووصفه بالطهورية والامتنان على العباد به ، لا يناسب حكمته تعالى ولا فائدة في هذا الاخبار ولا امتنان فيه ، فالمراد كل ماء يكون من السماء ، وقددلت آيات اخر على أن كل المياه من السماء نحو قوله تعالى : «وأنزلنا من السمآء مآء بقدر فأسكناه في الارض وإنا على ذهاب به لقادرون» (١).

وقوله سبحانه : « ألم تر أن الله أنزل من السمآء ماء فسلكه ينابيع في الارض (٢) ».

____________________

(١) المؤمنون : ١٨.

(٢) الزمر : ٢١. ولكن الايتين وأمثالهما لم تتضمن أن كل ماء انزلناه من السماء بل نكر الماء فقال «من السماء ماء» والمراد به أن مياه الانهار والعيون ليس من نفس الارض تجرى وتنبع ، وانما هى ماء المطر تنزل على رؤس الوادى والجبال فيسيل في

٥

وعن الثاني بأن كثيرا من أهل اللغة فسر الطهور بالطاهرفي نفسه المطهر لغيره ، والشيخ في التهذيب أسنده إلى لغة العرب ، ويؤيده شيوع استعماله في هذا المعنى في كثير من الاخبار الخاصية والعامية ، كقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «جعلت لي الارض مسجدا وترابها طهورا» (١) ولو أراد الطاهر لم يثبت المزية وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سئل عن الوضوء بماء البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» (٢) ولو لم يرد كونه مطهرا لم يستتم الجواب ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا (٣).

وقال بعضهم : الطهور بالفتح من الاسماء المتعدية ، وهو المطهر غيره ، وأيده بعضهم بأنه يقال : ماء طهور ولا يقال : ثوب طهور ، ويؤيد كون الطهور في الاية بمعنى المطهر موافقتها للاية الثانية.

واحتج عليه الشيخ بأنه لاخلاف بين أهل النحو في أن اسم فعول موضوع للمبالغة وتكرر الصفة ، ألا ترى أنهم يقولون : فلان ضارب ، ثم يقولون ضروب إذا تكرر ذلك منه وكثر ، قال : وإذا كان كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر ويتزايد فينبغي في إطلاق الطهور عليه غير ذلك ، وليس بعد ذلك إلا أنه مطهر

____________________

الانهار أو ينضب في خلال الجبال والرمال فيسلك إلى ينابيع الارض ، وهذا من عظيم المنن حيث حمل المياه من البحار إلى السماء ثم أمطرها على الارض فسلكها في الانهار والعيون لينتفع به الناس ، ولولم يكن مطر لغار العيون والابار وخلت الانهار «قل ان أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معير»؟.

(١) تراه في أمالى الصدوق ص ١٣٠ الخصال ج ١ ص ١٤٠ المحاسن ص ٣٦٥ ، ورواه في المعتبر ص ١٥٨ وتراه في سنن أبى داود ج ١ ص ١١٤.

(٢) تراه في المعتبرص ٧ ، وبمضمونه أحايث اخر راجع الكافى ج ٣ ص ١ ، قرب الاسناد ص ٨٤ ط حجر وفى كتبهم سنن أبى داود ج ١ ص ١٩.

(٣) الحديث متفق عليه بمضمونه عندنا ، وعندهم كما في مشكاة المصابيح ص ٥٢ ولفظ الحديث رواه مسلم.

٦

وفيه ما لا يخفى ، وقيل : الطهور هنا اسم آلة بمعنى مايتطهر به كالوضوء لما يتوضؤ به ، والوقود لما يتوقد به ، بقرينة أن الامتنان بها أتم حينئذ.

قال في الكشاف : «طهورا» بليغا في طهارته ، وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فان كان ما قاله شرحا لبلاغة في الطهارة كان سديدا ، ويعضده قوله تعالى : «وينزل عليكم من السمآء مآء ليطهركم به» (١) وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ ، والطهور في العربية على وجهين : صفة و اسم غير صفة : فالصفة ماء طهور ، كقولك طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهربه طهور كالوضوء والوقود لما يتوضأ به ويتوقد به النار ، وقولهم تطهرت طهورا حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا صلاة إلا بطهور» أي بطهارة انتهى.

واعترضه النيشابوري بأنه حيث سلم أن الطهور في العربية على وجهين اندفع النزاع ، لان كون المآء مما يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره ، فكأنه سبحانه قال : وأنزلنا من السماء ماء هو آلة الطهارة ، ويلزمه أن يكون طاهرا في نفسه ، قال : ومما يؤكد هذا التقسير أنه تعالى ذكره في معرض الانعام ، فوجب حمله على الوصف الاكمل ، وظاهر أن المطهر أكمل من الطهارة انتهى (٢).

والحق أن المناقشة في كون الطهور بمعنى المطهر ، وإن صحت نظرا إلى قياس اللغة ، لكن تتبع الروايات واستعمالات البلغاء يورث ظنا قويا بأن الطهور في إطلاقاتهم المراد به المطهر ، إما لكونه صفة بهذا المعنى أو اسما لما يتطهر به ، وعلى التقديرين يثبت المرام ، وسيأتي من الاخبار في هذا الكتاب ما ينبهك عليه.

____________________

(١) الانفال : ١١.

(٢) راجع مسالك الافهام للفاضل الجواد ج ١ ص ٩٠.

٧

الاخبار :

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن ماء البحر أيتوضأمنه؟ قال : لا بأس (١).

٢ ـ محاسن البرقى : عن بعض أصحابه رفعه عن ابن اخت الاوزاعي عن مسعدة بن اليسع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : الماء يطهر و لا يطهر.

ورواه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) :

٣ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٣).

بيان : الماء يطهرأي كل شئ حتى نفسه ، إذ حذف المفعول يدل على العموم ، ولا يطهر من شئ إلا من نفسه لان التعميم بالاول أنسب.

ومن المعاصرين من ذهب إلى ظاهر العموم (في ظاهر) الثاني وقال : لا يطهر نفسه أيضا ، وقال : إن الماء لا يتنجس من شئ حتى يطهره الماء أو شئ آخر ، بل عند التغيير ، النجس هو ذلك الجسم الذي ظهر في المآء ، فاذا استهلك عاد الماء إلى طهارته ، وفي القول به إشكال ، وإن لم يبعد من ظواهر بعض الاخبار.

وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه : ربمايشكل حكمه عليه‌السلام بأن الماء لا يطهر [ فان القليل يطهر ] (٤) بالجاري وبالكثير من الراكد فلعله عليه‌السلام أراد أن الماء يطهرغيره [ ولا يطهره غيره ].

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٤ ط حجر.

(٢) المحاسن ص ٥٧٠.

(٣) نوادر الراوندى ص ٣٩.

(٤) زيادة من الكمبانى.

٨

فان قلت : هذا أيضا على إطلاقه غير مستقيم ، فان البئر يطهر بالنزح وهو غيرالماء؟ قلت : مطهر ماء البئر في الحقيقة ليس هو النزح ، وإنما هو الماء النابع شيئا فشيئا وقت إخراج الماء المنزوح ، فالاطلاق مستقيم.

فان قلت : الماء النجس يطهر بالاستحالة ملحا إذ ليس أدون من الكلب إذا استحال ملحا ، فقد طهر الماء غيره.

قلت : فقد عدم فلم يبق هناك ماء مطهر بغيره.

فان قلت : الماء النجس إذا شربه حيوان مأكول اللحم وصار بولا فقد طهر الماء غير من الاجسام ، من دون انعدام.

قلت : كون المطهر له جوف الحيوان ممنوع ، وإنما مطهره استحالته بولا على وتيرة ما تلوناه عليك في استحالته ملحا.

فان قلت : الماء القليل النجس لو كمل كرا بمضاف لم يسلبه الاطلاق طهر عند جمع من الاصحاب ، فقد طهر الماء جسم مغاير له.

قلت : يمكن أن يقال بعد مماشاتهم في طهارته بالاتمام أن المطهر هنا هو مجموع الماء لا المضاف.

٤ ـ المعتبر : قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ ما إلا غير لونه أو طعمه أو ريحه (١).

السرائر : مثله ونقل أنه متفق على روايته (٢).

٥ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام قال : من لم يطهره البحر فلا طهر له (٣).

٦ ـ الهداية : للصدوق : الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر.

____________________

(١) المعتبر : ص ٩.

(٢) السرائر ص ٧ و ٨.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١١١.

٩

٧ ـ المقنعة : عن الباقر عليه‌السلام قال : أفطر على الحلوفان لم تجده فأفطرعلى الماء فان الماء طهور.

بيان : لعل المراد هنا الطهور من الذنوب كما سيأتي (١).

٨ ـ المعتبر : قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقدسئل عن ماء البحر فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته (٢).

بيان : لعل المراد بالميتة مالم ينحر ولم يذبح ، فان السمك يحل بخروجه عن الماء من غير ذبح ونحر.

٩ ـ ارشاد القلوب : للديلمي عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن علي أمير المؤمنين عليهم‌السلام أنه عليه‌السلام قال : في ذكر فضايل نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وامته على الانبياء واممهم : إن الله سبحانه رفع نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ساق العرش فأوحى إليه فيما أوحى : كانت الامم السالفة إذا أصابهم أذى نجس قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء طهورا لامتك من جميع الانجاس والصعيد في الاوقات (٣).

بيان : لعله لم يكن الدم نجسا في شرعهم ، أوكان هذامعفوا (٤).

____________________

(١) بل هو طهور للرجز ـ رجز الشيطان ـ من باطن الامعاء ، فيزيد في صحة البدن.

(٢) المعتبر : ٧.

(٣) ارشاد القلوب ج ٢ ص ٢٢٢.

(٤) لايستلزم ذلك طهارة الدم في شرعهم أو كونه معفوا عفه ، فان المراد بالقرض تمسح خزف أو حجر أو تراب على الموضع النجس لتزول به النجاسة ويزول وينقرض الجلد الذى نجس ، وما كان يكفى لهم الغسل بالماء ، وأما قرض الموضع النجس من اللباس وغير ذلك كما وقع في سائر الاخبار ، فهو خال عن الاشكال بالمرة.

١٠

٢

* (باب) *

* (ماء المطر وطينه) *

١ ـ قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ، ثم يصيبه المطر ، أيؤخذ من مائه فيتوضأ للصلاة؟ قال : إذا جرى فلا بأس (١).

وعنه عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل مر في ماء مطر قدصبت فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله؟ قال : لا يغسل ثوبه ولا رجيله ويصلي ولابأس (٢).

وعنه عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الكنيف يكون فوق البيت ، فيصيبه المطر فكيف فيصيب الثياب أيصلي فيها قبل أن تغسل؟ قال : إذا جرى من ماء المطر فلا بأس [ يصلي فيها خ ] (٣).

كتاب المسائل : عن أحمد بن موسى بن جعفر بن أبي العباس ، عن أبي جعفر بن يزيد بن النضر الخراساني ، عن علي بن الحسن العلوي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام مثله (٤).

بيان : قوله عليه‌السلام : «إذ جرى» استدل به على ما ذهب إليه الشيخ من اشتراط الجريان (٥) ولم يشترطه الاكثر ، ويمكن أن يكون الاشتراط هنا لنفوذ

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٣ ، ط حجر.

(٢) قرب الاسناد ص ٨٣ وص ١١٦ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ١١٦ ط نجف ص ٨٩ ط حجر.

(٤) راجع بحار الانوار ج ٤ ص ١٥٨ ط ك وج ١٠ ص ٢٨٨ طبعتنا هذه.

(٥) والمراد بالجريان جرى ماء المطر بحيث يذهب بعين النجاسة وأثرها إلى الميزاب ثم إلى صحن الدار ، ان كان السطح متحجرا ، والى باطن السطح ان كان مطينا ،

١١

النجاسة في السطح حتى يستولي على النجاسة ، كما يدل عليه قوله : «يبال على ظهره» والظاهر أن السؤال عن الاغتسال لنجاسة المني.

والجواب عن السؤال الثاني إما مبني على عدم نجاسة الخمر كما نسب إلى الصدوق ، أو على كون المرور حال نزول المطر مع عدم التغير أو بعده مع الاستهلاك حالته ، أو مع كرية غير المتغير ، وبالجملة الاستدلال به على كل من المطلبين مشكل.

والجواب عن الثالث يدل على أن ماء المطر مع الجريان مطهر ، وفي اشتراط الجريان مامر من الكلام ، إذ الكنيف بدون الجريان يتغير منه ماء المطر ويقال : وكف البيت بالفتح وكفا ووكيفا إذا تقاطر الماء من سقفه فيه.

٢ ـ فقه الرضا : إذا بقي ماء المطر في الطرقات ثلاثة أيام نجس ، واحتيج إلى غسل الثوب منه ، وماء المطر في الصحاري يجوز الصلاة فيه طول الشتو.

٣ ـ السرائر : من كتاب محمد بن على بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر (١).

بيان : لهذه الرواية في ساير الكتب تتمة فان أصابه بعد ثلاثة أيام غسله ، وإن كان طريقا نظيفا لم يغسله (٢) واستدل به على عدم انفعال ماء المطر حال

____________________

فيطهر ظاهر السطح ، في أول الجريان كما هو قضية الحديث الاول ، ثم بعد الجريان وذهاب الماء بالنجاسة من الميزاب لا بأس بالماء المأخوذ من الميزاب فانه طاهر مطهر.

واما الحديث الثالث فالمراد أن الوكوف اذا كان من ماء المطر فلابأس ، وأما اذا كان من محل الكنيف ومخلوطا بالنجاسة ، فلا يكون طاهرا لنجاسة باطن السطح من دون أن يرى المطر ، نعم اذا جرى ماء المطر من ظاهر السطح إلى الباطن ، ثم جرى في الباطن ووكف إلى الارض بحيث ذهب بجريانه وغوره بنجاسة باطن السطح طهر بعد ذلك كله كما هو ظاهر.

(١) السرائر ص ٤٧٨.

(٢) راجع الكافى ج ٣ ص ١٣.

١٢

التقاطر بالملاقات لحصر البأس في طين المطر فيما إذا نجسه شئ بعد المطر ، ففيما عداه لا بأس ، وهو شامل لما إذا كانت الارض نجسة قبل المطر فيستفاد منه تطهير المطر الارض وفيه كلام.

وقال في المعالم : اشتهر في كلام الاصحاب الحكم باستحباب إزالة طين المطر بعد ثلاثة أيام من وقت انقطاعه ، وأنه لا بأس به في الثلاثة مالم يعلم فيه نجاسة ، والاصل فيه رواية محمد بن إسماعيل ، انتهى ، ويظهر من الخبر أن مع علم عدم النجاسة بل مع ظنه لا يحسن الاجتناب قبل الثلاثة وبعدها.

وقال العلامة في التحرير : لو وقع عليه في الطريق ماء ولا يعلم نجاسته لم يجب عليه السؤال إجماعا وبنى على الطهارة.

٤ ـ كتاب المسائل : بالاسناد ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أيصلي فيه قبل أن يغسل؟ قال : إذا جرى به المطر فلا بأس (١).

بيان : يشمل القليل والكثير ، فيدل على عدم انفعال القليل في حال نزول المطر ولا بد من حمله عليه وعلى عدم التغير.

ثم اعلم أن ظاهر أكثر الاخبار عدم انفعال الماء المجتمع من المطر لا مطلق القليل فتأمل.

____________________

(١) قد طبع كتاب المسائل في البحار ج ١٠ من هذه الطبعة ترى نص الحديث ص ٢٦٠ وفى قوله «اذا جرى به» تأييد لما قلناه ص ١١ و ١٢.

١٣

٣

* (باب) *

* (حكم الما القليل وحد الكثير وأحكامه) *

* (وحكم الجارى) *

١ ـ قرب الاسناد وكتاب المسائل بالاسنادين المتقدمين ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماه أيتوضأ منه؟ قال : لا إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر [ من ماء خ ] (١).

قال : وسألته عن الرجل يتوضأ في الكنيف بالماء يدخل يده فيه أيتوضأ من فضله للصلاة؟ قال : إذا أدخل يده وهي نظيفة فلا بأس ، ولست أحب أن يتعود ذلك إلا أن يغسل يده قبل ذلك (٢).

وسألته عن جنب أصابت يده من جنابته فمسحه بخرقة ثم أدخل يده في غسله قبل أن يغسلها هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء؟ قال : إن وجد ماء غيره فلا يجزيه أن يغتسل به ، وإن لم يجد غيره أجزأه (٣).

بيان : الجواب الاول يدل على انفعال القليل ، واشتراط الكرية في عدمه رداعلى ابن أبي عقيل ومن تبعه ، قوله : «يتوضأ في الكنيف» أي يستنجى ويدل على انفعال القليل وإن كان البأس أعم من النجاسة ، ويدل على استحباب غسل اليدمع النظافة أيضا.

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٤ ط حجر وص ١٠٩ ط نجف وكتاب المسائل ج ١٠ ص ٢٨٨ من بحار الانوار.

(٢) قرب الاسناد ص ١٠٩ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ١١٠ ط نجف كتاب المسائل ج ١٠ ص ٢٨٧ من البحار بلفظ غير هذا.

١٤

والجواب الاخير يدل على عدم انفعال القليل ، وأن رعاية الكرية للاسحباب ، وحمله على الكر بعيد جدا ، ويمكن حمله على التقية أو على أن المراد بقوله من جنابة ما يتبع الجنابة من العرق وشبهه ، لا المنى.

٢ ـ علل الصدوق : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن يزيع عن يونس ، عن رجل من أهل المشرق ، عن العيزار ، عن الاحول قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : سل عما شئت فارتجت علي المسائل ، فقال لي : سل ما بدالك ، فقلت : جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى ، به فقال : لا بأس به ، فسكت فقال : أو تدري لم صار لا بأس به؟ قلت : لا والله جعلت فداك فقال عليه‌السلام : إن الماء أكثر من القذر (١).

توضيح : قال الجوهري ارتج على القاري ء ـ على مالم يسم فاعله ـ إذا لم يقدر على القراءة كأنه اطبق عليه ، كما يرتج الباب ، ولا تقل ارتج عليه بالتشديد انتهى ، ويدل على طهارة غسالة الاستنجاء مع عدم التغيير ، بل يفهم من التعليل عدم نجاسة غسالة الخبث مطلقا مع عدم التغيير.

واختلف الاصحاب في غسالة الخبث ، فذهب جماعة من القدماء إلى الطهارة والاشهر النجاسة ، واستثني منهاغسالة استنجاء الحدثين ، فان المشهور فيها الطهارة وقيل : إنه نجس لكنه معفو وهو ضعيف ، واشترط فيه عدم التغير وعدم وقوعه على نجاسة خارجة وبعض عدم تميز أجزاء النجاسة في الماء وبعض عدم تقدم اليد على الماء في الورود على النجاسة ، وبعض عدم زيادة الوزن. واشترط أيضا عدم كون الخارج غير الحدثين ، وأن لا يخالط نجاسة الحدثين نجاسة اخرى ، وأن لاتكون متعدية ، وإطلاق النص يدفع الجميع سوى الاولين والاخير مع التفاحش بحيث لا يعد استنجاء.

٣ ـ البصاير للصفار : عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن شهاب بن عبد ربه قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام

____________________

(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢٧١.

١٥

وأنا اريد أن أسأله من الجنب يغرف الماء من الحب؟ فلما صرت عنده أنسبت المسألة ، فنظر إلى أبوعبدالله عليه‌السلام فقال : يا شهاب لابأس أن يغرف الجنب من الحب (١).

٤ ـ ومنه : عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبدالله عليه‌السلام أسأله فابتدأني فقال : إن شئت فاسأل يا شهاب ، و إن شئت أخبرناك بماء جئت له ، قلت : أخبرني جعلت فداك ، قال : جئت لتسأل عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فيصيب يده الماء؟ قال : نعم ، قال : ليس به بأس.

قال : وإن شئت سل وإن شئت أخبرتك ، قال : قلت له : أخبرني جعلت فداك ، قال : جئت لتسأل عن الجنب يسهو ويغمر يده في الماء قبل أن يغسلها؟ قلت : وذاك جعلت فداك : قال : إذا لم يكن أصاب يده شئ فلا بأس بذاك.

فسل وإن شئت أخبرتك قلت : أخبرني قال : جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ أولا؟ قال : نعم ، قال : فتوضأ من الجانب الاخرإلا أن يغلب على الماء الريح فينتن.

وجئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر (٢) قال : فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة ـ قلت : فما التغيير؟ قال : الصفرة ـ فتوضأ منه وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر (٣).

بيان : قوله : «من البئر» كذا في أكثر النسخ فيدل على عدم انفعال البئر بدون التغيير إلا أن يحمل على غير النابع مجازا ، وفي بعضها «من الكر» فيوافق المشهور ، وذكر الصفرة على المثال.

٥ ـ فقه الرضا : إن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به

____________________

(١) بصائر الدرجات ص ٢٣٦.

(٢) من الكر خ ل.

(٣) بصائر الدرجارت ص ٢٣٨.

١٦

ويداك قذرتان فاضرب يدك في الماء وقل : بسم الله ، هذا مما قال الله تبارك و تعالى : «ما جعل عليكم في الدين من حرج» (١).

وقال عليه‌السلام : كل غدير فيه من الماء أكثر من كر لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه وطعمه ورائحته ، فاذا غيرته لم تشرب منه ، ولم تطهر منه ، واعلموا رحمكم الله أن كل ماء جار لا ينجسه شئ.

بيان : المراد بالقذر الدنس غير النجس والتسمية لجبر النجاسة الوهمية وتدارك ترك المستحب من غسل اليد قبل إدخال القليل اضطرارا ، أو هي كناية عن الشروع بلا توقف كما هو الشايع ، أو المراد الاتيان بالتسمية التي هي أول الافعال المستحبة في الوضوء والغسل ، أو المراد بالقذر النجس فيحمل الماء على الكر.

٦ ـ السراير : من كتاب البزنطي ، عن عبدالكريم ، عن أبي بصيرقال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل أصبعه فيها ، فقال : إن كانت يده قذرة فليهرقه ، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل به ، هذا مما قال الله عزوجل «ما جعل عليكم في الدين من حرج» (٢).

بيان : قال : في النهاية الركوة إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ، وقال : التور إناء من صفر أوحجارة كالاجانة ، وقد يتوضأ منه.

٧ ـ كشف الغمة : من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : لما كان في الليلة التي وعد فيها علي بن الحسين عليه‌السلام قال لمحمد : يا بني أبغني وضوء قال : فقمت فجئته بماء فقال : لا تبغ هذا ، فان فيه شيئا ميتا ، قال : فخرجت فجئت بالمصباح فاذا فيه فارة ميتة ، فجئته

____________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) السرائر : ٤٦٥.

١٧

بوضوء غيره (١).

البصاير : لسعد بن عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن سعد بن مسلم عن أبي عمران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢).

بيان : قال في النهاية : يقال : ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي ، و أبغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب ، ومنه الحديث أبغوني حديدة أستطيب بها بهمزة الوصل والقطع.

٨ ـ كتاب المسائل بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن جرة ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول ، هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال : لا يصلح (٣).

٩ ـ مجالس الصدوق : قال : روي أن الكرهو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار [ عرضا في ثلاثة أشبار عمقا (٤).

١٠ ـ المقنع : الكر : ما يكون ثلاثة أشبار طولا في عرض ثلاثة أشبار ] في عمق ثلاثة أشبار.

وروي أن الكر ذراعان وشبرفي ذراعين وشبر.

وسئل أبوعبدالله عليه‌السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال : ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته.

وروي أن الكر ألف ومائتا رطل (٥).

تحقيق وتفصيل :

اعلم أن للاصحاب في معرفة الكر طرقين المقدار والاشبار ، والاول ألف

____________________

(١) كشف الغمة ج ٢ ص ٣٠٨ ط اسلامية وص ٢٠٨ ط حجر.

(٢) البصائر ص ٤٨٣.

(٣) كتاب المسائل ج ١٠ من البحار ص ٢٩٠.

(٤) أمالى الصدوق ص ٣٨٣.

(٥) المقنع ص ٤.

١٨

ومائتا رطل ، وظاهر المعتبر اتفاق الاصحاب عليه ، لكن اختلفوا في تعيين الارطال فذهب الاكثر إلى أنه العراقي ، وذهب علم الهدى والصدوق إلى أنه المدني وهو رطل ونصف بالعراقي والاول أظهر ، وأما الثاني فالمشهور أنه ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف.

وذهب الصدوق وجماعة من القميين إلى أنه ثلاثة في ثلاثة في ثلاثة يرتقي إلى سبعة وعشرين وهذا لا يخلو من قوة ، وحكي عن ابن الجنيد تحديده بما بلغ تكسيره نحوا من مائة شبر ، وعن القطب الراوندي بما بلغت أبعاده الثلاثة عشرة أشبار ونصفا ولم يعتبر التكسير ، وقال المتأخرون من أصحابنا : ولم نقف لهما على دليل.

وأماخبر الذراعين في ذراع وشبر فهو أصح الاخبار الواردة في هذا الباب رواه الشيخ بسند صحيح عن إسماعيل بن جابر (١) فلو حملنا السعة على الطول و العرض يصبر ستة وثلاثين شبرا ، وهذا وإن لم يعمل به أحد من حيث الاشبار لكنه أقرب التحديدات من التحديد بحسب المقدار كما حققته في رسالة الاوزان ولم أرمن تفطن به ، وترك العمل به حينئذ أغرب ولو حملناه على الحوض المدور يصير مضروبه ثمانية وعشرين شبرا وسبعي شبر ، فيقرب من مذهب القميين ، و ربما كان الشبران زائدين على الذراع بقليل ، ويؤيده أن راوي الخبرين واحد وهو إسماعيل بن جابر والحوض المدور في المصانع والغدران التي بين الحرمين شايع ، ولعل القطر بالسعة أقرب وأنسب.

وأما ذراعان وشبر في ذراعين وشبر فلم أره رواية ومذهبا إلا في هذا الكتاب وهو أيضا إذا حملناه على الطول والعرض بأن حملنا الثاني على السعة التي تشمل الطول والعرض أو يقال : اكتفى بذكر الجهتين عن الثالثة يصير مائة وخمسة وعشرين ، ولم يقل به أحد ، ولو حملناه على الحوض المدور يصير مضروبه ثمانية وتسعين وسبعا ونصف سبع ، ويقرب من مذهب ابن الجنيد مع أنه بني الكلام على التقريب فهو يصلح أن يكون دليلا على ما اختاره ، والاصوب حمله على

____________________

(١) راجع التهذيب ج ١ ص ١٢ ط حجر.

١٩

الاستحباب أو التقية.

١١ ـ كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يرعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح له الوضوء منه؟ قال : لا وسألته عن رجل رعف فامتخط فطار بعض ذلك الدم قطرا قطرا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح الوضوء منه؟ قال : إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلابأس ، و إن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه (١).

بيان : استدل به على ما نسب إلى الشيخ من عدم انفعال القليل بما لا يدركه الطرف من الدم ، ويمكن حمل السؤال على أن مراده أن إصابة الدم الاناء معلوم ، ولكنه لايرى في الماء شيئا ، والظاهر وصوله إلى الماء أيضا والاصل عدمه ، فهل يحكم هنا بالظاهر أوبالاصل ، وهو محمل قريب.

١٢ ـ نوادر الراوندى : باسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : الماء الجاري لا ينجسه شئ.

وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه‌السلام : الماء يمر بالجيف والعذرة والدم يتوضأ منه ويشرب ليس ينجسه شئ (٢).

بيان : حمل على الجاري أو الكثير مع عدم التغيير والاول أظهر.

١٣ ـ دعائم الاسلام : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم : يتوضأ منه ويشرب ، وليس ينجسه شئ مالم يتغير أوصافه طعمه ولونه وريحه.

وعنه صلوات الله عليه أنه قال : ليس ينجس الماء شئ.

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سئل عن ميضاة كانت بقرب مسجد تدخل الحائض فيها يدها أو الغلام فيها يده قال : توضأ منها فان الماء لاينجسه شئ.

____________________

(١) كتاب المسائل ج ١٠ ص ٢٥٦ من البحار.

(٢) نوادر الراوندى ص ٣٩.

٢٠