بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ومنه : عن الحلبى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سأله قيس بن رمانة قال : أتوضأ ثم أدعوا الجارية فتمسك فأقوم بيدي فأقوم فاصلي أعلى وضوء؟ فقال : لا ، قال : فانهم يزعمون أنه اللمس ، قال : لا والله ، ما اللمس إلا الوقاع يعني الجماع ثم قال : قد كان أبو جعفر عليه‌السلام بعد ما كبر يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده فيقوم فيصلي (١).

توضيح : قوله : «إنه اللمس» أي اللمس الذي ذكره الله في قوله : «أولا مستم النساء» وتفسير الملامسة في الاية بالجماع منقول عن الائمة الهدى بطرق متكثرة وقدنقل الخاص والعام عن ابن عباس أنه كان يقول : إن الله حيي كريم يعبر عن مباشرة النساء بملامستهن ، وذهب الشافعي إلى أن المراد مطلق اللمس لغير محرم وخصه مالك بما كان عن شهوة ، وأما أبوحنيفة فقال : المراد الوطي لا المس.

١٤ ـ العياشى : عن بكير بن أعين قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام قوله «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة» (٢) ما معنى إذا قمتم؟ قال : إذا قمتم من النوم ، قلت : ينقض النوم الوضوء؟ قال : نعم ، إذا كان نوم يغلب على السمع فلا يسمع الصوت (٣).

١٥ ـ ومنه : عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق» قلت : ما عنى بها؟ قال : من النوم (٤).

بيان : هذان الخبران يهدمان بنيان استدلال القوم بوجوب الوضوء لكل قائم إلى الصلاة ، إلا ما أخرجه الدليل وسيأتي الكلام فيه.

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٤٣.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٩٧.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٩٨.

٢٢١

١٦ ـ السرائر : من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن الحسين بن سعيد عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن القلس وهي الجشاءة يرتفع الطعام من جوفه وهوصائم من غير أن يكون تقيأ ، وهو قائم في الصلاة ، قال : لا ينقض ذلك وضوءه الحديث (١).

أقول : مامر من الاخبار الدالة على أن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنشد الشعر في الخطبة تدل على عدم نقضه للوضوء.

١٧ ـ مجمع البيان : عن علي عليه‌السلام في قوله تعالى : «أولامستم النساء» أن المراد به الجماع خاصة (٢).

١٨ ـ كتاب المسائل : عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يلاعب المرأة أو يجردها أو يقبلها فيخرج منه الشئ ماعليه؟ قال : إن جاءت الشهوة ، وخرج بدفق ، وفتر لخروجه فعليه الغسل ، وإن كان إنما هو شئ لا يجد له شهوة ولافترة فلا غسل عليه ويتوضأ للصلاة (٣).

١٩ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الوضوء بعد الطعام ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل ، فجاء ابن ام مكتوم وفي يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كتف يأكل منها ، فوضع ماكان في يده منها ، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ ، فليس فيه طهور (٤).

ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عمن أكل لحما أو شرب لبنا هل عليه وضوء؟ قال : لا قد أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ (٥).

ومنه : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي بصير

____________________

(١) السرائرص ٤٧٧.

(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ٥٢.

(٣) البحار ج ١٠ ص ٢٧٢.

(٤ و ٥) المحاسن ص ٤٢٧.

٢٢٢

قال : سالت أبا عبدالله عليه‌السلام أيتوضأ من ألبان الابل؟ قال : لا ، ولا من الخبز واللحم (١).

ومنه : عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى وعبدالله بن المغيرة ، عن محمد بن سنان مثله (٢).

ومنه : عن ابن العزرمي ، عن حاتم بن إسماعيل المديني ، عن جعفر ، عن أبيه عن الحسين بن علي ، عن زينب بنت ام سلمة قالت : اتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكتف شاة فأكل منها وصلى ولم يمس ماء (٣).

ومنه : عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عليهم‌السلام عن زينب بنت ام سلمة ، عن ام سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اتي بكتف شاة وأكل منها ، ثم أذن الموذن بالعصر ، فصلى ولم يمس ماء (٤).

ومنه : عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سالت أبا عبدالله عليه‌السلام هل يتوضأ من الطعام أو شرب اللبن؟ قال : لا (٥).

بيان : الظاهر أن المراد بالوضوء في هذه الاخبار وضوء الصلاة لا غسل اليد (٦) وإن كان البرقي ـ ره أوردها في آداب الاكل ، وبالجملة تدل على

____________________

(١ ـ ٥) المحاسن ص ٤٢٧.

(٦) بل الظاهر أن المراد بالوضوء : التوضى من الغمر ، وانما كان يتوضأ صلى الله عليه وآله أحيانا عن الغمر اذا قام للصلاة لاجل طول لبث الغمر على يده ، والغمراذا طال على اليد أو سائر البدن اجتمع عليه الشياطين وقدقال تعالى عزوجل : «والرجز فاهجر» يعنى رجز الشيطان وأما اذا لم يلبث الغمر فلا يجب ذلك كما وقع في هذه الاحاديث أن رسول الله (ص) أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.

وأما الجمهور فتوهموا أن المراد بالتوضى في هذه الاحاديث الوضوء للصلاة فبعضهم أخذ بما رواه أبوهريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : توضؤوا مما مست النار ، رواه مسلم كمافى مشكاة المصابيح ص ٤٠ ، وبعضهم أخذ بما رواه ابن عباس قال : ان رسول الله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ، وهو عندهم حديث متفق عليه.

٢٢٣

عدم انتقاض الوضوء بأكل مامسته النار ردا على بعض المخالفين القائلين به ، ولا خلاف بيننا في عدم الانتقاض.

والمشهور بين المخالفين أيضا ذلك ، قال في شرح السنة بعد أن روى عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ : هذا متفق على صحته ، وأكل مامسته النار لا يوجب الوضوء ، وهو قول الخلفاء الراشدين ، وأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

وذهب بعضهم إلى إيجاب الوضوء منه ، كان عمر بن العزيز يتوضأ من السكر واحتجوا بما روى أبوهريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : توضؤوا مما مسته النار ، ولو من ثور أقط والثور القطعة من الاقط ، وهذا منسوخ عند عامة أهل العلم ، وقال جابر : كان آخر الامرين من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترك الوضوء مما غيرت النار.

وذهب جماعة من أهل الحديث إلى إيجاب الوضوء عن أكل لحم الابل خاصة وهو قول أحمد وإسحاق لرواية حملت على غسل اليد والفم للنظافة.

٢٠ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل زب الحسين بن علي عليهما‌السلام كشف عن اربيته (١) وقام فصلى من غير أن يتوضأ (٢).

وبهذا الاسناد قال : سئل علي عليه‌السلام أن رجلا قلم أظافيره وأخذ شاربه أو حلق رأسه بعد الوضوء ، قال : لا بأس لم يزده ذلك إلا طهارة (٣).

وبهذا الاسناد قال : إن عليا عليه‌السلام رعف وهو في الصلاة بالناس ، فأخذ بيد رجل فقدمه ثم خرج فتوضأ فلم يتكلم ثم جاء فبنى على صلاته ، ولم يزد على ذلك (٤).

____________________

(١) الاربية : أصل الفخذ ، وكان أربوة لكنهم استثقلوا التشديد على الواو ، وقالوا اربية.

(٢) نوادر الراوندى ص ٤٠.

(٣) نوادر الراوندى ص ٤٥ ، وفيه «سئل عن رجل».

(٤) المصدر نفسه.

٢٢٤

وروي أيضا أن عليا عليه‌السلام قال : من رعف وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة (١).

وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه‌السلام : كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمكان فاطمة ابنته ، لانها كانت عندي ، فقلت لابي ذر سله! فسأله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يغسل طرف ذكره وانثييه ، ويتوضأ وضوء الصلاة (٢).

وبهذا الاسناد عن علي عليه‌السلام قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن أمرت المقداد يسأله يقول ثلاثة أشياء : مني ووذى ومذي ، فأما المذي فالرجل يلاعب امرأته فمذي ، ففيه الوضوء ، وأما الوذي فهو الذي يتبع البول الماء الغليظ شبه المني ففيه الوضوء ، وأما المني فهو الماء الدافق الذي يكون منه الشهوة ففيه الغسل (٣).

بيان : «الزب» بالضم الذكر والاربية كاثفية أصل الفخذ ، أوما بين أعلاه وأسفل البطن ، ويدل الاول على أن مس الذكر لا يبطل الوضوء ، والوضوء في الثالث والرابع محمول على إزالة النجاسة حملا على المعنى اللغوي ، والبناء في الثالث محمول على عدم الاستدبار والكلام (٤) والاستيناف في الرابع على ما إذا صدر واحد منهما ، أو الفعل الكثير على المشهور ، والوضوء في المذي والوذى إما محمول على التقية أو على الاستحباب كما عرفت (٥).

____________________

(١ ـ ٣) نوادر الراوندى ص ٤٥.

(٤) بل الوجه في ذلك أن كل ماغلب الله على العبد فالله أولى له بالعذر ، والرجل اذا مضى في صلاته مع شرائط الصحة ، ثم فاجأه في الاثناء الرعاف وهو مانع عن المضى في الصلاة شرعا ، كان على الله أن يقبل ما مضى من صلاته ، وكان عليه أن ينصرف إلى تحصيل الطهارة المانعة عن الصلاة ، وليس معناه الا الابتناء ، نعم اذا فعل من منافيات الصلاة ما لم يلزمه ولم يغلب عليه الله كان ذلك بمنزلة الانصراف عن الصلاة رأسا ، فلاوجه للابتناء وهو ظاهر.

(٥) بل يحمل على التوضى من الخبث للعرف الشايع في صدر الاسلام ، فان وضوء الصلاة أيضا انما سمى وضوءا لمبالغتهم في غسل الوجه واليدين رغبة في اطاعة أمرالله عزوجل بأحسن الوجوه.

٢٢٥

٢١ ـ نهج البلاغة : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : العين وكاء السه (١).

قال السيد ـ رضي‌الله‌عنه ـ وهذه من الاستعارات العجيبة كأنه شبه السه بالوعاء ، والعين بالوكاء ، فاذا اطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، وهذا القول في الاظهر الاشهر من كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) وقد رواه قوم لامير المؤمنين عليه‌السلام وذكر ذلك المبردفي كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ، وقد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الاثار النبوية (٣).

بيان : قال في النهاية : الوكاء الخيط الذي يشد به الصرة ، والكيس و غيرهما ، ومنه الحديث : العين وكاء السه ، جعل البقظة للاست كالوكاء للقربة كما أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج كذلك اليقظة تمنع الاست أن يحدث إلا باختيار ، وكنى بالعين عن اليقظة ، لان النائم لاعين له يبصر به ، والسه حلفة الدبر وهو من الاست وأصلها سته بوزن فرس ، وجمعها أستاه كأفراس ، فحذف الهاء وعوض عنها الهمزة ، فقيل إست ، فاذا رددت إليها الهاء وهي لامها وحذفت العين التي هي التاء انحذفت الهمزة التي جئ بها عوض الهاء فتقول : سه بفتح السين ، ويروى في الحديث وكاء الست بحذف الهاء وإثبات العين ، والمشهور الاول انتهى.

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٦٦ من قسم الحكم.

(٢) روى عن على (ع) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ رواه أبوداود ، وروى أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : انما العينان وكاء السه فاذا نامت العين استطلق الوكاء ، رواه الدارمى. راجع في ذلك مشكاة المصابيح ص ٤١.

(٣) المجازات النبوية ١٧٨ ، ولفظه ومن ذلك قوله عليه‌السلام : «العين وكاء السه فاذا نامت العين استطلق الوكاء» وهذه من أحسن الاستعارات والسه اسم للسته قال الشاعر :

وأنت السه السفلى اذادعيت نصر

وأنت السه السفلى اذادعيت نصر

٢٢٦

وقال ابن أبي الحديد : ويروى العينان وكاء السه ، وقد جاء في تمام الخبر في بعض الروايات : فاذا نامت العينان استطلق الوكاء (١).

٢٢ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام أن الوضوء لا يجب إلا من حدث ، وأن المرء إذا توضأ صلى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات مالم يحدث أوينم أو يجامع أو يغم عليه ، أو يكون منه مايجب منه إعادة الوضوء (٢).

ومنه مرسلا عن أمير المؤمنين والباقر والصادق صلوات الله عليهم قالوا : الذي ينقض الوضوء الغايط والبول والريح والنوم الغالب إذا كان لا يعلم ما يكون منه ، فأما من خفق خفقة وهو يعلم ما يكون منه ويحسه ويسمع ، فذاك لاينقض وضوءه (٣).

ولم يروامن الحجامة ولامن الفصد ولا من القئ ولا من الدم أو الصديد أو القيح ، ولا من القبلة ولا من المس ولا من مس الذكر ولا الفرج ولا الانثيين ولامس شئ من الجسد ولا من أكل لحوم الابل ولا من شرب اللبن ، ولا من أكل ما مسته النار ، ولا في قص الاظفار ولا أخذ الشارب ولا حلق الرأس وإذا مس جلدك الماء فحسن (٤).

ويتمضمض من تقيأويصلي إذا كان متوضئا قبل ذلك ، ومن أكل اللحوم

____________________

فكانه عليه‌السلام شبه السه بالوعاء وشبه العين بالوكاء فاذا نامت العين انحل صرار السه كما أنه اذازال الوكاء وسع بما فيه الوعاء ، الا أن حفظ العين للسته على خلاف حفظ الوكاء للوعاء فان العين اذا أشرجت لم تحفظ ستهها والاوكية اذا حللت لم تضبط أوعيتها ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى أمير المؤمنين على عليه‌السلام وقد ذكره محمد بن يزيد المبرد في الكتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ، وفى الاظهر الاشهر أنه للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(١) شرح النهج ج ٤ ص ٥٠٧.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠١.

(٣ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٢ باقتباس واختلاط.

٢٢٧

أوالالبان أو مامسته النارفان غسل من مس ذلك يديه فهو حسن مرغب فيه مندوب إليه ، وإن صلى ولم يغسلهما لم تفسد صلاته (١).

وروينا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه اتي بكتف جزور مشوية وقد أذن بلال فأمره فأمسك هنيئة حتى أكل منها وأكل معه أصحابه ، ودعا بلبن إبل ممذوق (٢) له فشرب منه وشربوا ثم قام فصلى ولم يمس ماء (٣).

بيان : الممذوق اللبن الممزوج بالماء.

٢٣ ـ الهداية : لا ينتقض الوضوء إلا مما يخرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني ، وما سوى ذلك من مذي ووذي وقئ وقلس ورعاف و حجامة ودماميل وجروج وقروح وغير ذلك فانه لا ينقض الوضوء (٤).

٢٤ ـ كتاب عاصم بن حميد : عن سالم بن أبي الفضل قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عما ينقض الوضوء فقال : ليس ينقض الوضوء إلا ما أنعم الله به عليك من طرفيك من الغايط والبول.

٢٥ ـ كتاب عبدالله بن يحيى الكاهلي قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن الرجل يخفق وهو جالس في الصلاة ، قال : لا بأس بالخفقة مالم يضع جبهته على الارض أو يعتمد على شئ.

بيان : لعل محمول على التقية أوعلى عدم ذهاب حس السمع والبصر.

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٢.

(٢) في المصدر ، فمذق. وهو الاصح ، والمراد باللبن الماست.

(٣) دعائم الاسلام ص ١٠٢.

(٤) الهداية ص ١٨.

٢٢٨

٢

* (باب) *

* (علل الوضوء وثوابه وعقاب تركه) *

١ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن علي بن الحسين البرقي ، عن ابن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده الحسن ابن علي عليه‌السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرني لاي شئ توضأ هذه الجوارح الاربع وهي أنظف المواضع في الجسد؟.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ، ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها ، ذهب ماء وجهه ، ثم قام وهو أول قدم مشت إلى خطيئة ، ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطارالحلي والحلل عن جسده ، ثم وضع يده على ام رأسه وبكى.

فلما تاب الله عزوجل عليه فرض الله عزوجل عليه وعلى ذريته الوضوء على هذه الجوارح الاربع : وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ، ثم سن على امتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام ، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء عاملها؟ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان ، وإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة ، فاذا استنشق آمنه الله من النار ، ورزقه رايحة الجنة ، فاذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه ، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار ، و

٢٢٩

إذا مسح رأسه مسح الله عنه سيئاته ، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، قال : صدقت يامحمد (١).

بيان : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «لتنقى القلب» أي يذهب أثر الحرام من القلب ، فينور الله قلبه ولسانه بالحكمة كما سيأتي.

العلل : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : جاء نفر ـ إلى قوله : لما مشى إلى الخطيئة (٢).

المحاسن : عن أبيه مثله (٣).

العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم مرسلا مثله.

٢ ـ مجالس الصدوق : عن الحسين بن علي بن أحمد الصايغ ، عن أحمد ابن محمد بن عقدة الهمداني ، عن جعفر بن عبيد الله ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أتى رجل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن ثواب الوضوء والصلاة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء و قلت : «بسم الله» تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك ، فاذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظر هما وفوك بلفظه ، فاذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك ، فاذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك ، فهذا لك في وضوئك (٤).

أقول : تمامه في كتاب الحج (٥).

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١١٥.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٥.

(٣) المحاسن ص ٣٢٣.

(٤) أمالى الصدوق ص ٣٢٨.

(٥) راجع ج ٩٩ ص ٣ ـ ٥.

٢٣٠

٣ ـ العيون (١) والعلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه ، عن محمد ابن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن الرضا عليه‌السلام فيماكتب إليه من العلل قال : علة الوضوء التي صار من أجلها غسل الوجه والذراعين ، ومسح الرأس و الرجلين ، فلقيامه بين يدي الله عزوجل ، واستقباله إياه بجوارحه الظاهره ، و ملاقاته بها الكرام الكاتبين :

فغسل الوجه للسجود والخضوع ، وغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما و يرهب ويتبتل ، ومسح الرأس والقدمين لانهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما في حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتبتل مافي الوجه والذراعين (٢).

بيان : الرغبة أن تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة أن تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتبتل تحريك السبابة اليسرى ترفعها في السماء وتضعها كما روي في الصحيح (٣) والتقليب يشملها مع تحريك السبابة اليمنى يمينا وشمالا ويسمى بالتضرع ، ورفع اليدين للتكبير والوضع في مواضعهما في الركوع والسجود وساير الاحوال.

٤ ـ ثواب الاعمال : عن محمدبن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن صباح الحذاء ، عن سماعة قال : قال أبوالحسن موسى عليه‌السلام : من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ، ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لمامضى من ذنوبه في ليلته ماخلا الكبائر (٤) ايضاح : لا يقال : مع اجتناب الكبائر الصغاير مكفرة بالاية الكريمة (٥)

____________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨٩

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٥.

(٣) راجع ج ٢ ص ٤٧٩ من الكافى ص ٣٦٩ معانى الاخبار.

(٤) ثواب الاعمال ص ١٧

(٥) الاية هى قوله تعالى : « ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم

٢٣١

فأي فائدة للوضوء؟ لانا نقول : يحتمل أن يكون تكفير الصغاير بسبب الوضوء مختصا بمن لم يجتنب الكبائر (١) وربما يقال : لعل كل منهما مدخلا في التكفير ولايخفى مافيه.

٥ ـ معانى الاخبار : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معا عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعرى ، عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمانية لا تقبل لهم صلاة : العبد الابق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز عن زوجها وهو عليها ساخط ، ومانع الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلي بغير خمار ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون والزبين.

قالوا : يا رسول الله وما الزبين؟ قال : الرجل يدافع البول والغايط.

والسكران ، فهؤلاء ثمانية لا تقبل لهم صلاة (٢).

بيان : ظاهر الاخبار أن القبول غير الاجزاء ، واختلف في معناهما ، فقيل القبول هو استحقاق الثواب ، والاجزاء الخلاص من العقاب ، وقيل : القبول [ كثرة الثواب والاجزاء بدونه قلة ، والظاهر أن المراد بعدم القبول ] (٣) هنا

____________________

وندخلكم مدخلا كريما « وللمؤلف العلامة في ج ٦ ص ٤٢ من هذه الطبعة بيان ، وهكذا في ج ٧٩ ص ٣ ، ولنا في الذيل ج ٧٩ ص ١٠ ـ ١٢ بحث في ذلك من شاءه فليراجع.

(١) بل الوجه فيه أن الحسنات يذهبن السيئات ، والسيئات هى الصغائر ، والحسنات الصلوات الخمس كمايأتى في محله ، فالمعنى أن كل صلاة اذا صليت في وقته كانت مكفرة لما صدر من المصلى من صغائر الذنوب والسيئات قبل ذلك ، الا أن ذلك التكفير يعجل في صلاة المغرب والصبح فاذا توضأ لصلاتهما كفر ما بينهما ، وأما من لا يصلى فلا يكفر ذنوبه أصلا لان ترك الصلاة كبيرة في نفسها ، بل هو بمنزلة الكفر.

(٢) معانى الاخبار ص ٤٠٤ ، ورواه في الخصال ج ٢ ص ٣٨ المحاسن ص ١٢.

(٣) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى.

٢٣٢

أعم من عدم الصحة وعدم الكمال ، ففي تارك الوضوء والمصلية بغير خمار و السكران الاول وفي الباقي الثاني ، وقال في النهاية : الزبن الدفع ، ومنه الحديث لا يقبل الله صلاة الزبين ، وهو الذي يدافع الاخبثين وهو بوزن السجين هكذا رواه بعضهم والمشهور بالنون وقال في الزاء والنون : فيه لا يصلين أحدكم وهو زنين أي حاقن ، يقال : زن يزن أي حق فقطر ، وقيل : هو الذي يدافع الاخبثين معا ، ومنه الحديث لا يقبل الله صلاة العبد الابق ولا صلاة الزنين.

٦ ـ عقاب الاعمال (١) والعلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن السندي بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن صفوان ابن مهران ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : اقعد رجل من الاخيار في قبره فقيل له : إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ، فقال : لا أطيقها ، فلم يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدة واحدة ، فقالوا ليس منها بد فقال : فبما تجلدونيها؟ قالوا : نجلدك لانك صليت يوما بغير وضوء ، ومررت على ضعيف فلم تنصره ، قال : فجلدوه جلدة من عذاب الله عزوجل ، فامتلا قبره نارا (٢).

المحاسن : عن محمد بن علي ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان مثله (٣) بيان : في العلل وعقاب الاعمال «رجل من الاخيار» بالخاء المعجمة و الياء المثناة التحتانية ، وفي المحاسن والفقيه (٤) الاحبار بالحاء المهملة والباء الموحدة فعلى الاول المراد كونه خيرا عند الناس أو في سائر أعماله ، وعلى الثاني علماء اليهود.

____________________

(١) راجع ص ٢٠٢ من ثواب الاعمال.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٩١.

(٣) المحاسن ص ٧٨.

(٤) رواه في الفقيه مرسلا راجع ج ١ ص ٣٥ ط نجف.

٢٣٣

ويدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء ووجوب نصرة الضعفاء مع القدرة ، وعلى سؤال القبر وعذابه ، وأنه يسأل فيه عن بعض الفروع أيضا كما دلت عليه أخبار اخر ، وقد مر الكلام فيه في المجلدات الثالث (١).

٧ ـ العيون (٢) والعلل عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام.

فان قال : لم أمر بالوضوء وبدأ به؟ قيل : لان يكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار في مناجاته إياه ، مطيعا له فيما أمره ، نقيا من الادناس و النجاسة ، مع مافيه من ذهاب الكسل ، وطرد النعاس ، وتذكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار.

فان قال : فلم وجب ذلك على الوجه واليدين ، والرأس والرجلين؟ قيل : لان العبد إذا قام بين يدي الجبار ، فانما ينكشف من جوارحه ، ويظهر ما وجب فيه الوضوء ، وذلك أنه بوجهه يستقبل ويسجد ويخضع ، وبيده سأل ويرغب ويرهب ويتبتل ، وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده ، وبرجليه يقوم ويقعد.

فان قيل : فلم وجب الغسل على الوجه واليدين ، والمسح على الرأس و الرجلين ولم يجعل غسلا كله ، ولا مسحا كله؟ قيل : لعلل شتى : منها أن العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود ، وإنما يكون الركوع والسجود بالوجه واليدين ، لا بالرأس والرجلين.

ومنها أن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين ، يشتد ذلك عليهم في البرد ، والسفر ، والمرض ، والليل والنهار ، وغسل الوجه

____________________

(١) راجع ج ٦ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٨ باب أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٠٤.

٢٣٤

واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين ، وإنما وضعت الفرائض على قدر أقل الناس طاقة من أهل الصحة ، ثم عم فيها القوى والضعيف ومنها أن الرأس و الرجلين ليس هما في كل وقت باديان وظاهران (١) كالوجه واليدين ، لموضع العمامة والخفين وغير ذلك.

فان قال : فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ، ومن النوم دون ساير الاشياء؟ فقيل : لان الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للانسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما ، فامروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم ، وأما النوم فان النائم إذاغلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخى ، فكان أغلب الاشياء كلها فيما يخرج منه ، فوجب عليه الوضوء بهذه العلة.

فان قالوا : فلم لم يؤمروا بالغسل من هذه النجاسة كما امروا بالغسل من الجنابة؟ قيل : لان هذا شئ دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك ولايكلف الله نفسا إلا وسعها ، والجنابة ليس هي أمرا دائما إنما هي شهوة يصيبها إذا أراد ، ويمكنه تعجيلهاو تأخيرها للايام الثلاثة والاقل والاكثر ، وليس هاتيك هكذا (٢).

توضيح : قوله عليه‌السلام : «ليس همافي كل وقت» أي لا يحصل فيهما من الدنس و القذر مايحصل في الوجه واليدين ، لكونهما غالبا باديين ، قوله عليه‌السلام : « فكان أغلب

____________________

(١) كذافى النسخ : والرفع فيهما على الغاء ليس من العمل بمعنى فرض دخولها على الجملة الاسمية «هما باديان» ويظهر من طبعة الكمبانى أنه صحح «باديين وظاهرين» وهو الاشبه بقواعد العلم ، على نحو قوله (ع) : «ليس هى أمرا دائما» فيما يأتى من لفظ الحديث.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٤٤ و ٢٤٥ وفيه «وليس ذانك» وفى العيون «وليس ذلك».

٢٣٥

الاشياء » أي فكان النوم أغلب الاشياء في احتمال خروج النجاسة أي أغلب أحوال الانسان ، أو المراد بالاشياء الاعضاء بقرينة قوله كل شئ منه أي أغلب الاشياء في الاسترخاء الاعضاء التي تخرج منها النجاسة ، أو المراد بالاشياء الاحتمالات أي أغلب الاحتمالات في حال الخروج فتكون كلمة« ما » مصدرية ، ولعل الاول أظهر.

٨ ـ المناقب : لابن شهر آشوب : روي أن شاميا سأل علي بن الحسين عليه‌السلام عن بدوالوضوء فقال قال الله تعالى لملائكته : «إني جاعل في الارض خليفة» (١) الاية فخافوا غضب ربهم فجعلوا يطوفون حول العرش كل يوم ثلاث ساعات من النهار ، يتضرعون ، قال : فأمر هم أن يأتوا نهرا جاريا يقال له الحيوان تحت العرش فيتوضأوا (٢).

٩ ـ تفسير الامام عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، ولا يقبل الله صلاة بغير طهور (٣).

بيان : رواه في الكافي (٤) عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه «افتتاح الصلاة» أي أول شرائطه ومقدماته ، أولانه لاشتراطها به كالجزء منها ، أو عند الشروع في الوضوء إلى إتمام الصلاة يكتب له ثوابها ، وكذا المفتاح أو هو كناية عن الاشتراط أي لا يفتح الصلاة إلا به «وتحريمها التكبير» أي لا يحرم محرمات الصلاة إلا به ، ولا يحل المحرمات إلا بالتسليم ، وظاهره الوجوب وسيأتى القول فيه.

١٠ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبى جعفر عليه الصلاة والسلام

____________________

(١) البقرة : ٣٠.

(٢) المناقب ج ٤ ص ١٦٠.

(٣) تفسير الامام ٢٣٩.

(٤) الكافى ج ٣ ص ٦٩.

٢٣٦

قال : لاتعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع والسجود (١).

بيان : الطهور الطهارة من الحدث ، أو الاعم منه ومن الخبث ، وفي الاخلال بالاول يلزم الاعادة مطلقا ، وفي الثاني إذا كان عامدا مطلقا في الوقت وخارجه سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا واستشكل بعض المحققين قضاء الجاهل ، وإذا كان ناسيا الاعادة مطلقا أيضا على قوله جماعة أو في الوقت خاصة على الاشهر بين المتأخرين.

وقيل : بعدم الاعادة مطلقا ولا يخلو من قوة ، بحمل الاخبار الاعادة على الاستحباب ، وإذا كان جاهلا ولم يعلم إلا بعد الفراغ ، فالاشهر عدم الاعادة مطلقا وقيل : يعيد في الوقت خاصة ، وفيه قول نادر بوجوب القضاء أيضا والاول أقوى.

١١ ـ دعائم الاسلام : روينا عن علي عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يحشر الله عزوجل امتي يوم القيامة بين الامم غرا محجلين من آثار الوضوء (٢).

ومنه عن علي عليه‌السلام أنه قال : الطهر نصف الايمان (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : من أحسن الطهور ثم مشى إلى المسجد فهو في صلاة ما لم يحدث (٤).

ومنه : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا صلاة إلا بطهور (٥).

وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال : لا يقبل الله صلاة إلا بطهور (٦).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٣٧.

(٢ ـ ٦) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٠.

٢٣٧

١٢ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الوضوء نصف الايمان (١).

بيان : لعل المعنى أنه نصف الصلاة لشدة مدخليته في صحتها ، وقد سمى الله الصلاة إيمانا (٢) في قوله سبحانه «وما كان الله ليضيع إيمانكم» كما مر (٣).

١٣ ـ المحاسن : عن عبدالعظيم الحسني قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : لا صلاة إلا بطهور.

أقول : سيأتي بعض العلل في باب علل الصلاة.

____________________

(١) نوادر الراوندى : ٤٠.

(٢) أقول : بل الظاهر أن المراد بالايمان هو تصديق النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله عند تحويل القبلة حيث كان صعبا عليهم لكونه متضمنا لتخطئة قبلتهم الاولى ولذلك ارتد بعض المسلمين حينذاك كما قال عزوجل في صدر الاية «سيقول السفهاء ما وليهم من قبلتهم التى كانوا عليها» إلى قوله «وما جعلنا القبلة التى كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله».

(٣) راجع باب تحول القبلة ج ١٩ ص ١٩٥ ـ ٢٠٢ من هذه الطبعة الحديثة ، و الاية في سورة البقرة : ١٤٣.

٢٣٨

٣

* (باب) *

* (وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه) *

الايات : المائدة : يا أيها الذين آمنوا إذاقمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين (١).

الواقعة : إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون (٢).

تفسير : قيل إقباله جل شأنه بالخطاب بهذا الامر يتضمن تنشيط المخاطبين والاعتناء بشأن المأمور به ، وجبر كلفة التكليف بلذة المخاطبة ، ثم إن قلنا باختصاص كلمة «يا» بنداء البعيد كما هو الاشهر ، فالنداء بها للبعد البعيد بين مقامي عز الربوبية وذل العبودية ، أو لتنزيل المخاطبين ولو تغليبا منزلة البعداء للانهماك في لوازم البشرية ، وإن كان سبحانه أقرب إلينامن حبل الوريد ، أولما يتضمنه هذا النداء من تفخيم المخاطب به ، والاشارة إلى رفعة شأنه بالايماء إلى أننا بمراحل عن توفية حقه ، وحق ماشرع لاجله.

ولفظة «أي» لما كانت وصلة إلى نداء أمثال هذه المعارف ، اعطيت حكم المنادى ، ووصفت بالمقصود بالنداء ، وتوسيط ها التنبيه بينهما تعويض عما استحقه من المضاف إليه ، وتأكيد للخطاب ، وقد كثر النداء بيا أيها الذين آمنوا في القرآن المجيد ، لمافيه من وجوه التأكيد بالايماء إلى التفخيم ، وتكرار الذكر والابهام أولا ثم الايضاح ثانيا.

____________________

(١) المائدة : ٦

(٢) الواقعة : ٧٧ ـ ٧٩.

٢٣٩

والاتيان بحرف التنبيه وتعليق الحكم على الوصف المشعر بالعلية الباعث على الترغيب في الامتثال ، وتخصيص الخطاب بالمؤمنين ، لانهم هم المتهيؤن للامتثال ، وإلا فالكفار عندنا مخاطبون بفروع العبادات ، على أن المصر على عدم الايتمار بالشئ لا يحسن أمره بما هو من شروطه ومقدماته.

والقيام إلى الصلاة قيل اريد به إرادته والتوجه إليه إطلاقا للملزوم على لازمه ، أوالمسبب على سببه ، إذا فعل المختار تلزمه الارادة ، ويتسبب عنها كقوله تعالى «فاذا قرأت القرآن» (١) وقيل المراد بالقيام إليها قصدها ، والعلاقة مامر من اللزوم أو السببية ، وقيل معنى القيام إلى الشئ قصده وصرف الهمة إلى الاتيان به ، فلاتجوز ، وقيل المراد القيام المنتهي إلى الصلاة.

قال الشيخ البهائي قدس‌سره : والقولان الاخيران وإن سلما عن التجوز لكن أولهما يثبت في اللغة ، وثانيهما لا يعم جميع الحالات ، فالمعتمد الاول وكيف كان ، فالمعنى إذاقمتم محدثين ، وأماما نقل من أن الوضوء كان فرضاعلى كل قائم إلى الصلاة وإن كان على وضوء (٢) ثم نسخ بالسنة فلم يثبت عندنا ، مع أنه خلاف ما هو المشهور من أنه لامنسوخ في المائدة.

وقال جماعة من الاصحاب : الوجه مأخوذ من المواجهة فالاية إنما تدل على وجوب غسل مايواجه به منه ، وقال والدي قدس‌سره : بل الامر بالعكس ، فان المواجهة مشتقة من الوجه.

ولما كانت اليد تطلق على ما تحت الزند ، وعلى ماتحت المرفق ، وما تحت المنكب ، بين سبحانه غاية المغسول منها كما تقول لغلامك : اخضب يدك إلى الزند

____________________

(١) النحل : ٩٨.

(٢) ـ توهموا أن للاية الشريفة اطلاقا بالنسبة إلى من قام إلى الصلاة ، سواء كان متوضئا قبل ذلك لصلاة اخرى ماضية أولم يكن متوضئا ، وليس بصحيح ، والا لوجب أن يكون الخروج من الصلاة ـ التى توضأ هذا الوضوء لها ـ ناقضا لذاك الوضوء كما أن الخروج من الغائط ناقض له ، وهو كما ترى.

٢٤٠