بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

مثله (١).

بيان : أي لولا أن أصير شاقا على امتي أوأصير سببا لان يقعوا في المشقة لامرتهم بالامر الوجوبي بالسواك مع كل صلاة ، قال في القاموس : شق عليه الامر شقا ومشقة صعب ، وعليه أوقعه في المشقة وفي النهاية فيه : لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ، أي لولا أن أثقل عليهم من المشقة وهي الشدة انتهى.

واستدل به على أن الامر للوجوب ، وفيه أنظار مذكورة في كتب الاصول.

١٨ ـ العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عمن ذكره ، عن عبدالله بن حماد ، عن أبي بكر بن أبي سمال ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا قمت بالليل فاستك ، فان الملك يأتيك فيضع فاه في فيك ، فليس من حرف تتلوه وتنطق به إلا صعد به إلى السماء ، فليكن فوك طيب الريح (٢).

١٩ ـ قرب الاسناد (٣) ومكارم الاخلاق : عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يستاك بيده إذ قام في الصلاة صلاة الليل ، و هويقدر على السواك قال : إذ خاف الصبح فلا بأس (٤).

٢٠ ـ الخصال : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن يوسف عن معاذ الجوهري ، عن عمرو بن جميع باسناده رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : السواك فيه عشر خصال : مطهرة للفم ، مرضات للرب ، يضاعف الحسنات سبعين

____________________

(١) المحاسن ص ٥٦١.

(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٧٧.

(٣) قرب الاسناد ص ١٢٥ ط نجف.

(٤) مكارم الاخلاق ص ٥٣.

٣٤١

ضعفا ، وهو من السنة ، ويذهب بالحفر ، ويبيض الاسنان ، ويشد اللثة ، ويقطع البلغم ، ويذهب بغشاوة البصر ، ويشهي الطعام (١).

ومنه : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ الجوهري ، عن عمرو بن جميع يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : في السواك اثنتا عشرة خصلة : مطهرة للفم ، ومرضات للرب ، ويبيض الاسنان ، ويذهب بالحفر (٢) ويقل البلغم ، ويشهي الطعام ، ويضاعف الحسنات ، وتصاب به السنة ، وتحضره الملائكة ، ويشد اللثة ، وهو يمر بطريقة القرآن ، وركعتين بسواك أحب إلى الله عزوجل من سبعين ركعة بغير سواك (٣).

بيان : قدمر مثله بأسانيد في باب السواك (٤) وقال الجوهري تقول : في أسنانه حفر وقد حفرت تحفر حفرامثال كسر يكسر كسرا [ إذا فسدت اصولها ] قال يعقوب : هوسلاق في اصول الاسنان قال : ويقال : أصبح فم فلان محفورا ، وبنو أسد تقول : في أسنانه حفر ـ بالتحريك ـ وقد حفرت مثال تعب تعبا ، وهي أردء اللغتين.

والسلاق تقشر في اصول الاسنان ، واللثة بالتخفيف ما حول الاسنان ، وأصلها لثي ، والهاء عوض عن الياء ، والجمع لثاة ولثى.

٢١ ـ ثواب الاعمال : محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : لو يعلم الناس في السواك لاباتوه

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٦٠.

(٢) الحفر ـ محركة ـ سلاق في اصول الاسنان ، أو صفرة تعلوها ، ولعله هى آكلة الاسنان من الشياطين تحفر السن كالجحر.

(٣) الخصال ج ٢ ص ٨٠.

(٤) راجع ج ٧٦ ص ١٢٩.

٣٤٢

معهم في لحافهم (١).

بيان : قال الوالد قدس‌سره : الظاهر منه تأكده لصلاة الليل ، أوبعد النوم مطلقا ، أوالمراد أنهم لو علموا فضله لا ستاكوا في اللحاف حتى يناموا أوكلما انتبهوا استاكوا ، والاول أظهر.

٢٢ ـ المحاسن : عن أبي سمينة ، عن إسماعيل بن أبان الحناط ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نظفوا طريق القرآن ، قيل : يا رسول الله وما طريق القرآن؟ قال : أفواهكم ، قيل : بماذا؟ قال : بالسواك (٢).

ومنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن إسحاق بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إني لاحب للرجل إذا قام بالليل أن يستاك وأن يشم الطيب ، فان الملك يأتي الرجل إذاقام بالليل حتى يضع فاه على فيه ، فماخرج من القرآن من شئ دخل جوف ذلك الملك (٣).

٢٣ ـ مكارم الاخلاق : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا استاك استاك عرضا ، وكان عليه‌السلام يستاك كل ليلة ثلاث مرات مرة قبل نومه ، ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح ، وكان يستاك بالاراك (٤) أمره بذلك جبرئيل عليه‌السلام (٥).

وقال عليه‌السلام : السواك شطر الوضوء (٦).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك عند وضوء

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٨.

(٢) المحاسن ص ٥٥٨.

(٣) المحاسن ص ٥٥٩.

(٤) شجر ينبت في بلاد العرب يستاك بقضبانه بعد ما يجعل رأسه كالفرشة وبما فيه من ملوحة وحموضة ومرارة يطيب النكهة.

(٥) مكارم الاخلاق ص ٤١.

(٦) المكارم ص ٥٣ س ٢.

٣٤٣

كل صلاة (١).

وفي وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنين عليه‌السلام : عليك بالسواك ، وإن استطعت أن لا تقل منه فافعل ، فان كل صلاة تصليها بالسواك تفضل على التي تصليها بغير سواك أربعين يوما (٢).

٢٤ ـ المقنع : صلاة تصليها بسواك أفضل عند الله من سبعين صلاة تصليها بلاسواك وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يستاك لكل صلاة ، وقال في وصيته لامير المؤمنين عليه‌السلام : عليه بالسواك عند وضوء كل صلاة ، وروي أنه قال : إن أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك (٣).

٢٥ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يبول في الطست يصلح له الوضوء فيها؟ قال : إذاغسلت بعد بوله فلا بأس (٤).

٢٦ ـ أعلام الدين للديلمي : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أفواهكم طرق القرآن ، فطيبوها بالسواك ، فان صلاة على أثر السواك ، خير من خمس وسبعين صلاة بغير سواك.

٢٧ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : التشويص بالابهام والمسبحة عندالوضوء سواك ، والدعاء عند السواك « اللهم ارزقني حلاوة نعمتك ، وأذقني برد روحك ، وأطلق لساني بمناجاتك ، وقربني منك مجلسا ، وارفع ذكري في الاولين ، اللهم ياخير من سئل ، ويا أجود من أعطى ، حولنا مما نكره إلى ما تحب وترضى ، وإن كانت القلوب قاسية ، وإن كانت الاعين جامدة ، وإن كنا أولى بالعذاب ، فأنت أولى بالمغفرة ، اللهم أحيني في عافية وأمتني

____________________

(١) المكارم ص ٥٣ س ١٨.

(٢) المكارم ص ٥٤.

(٣) المقنع ص ٣ ط حجر ص ٨ ط قم.

(٤) البحار ج ١٠ ص ٢٨٠.

٣٤٤

في عافية ».

بيان : قال في النهاية : فيه : إنه كان يشوص فاه بالسواك أي يدلك أسنانه وينقيها وقد قيل : هو أن يستاك من سفل إلى علو وأصل الشوص الغسل وفي القاموس : الشوص الدلك باليد ، ومضغ السواك والاستنان به ، أو الاستياك من أسفل إلى علو.

قوله : «في الاولين» أي كما رفعت ذكر الصلحاء من الاولين فارفع ذكري معهم «وإن» في قوله : «وإن كنا أولى» يحتمل الوصلية وعدمها.

٢٨ ـ دعائم الاسلام : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما على أصحابه فقال : حبذا المتخللون ، قيل : يا رسول الله وما هذا التخلل؟ قال : التخلل في الوضوء بين الاصابع والاظافير والتخلل من الطعام ، فليس شئ أثقل على ملكي المؤمن أن يريا شيئا من الطعام في فيه وهو قائم يصلي (١).

٢٩ ـ الهداية : فأما الماء الذي تسخنه الشمس : فانه لا يتوضأ به ولايغتسل ولا يعجن به ، لانه يورث البرص ، وأما الماء الاجن (٢) فانه لا بأس بأن يتوضأ منه ويغتسل ، إلا أن يوجد غيره فيتنزه عنه (٣).

والمضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء ، وهما سنة لاسنة الوضوء ، لان الوضوء فريضة كله ، ولكنهما من الحنيفية التي قال الله عزوجل لنبيه : «واتبع ملة إبراهيم حنيفا» (٤) وهي عشر سنن : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد.

فأما التي في الرأس : فالمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب والفرق لمن حول شعر رأسه ، وروي أن من لم يفرق شعره فرقه الله يوم القيامة

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٣.

(٢) زاد بعده في المصدر : والذى قد وقع فيه الكلب والسنور.

(٣) الهداية : ١٣ ط قم.

(٤) النساء : ١٢٥.

٣٤٥

بمنشار من نار ، وأما التي في الجسد : فالاستنجاء ، والختان ، وحلق العانة ، وقص الاظافير ، ونتف الابطين (١).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : افتحوا عيونكم عندالوضوء لعلها لاترى نار جهنم (٢).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : السواك شطر الوضوء ، وكان أبوالحسن عليه‌السلام يستاك بماءالورد ، وفي السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من السنة ، ومطهرة للفم ، و مجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الاسنان ، ويذهب بالحفر ، ويشد اللثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات و تفرح به الملائكة (٣).

٣٠ ـ فلاح السائل : من كتاب اللؤلؤيات قال : كان الحسن بن علي عليهما‌السلام إذا توصا تغير لونه ، وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حق لمن وقف بين يدي ذي العرش أن يصفرلونه ، وترتعد مفاصله ، وروي نحو هذا الحديث عن مولانا الحسن عليه‌السلام يعقوب بن نعيم بن قرقارة من أعيان أصحاب الرضا عليه‌السلام في كتاب الامامة.

وروي أن مولانا زين العابدين عليه‌السلام كان إذاشرع في طهارة الصلاة اصفر وجهه ، وظهر عليه الخوف.

٣١ ـ جامع الاخبار : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يجوز صلاة امرئ حتى يطهر خمس جوارح : الوجه ، واليدين ، والرأس ، والرجلين بالماء ، والقلب بالتوبة (٤).

____________________

(١) الهداية : ١٧.

(٢) الهداية : ١٨.

(٣) المصدر نفسه ، وقد رواه مسندا في الخصال ج ٢ ص ٨٠ ، ثواب الاعمال ص ١٨.

(٤) جامع الاخبار ص ٧٦.

٣٤٦

٣٢ ـ عدة الداعى : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا أخذ في الوضوء تغير وجهه من خيفة الله ، وكان الحسن إذا فرغ من وضوئه تغير لونه ، فقيل له في ذلك ، فقال : حق على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه ، ويروى مثل هذا عن زين العابدين عليه‌السلام.

٣٣ ـ أسرار الصلاة للشهيد الثاني قدس‌سره : كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذاحضر للوضوء أصفر لونه ، فيقال له : ما هذا الذي يعتورك عندالوضوء؟ فيقول : ما تدرون بين يدي من أقوم؟

٣٤٧

٨

* (باب) *

* (مقدار الماء للوضوء والغسل) *

* (وحد المد والصاع) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده ، عن علي ابن جعفر ، عن أخيه قال : سألته عن الرجل يصيب الماء في الساقية مستنقعا فيتخوف أن تكون السباع قد شربت منه ، يغتسل منه للجنابة ويتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره؟ والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ، ولا مدا للوضوء ، وهو متفرق ، كيف يصنع؟ قال :

إذا كانت كفه نظيفة فليأخذ كفأ من الماء بيد واحدة ، ولينضحه خلفه وكفا أمامه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن يساره ، فان خشي أن لايكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ، ثم مسح جلده به ، فان ذلك يجزيه إنشاء الله تعالى.

وإن كان للوضوء غسل وجهه ، ومسح يده على ذراعيه ، ورأسه ورجليه ، وإن كان الماء متفرقا يقدر على أن يجمعه جمعه وإلا اغتسل من هذا وهذا وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه ، فان ذلك يجزيه إنشاء الله تعالى (١).

أقول : قد مر شرح الخبر بأجزائه في الابواب السابقة (٢).

٢ ـ معانى الاخبار : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا ، عن أحمد ابن إدريس ومحمد بن يحيى العطار معا ، عن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن جعفر ابن إبراهيم بن محمد الهمداني ـ قال : وكان معنا حاجا ـ قال : كتبت إلى أبي

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٠ ط نجف.

(٢) راج ص ١٣٧ فيما سبق.

٣٤٨

الحسن عليه‌السلام على يد أبي » جعلت فداك إن أصحابنا اختلفوا في الصاع ، بعضهم يقول : الفطرة بصاع المدينة ، وبعضهم يقول : بصاع العراق ، فكتب إلى : الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي قال : وأخبرني فقال : بالوزن يكون ألفا ومائة وسبعين وزنا (١)

٣ ـ ومنه : بهذا الاسناد ، عن الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن أبي القاسم الكوفي أنه جاء بمد وذكر أن ابن أبي عمير أعطاه ذلك المد وقال : أعطانيه فلان رجل من أصحاب أبي عبدالله وقال : أعطانيه أبوعبدالله عليه‌السلام وقال : هذا مد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فعيرناه فوجدناه أربعة أمداد ، وهو قفيز وربع بقفيزنا هذا (٢).

بيان : في القاموس عير الدنانير وزنها واحدا بعد واحد.

٤ ـ تحف العقول : عن أبي محمد عليه‌السلام قال : من تعدى في الوضوء كان كناقصه (٣).

٥ ـ فقه الرضا : قال : يجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن تمر به على وجهك وذراعيك ، أقل من ربع مد وسدس مدأيضا ويجوز أكثر من مد وكذلك في غسل الجنابة مثل الوضوء سواء وأكثرها في الجنابة صاع ، ويجوز غسل الجنابة بما يجوز به الوضوء إنما هو تأديب وسنن حسنة وطاعة آمر لمأمور ليثيبه عليه ، فمن تركه فقد وجب له السخط ، فأعوذ بالله منه (٤).

وقال عليه‌السلام : أدنى مايجزيك من الماء ماتبل به جسدك مثل الدهن ، وقد اغتسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعض نسائه بصاع من ماء (٥).

____________________

(١) معانى الاخبارص ٢٤٩ ، ورواه في العيون ج ١ ص ٣٠٩ و ٣١٠.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) تحف العقول ص ٥٢٠ ط الاسلامية.

(٤) فقه الرضا ص ٣.

(٤) فقه الرضا ص ٤.

٣٤٩

بيان : قوله : «فمن تركه» أي استخفافا أو ترك القول به وأنكره.

٦ ـ كتاب سليم بن قيس : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما عد من بدع عمر قال : وفي تغييره صاع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومده ، وفيهما فريضة وسنة ، فما كانت زيادته إلا سوءا لان المساكين في كفارة اليمين والظهار بهمايعطون ، وما يجب في الزرع ، وقدقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا ، لا يحولون بينه وبين ذلك لكنهم رضوا وقبلوا ما صنع الحديث (١).

٧ ـ معانى الاخبار للصدوق : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار معا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري عن علي بن محمد ، عن رجل ، عن سليمان بن حفص المروزي قال : قال أبوالحسن عليه‌السلام : الغسل صاع من ماء ، والوضوء مد ، وصاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة أمداد ، والمد وزن مائتين وثمانين درهما ، والدرهم وزن ستة دوانيق والدانق ستة حبات ، والحبة وزن حبتي شعير من أوساط الحب لا من صغاره ولا من كباره (٢).

بسط كلام لابد منه في تحقيق المقام اعلم أن الاخبار اختلفت في تحديد الصاع والمد ، ونقلوا الاجماع من الخاصة والعامة على أن الصاع أربعة أمداد ، والمشهور أن المد رطلان وربع بالعراقي ، فالصاع تسعة أرطال به ، والمد رطل ونصف بالمدني فالصاع ستة أرطال به ، بل الشيخ ادعى عليه الاجماع ، وذهب ابن أبي نصر من علمائنا إلى أن المد رطل وربع ، والرطل العراقي على المشهور أحد وتسعون مثقالا ، ومائة وثلاثون درهما ، لانهم اتفقوا على أن عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل ، والمثقال الشرعي هو الدينار الصيرفي المشهور ، والدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ، والدرهم على المشهور ستة دوانيق ، والدانق وزن ثمان حبات من أوسط

____________________

(١) كتاب سليم ص ١١٩ ط نجف.

(٢) معانى الاخبار ص ٢٤٩.

٣٥٠

حب الشعير.

فظهر أن هذا الخبر يخالف المشهور بوجوه :

الاول في عدد الامداد ، وقد عرفت اتفاقهم على الاربعة ، ويدل عليه أخبار صحاح كصحيحة الحلبي (١) وصحيحة عبدالله بن سنان (٢) وصحيحة زرارة (٣).

ويؤيد هذا الخبر في عدد الامداد مارواه الشيخ في الموثق (٤) باسناده عن سماعة قال : سألته عن الذي يجزي من الماء للغسل؟ فقال : اغتسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصاع وتوضأ بمد. وكان الصاع على عهده خمسة أمداد ، وكان المد قدر رطل وثلاث أواق.

لكن فيه إجمال من جهة الرطل ، لاشتراكه بين العراقي الذي عرفت وزنه وبين المدني الذي هو رطل ونصف بالعراقي ، وبين المكي الذي هو رطلان بالعراقي ، ومن جهة الاوقية أيضا إذ تعلق على أربعين درهما ، وعلى سبعة مثاقيل لكن الاول أشهر في عرف الحديث وفي عرف الاطباء عشرة مثاقيل وخمسة أسباع درهم ، كما ذكره الجوهري والمطرزي وغيرهما ، وعلى التقادير لا ينطبق على شئ من التقديرات نعلم لو حمل الرطل على المدني والاوقية على سبعة مثاقيل يقرب من الصاع المشهور.

الثاني في تقدير المد ، فانه على المشهور مائتا درهم واثنان وتسعون درهما ونصف درهم ، وعلى هذا الخبر مائتان وثمانون درهما.

الثالث في عدد حبات الدانق فانها على المشهور ثمان حبات ، وعليه اثنتا عشرة حبة.

الرابع في مقدار الصاع إذا الصاع على المشهور ألف ومائة وسبعون درهما

____________________

(١ ـ ٢) التهذيب ج ١ ص ٣٧١ ط حجر ج ٤ ص ٨١ ط نجف.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٣٨ ط حجر ج ١ ص ١٣٦ ط نجف.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٣٦ ط نجف ص ٣٨ ط حجر.

٣٥١

ومافي هذا الخبر إذاحسب على الدراهم المشهورة يصير ألفين ومائة درهم.

الخامس في مقدار الدرهم ، فانه على المشهور ثمان وأربعون حبة من الشعير وعلى هذا الخبر اثنتان وسبعون حبة والمشهور أنسب بما عيرنا المثقال الصيرفي به لانا عيرناه فكان ببعض الشعيرات اثنتين وثمانين ، وببعضها أربعا وثمانين ، وببعضها أكثر بقليل وببعضها أكثر بكثير ، والدرهم على ماعرفت نصف المثقال الصيرفي وربع عشرة.

وما مر من خبر الهمداني موافق للمشهور ، إذ المراد بالوزنة الدرهم ولمارواه الشيخ (١) عن علي بن حاتم عن محمد بن عمرو عن الحسين بن الحسن الحسنى عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : اختلفت الروايات في الفطرة فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام أسأله عن ذلك فكتب : إن الفطرة صاع من قوت بلدك ، وساق الحديث إلى أن قال عليه‌السلام : تدفعه وزنا ستة أرطال برطل المدينة والرطل مائة وخمسة وتسعون درهما ، تكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما وعلى ماذكره الفيروزآبادي من أن الوزنة المثقال فلا يناسب هذا الخبر.

وأما خبر ابن أبي عمير فالقفيز مشتبه لترديد اللغويين فيه ، قال الفيروز ـ آبادي : القفيز مكيال ثمانية مكاكيك ، وقال : المكوك كتنور مكيال يسع صاعا ونصفا أونصف رطل إلى ثمان أواقي ، أو نصف الويبة ، والويبة اثنان وعشرون أو أربعة وعشرون مدا بمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى ، فلا يمكن استنباط حكم منه على التحقيق فبقي التعارض بين خبر المروزى وخبر الهمداني ، ويمكن الجمع بينهما بوجوه : الاول ما اختاره الصدوق ـ ره ـ كما يظهر من الفقيه : بحمل خبر المروزى على صاع الغسل ، وخبر الهمدانى على صاع الفطرة ، حيث ذكر الاول في باب الغسل (٢) والثاني في باب الفطرة (٣) وقد غفل الاصحاب عن هذا ، ولم

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٧١ ط حجر ، ج ٤ ص ٧٩ ط نجف.

(٢) فقيه من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٢٣.

(٣) الفقيه ج ٢ ص ١١٥.

٣٥٢

ينسبوا هذا القول إليه ، مع أنه قدصرح بذلك في كتاب معاني الاخبار حيث قال : «(باب في معنى الصاع والمد والفرق بين صاع الماء ومده وبين الصاع طعام ومده)» ثم ذكر الروايات الثلاث المتقدمة ، والقول باختلاف مقدار الصاع في الموضعين ، وإن كان بعيدا لكن من مقام الجمع ليس ببعيد.

بل نقول : الاعتبار والنظر يقتضي الاختلاف (١) إذ معلوم أن الرطل

____________________

(١) أقول : قد كان مدارا التعامل والتبادل صدر الاسلام وبعده بكثير ـ على المكاييل وتعيين المقادير بها ، ففى المبادلات المتعارفة اليسيرة كانوا يكتالون بصغارها خصوصا في الرساتيق والقرى ، لاعواز الموازين والصنجات عندهم وسهولة الحساب عليهم بالمكاييل دون الموازين ، وفى المبادلات الكثيرة يتعاطون بكبارها حتى في المدن ومراكز الصنعة لفقدان الموازين الكبيرة التى تقدر أن تنوء بحمل المآت والالوف.

وكان أصل المقياس على العدد المعروف ١٢ ، فاثنا عشر حبة درهم واثنا عشر درهما اقة ـ وهذه أوزان متعارفة متداولة واثنا عشر أقة جعلت بصورة كيل مصنوع من الفلزات كالكاس و الجام ، ويعرف بالرطل ، ثم اثنا عشر رطلا مكوك واثنا عشر مكوكا اردبة وهى حجم ذراع مكعبا والذراع قدمان وكل قدم اثنا عشر اينشا ، ويكون اربعون أردبة كرا ، ومنه قولهم : البرالكر منه بستين درهما ، ولكن لا يذهب عليك أن هذه السلسلة تبتنى على الرطل العراقى فقط.

ومن الاصل ١٢ * ١٢ : جين اثنا عشر عددا والقراصة اثنا عشر جينا ، ومثله القدم والشبر اثنا عشر اينشا ، والبريد اثنا عشر ميلا وغير ذلك مما لايحضرنى الان.

وهناك مكاييل اخرى من الفروع يتبنى على غير هذا الاصل وقد يتداخل : كالمد رطلان والصاع ثمانية أرطال وستون صاعا وسق ويسمى حمل بعير ووقر حمار ، وثمانية مكوك قفيز وستون قفيزا كرالى غيرذلك.

والمكيال الذى كان متداولا في صدر الاسلام ، ويبنون عليه في تكثير مكاييلهم وتكسيرها الرطل ، ولم يكن لهم في تقديره ولا مقياسه صنع ، لكونهم أميين لا يعرفون الحساب ولا الميزان ، ولا صنعة لهم في عمل الظروف وتقديرها ولذلك اختلف معيار الرطل عندهم ، واشتبه عليهم معيار سائر المكاييل المبتنية عليه : تداولت قريش في مكة رطلا بينهم ، ولعلهم جاءوا بها من الشام ، وتداولت أهل

٣٥٣

والمد والصاع كانت في الاصل مكائيل معينة ، فقد رت بوزن الدارهم وشبهها صونا عن التغيير الذي كثيرا ما يتطرق إلى المكائيل ، ومعلوم أن الاجسام المختلفة يختلف قدرها بالنسبة إلى كيل معين ، فلا يمكن أن يكون الصاع من

____________________

المدينة وهم من مهاجرة اليمن الاولى رطلا آخر بينهم وهو ثلاثة أرباع المكى والمكى رطل وثلث بالمدنى ، ثم عرفوا في العراق بعد فتحه رطلا آخر وهو نصف الرطل المكى وثلئا الرطل المدنى ، فالمكى رطلان بالعراقى والمدنى رطل ونصف به.

وأما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اختار الرطل المكى حيث كان يطابق المكيال الطبيعى الفطرى وهو ملء الكفين حنطة وشعيرا ، وسماه مدا بمناسبة أن الكائل يمد يده بهما إلى المكتال ، وهو الذى يشبع نفسا واحدة ليوم وليلة ، فقدر به بعض الكفارات ككفارة الاطعام في القسم.

ثم جعل الصاع أربعة أمداد ، وهو الذى يشبع عائلة بين العيلتين : من زوج وثلاثة أولاد ، فقدر به فطر الصائم ، ولانعلم أن صاعه هذا كان من المكاييل المقدرة قبلا ، وهو الذى أشيربه في قوله تعالى «نفقد صواع الملك» أو كان عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله ظرفا يسع أربعة أمداد فقدره لذلك ، وكيف كان ، لا ريب أن مده وصاعه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لتقدير الحبوبات ، لا للماء كما هو ظاهر.

فمعنى أنه كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع : أنه يملا المدماء ويتوضأ به ، ويملا الصاع ماء ويغتسل به ، ومعلوم أن الماء يزيد وزنه على الشعير والحنطة بثمن وزنه كما وزنته بل واكثر ، فالمد الشرعى اذا كان للوضوء يزن رطلا وثمنا بالمكى ورطلين وربعا بالعراقى كماعليه الاجماع واذا كان لكفارة الاطعام يسقط عنه الكسور.

ويدل على ما ذكرناه موثقة سماعة أيضا وقد طرحوها حيث لم يتدبروا فيها فلم يعرفوا وجهها قال : سألته عن الذى يجزى من الماء للغسل فقال : اغتسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصاع وتوضأ بمد ، وكان الصاع على عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة أمداد ، وكان المدقدر رطل وثلاث أواق ».

٣٥٤

الماء موافقا للصاع من الحنطة والشعير وشبههما ، فلذا كان الصاع والمد والرطل المعتبرفي الوضوء والغسل وأمثالهما أثقل مما ورد في الفطرة والنصاب وأشباههما ، لكون الماء أثقل من تلك الحبوب مع تساوي الحجم كما هو المعلوم عند الاعتبار ، فظهر أن هذا أوجه الوجوه في الجمع بين الاخبار.

____________________

فان المدار في السؤال على مد الوضوء وصاع الغسل ، والجواب على طبقه ، فان الرطل المذكور فيه هوالرطل المكى ، والثلاث أواق بالرطل العراقى لما عرفت أن سلسلة المكاييل ١٢ * ١٢ اعتبرت بالعراقى ، وهو الذى كان عياره اثنى عشر أقة وأما المكى والمدنى فلا يعلم كونهما رطلا الا بالتسمية ، ولو كان لهما أصالة ابتنيت عليهما فروع لكان عند الروم واليمان ولم يصل الينا سلسلة مكاييلهم ، وهذه الثلاث أواق وان كان ربع رطل بالعراقى لكنه ثمن رطل بالمدنى فيكون مدالوضوء رطل وثمن رطل بالمكى.

ولهذه الدقيقة قال عليه‌السلام «قدر رطل وثلاث أواق» ولم يقل «قدر رطل و ربع» ، ولغفلة البزنطي ـ رحمه‌الله ـ من هذه الدقيقة وتعويله على حديث سماعة قال : بأن المدرطل وربع ، فعد شاذا.

وأما كون صاع النبى حين يغتسل خمسة أمداد كما في الموثقة وضعيفة المروزى ، فعلى هذا الحساب ينقص بنصف رطل تقريبا ، بمعنى أن صاع النبى كان يسع من الماء أربعة أمداد ونصفا لاخمسة أمداد ، فان كان ورود ذلك على التسامح ، صح حمل كلام الصدوق رحمه‌الله على ماحمله المؤلف العلامة ههنا ، وان كان على التحقيق والتدقيق كان محمولا على ماحمله والده رحمه‌الله من أن كان له صلى‌الله‌عليه‌وآله صاعا يسع خمسة أمداد يغتسل هو مع بعض نسائه.

وأما الروايات الواردة في تعيير المد والصاع بوزن الدرهم والمثقال ، فبعضها واردة على مد الوضوء وصاع الغسل ، وبعضها على مد الطعام وصاع الفطرة ولابد أن يتحرر وليس هنا موضعه ، والاحسن أن نعمد إلى ملءالكفين فنفرغه في اناء ونحدده ليكون مدا للطعام ثم نملاها الى هذا الحد ماء ونتوضأ به ، وهكذا في الصاع ، والامر فيه تابع للسنة والفطرة معا كماعرفت.

٣٥٥

الثاني : ماذكره والدي العلامة ـ رفع الله مقامه ـ حيث حمل خبر المروزي على الصاع الذي اغتسل به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع زوجته إذ هو قريب من صاعين بالتحديد المشهور ويكون النقص للاشتراك.

ويؤيده ما رواه الصدوق (١) في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : اغتسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو وزوجته من خمسة أمداد من إناء واحد ، فقال زرارة : كيف صنع؟ فقال بدأ هو وضرب يده في الماء قبلها ، فأنقى فرجه ، ثم ضربت هي فأنقت فرجها ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها ، حتى فرغا فكان الذي اغتسل به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أمداد ، والذي اغتسلت به مدين ، وإنما أجزأ عنهما لانهما اشتركافيه جميعا ، ومن انفرد بالغسل وحده فلا بد له من صاع.

وروى الكليني في الصحيح (٢) عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن [ وقت ] غسل الجنابة كم يجزي من الماء؟ فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته ، ويغتسلان جميعا من إناء واحد.

وروى الشيخ في الصحيح (٣) عن معاوية بن عمارقال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل بصاع ، وإذاكان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومد.

فقدظهر من الاول والثالث أن النقصان من الصاعين لاجل الاشتراك ، بل نقول الثلاثة الامداد التي اغتسل بها رسول الله لا تتفاوت مع الصاع المشهور بكثير ويمكن الجمع بين خبر سماعة وسائر الاخبار أيضا بهذا الوجه ، إذ التفاوت بين الثلاثة الامداد التي وقعت في هذا الخبر وبين الصاع الذي يظهر من خبر سماعة ليس إلا بقدر سبعة مثاقيل شرعية على بعض الوجوه ، ومثل هذا التفاوت لايعتد به في أمثال تلك المقامات ، التي بنيت على التخمين والتقريب ، بل قلما لا تتفاوت

____________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٤.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٢٢ ، ورواه في التهذيب ج ١ ص ١٣٧ ط نجف.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١٣٧ ط نجف.

٣٥٦

المكائيل والموازين والمياه خفة وثقلا بمثل هذه الاقدار ، والله يعلم حقايق الاحكام وحججه الاخيار.

الثالث حمل خبر المروزي على الفضل والاستحباب.

ثم اعلم أن الصاع والرطل وغيرهما بني الاصحاب تحديدها على وزن الشعير ، وهويختلف كثيرا بحسب البلاد ، بل في البلد الواحد ، ولذابناه الوالد قدس الله لطيفه على المتفق عليه من النسبة بين الدينار والدرهم ، وعدم تغيير الدينار في الجاهلية والاسلام ، على ما ذكره المؤالف والمخالف ، فيكون الصاع ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال ، بالمثقال الصيرفي ، فيزيدعلى المن التبريزي أعني نصف المن الشاهى بأربعة شعر مثقال وربع ، ومنه يظهر لك تقدير الرطل والمد بمعانيهما بما عرفت من النسبة بينهما.

وقد بسطنا الكلام في تلك الاوزان وتحقيقها على كل قول وكل خبر في رسالتنا المعمولة لذلك ، ولذا اختصرنا ههنا فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليها فانا قد تكلمنا فيه بما لا مزيد عليه.

٣٥٧

٩

* (باب) *

* (من نسى أوشك في شئ من أفعال الوضوء) *

* (ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة) *

* (والعكس ومن يرى بللا بعد الوضوء) *

* (وقد أوردنا بعض أحكام البلل في باب الاستنجاء) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل توضأ ونسي غسل يساره ، قال : يغسل يساره وحدها ولا يعيد وضوء شئ غيرها (١).

قال : وسألته عن رجل يكون على وضوء ويشك على وضوء هو أم لا؟ قال : إذا ذكر وهو في صلاته انصرف وتوضأ وأعادها ، وإن ذكر وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك (٢).

قال : وسألته عن رجل يتكئ في المسجد فلا يدري نام أم لا؟ هل عليه وضوء؟ قال : إذا شك فليس عليه وضوء (٣).

بيان : قوله : «ولا يعيد وضوءشئ غيرها» أي مما تقدم ، مع الحمل على عدم الجفاف ، ويمكن أن يقال : المراد بالوضوء الغسل وهوأقرب إلى المعنى اللغوي فلا يحتاج إلى القيد الاول ، وربما يحمل على التقية لموافقته لمذاهبهم ، قوله عليه‌السلام : «انصرف وتوضأ» لعله محمول على الاستحباب بقرينة

____________________

(١ و ٢) قرب الاسناد ص ١٠٨ ط نجف ص ٨٣ ط حجر.

(٣) قرب الاسناد ص ١٠٩ ط نجف ص ٨٣ ط حجر.

٣٥٨

الحكم بالاجزاء بعد الصلاة (١) وأما الحكم الثالث فلا خلاف أن الشك في الحدث بعد تيقن الطهارة غير موجب للوضوء.

٢ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن عيسى اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ، فان الشك لا ينقض اليقين (٢).

بيان : يدل على وجوب الوضوء مع تيقن الحدث والشك في الطهارة ، ولا خلاف فيه أيضا.

٣ ـ العيون : عن أبيه ، عن سعد بن الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يبقى من وجهه

____________________

(١) قيل : «ويمكن حمله على أن المراد بالوضوء الاستنجاء فيكون تيقن حصول النجاسة وشك في ازالتها عليه أن يزيلها ويعيد الصلاة الا أن يخرج الوقت» ولكن ظاهر الحديث لاينطبق عليه ، فان تيقن حصول النجاسة في موضع الاستنجاء لايكون الا بنقض الوضوء.

وعندى أنه يحمل على ما اذا غفل الرجل عن نفسه وعن وكائه لشغل كان أهمه ، فلا يحفظ أحواله كالمغمى عليه والسكران حيث يكون اطلاق وكاء السه أمارة على خروج الريح ونقض الطهارة ، فلا يبقى مجال لاستصحاب الطهارة.

وقد يكون الرجل فساء عادة وطبعا ، بحيث لا يحفظ وضوءه الالتمام الصلاة ، فهو لا يشك في نقض طهارته الا اذا غفل عن نفسه بشغل قد أهمه ، فلا يدرى أكان على طبعه أولا فالظاهر من حاله أنه ناقض للطهارة وشكه في بقائها موهوم يحتمل بالاحتمال البعيد ، فلا ريب حينذاك أنه لا مجال لاستصحاب بقاء الطهارة اذا قلنا بحجيته من باب سيرة العقلاء ، كما هو الحق.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٦٠ ، وهذا الحديث وما في معناه ارشاد إلى سيرة العقلاء والمراد بالشك الشك الموهوم بوسوسة الشيطان لا الاصطلاحى الذى يشمل الظاهر.

٣٥٩

إذاتوضأ موضع لم يصبه الماء ، فقال : يجزيه أن يبله من بعض جسده (١).

بيان : حمل على تحقق الجريان بالمسح.

٤ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الخالد الطيالسي ، عن إسماعيل بن عبد ـ الخالق قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يبول وينتفض ويتوضأ ثم يجد البلل بعد ذلك؟ قال : ليس ذلك شيئا إنما ذلك من الحبايل (٢).

بيان : الظاهر أن الانتفاض كناية عن الاستبراء ، ويحتمل الاستنجاء ، قال في النهاية : فيه أبغني أحجارا أستنفض بها ، أي أستنجي بها ، وهو من نفض الثوب لان المستنجي ينفض عن نفسه الاذى بالحجر ، أي يزيله ويدفعه ، ومنه حديث ابن عمر أنه كان يمر بالشعب من مزدلفة فينتفض ويتوضأ ومنه الحديث اتي بمنديل فلم ينتفض به أي لم يتمسح به

٥ ـ كتاب عاصم بن حميد : عن أبي بصير قال : سألت أباعبدالله عليه‌السلام عن الرجل يتوضأ ثم يرى البلل على طرف ذكره فقال : يغسله ولا يتوضأ.

بيان : لعل الغسل محمول على الاستحباب.

٦ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إن وجدت بلة في أطراف إحليلك وفي ثوبك بعد نتر إحليلك وبعد وضوئك ـ فقد علمت ما وصفته لك من مسح أسفل انثييك ونتر إحليلك ثلاثا ـ فلا تلتفت إلى شئ منه ، ولا تنقض وضوءك له ، ولا تغسل منه عنه ثوبك ، فان ذلك من الحبايل والبواسير ، فان شككت في الوضوء وكنت على يقين من الحدث فتوضأ ، وإن شككت في الحدث وكنت على يقين من الوضوء فلا ينقض الشك اليقين ، إلا أن تستيقن ، وإن كنت على يقين من الوضوء و الحدث ولاتدري أيهما سبق فتوضأ ، وإن توضأت وضوء تاما وصليت صلاتك أولم تصل ثم شككت فلم تدر أحدثت أم لم تحدث ، فليس عليك وضوء ، لان اليقين لا ينقضه الشك (٣).

____________________

(١) العيون ج ٢ ص ٢٢.

(٢) قرب الاسناد ص ٦٠ ط حجر.

(٣) فقه الرضا ص ١.

٣٦٠