بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &



بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

( باب ٨ )

* ( ثواب الهداية والتعليم ، وفضلهما ، وفضل العلماء ، وذم اضلال الناس ) *

الايات ، هود : أَلَا لَعْنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ١٨ ، ١٩ .

ابراهيم : الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ٣ « وقال تعالى » : وَجَعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ٣٠

النحل : لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ٢٥ « وقال تعالى » ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ١٢٥

الانبياء : وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ٧٣

القصص : وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّـهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ٨٧

العنكبوت : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ١٢ ، ١٣

التنزيل : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ٢٤

الاحزاب : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ٧٠ ، ٧١

١
 &

فصلت : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ «إلى قوله تعالى» وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٩ « وقال تعالى » : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ و عَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣

الذاريات : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ٥٥

الاعلى : فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ٩

الغاشية : فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ٢۱

العصر : وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر ٣

١ ـ م ، ج : بإسناده إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى .

بيان : قال الجزريّ : في حديث الدعاء : ألحقني بالرفيق الأعلى . الرفيق : جماعة الأنبياء الّذين يسكنون أعلى علّيّين ، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ، ومنه قوله تعالى : وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا (١) .

٢ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : من كان من شيعتنا عالماً بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الّذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيئُ لأهل جميع العرصات ، وعليه حلّةٌ لا يقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثمّ ينادي مناد يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان فيخرج كلّ من كان علّمه في الدنيا خيراً أو فتح عن قلبه من الجهل قفلاً ، أو أوضح له عن شبهة .

٢
 &

بيان : لا يقوّم بتشديد الواو من التقويم أو بالتخفيف أي لا يقاومها ولا يعادلها وقوله عليه‌السلام : بحذافيرها أي بأجمعها .

٣ ـ م : قال أبو محمّد العسكري عليه‌السلام : حضرت امرأةٌ عند الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها‌السلام فقالت : إنّ لي والدةٌ ضعيفةٌ وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيءٌ ، وقد بعثتني إليك أسألك ، فأجابتها فاطمة عليها‌السلام عن ذلك ، فثنّت فأجابت ثمّ ثلّثت إلى أن عشّرت فأجابت ثمّ خجلت من الكثرة فقالت : لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله ، قالت فاطمة : هاتي وسلي عمّا بدا لك ، أرأيت من اكتري يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة ألف دينار يثقل عليه ؟ فقالت : لا . فقالت : اكتريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً فأحرى أن لا يثقل عليّ ، سمعت أبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله حتّى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلّة من نور ثمَّ ينادي منادي ربّنا عزّ وجلّ : أيّها الكافلون لأيتام آل محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الّذين هم أئمّتهم ، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الّذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كلّ واحد من اُولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتّى أنّ فيهم يعني في الأيتام لمن يخلع عليه مائة ألف خلعةً وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلّم منهم ، ثمّ إنَّ الله تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتّى تتمّوا لهم خلعهم ، وتضعّفوها لهم فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك من يليهم ممّن خلع على من يليهم . وقالت فاطمة عليها‌السلام : يا أمة الله إنّ سلكةً من تلك الخلع لأفضل ممّا طلعت عليه الشمس ألف ألف مرّة وما فضل فإنّه مشوب بالتنغيص والكدر .

بيان : نعشه أي رفعه . ويقال : ينغّص الله عليه العيش تنغيصاً أي كدّره .

٤ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال الحسن بن عليّ عليهما‌السلام : فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه الناشب في رتبة الجهل يخرجه من جهله ، و يوضَح له ما اشتبه عليه على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السهى . (١)

________________________

(١) كوكب خفى في بنات النعش وهو عند الثانية من البنات .

٣
 &

بيان : قال الجوهريّ : نشب الشيء في الشيء بالكسر نشوباً أي علق فيه .

٥ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال الحسين بن عليّ عليهما‌السلام من كفّل لنا يتيماً قطعته عنّا محبّتنا باستتارنا فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه ، قال الله عزّ وجلّ : يا أيّها العبد الكريم المواسي أنا أولى بالكرم منك ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر ، وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعم .

بيان : قطعته عنّا محبّتنا باستتارنا أي كان سبب قطعه عنّا أنّا أحببنا الاستتار عنه لحكمة ، وفي بعض النسخ « محنتنا » بالنون وهو أظهر .

٦ ـ م : قال أبو محمّد العسكريّ عليه‌السلام : قال عليّ بن الحسين عليه الصلاة والسلام : أوحى الله تعالى إلى موسى : حبّبني إلى خلقي وحبّب خلقي إليّ ، قال : يا ربّ كيف أفعل ؟ قال : ذكّرهم آلائي ونعمائي ليحبّوني ، فلإن تردّ آبقاً عن بابي ، أو ضالّاً عن فنائي (١) أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها ، وقيام ليلها . قال موسى : ومن هذا العبد الآبق منك ؟ قال : العاصي المتمرّد ، قال : فمن الضّال عن فنائك ؟ قال : الجاهل بإمام زمانه تعرّفه ، والغائب عنه بعد ما عرفه ، الجاهل بشريعة دينه ، تعرّفه شريعته وما يعبد به ربّه ويتوصّل به إلى مرضاته .

قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : فأبشروا علماء شيعتنا بالثواب الأعظم والجزاء الأوفر .

٧ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما‌السلام : العالم كمن معه شمعةٌ تضيىء للناس ، فكلّ من أبصر شمعته دعا له بخير ، كذلك العالم مع شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة . فكلّ من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل فهو من عتقائه من النار ، والله يعوّضه عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على غير الوجه الّذي أمر الله عزّ وجلّ به ، بل تلك الصدقة وبال (٢) على صاحبها لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة بين يدي الكعبة .

________________________

(١) بكسر الفاء : الساحة أمام البيت .

(٢) مصدر بمعنى الشدة ، والوخامة ، وسوء العاقبة .

٤
 &

بيان : قال الفيروزآباديّ : القنطار بالكسر : وزن أربعين أوقية من ذهب أو ألف ومائتا دينار ، أو ألف ومائتا أوقية ، أو سبعون ألف دينار ، أو ثمانون ألف درهم ، أو مائة رطل من ذهب أو فضّة ، أو ألف دينار ، أو ملء مسك ثور ذهباً ، أو فضّةً . أقول : لعلّه عليه‌السلام فضّل تعليم العلم أوّلاً على الصدقة بهذا المقدار الكثير في غير مصرفه لدفع ما يتوهّمه عامّة الناس من فضل الظلمة الّذين يعطون بالأموال المحرّمة العطايا الجزيلة على العلماء الباذلين للعلوم الحقّة من يستحقّه . ثمّ استدرك عليه‌السلام بأنّ تلك الصدقة وبال على صاحبها لكونها من الحرام فلا فضل لها حتّى يفضل عليها شيء ، ثمّ ذكر عليه‌السلام فضله في عمل له فضل جزيل ليظهر مقدار فضله ورفعة قدره .

٨ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام . قال : قال جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام : علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الّذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته النواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرّة لأنّه يدفع عن أديان محبّينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم .

بيان : المرابطة : ملازمة ثغر العدوّ . والثغر ما يلي دار الحرب وموضع المخافة من فروج البلدان . والعفريت : الخبيث المنكر . والنافذ في الأمر : المبالغ فيه مع دهاءٍ . والخزر بالتحريك : اسم جبل خزر العيون أي ضيّقها .

٩ ـ ج ، م : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال موسى بن جعفر عليهما‌السلام : فقيهٌ واحدٌ ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشدّ على إبليس من ألف عابد لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد ، وألف ألف عابدة .

١٠ ـ ج ، م : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت همّتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤونتك فادخل الجنّة ، ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره ، وأنقذهم من أعدائهم ،

٥
 &

ووفّر عليهم نعم جنان الله وحصّل لهم رضوان الله تعالى . ويقال للفقيه : يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم قف حتّى تشفع لمن أخذ عنك (١) ، أو تعلّم منك فيقف فيدخل الجنّة معه فئاماً وفئاماً وفئاماً حتّى قال عشراً ، وهم الّذين أخذوا عنه علومه ، وأخذوا عمّن أخذ عنه ، وعمّن أخذ عمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة ، فانظروا كم فرق بين المنزلتين ؟ ! .

بيان : الفئام بالهمز وكسر الفاء : الجماعة من الناس ، وفسّر في خطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام في يوم الغدير بمائة ألف .

١١ ـ ج ، م : بالإسناد عن أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما‌السلام : من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم المتحيّرين في جهلهم ، الاُسراء في أيدي شياطينهم ، وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم ، وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم ، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودليل أئمّتهم ليفضلون عند الله تعالى على العباد بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض و العرش والكرسيّ والحجب على السماء ، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء .

١٢ ـ ج ، م : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام قال : قال عليّ بن محمّد عليهما‌السلام : لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه‌السلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه والذابّين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين الله ولكنّهم الّذين يُمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة ، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها اُولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ .

بيان : الذبّ : الدفع . والشباك بالكسر : جمع الشبكة الّتي يصاد بها . والمردة : المتمرّدون العاصون . والفخّ : المصيدة . وسكّان السفينة : ذنبها .

١٣ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : تأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم على رأس كلّ

________________________

(١) وفي نسخة لكل من اخذ عنك .

٦
 &

واحد منهم تاج بهاء ، قد انبثّت (١) تلك الأنوار في عرصات القيامة ، ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة ، فشعاع تيجانهم ينبثّ فيها كلّها فلا يبقى هناك يتيم قد كفّلوه ، ومن ظلمة الجهل أنقذوه ، ومن حيرة التيه أخرجوه ، إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم إلى العلو حتّى يحاذي بهم فوق الجنان ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار اُستاديهم ومعلّميهم ، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا يدعون إليهم ، ولا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه ، وصمت اُذنه ، وأخرس لسانه وتحوّل عليه (٢) أشدّ من لهب النيران ، فيتحمّلهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية (٣) فتدعوهم إلى سواء الجحيم .

وقال أبو محمّد الحسن العسكريّ عليه‌السلام : إنّ من محبّي محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء وهم الّذين سكنت جوارحهم ، وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الّذين يعيّرونهم بدينهم ، ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ثمّ سلّطهم على الأعداء الظاهرين النواصب ، وعلى الاعداء الباطنين إبليس ومردته ، حتّى يهزموهم عن دين الله ، ويذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حوّل الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم ، قضى الله تعالى بذلك قضاء حقّ على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله .

بيان : التيه بالكسر : الضلال . والتحوّل : التنقّل ، وضمّن معنى التسلّط أي انتقل إليه متسلّطاً عليه ، أو معنى الاقتدار . فيحملهم أي ذلك الشعاع أو شعبته . فتدعوهم أي الزبانية أو الشعاع إلى سواء الجحيم أي وسطه . ويسفّهون أحلامهم أي ينسبون عقولهم إلى السفه . قوله عليه‌السلام : إلى شياطينهم أي شياطين هؤلاء العلماء الهادين .

١٤ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : من قوّى مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته على ناصب مخالف فأفحمه لقّنه الله (٤) يوم يدلى في

________________________

(١) أي انتشرت .

(٢) وفي نسخة : وتحول اليه .

(٣) الزبانية عند العرب الشرط ، وسموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار اليها

(٤) اي فهمه اياه مشافهة .

٧
 &

قبره أن يقول : الله ربّي ، ومحمّد نبيّي ، وعليّ وليّي ، والكعبة قبلتي ، والقرآن بهجتي وعدّتي ، والمؤمنون إخواني . فيقول الله : أدليت بالحجّة فوجبت لك أعالي درجات الجنّة فعند ذلك يتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة .

ايضاح : الإفحام : الإسكات في الخصومة . والإدلاء : الإرسال . والبهجة بالفتح : الحسن والسرور .

١٥ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام . قال قالت فاطمة عليها‌السلام ـ وقد اختصم إليها إمرأتان فتنازعتا في شيء من أمر الدين ، إحديهما معاندة ، والاُخرى مؤمنة ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة ففرحت فرحاً شديداً ـ فقالت فاطمة عليها‌السلام : إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك ، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها أشدّ من حزنها ، وإنّ الله تعالى قال لملائكته : أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها ، واجعلوا هذه سنّةً في كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معانداً مثل ألف ألف ما كان معدّاً له من الجنان .

١٦ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام قال : قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وقد حمل إليه رجل هديّةً ـ فقال له : أيّما أحبّ إليك ؟ أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفاً عشرين ألف درهم أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلان الناصبيّ في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين ، وإن أسأت الاختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت ، فقال : يا ابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لاُولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم ؟ قال بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة ! فقال : يا ابن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل : الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ الله وأذوده (١) عن أولياء الله . فقال الحسن بن عليّ عليه‌السلام : قد أحسنت الاختيار وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل فاتّصل خبره به ، فقال له إذ حضره : يا عبد الله ما ربح أحد مثل ربحك ، ولا اكتسب أحد من الأودّاء ما اكتسبت ،

________________________

(١) أي ادفعه واطرده .

٨
 &

اكتسبت مودّة الله أوّلاً ، ومودّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ ثانياً ، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً ، ومودّة ملائكة الله رابعاً ، ومودّة إخوانك المؤمنين خامساً ، فاكتسبت بعدد كلّ مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة فهنيئاً لك هنيئاً .

١٧ ـ م : قال أبو محمّد عليه السلام : قال الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما لرجل : أيّهما أحبّ إليك ؟ رجل يروم قتل مسكين قد ضعف أتنقذه من يده ، أو ناصب يريد إضلال مسكين من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع به ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى ؟ قال : بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب إنَّ الله تعالى يقول : من أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً . أي ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان فكأنّما أحيا الناس جميعاً من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد .

بيان : إنَّ الإحياء في الأوّل المراد به الهداية من الضلال ، والإحياء ثانياً الإنجاء من القتل ، وقوله : من قبل بكسر القاف وفتح الباء أي من جهة قتلهم بالسيوف ، ويحتمل فتح القاف وسكون الباء .

١٨ ـ م : قال أبو محمّد عليه‌السلام : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام لرجل : أيّهما أحبّ إليك صديق كلّما رآك أعطاك بدرة دنانير ، أو صديق كلّما رآك نصرك لمصيدة من مصائد الشيطان ، وعرّفك ما تبطل به كيدهم ، وتخرق شبكتهم ، وتقطع حبائلهم ؟ قال : بل صديق كلّما رآني علّمني كيف اُخزي الشيطان عن نفسي فأدفع عنّي بلاءه . قال : فأيّهما أحبّ إليك استنقاذك أسيراً مسكيناً من أيدي الكافرين أو استنقاذك أسيراً مسكيناً من أيدي الناصبين ؟ قال : يا ابن رسول الله سل الله أن يوفّقني للصواب في الجواب . قال : اللهم وفّقه قال : بل استنفاذي المسكين الأسير من يدي الناصب ، فإنّه توفير الجنّة عليه وإنقاذه من النار ، وذلك توفير الروح عليه في الدنيا ، ودفع الظلم عنه فيها ، والله يعوّض هذا المظلوم بأضعاف ما لحقه من الظلم ، وينتقم من الظالم بما هو عادل بحكمه . قال : وفّقت لله أبوك ! أخذته من جوف صدري لم تخرم ممّا قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حرفاً واحداً .

وسئل الباقر محمّد بن عليّ عليهما السلام : إنقاذ الأسير المؤمن من محبّينا (١)

________________________

(١) كذا في النسخ والظاهر : محبيكم .

٩
 &

من يد الغاصب يريد أن يضلّه بفضل لسانه وبيانه أفضل ، أم إنقاذ الأسير من أيدي أهل الروم ؟ قال الباقر عليه‌السلام : أخبرني أنت عمّن رأى رجلاً من خيار المؤمنين يغرق ، وعصفورة تغرق لا يقدر على تخليصهما بأيّهما اشتغل فاته الآخر ، أيّهما أفضل أن يخلّصه ؟ قال الرجل من خيار المؤمنين ، قال عليه السلام : فبُعد ما سألت في الفضل أكثر من بُعد ما بين هذين ، إنَّ ذاك يوفّر عليه دينه وجنان ربّه ، وينقذه من نيرانه ، وهذا المظلوم إلى الجنان يصير .

بيان : بما هو عادل بحكمه أي بانتقام هو تعالى عادل بسبب الحكم به ، أي لا يجور في الانتقام . وقال في النهاية : وفي الحديث : لله أبوك إذا اُضيف الشيء إلى عظيم شريف اكتسى عظماً وشرفاً كما قيل : بيت الله ، وناقة الله . فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه ويحمد قيل : لله أبوك . في معرض المدح والتعجّب ، أي أبوك لله خالصاً حيث أنجب بك وأتى بمثلك . وقال : وفيه : ما خرمت من صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً أي ما تركت ، ومنه الحديث : لم اُخرم منه حرفاً أي لم أدع .

١٩ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام قال : قال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم ، ويكشف عن مخازيهم ، ويبيّن عوراتهم ويفخّم أمر محمّد وآله صلوات الله عليهم جعل الله همّه أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكاً قوّة كلّ واحد تفضل عن حمل السماوات والأرض ، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين ؟ .

٢٠ ـ م : قال أبو محمّد عليه‌السلام : قال موسى بن جعفر عليهما‌السلام : من أعان محباً لنا على عدوّ لنا فقوّاه وشجّعه حتّى يخرج الحقّ الدالّ على فضلنا بأحسن صورته ، ويخرج الباطل الّذي يروم به أعداؤنا ودفع حقّنا في أقبح صورة ، حتّى ينبّه الغافلين ، ويستبصر المتعلّمون ، ويزداد في بصائرهم العالمون ، بعثه الله تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنان ، ويقول : يا عبدي الكاسر لأعدائي ، الناصر لأوليائي ، المصرّح بتفضيل محمّد خير أنبيائي ، وبتشريف عليّ أفضل أوليائي ، ويناوي من ناواهما ، ويسمّى بأسمائهما

١٠
 &

وأسماء خلفائهما ويلقّب بألقابهم ، فيقول ذلك ويبلغ الله جميع أهل العرصات فلا يبقى كافر ولا جبّار ولا شيطان إلّا صلّى على هذا الكاسر لأعداء محمّد عليه السلام ، ولعن الّذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمّد وعليّ صلوات الله عليهما .

٢١ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد عليه‌السلام قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام : أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكيناً من محبّينا من يد ناصب عدوّ لله ولرسوله ، يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره (١) إلى موضع محلّه من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم ، ويقولون : طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار ، ويا أيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار .

٢٢ ـ م : قال أبو محمّد عليه‌السلام : قال محمّد بن عليّ الجواد عليهما‌السلام : إنّ حجج الله على دينه أعظم سلطاناً يسلّط الله بها على عباده ، فمن وفّر منها حظّه فلا يرين (٢) إنّ من منعه ذاك فقد فضّله عليه ولو جعله في الذروة (٣) العليا من الشرف والمال والجمال فإنّه إن رأى ذلك فقد حقّر عظيم نعم الله لديه وإنَّ عدوّاً من أعدائنا النواصب يدفعه بما تعلّمه من علومنا أهل البيت لأفضل له من كلّ مال لمن فضّل عليه ولو تصدّق بألف ضعفه .

٢٣ ـ م ، ج : وبالإسناد إلى أبي محمّد عليه‌السلام أنّه قال لبعض تلامذته لمّا اجتمع قوم من الموالي والمحبّين لآل رسول الله صلّى الله عليه وآله بحضرته ، وقالوا : يا ابن رسول الله إنَّ لنا جاراً من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل الأوّل والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويورد علينا حججاً لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها ؟ قال : مر بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتسمّع عليهم ، فيستدعون منك الكلام فتكلّم ، وأفحم صاحبهم ، واكسر غرّته وفلّ حدّه ، ولا تبق له باقيةً ، فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وكلّم الرجل فأفحمه وصيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض .

________________________

(١) أي ناحية قبره .

(٢) أي فلا يغلب ولا يقهر .

(٣) بضم الذال وكسرها : المكان المرتفع ، العلو ، أعلى الشيء .

١١
 &

قالوا : فوقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا الله تعالى ، وعلى الرجل والمتعصّبين له من الحزن والغمّ مثل ما لحقنا من السرور ، فلمّا رجعنا إلى الإمام قال لنا : إنَّ الّذي في السماوات من الفرح والطرب بكسر هذا العدوّ لله كان أكثر ممّا كان بحضرتكم والّذي كان بحضرة إبليس وعتاة (١) مردته من الشياطين من الحزن والغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم ، ولقد صلّى على هذا الكاسر له ملائكة السماء والحجب والكرسيّ ، وقابلها الله بالإجابة فأكرم إيابه وعظّم ثوابه ، ولقد لعنت تلك الملائكة عدوّ الله المكسور وقابلها الله بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه .

بيان : التسمّع : الاستماع . وأكسر غرّته أي غلبته وشوكته . والفلّ : الكسر . والحدّ : طرف السيف وغيره ، ومن الرجل بأسه وشدّته أي أكسر حدّته وبأسه ، ولا تبق له باقيةً أي حجّةً باقيةً . فأكرم إيابه أي رجوعه إلى الله عزّ وجلّ .

٢٤ ـ م : قال أبو محمّد الحسن العسكريّ عليه‌السلام إنّ رجلاً جاء إلى عليّ بن الحسين عليهما‌السلام برجل يزعم أنّه قاتل أبيه ، فاعترف ، فأوجب عليه القصاص ، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه فكأنّ نفسه لم تطب بذلك ، فقال عليّ بن الحسين عليه‌السلام للمدّعيّ للدّم الوليّ المستحقّ للقصاص : إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلاً فهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذنب . قال : يا ابن رسول الله له عليّ حقٌّ ولكن لم يبلغ أن أعفو له عن قتل والدي . قال : فتريد ماذا ؟ قال : اُريد القود (٢) ، فإن أراد لحقّه عليّ أن اُصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه ، فقال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : فماذا حقّه عليك ؟ قال : يا ابن رسول الله لقّنني توحيد الله ونبوّة محمّد رسول الله ، وإمامة عليّ والأئمّة عليهم‌السلام ، فقال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : فهذا لا يفي بدم أبيك ؟ بلى والله هذا يفي بدماء أهل الأرض كلّهم من الأوّلين والآخرين سوى الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام إن قتلوا ، فإنّه لا يفي بدمائهم شيء أن يقنع منه بالدية . قال : بلى ، قال عليّ بن الحسين للقاتل : أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتّى أبذل لك الدية فتنجو بها من القتل ؟ قال : يا ابن رسول الله أنا محتاج إليها ، وأنت مستغن عنها فإنَّ

________________________

(١) العتات جمع عاة : من استكبر وجاوز الحد .

(٢) القود بفتح القاف والواو : القصاص وقتل القاتل بدل القتيل .

١٢
 &

ذنوبي عظيمة ، وذنبي إلى هذا المقتول أيضاً بيني وبينه لا بيني وبين وليّه هذا ، قال عليّ ابن الحسين عليهما‌السلام : فتستسلم للقتل أحبّ إليك من نزولك عن هذا التلقين ؟ قال : بلى يا ابن رسول الله . فقال عليّ بن الحسين لوليّ المقتول : يا عبد الله قابل بين ذنب هذا إليك وبين تطوّله عليك ، قتل أباك حرّمه لذّة الدنيا وحرّمك التمتّع به فيها ، على أنّك إن صبرت وسلّمت فرفيقك أبوك في الجنان ، ولقّنك الإيمان فأوجب لك به جنّة الله الدائمة وأنقذك من عذابه الدائم ، فإحسانه إليك أضعاف أضعاف جنايته عليه ، فإمّا أن تعفو عنه جزاءاً على إحسانه إليك لاُحدّثكما بحديث من فضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خير لك من الدنيا بما فيها ، وإمّا أن تأبى أن تعفو عنه حتّى أبذل لك الدية لتصالحه عليها ، ثمّ أخبرته بالحديث دونك فلما يفوتك من ذلك الحديث خير من الدنيا بما فيها لو اعتبرت به . فقال الفتى : يا ابن رسول الله : قد عفوت عنه بلا دية ولا شيء إلّا ابتغاء وجه الله ولمسألتك في أمره ، فحدّثنا يا ابن رسول الله بالحديث . قال عليّ بن الحسين : عليه‌السلام إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا بعث إلى الناس كافّةً بالحقّ بشيراً ونذيراً . إلى آخر ما سيأتي في أبواب معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٥ ـ م ، ج : بالإسناد عن أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام أنّه اتّصل به أنّ رجلاً من فقهاء شيعته كلّم بعض النصّاب فأفحمه بحجّته حتّى أبان عن فضيحته ، فدخل على عليِّ بن محمّد عليهما‌السلام وفي صدر مجلسه دست عظيم منصوب وهو قاعد خارج الدست ، وبحضرته خلق من العلويّين وبني هاشم فما زال يرفعه حتّى أجلسه في ذلك الدست ، وأقبل عليه فاشتدّ ذلك على اُولئك الأشراف : فأمّا العلويّة فأجلّوه عن العتاب ، وأمّا الهاشميّون فقال له شيخهم : يا ابن رسول الله هكذا تؤثر عاميّاً على سادات بني هاشم من الطالبيّين والعباسيّين ؟ فقال عليه‌السلام : إيّاكم وأن تكونوا من الّذين قال الله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّـهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ . أترضون بكتاب الله عزّ وجلّ حكماً ؟ قالوا : بلى . قال : أليس الله يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ « إلى قوله » وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ . فلم يرض للعالم المؤمن إلّا أن يرفع على المؤمن

١٣
 &

غير العالم كما لم يرض للمؤمن إلّا أن يرفع على من ليس بمؤمن أخبروني عنه ؟ قال : يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ . أو قال : يرفع الله الّذين اُوتوا شرف النسب درجات ؟ أو ليس قال الله : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ؟ فكيف تنكرون رفعي لهذا لمّا رفعه الله ؟ إنّ كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله الّتي علّمه إيّاها لأفضل له من كلّ شرف في النسب .

فقال العبّاسي : يا ابن رسول الله قد شرّفت علينا وقصّرتنا عمّن ليس له نسب كنسبنا ، وما زال منذ أوّل الإسلام يقدّم الأفضل في الشرف على من دونه فيه . فقال عليه‌السلام : سبحان الله أليس العبّاس بايع لأبي بكر وهو تيميٌّ والعبّاس هاشميٌّ ؟ أوليس عبد الله ابن العبّاس كان يخدم عمر بن الخطّاب وهو هاشميٌّ أبو الخلفاء وعمر عدويٌّ ؟ وما بال عمر أدخل البعداء من قريش في الشورى ولم يدخل العبّاس ؟ فإن كان رفعنا لمن ليس بهاشميّ على هاشميّ منكراً فأنكروا على العبّاس بيعته لأبي بكر ، وعلى عبد الله بن العبّاس خدمته لعمر بعد بيعته ، فإن كان ذلك جائزاً فهذا جائز ، فكأنّما اُلقم الهاشميّ حجراً (١) .

بيان : قال الفيروزآباديّ : الدست من الثياب ، والورق ، وصدر البيت ، معرّبات . قوله عليه‌السلام : لما رفعه الله بالتخفيف والتشديد .

٢٦ ـ لى : جعفر بن محمّد بن مسرور ، عن ابن عامر ، عن المعلّى بن محمّد البصريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله ، عن عمر بن زياد ، عن مدرك بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ الناس في صعيد واحد ، و وضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء .

لى : وأنشدنا الشيخ الفقيه أبو جعفر لبعضهم :

العالم العاقل ابن نفسه

*

أغناه جنس علمه عن جنسه

كم بين من تكرمه لغيره

*

وبين من تكرمه لنفسه

________________________

(١) مثل يضرب لمن تكلم فاجيب بمسكتة .

١٤
 &

٢٧ ـ لى : عليّ بن أحمد : عن الأسديّ ، عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن عليّ بن محمّد الهادي ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : لمّا كلّم الله موسى بن عمران عليه‌السلام قال موسى : إلهي ما جزاء من دعا نفساً كافرةً إلى الإسلام ؟ قال : يا موسى آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد .

أقول : سيجيىء الخبر بتمامه .

٢٨ ـ فس : حدّثنا أبو القاسم ، عن محمّد بن عبّاس ، عن عبد الله بن موسى ، عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن عمر بن رشيد ، عن داود بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ . قال : قل للّذين مننّا عليهم بمعرفتنا أن يعرّفوا الّذين لا يعلمون ، فإذا عرّفوهم فقد غفروا لهم .

٢٩ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ثلاثةٌ يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفّعهم : الأنبياء ، ثمّ العلماء ، ثمّ الشهداء .

بيان : فيشفّعهم على صيغة التفعيل ، أي يقبل شفاعتهم .

٣٠ ـ ل : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن مرّار ، عن يونس ، يرفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان فيما أوصى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً : يا عليّ ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق من الإقتار ، وإنصاف الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلّم .

بيان : الإقتار التضيّق في المعاش .

٣١ ـ ل : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمّه عبد الله ، عن ابن محبوب ، عن ابن صهيب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يجمع الله لمنافق ولا فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبداً .

٣٢ ـ ن : بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه ، عن رسول الله صلوات الله عليه و عليهم قال : من حسن فقهه فله حسنة .

بيان : لعلّ المراد : أنّ حصول الحسنة مشروط بحسن الفقه ، أو أنّ حسن الفقه في كلّ مسألة يوجب حسنةً كاملةً .

١٥
 &

٣٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن عثمان ابن عيسى : عن سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أنزل الله عزّ وجلّ : من قتل نفساً فكأنّما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً . قال : من أخرجها من ضلال إلى هدىً فقد أحياها ، ومن أخرجها من هدىً إلى ضلال فقد والله أماتها .

٣٤ ـ ما : بإسناد أخي دعبل ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : فقيه واحد أشدّ على إبليس من ألف عابد .

٣٥ ـ ما : بإسناد المجاشعيّ : عن الصادق ، عن آبائه عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة وزّن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء .

٣٦ ـ ع : العطّار ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن يونس ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة بعث الله عزّ وجلّ العالم والعابد فإذا وقفا بين يدي الله عزّ وجلّ قيل للعابد : انطلق إلى الجنّة ، وقيل للعالم : قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم .

ير : اليقطينيّ ، عن يونس ، عمّن رواه مثله .

٣٧ ـ ع : أبو الحسن طاهر بن محمّد بن يونس الفقيه ، عن محمّد بن عثمان الهرويّ ، عن أحمد بن تميم ، عن محمّد بن عبيدة ، عن محمّد بن حميدة الرازيّ ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبد الله ابن يزيد ، عن أبي الدرداء (١) قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ الله عزّ وجلّ يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم : لم أضع نوري وحكمتي في صدوركم إلّا وأنا اُريد بكم خير الدنيا والآخرة ، إذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم .

٣٨ ـ مع : الهمدانيّ ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن يحيى بن عمران ، عن يونس ، عن سعدان عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الۤم » هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطّع

________________________

(١) هو عويمر ـ بضم العين المهملة وفتح الواو وسكون الياء وكسر الميم ـ ابن عامر بن زيد أبو الدرداء الخزرجي الانصاري المدني ، عده الشيخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومات قبل قتل عثمان بسنة بدمشق ، وكانها سنة أربع وثلاثين على ما قاله البخاري « تنقيح المقال ج ٣٥٥٢ » .

١٦
 &

في القرآن ، الّذي يؤلّفه النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو الإمام فإذادعا به اُجيب ، ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . قال : بيان لشيعتنا ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . قال : ممّا علّمنا هم يبثّون ، وممّا علّمناهم من القرآن يتلون .

٣٩ ـ ل : في الأربعمائة : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : علّموا صبيانكم ما ينفعهم الله به لا يغلب عليهم المرجئة برأيها .

٤٠ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نجران ومحمّد بن الحسين ، عن عمرو بن عاصم عن المفضّل بن سالم ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ معلّم الخير يستغفر له دوابّ الأرض وحيتان البحر ، وكلّ ذي روح في الهواء ، وجميع أهل السماء والأرض ، وإنّ العالم والمتعلّم في الأجر سواء ، يأتيان يوم القيامة كفرسي رهان يزدحمان .

بيان : أي كفرسي رهان يتسابق عليهما ، يزحم كلٌّ منهما صاحبه أي يجيىءُ بجنبه ويضيق عليه .

٤١ ـ ير : ابن هاشم ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : معلّم الخير تستغفر له دوابّ الأرض ، وحيتان البحر وكلّ صغيرة وكبيرة في أرض الله وسمائه .

ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى وابن هاشم ، عن الحسين بن سيف مثله .

٤٢ ـ ير : عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : المؤمن العالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله ، وإذا مات ثلم في الإسلام ثلمةٌ لا يسدّها شيءٌ إلى يوم القيامة .

بيان : الثلمة بالضمّ فرجة المكسور والمهدوم .

٤٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من علّم خيراً فله بمثل أجر من عمل به . قلت : فإن علّمه غيره يجري ذلك له ؟ قال : إن علّمه الناس كلّهم جرى له . قلت : فإن مات ؟ قال : وإن مات .

ير : أحمد ، عن محمّد البرقيّ ، عن ابن أبي عمير ، عن عليّ بن يقطين ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله .

١٧
 &

بيان : قوله : فإن علّمه غيره أي المتعلّم ويحتمل المعلّم أيضاً .

٤٤ ـ ير : عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن حمّاد الحارثيّ عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يجيىءُ الرجل يوم القيامة وله من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي فيقول : يا ربّ أنّى لي هذا ولم أعملها ؟ فيقول : هذا علمك الّذي علّمته الناس يعمل به من بعدك .

بيان : الركام بالضمّ : الضخم المتراكم بعضه فوق بعض .

٤٥ ـ ير : ابن يزيد وابن هاشم معاً ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن عميرة ، عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد .

٤٦ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر .

٤٧ ـ ير : بهذا الإسناد عنه عليه‌السلام قال : فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة .

٤٨ ـ ير : محمّد بن حسّان (١) ، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى ، عن محمّد بن وبد ، عن الدواوندىّ (٢) ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : يأتي صاحب العلم قدّام العابد بربوة مسيرة خمسمائة عام .

بيان : الربوة مثلّثةً : ما ارتفع من الأرض ، ولعلّ المراد أنّه يأتي إلى مكان مرتفع هو محلّ استقرارهم وموضع شرفهم قبل العابد بخمسمائة عام ، أو ارتفاع الربوة

________________________

(١) بتشديد السين المهملة ، هو أبو عبد الله الزبيبي الرازي قال النجاشي في ص ٢٣٩ : يعرف و ينكر ، بين بين ، يروى عنه الضعفاء كثيرا ، له كتب منها : كتاب العقاب ، كتاب ثواب انا انزلناه ، كتاب ثواب الاعمال ، كتاب الشيخ والشيخة ، كتاب ثواب القرآن . وعده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادي عليه السلام ، وتارة ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وقال : روى عنه الصفار وغيره .

(٢) وفي نسخة : الداروردي . والاسناد في البصائر المطبوع هكذا : محمد بن حسان ، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن ابي طالب ، عن محمد بن حسان وزيد ، عن الراوندي ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام .

١٨
 &

خمسمائة عام ، أو أنّهما يسيران في المحشر والعالم قدّام العابد مرتفعاً عليه قدر خمس مائة عام .

٤٩ ـ ير : عمر بن موسى ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ فضل العالم على العابد كفضل الشمس على الكواكب ، وفضل العابد على غير العابد كفضل القمر على الكواكب .

٥٠ ـ ير : ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عالم أفضل من ألف عابد ومن ألف زاهد .

وقال عليه‌السلام : عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد .

ثو : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى مثل .

٥١ ـ ير : ابن عيسى ، عن البزنطيّ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ركعةٌ يصلّيها الفقيه أفضل من سبعين ألف ركعة يصلّيها العابد .

٥٢ ـ ثو : العطّار ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عمّن رواه ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يتكلّم الرجل بكلمة حقّ يؤخذ بها إلّا كان له مثل أجر من أخذ بها ، ولا يتكلّم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلّا كان عليه مثل وزر من أخذ بها .

٥٣ ـ سن : أبي ، عن البزنطيّ ، عن أبان ، عن العلاء ، عن محمّد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من علّم باب هدىً كان له أجر من عمل به ، ولا ينقص اُولئك من اُجورهم ، ومن علّم باب ضلال كان له وزر من عمل به ، ولا ينقص اُولئك من اُوزارهم .

٥٤ ـ سن : أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن البطائنيّ (١) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا تخاصموا الناس فإنّ الناس لو استطاعوا أن يحبّونا لأحبّونا .

________________________

(١) بفتح الباء اورده النجاشي في رجاله ص ١٧٥ فقال : علي بن أبي حمزة ، واسم أبي حمزة سالم البطائني أبو الحسن مولى الانصار كوفي ، وكان قائد أبى بصير يحيى بن القاسم ، وله أخ يسمى جعفر بن أبي حمزة ، روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وروى عن أبي عبد الله عليه السلام ، ثم وقف ، وهو أحد عمد الواقفة ، صنف كتبا عديدة منها : كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب التفسير ، واكثره عن أبي بصير ، كتاب جامع في ابواب الفقه .

١٩
 &

بيان : لعلّ المراد النهي عن المجادلة والمخاصمة مع المخالفين إذالم يؤثّر فيهم ولا ينفع في هدايتهم ، وعلّل ذلك بأنّهم بسوء اختيارهم بعدوا عن الحقّ بحيث يعسر عليهم قبول الحقّ كأنّهم لا يستطيعونه ، أو صاروا بسوء اختيارهم غير مستطيعين ، وسيأتي الكلام فيه في كتاب العدل .

٥٥ ـ سن : أخي ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ لي أهل بيت وهم يسمعون منّي أفأدعوهم إلى هذا الأمر ؟ قال : نعم إنّ الله يقول في كتابه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ . المراد بها الأصنام أو حجارة الكبريت .

٥٦ ـ سن : عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : قول الله تبارك وتعالى : مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا . فقال : من أخرجها من ضلال إلى هدىً فقد أحياها ، ومن أخرجها من هدىً إلى ضلال فقد قتلها .

شى : عن سماعة مثله

٥٧ ـ سن : عليّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله في كتابه : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا . قال : من حرق أو غرق قلت : فمن أخرجها من ضلال إلى هدىً ؟ فقال : ذلك تأويلها الأعظم .

٥٨ ـ سن : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبيّ ، عن أبي خالد القمّاط ، عن حمران قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اسألك أصلحك الله ؟ قال : نعم . قال : كنت على حال و أنا اليوم على حال اُخرى ، كنت أدخل الأرض ، فأدعو الرجل والإثنين والمرأة فينقذ الله من يشاء ، وأنا اليوم لا أدعو أحداً . فقال : وما عليك أن تخلّي بين الناس وبين ربّهم ؟ فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه . ثمّ قال : ولا عليك إن آنست من أحد خيراً أن تنبذ إليه الشيء نبذاً . (١) فقلت : أخبرني عن قول الله : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا . قال : من حرق أو غرق أو غدر ، ثمّ سكت فقال : تأويلها الأعظم أن دعاها

________________________

(١) نبذ الشيء : طرحه ورمى به .

٢٠