بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ، قلت : وما ذاك قال : الدباء القرع ، والمزفت الدنان ، والحنتم جرار الاردن ، والنقير خشبة كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها ، وقيل إن الحنتم الجرار الخضر (١).

معانى الاخبار : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن محبوب مثله (٢).

بيان : قال الجوهري : الدباء بضم الدال المهملة ثم الباء المشددة الممدودة القرع ، والواحد دباءة ، وفي النهاية إنه نهى عن المزفت من الاوعية ، هو الاناء الذي يطلى بالزفت ، وهو نوع من القار ، ثم انتبذ فيه انتهى.

وإنما فسر عليه‌السلام بالدنان لان في الدن مأخوذ كون داخله مطليا بالقار ، لانهم فسروا الدن بالراقود ، والراقود بدن طويل الاسفل كهيئة الاردبة يسيع داخله بالقار ، وفي القاموس الحنتم : الجرة الخضراء ، والاردن بضمتين وشد الدال كورة بالشام ، وفي النهاية أنه نهي عن النقير والمزفت النقير أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا ، والنهي واقع على مايعمل فيه لا على اتخاذ النقير فيكون على حذف المضاف ، تقديره عن نبيذ النقير ، وهو فعيل بمعنى مفعول انتهى.

أقول : أخطأ في التأويل ، بل الظاهر أنه نهى عن استعمال الظرف بعد ما عمل فيه النبيذ كما ستعرف.

٤ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن حب الخمر أيجعل فيه الخل والزيتون أو شبهه؟ قال : إذا غسل فلا بأس (٣).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٢٠.

(٢) معانى الاخبار ص ٢٢٤.

(٣) البحار ج ١٠ ص ٢٧٠.

١٦١

تبيين

المشهور بين الاصحاب أن أواني الخمر كلها قابلة للتطهير من أثر النجاسة سواء في ذلك الصلب الذي لا ينشف كالصفر والرصاص والحجر والمغضور (١) وغير الصلب كالقرع والخشب والخزف غير المغضور ، إلا أنهم قالوا : يكره استعمال [ غير الصلب ، ونسب إلى ابن الجنيد وابن البراج القول بعدم جواز استعمال ] (٢) هذا النوع ، غسل أو لم يغسل ، والقول بالكراهة أقوى جمعا بين الاخبار.

____________________

(١) هو الصحفة المتخذة من الغضار وهو الطين الحر الاخضر اللازب ، أو هو المطلية به ، قال السمعانى في الانساب : الغضائرى نسبة إلى الغضار وهو الاناء الذى يؤكل فيه نسب جماعة إلى عملها.

(٢) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى زيادة من المخطوطة.

١٦٢

* (أبواب) *

* (آداب الخلا والاستنجاء) *

١

* (باب) *

* (علة الغايط ونتنه وعلة نظر الانسان) *

* (إلى سفله حين التغوط وعلة الاستنجاء) *

١ ـ علل الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم‌السلام قال : سألته عن الغائط فقال : تصغير لابن آدم ، لكي لا يتكبر وهو يحمل غايطه معه (١).

٢ ـ ومنه : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن سهل بن زياد ، عن عبد العظيم الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام أسأله عن علة الغايط ونتنه ، قال : إن الله عزوجل خلق آدم عليه‌السلام وكان جسده طيبا وبقي أربعين سنة ملقى تمر به الملائكة ، فتقول : لامر ما خلقت ، وكان إبليس يدخل فيه ويخرج من دبره فلذلك صارمافي جوف آدم منتنا خبيثا

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦١.

١٦٣

غير طيب (١).

٣ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر ، عن داود الحمار ، عن العيص بن أبي مهينة قال : شهدت أبا عبدالله عليه‌السلام وسأله عمرو بن عبيد فقال : مابال الرجل إذا أراد أن يقضي حاجته إنما ينظر إلى سفليه ومايخرج من ثم؟ فقال : إنه ليس أحد يريد ذلك إلا وكل الله عزوجل به ملكا يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه أحلال أم حرام؟ (٢).

بيان : قوله عليه‌السلام «أحلال» أي ليتفكر أن ما أكله كان حراما فصار إلى ما رأى وبقي عليه وزره أم حلال فلم يبق وزر كما رواه في الفقيه ، قال : كان علي عليه‌السلام يقول : ما من عبد إلا وبه ملك موكل يلوي عنقه حتى ينظر إلى حدثه ثم يقول له الملك : يا ابن آدم! هذا رزقك ، فانظر من أين أخذته ، وإلى ماصار؟ فعند ذلك ينبغي للعبد أن يقول «اللهم ارزقني الحلال ، وجنبني الحرام» (٣).

٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعدبن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صالح الحذاء ، عن أبي اسامة قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فسأله رجل من المغيرية عن شئ من السنن؟ فقال : ماشئ يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة ، عرفها من عرفها وأنكرهامن أنكرها ، فقال : فما السنة في دخول الخلاء؟ قال : تذكر الله وتتعوذ بالله من الشيطان ، وإذا فرغت قلت : «الحمدلله على ما أخرج مني من الاذى في يسر منه وعافية» قال الرجل : فالانسان يكون على تلك الحال ولا يصبر حتى ينظر إلى مايخرج منه؟ فقال : إنه ليس في الارض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان ، به ، فاذا كان على تلك الحال ثنيا رقبته ثم قالا : يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في

____________________

(١ و ٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦١.

(٣) الفقيه ج ١ ص ١٦ و ١٧.

١٦٤

الدنيا إلى ماهو صائر؟ (١).

بيان : الثني : العطف والامالة ، والكدح : العمل والسعي.

أقول : قد مضى بعض ما يناسب الباب في باب الكبر (٢).

٥ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق عليه‌السلام : سمي المستراح مستراحا لاستراحة الانفس من أثقال النجاسات ، واستفراغ الكثيفات والقذر فيها ، والمؤمن يعتبر عندها أن الخالص من طعام الدنيا كذلك تصير عاقبتها ، فيستريح بالعدول عنها وتركها ، ويفرغ نفسه وقلبه عن شغلها ، ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر.

ويتفكر في نفسه المكرمة في حال ، كيف تصير ذليلة في حال؟ ويعلم أن التمسك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين ، وأن الراحة في هوان الدنيا والفراغ من التمتع بها ، وفي إزالة النجاسة من الحرام ، والشبهة ، فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إياها ، ويفر من الذنوب ويفتح باب التواضع والندم والحياء ، ويجتهد في أداء أوامره ، واجتناب نواهيه ، طلبا لحسن المآب ، وطيب الزلف ، ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات ، إلى أن يتصل بأمان الله تعالى في دار القرار ويذوق طعم رضاه ، فان المعول [ على ] ذلك ، وماعداه لاشئ (٣).

٦ ـ العلل : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما روي من العلل عن الرضا عليه‌السلام : قال : فان قال : فلم صار الاستنجاء فرضا؟ قيل : لانه لا يجوز للعبد أن يقوم بين يدي الجبار ، وشئ من ثيابه وجسده نجس.

قال الصدوق ـ ره ـ غلط الفضل ، وذلك لان الاستنجاء به ليس بفرض وإنما هو سنة (٤).

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٢.

(٢) راجع ج ٧٣ ص ١٧٩ ـ ٢٣٧.

(٣) مصباح الشريعة : ٨.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٢٤٥.

١٦٥

أقول : لم يقيد الاستنجاء بالماء حتى يرد عليه ما أورده الصدوق ـ ره مع أنه يمكن تخصيصه بالمتعدي ، أو يكون المراد فرد الواجب التخييري إلا أن يكون مراده أنه لم يثبت وجوبه بالقرآن ، حتى يكون فرضا بعرف الحديث ، وهذا أيضا لاوجه له ، لاستعمال الفرض في غيرذلك كثيرا في عرف الحديث أيضا ، ولعل اعتراضه مبني على أن الفضل قد أدخل بين الخبر من كلامه أيضا.

فان قيل : اعتراضه على السؤال؟ قلت : تقريره عليه‌السلام كاف لعدم الجرأة على الاعتراض (١).

____________________

(١) أقول : رواه الصدوق في عيون الاخبار ج ٢ ص ٩٩ ـ ١٢١ ، وموضع النص المذكور ص ١٠٥ ، لكنه أسقط هذا السؤال وجوابه.

١٦٦

٢

* (باب) *

* (آداب الخلاء) *

١ ـ ثواب الاعمال والخصال (١) للصدوق ، عن علي بن أحمدبن موسى عن محمد بن أحمد بن علي الاسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن النوفلي عن حفص بن غياث ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة يؤذون أهل النار على مابهم من الاذي : أحدهم رجل يجر أمعاءه فيقول أهل النار : ما بال الابعد قد آذانا على ما بنامن الاذى؟ فيقال : إن الابعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده الخبر (٢).

بيان : قال في النهاية : فيه أن رجلا جاء فقال : إن الابعد قد زنا ، معناه المتباعد من الخير والعصمة ، يقال : بعد بالكسر فهو باعد : أي هلك ، والبعد الهلاك ، والابعد الخائن أيضا.

٢ ـ علل الصدوق : عن علي بن حاتم ، عن أحمد بن زياد الهمداني عن المنذر بن محمد ، عن الحسين بن محمد ، عن علي بن القاسم ، عن أبي خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام قال : عذاب القبر يكون في النميمة ، والبول ، وعزب الرجل عن أهله (٣).

٣ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى

____________________

(١) الحديث لا يوجد في الخصال ، وانما يوجد في الامالى ، وأخرجه عن «ثو» «ولى» في ج ٧٥ ص ٢٤٩ تماما راجعه.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٢١ أمالى الصدوق ص ٣٤٦.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٩١.

١٦٧

عن علي بن حديد وابن أبي نجران معا ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا تحتقرن بالبول ، ولا تتهاونن به ، ولا بالصلاة الخبر (١).

٤ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن ابن مسكان عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشد الناس توقيا عن البول ، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع أومكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة أن ينضح عليه البول (٢).

بيان : قوله «يكون فيه التراب الكثير» استدل به على كراهة البول في الارض الصلبة كما ذكره الاصحاب.

٥ ـ الخصال (٣) والمجالس : للصدوق ـ رحمه‌الله ـ عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن الحسن القرشي عن سليمان بن جعفر البصري ، عن عبدالله بن الحسين بن زيد ، عن أبيه ، عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله كره لكم أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها : كره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت يعني أثمرت الخبر (٤)

بيان : يدل على كراهة البول في شطوط الانهار ، والمشهور كراهة البول والغايط في المشارع وشطوط الانهار ويظهر من بعض الاخبار رؤس الابار ، وكذا قالوا بكراهتهما تحت الاشجار المثمرة واختلفوا في أن المراد المثمرة بالفعل أو ما من شأنها ذلك ، بناء على أنه لا يعتبر في صدق المشتق بقاء مبدء الاشتقاق ، و

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٤٥.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٤.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٠٢.

(٤) أمالى الصدوق ص ١٨١.

١٦٨

ظاهر هذا الخبر وغيره المثمرة بالفعل.

وفي القاموس : ينع الثمر كمنع وضرب ينعا وينعا وينوعا بضمهما حان قطافه ، كأينع ، واليانع الاحمر ، والثمر الناضج كالينيع انتهى ، ونسبة الايناع إلى الشجرة على المجاز أي أينعت ثمرتها أو شبه عليه‌السلام أثمار الشجرة بايناع الثمرة ولعل التفسير مبني على الثاني ، لكن لا يعلم كونه من المعصوم ، إذ يمكن أن يكون من الرواة.

٦ ـ مجالس الصدوق : في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى أن يبول رجل تحت شجرة مثمرة ، أو على قارعة الطريق ، ونهى أن يبول أحد في الماء الراكد فانه منه يكون ذهاب العقل ، ونهى أن يبول الرجل ، وفرجه باد للشمس أو للقمر ، و قال : إذا دخلتم الغايط فتجنبوا القبلة (١).

بيان : قال في النهاية : فيه نهى عن الصلاة في قارعة الطريق ، هي وسطه ، و قيل أعلاه ، والمراد به ههنا نفس الطريق ووجهه انتهى ، وكراهة البول والغايط في الطرق النافذة مطلقا مقطوع به في كلام الاصحاب ، وكذا البول في الماء الراكد وأما الجاري فقيل بكراهته لكنه أخف كراهة ، وظاهر كثير من الاخبار عدم الكراهة ، ومنهم من ألحق الغائط بالبول بالطريق الاولى ، وفيه نظر.

ويدل على المنع من استقبال قرصي الشمس والقمر في وقت البول ، والحق به الغايط واستدبارهما أيضا كما يظهر من بعض الاخبار في الهلال والمشهور بين الاصحاب تحريم استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي مطلقا سواء كان في الصحاري أو الابنية وقال ابن الجنيد : يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة ، ولم يتعرض للاستدبار ، ونقل عن سلار الكراهة في البنيان ويلزم منه الكراهة في الصحاري أيضا أو التحريم.

وقال في المقنعة : ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ثم قال بعد ذلك : فان دخل دارا قد بني فيهامقعد الغايط على استقبال القبلة واستدبارها لم يكره

____________________

(١) أمالى الصدوق : ٢٥٣ و ٢٥٤ في حديث طويل.

١٦٩

الجلوس عليه ، وإنما يكره ذلك في الصحارى والمواضع الذي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة.

أقول : ويظهر من أخبار العامة أن الاخبار الموهومة للجواز محمولة على التقية.

٧ ـ الخصال : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن النوفلي ، عن السكوني ، الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتغوط على شفير بئر يستعذب منه ، أو نهر يستعذب منه أو تحت شجرة عليها ثمرها (١).

مجالس الشيخ : عن الحسين بن عبيد الله ، عن التلعكبري ، عن ابن عقدة عن يعقوب بن يوسف ، عن الحصين بن مخارق ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله (٢).

بيان : قال في النهاية : فيه أنه خرج يستعذب الماء أي يطلب الماء العذب ويدل على أن الكراهة مشروطة بكون الثمرة على الشجرة ، وإن أمكن أن يكون حينئذ أشد كراهة.

٨ ـ الخصال : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام : ياعلي ثلاث يتخوف منهن الجنون : التغوط بين القبور ، والمشي في خف واحد ، والرجل ينام وحده (٣).

مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن عن الكاظم عليه‌السلام مثله (٤).

٩ ـ الخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي القرشي ، عن محمد بن زياد البصري ، عن عبدالله بن عبدالرحمن

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٤٨.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٦٢.

(٣) الخصال ج ١ ص ٦٢.

(٤) مشكاة الانوار : ٣١٩.

١٧٠

المدايني عن ثابت بن أبي صفية الثمالي ، عن ثور بن سعيد ، عن أبيه ، عن سعيد ابن علاقة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قال : البول في الحمام يورث الفقر (١).

١٠ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عيينة ، عن حبيب السجستاني ، عن الباقر عليه‌السلام قال : إن لله عزوجل ملائكة وكلهم بنبات الارض من الشجر والنخل ، فليس من شجرة ولا نخلة إلا ومعها من الله عزوجل ملك يحفظها ، وماكان فيها ، ولولا أن معها من يمنعها لاكلها السباع وهوام الارض إذا كان فيها ثمرها.

قال : وإنما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاءه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها ، قال : ولذلك يكون الشجر والنخل انسا إذا كان فيه حمله ، لان الملائكة تحضره (٢).

بيان : انسا بالضم مصدربمعنى المفعول وربما يقرأ بمضتين جمع الانوس من الكلاب ، وهو ضد العقور ، ولا يخفى بعده ، وفي القاموس الحمل ثمر الشجر ويكسر أو الفتح لما بطن من ثمره ، والكسر لما ظهر ، أو الفتح لما كان في بطن أو على رأس شجرة ، والكسر لما على أو رأس ، أو ثمر الشجر بالكسر مالم يكسر ويعظم فاذا كثر فبالفتح.

١١ ـ معانى الاخبار : عن محمد بن أحمد السناني ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد ابن حمران ، عن أبيه ، عن أبى خالد الكابلي قال : قيل لعلي بن الحسين عليه‌السلام أين يتوضأ الغرباء قال : يتقون شطوط الانهار ، والطرق النافذة ، وتحت الاشجار المثمرة ، ومواضع اللعن ، قيل له : وما مواضع اللعن؟ فقال : أبواب الدور (٣).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٩٤ في حديث.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٣ في حديث

(٣) معانى الاخبار ص ٣٦٨.

١٧١

بيان : قوله : «أين يتوضأ» المراد به التغوط أو الاعم منه ومن البول والتخصيص بالغريب لان البلدي يكون له مكان معد لذلك غالبا ، قوله عليه‌السلام : «أبواب الدور» يمكن أن يكون ذكر هذا على المثال ويكون عاما في كل ما يتأذي به الناس ويلعنون صاحبه كما هو ظاهر اللفظ.

١٢ ـ الاحتجاج : روي أنه دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبدالله بن مسلم فقال له : يا أبا حنيفة إن ههنا جعفر بن محمدمن علماء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذهب بنا نقتبس منه علما ، فلما أتيا إذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه : فبينماهم كذلك إذ خرج غلام حدث فقام الناس هيبة له ، فالتفت أبوحنيفة فقال : يا ابن مسلم من هذا؟ قال : هذا موسى ابنه ، قال : والله لاجبهنه بين يدي شيعته ، قال : مه لن تقدر على ذلك ، قال : والله لافعلنه ثم التفت إلى موسى عليه‌السلام فقال : يا غلام أين يضع الغريب حاجته في بلدتكم هذه؟ قال : يتوارى خلف الجدار ، ويتوقى أعين الجار ، وشطوط الانهار ، ومسقط الثمار ، ولايستقبل القبلة ، ولا يستدبرها ، فحينئذ يضع حيث شاء الخبر (١).

بيان : قال الجوهري : جبهته صككت جبهته ، وجبهته بالمكروه إذا استقبلته به.

١٣ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تطف بقبر ، ولا تبل في ماء نقيع ، فانه من فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه ، ومن فعل فأصابه شئ من ذلك ، لم يكد يفارقه إلا أن يشاء الله (٢).

بيان : قوله عليه‌السلام : «ولا تطف بقبر» استدل به على كراهة الدوران حول القبور ، وأظن أن المراد بالطواف هنا الحدث بقرينة المقام وشواهد اخرى :

____________________

(١) الاحتجاج : ٢١١.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٨.

١٧٢

منها أنه روي هذا الخبر عن محمد بن مسلم بسندين وفي أحدهما هذه العبارة وفي الاخر مكانه التخلي على القبر ، فقد روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من تخلى على قبر ، أوبال قائما ، أو بال في ماء قائم أو مشى في حذاء واحد ، أو شرب قائما ، أوخلا في بيت وحده ، أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله ، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات (١).

وعن عدة من أصحابه ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : لاتشرب و أنت قائم ، ولا تبل في ماء نقيع ، ولا تطف بقبر ، ولا تخل في بيت وحدك ، ولا تمش بنعل واحدة ، فان الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الاحوال وقال : إنه ما أصاب أحدا شئ على هذه الحال فكادأن يفارقه إلا أن يشاء الله (٢).

والطوف بهذا المعنى شايع ومذكور في الحديث واللغة ، قال الفيروزآبادي : طاف : ذهب ليتغوط ، وقال الجزري الطوف الحدث من الطعام ، ومنه الحديث نهى عن متحدثين على طوفهما ، أي عندالغايط ، ومنه الحديث لا يصلى أحدكم وهويدافع الطوف ، وفي ناظر عين الغريبين اطاف يطاف : قضى حاجته (٣).

١٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن الفضل بن عامر ، عن البجلي ، عمن ذكره ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : طول

____________________

(١) الكافى ج ٦ ص ٥٣٣.

(٢) الكافى ج ٦ ص ٥٣٤.

(٣) قد تعرض المؤلف قدس‌سره لذلك الحديث في كتاب المزار وشرحه شرحا مفيدا ، راجع ج ١٠٠ ص ١٢٦ ـ ١٢٨ من هذه الطبعة.

١٧٣

الجلوس على الخلاء يورث البواسير (١).

١٥ ـ الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البول قائما من غير علة من الجفاء ، والاستنجاء باليمين من الجفاء (٢).

بيان : الجفاء البعد عن الشئ ، وترك الصلة والبر ، وغلظ الطبع ، ولعل المراد هنا البعد من الاداب ، ولا خلاف في كراهة البول قائما ، والاستنجاء باليمين إلا إذا كانت اليسار معتلة.

١٦ ـ الخصال : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : سبعة لا يقرؤون القرآن : الراكع ، والساجد ، وفي الكنيف ، و في الحمام ، والجنب ، والنفساء والحايض (٣).

بيان : اعلم أن أكثر الاصحاب حكموا بكراهة الكلام بغير ذكر الله ، و آية الكرسى وحكاية الاذان ، والاخبار في قراءة القرآن مختلفة ، ففي بعضها التجويز مطلقا ، وفي بعضها المنع مطلقا كهذا الخبر ، وفي الصحيح أنه سأل عمر بن يزيد (٤) أبا عبدالله عليه‌السلام عن التسبيح في المخرج ، وقراءة القرآن فقال : لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ، ويحمد الله أو آية «الحمد الله رب العالمين».

ويمكن الجمع بالقول بالكراهة فيما سوى آية الكرسى والحمد لله رب العالمين أو فيهما بخفة الكراهة ، ويمكن حمل أخبار المنع على التقية.

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٤.

(٢) الخصال ج ١ ص ٢٨.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٠.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٠٠ ط حجر الفقيه ج ١ ص ١٩ ط نجف.

١٧٤

١٠ ـ العلل (١) والعيون : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم وغيره ، عن صفوان بن يحيى ، عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجيب الرجل أحدا وهو على الغايط أو يكلمه حتى يفرغ (٢).

١٨ ـ العلل : عن محمد بن أحمد السناني ، عن حمزة بن القاسم العلوي عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن جعفر بن سليمان ، عن سليمان بن مقبل قال : قلت لابي الحسن موسى عليه‌السلام : لاي علة يستحب للانسان إذا سمع الاذان أن يقول كما يقول المؤذن ، وإن كان على البول والغايط؟ قال : إن ذلك يزيد في الرزق (٣).

١٩ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمدبن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قال عليه‌السلام : يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله عزوجل على كل حال ، فلو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عزوجل وقل كما يقول (٤).

٢٠ ومنه : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لا تتكلم على الخلاء فان من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة (٥).

٢١ ـ ومنه : بهذا الاسناد ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن سمعت الاذان وأنت على الخلاء ، فقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله عز وجل في تلك الحال ، لان ذكر الله حسن على كل حال.

ثم قال عليه‌السلام : لما ناجى الله عزوجل موسى بن عمران عليه‌السلام قال موسى :

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٨.

(٢) عيون الاخبار ج ١ ص ٢٧٤.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٩ و ٢٧٠.

(٤ و ٥) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٩.

١٧٥

يارب أبعيد أنت مني فاناديك؟ أم قريب فاناجيك؟ فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى عليه‌السلام : يارب إني أكون في حال اجلك أن أذكرك فيها ، قال : يا موسى اذكرني على كل حال (١).

بيان : لم تقض له حاجة أي الحاجة المخصوصة أو مطلقا والثاني أظهر.

التوحيد (٢) والعيون : عن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن موسى بن عمران عليه‌السلام لما ناجى ربه عزوجل قال يارب أبعيد إلى آخر مامر (٣).

٢٢ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا تكشف أحدكم لبول أوغير ذلك ، فليقل «بسم الله» فان الشيطان يغض بصره عنه حتى يفرغ (٤).

بيان : يحتمل أن يكون غض البصر كناية عن عدم التعرض لوسوسته.

٢٣ ـ محاسن البرقى : عن أبيه ، عن الحارث بن مهران ، عن عمرو بن جميع قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة ، وتعظيما لها ، لم يقم من مقعدة حتى يغفر له (٥).

٢٤ ـ ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن أبى بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن جل عذاب القبر في البول (٦).

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٩.

(٢) التوحيد ص ٣٧٧ ط مكتبة الصدوق راجعه.

(٣) عيون الاخبار ج ١ ص ١٢٧.

(٤) ثواب الاعمال ص ١٥

(٥) المحاسن ص ٥٤.

(٦) المحاسن ص ٧٨.

١٧٦

ثواب الاعمال : عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان ابن عيسى مثله (١).

٢٥ ـ فقه الرضاعليه‌السلام : إذا دخلت الغائط فقل : «أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم» فاذا فرغت فقل : «الحمد لله الذي أماط عني الاذى ، وهناني طعامي وعافاني (٢) الحمدلله الذي يسر المساغ ، وسهل المخرج وأماط الاذى».

واذكرالله عند وضوئك وطهرك ، فانه يروى أن من ذكر الله عند وضوئه طهر جسده كله ، ومن لم يذكر اسم الله على وضوئه طهر من جسده ما أصابه الماء.

فاذا فرغت فقل : «اللهم اجعلنى من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ، والحمدلله رب العالمين» (٣).

بيان : قال في النهاية : فيه «أعوذ بك من الرجس النجس» الرجس القذر ، وقد يعبر به عن الحرام ، والفعل القبيح ، والعذاب ، واللعنة ، والكفر والمراد في الحديث الاول ، قال الفراء : إذا بدؤا بالنجس ، ولم يذكروا معه الرجس فتحوا النون والجيم ، وإذا بدؤا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا النون وأسكنوا الجيم.

وقال : الخبيث ذو الخبث في نفسه ، والمخبث الذي أعوانه خبثاء كما يقال للذي فرسه ضعيف مضعف ، وقيل : هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه ، و إن جعلت نون الشيطان أصلية كان من الشطن بمعنى البعد أي بعد عن الخير ،

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٢٠٥.

(٢) زاد هناك في الفقيه [ من البلوى ] وهو الظاهر راجع ج ١ ص ٢٠ وقد اختلط على مطبوعة الكمبانى متن الكتاب بما ذكر في هامش أصل المؤلف قدس‌سره تذكرة وحاشية ولفظه هكذا «فقيه : من البلوى».

(٣) كتاب التكليف : ٣.

١٧٧

أو الحبل الطويل كأنه طال في الشر ، وإن جعلتها زائدة كانت من شاط يشيط إذا هلك أو من استشاط غضبا إذا احتد في غضبه والتهب ، والاول أصح.

والرجيم لانه مرجوم بالكواكب لئلا يصعد إلى السماء أو رحيم يوم انزل من السماء ، أو مرجوم بلعنة الله والملائكة والمؤمنين ، والاماطة الابعاد ، و الاذى كل ما يؤذي ، والمراد هنا الفضلات المحتبسة في البطن ، والهنيئ ما أتاك من غير مشقة.

وفي الفقيه «وعافاني من البلوى» والمساغ مصدر ميمي يقال ساغ الشراب سوغا وسواغا : سهل مدخله ، وكأن هذا للشراب كما أن الاول للطعام ، والمراد بالطهر الغسل أو الاستنجاء ، وكذا الفراغ يحتمل الفراغ من الاستنجاء ، بل هو الظاهر من سياق الكتاب ، ولذاذكرنا ههنا.

٢٦ ـ السرائر : من مشيخة الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة ملعون ، ملعون من فعلهن : المتغوط في ظل النزال ، والمانع الماء المنتاب ، والساد الطريق المسلوك (١).

المقنع : مرسلا مثله (٢).

بيان : ظل النزال الظل المعد لنزول القوافل ، كموضع ظل شجرة أوجبل أو نحو ذلك ، والمنتاب إما اسم مفعول صفة للماء ، أي الماء الذي يردون عليه بالنوبة ، أو الماء الذي يأخذونه على التناب ، أو اسم فاعل فيكون مفعولا ثانيا لمانع ، قال الجوهري : انتاب فلان القوم انتيابا أتاهم مرة بعد اخرى.

وسد الطريق إما بادخاله في ملكه ، أو بقطعه بالسرقة ، أوأخذ العشور أوغيره : أو الظلم عليهم بأي وجه كان ، ثم المشهور في الاول الكراهة ، ويمكن

____________________

(١) السرائر : ٤٧٣.

(٢) المقنع : ٣.

١٧٨

القول في بعض أفراده بالحرمة ، كما إذا كان وقفا عليهم ، فان التصرف في الوقف على غير الجهة التي وقف عليها غير جائز ، وفي غير هذه الصورة وأمثالها أيضا لا يبعد القول بالحرمة ، لتضمنه لضرر عظيم على المسلمين عند نزولهم في الليالي وغيرها ، وعلى القول بالكراهة لا ينافيها لفظ اللعن : فانه البعد من رحمة الله ، ويحصل بفعل المكروه كما يحصل بالحرام.

٢٧ ـ فلاح السائل : باسناده إلى أحمد ومحمد ابني أحمد بن علي [ بن سعيد الكوفيين ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريا ، عن الحسن ابن علي ] (١) بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه والحسين بن أبي العلا معا ، عن أبى بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إذ» خلت المخرج وأنت تريد الغائط فقل : «بسم الله وبالله وأعوذ بالله من الرجس النجس الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم» فاذافرغت فقل : «الحمد لله الذي أماط عني الاذى ، وأذهب عني الغائط ، وهنأني وعافاني ، والحمد لله الذي يسر المساغ ، وسهل المخرج و أمضى (٢) الاذى (٣).

٢٨ ـ ومنه : باسناده ، عن علي بن محمد بن يوسف ، عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمدبن علي ، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن عمرو بن عبيد وواصل ابن عطا وبشير الرحال سألوا أبا عبدالله عليه‌السلام عن حد الخلاء إذادخله الرجل ، فقال : إذا دخل الخلاء قال : « بسم الله «فاذا جلس يقضي حاجته قال : « اللهم أذهب عني الاذى وهنئني طعامي «فاذا قضى حاجته قال : « الحمد لله الذي أماط عني الاذى ، وهنأني طعامي ».

ثم قال : إن ملكا موكلا بالعباد إذا قضى أحدهم الحاجة ، قلب عنقه

____________________

(١) مابين العلامتين سقط عن مطبوعة الكمبانى.

(٢) أماط خ ل.

(٣) فلاح السائل : ٤٩.

١٧٩

فيقول : يا ابن آدم ألا نتظر إلى ما خرج من جوفك؟ فلا تدخله إلا طيبا ، وفرجك فلا تدخله في الحرام (١).

٢٩ ـ مصباح الشيخ : إذا أراد أن يتخلى لقضاء الحاجة والدخول إلى الخلاء ، فليغط رأسه ، ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى ، وليقل «بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم» وليقل إذا استنجى «اللهم حصن فرجي ، واستر عورتي ، وحرمهما على النار ، ووفقني لما يقربني (٢) منك يا ذا الجلال والاكرام» ثم يقوم من موضعه ويمر يده على بطنه ويقول : «الحمد الله الذي أماط عني الاذى ، وهنأني طعامي وشرابى ، وعافاني من البلوى».

فاذا أراد الخروج من الموضع الذي تخلى فيه ، أخرج رجله اليمنى قبل اليسرى ، فاذا خرج قال : «الحمدلله الذي عرفني لذته ، وأبقى في جسدي قوته ، وأخرج عني أذاه ، يالها نعمة! يالها نعمة! يالهانعمة لا يقدر القادرون قدرها».

توضحيح : قال الفراء : أصل اللهم يا الله امنا بالخير ، أي اقصدنا به فخفف لكثرة دورانه على الالسن ، والاكثر على أن أصله يا الله فحذفت حرف النداء وعوض عنه الميم المشددة في آخره ، ورد الشيخ الرضي كلام الفراء بأنه يقال اللهم لا تؤمهم بالخير ، وأورد عليه الشيخ البهائي وغيره بأنه لا منافاة بين امنا بالخير ولا تؤمهم بالخير ، واجيب بأنه يمكن أن يكون مراده أنا ما سمعنا هذا الكلام من العرب إلا خاليا عن العطف ، ولو كان الاصل يا الله امنا بالخير لكان الافصح بعده ولا تؤمهم بالخير بالعطف لعدم تحقق شئ من أسباب الفصل ، ويمكن أن يجاب بأن وجوب عطف إحدى الجملتين المتناسبتين على الاخرى فيما إذا كانت الجملتان مذكورتين حقيقة ، وكون ما نحن فيه من هذا القبيل محل تأمل.

والاظهر أن يقال : إن مراده أنه يقال : اللهم لا تؤمنا بالخير وهو يدل

____________________

(١) المصدر ص ٤٩ وص ٥٠. (٢) لما يرضيك عنى خ ل.

١٨٠