ـ أعني : بمعنى الانكشاف الاجمالي ـ لا تغيّر فيه. وعلى هذا الأمر الرابع لا يكون الأشياء معلومة له ـ تعالى ـ بخصوصياتها ، ولذلك يكون باطلا.
وقد ظهر ممّا ذكرناه انّ علمه ـ سبحانه ـ بالأشياء ليس زمانيا وإنّ السبب في ذلك هو الأمر الثاني أو الثالث دون الأوّل والرابع.
فهنا مطلبان :
الأوّل : عدم كون علمه زمانيا ؛
والثاني : كون السبب في ذلك هو ما ذكر. فلا بدّ لنا من تنقيح القول فيهما وردّ ما أورد عليهما. فنقول :
أمّا المطلب الأوّل فوجهه ظاهر ممّا تقدّم ، فانّ الواجب ـ سبحانه ـ لمّا كان محيطا بالزمان والزمانيات متعاليا عنهما فلا معنى لوقوع علمه تحت الزمان ، والكلام الّذي نقله بعض الفضلاء عن الحكماء ـ كما ذكرناه ـ واف لاثبات هذا المطلب.
وقد أورد عليها العلاّمة الخفري بعض الايرادات ، فلا بدّ لنا من ذكرها ودفعها.
فقال : لا شبهة في أنّ علمه ـ تعالى ـ بالجزئيات باعتبار وجودها العينى ـ أعني : حضورها ـ ، بل الحاضر باعتبار ذلك الوجود زماني واقع في الزمان ، فانّ الحوادث لمّا كانت مختصّة بأزمنة معينة كان حضورها باعتبار الوجود العينى مختصّا بتلك الأزمنة المعينة. ولا يخلو إمّا أن تكون تلك الحوادث بعينها باعتبار الوجود العينى علما بها أو حضورها وانكشافها باعتبار ذلك الوجود علما بها ؛ وعلى التقديرين كان العلم بها باعتبار الوجود العينى زمانيا ـ أي : واقعا في الزمان ـ. نعم! ، العلم المتقدّم على الايجاد ليس زمانيا ولا تغير فيه أصلا وهو إمّا اجمالى وهو عين ذات واجب الوجود. ولا يخفى انّ الجزئيات باعتبار هذا العلم معلومة على الوجه الجزئي ولا يصحّ القول بأنّها معلومة بهذا العلم على الوجه الكلّى.
فان قيل : انّها معلومة على الوجه الكلّى باعتبار هذا العلم ، كما وقع في عبارة بعض الحكماء ، فانّه يصحّ بأحد التأويلين اللّذين أحدهما من المحقّق الطوسي وهو : انّ مرادهم بالقول بأنّ واجب الوجود يعلم الجزئيات بوجه كلّي لا جزئي انّه ـ تعالى ـ يعلم الجزئيات