من الزمان ولا في الوعاء المتقدم على الزمان ، ومع ذلك يكون موجودا لمن هو خارج عن الزمان محيط به ويلاحظ الجميع على نهج واحد ويكون الكلّ موجودا له بوجود جمعي وحداني غير متغيّر ؛ لا في الشهود العلمى الانكشافي فقط ، بل في الشهود الخارجي أيضا ، لما علمت أنّ الجميع بالنسبة إليه موجود في الخارج فيكون لجميع الأشياء وجود خارجي وحداني جمعى للواجب ـ تعالى ـ أزلا وأبدا ووجود خارجي تكثيري تفصيلي لأنفسها.
فان قيل : الحبل لمّا كان جميعه موجودا فمن اتسع حدقته يري جميع اجزائه ولو فرض ايجاده تدريجا لم ير جميعه ، بل يرى ما يوجد ؛ وحينئذ فالزمان لو كان جميعه موجودا فنحن نسلّم انّ الواجب يلاحظ جميع اجزائه ملاحظة عقلية على نسبة واحدة ويشاهد الحوادث الواقعة فيه أيضا كذلك ، وأمّا إذا لم يكن موجودا ـ كما في الأزل ـ فلا يعقل ظهوره وظهور ما فيه لديه وانكشافهما عنده ؛
قلنا : نحن قد بيّنا انّه موجود في الأزل للواجب ـ سبحانه ـ وإن لم يكن موجودا لنفسه نظرا إلى استواء نسبته ـ تعالى ـ إلى جميع الأوعية من الدهر والزمان واجزائه ، وهذا كما انّ الحبل المذكور أيضا بجميع اجزائه موجود في البعد الّذي تحقّق فيه وليس موجودا في البعد المحقّق لمن يراه دفعة ؛ هذا غاية الكلام في تصحيح هذا الوجه.
والحقّ كما قرّرناه انّه صحيح في نفسه ويمكن أن يصحّح به العلم الحضوري ، إلاّ انّه لمّا كان مناط علمه ـ تعالى ـ بالأشياء مجرّد ذاته ـ سبحانه ـ من غير افتقار إلى نفس وجوداتها فيجب أن يكون للواجب ـ سبحانه ـ بالنسبة إلى الأشياء شهود علمي مع قطع النظر عن وجوداتها الخارجية بمعنى أن لا يكون لوجوداتها الخارجية مدخلية في الانكشاف أصلا. ولذا ترى أنّ سلف الحكماء مع تصريحهم بالوجه المذكور وقولهم بأنّ نسبة جميع الأوقات والأزمان والحوادث وغيرها من الموجودات إليه ـ سبحانه ـ نسبة واحدة لم يصحّحوا العلم الحضوري به ، ولم يعترفوا بأنّ للأشياء شهودا خارجيا ووجودا جمعيا وحدانيا عينيا للواجب ، بل صرّحوا بأنّ لها شهودا علميا ووجودا جمعيا وحدانيا ذهنيا له ـ سبحانه ـ فالأصوب في الجواب عن الايراد المذكور هو الوجه الّذي نذكره بعد