فجهّزناه وتنافسنا في كفنه حتّى خرج من بيننا بالسواء ، ثمّ تعاونّا على غسله حتّى فرغنا منه ، ثمّ قدّمنا مالك الأشتر فصلّى بنا عليه ثمّ دفنّاه.
فقام الأشتر على قبره فقال : اللهمّ هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين لم يغيّر ولم يبدّل لكنّه رأى منكرا فغيّره بلسانه وقلبه ، حتّى جفي ونفي وحرم واحتقر ثمّ مات وحيدا غريبا ، اللهمّ فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجرة وحرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا : آمّين.
قال الكشّي : ذكر أنّه لما نعي الأشتر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام تأوّه حزنا وقال : رحم الله مالكا ، وما مالك عزّ به عليّ (١) هالكا لو كان صخرا لكان صلدا ولو كان جبلا لكان فندا ، وكأنّه قد منّي قدّا (٢).
وفي تعق : عزّ به عليّ هالكا أي : شقّ واشتدّ عليّ هلاكه ، والصخر : الحجارة العظام ، والصلد : الصلب ، وفند : ـ بالكسر ـ جبل بين الحرمين الشريفين (٣) (٤).
أقول : ذكر جماعة من أهل السير أنّه لما بلغ معاوية إرسال علي عليهالسلام الأشتر إلى مصر عظم ذلك عليه وبعث إلى رجل من أهل الخراج
__________________
(١) في المصدر : عزّ عليّ به.
(٢) رجال الكشّي : ٦٥ / ١١٨.
(٣) الفند ـ بالكسر ـ : قطعة من الجبل طولا ، الصحاح : ٢ / ٥٢٠.
فند ـ بالفتح ثمّ السكون ـ : جبل بين مكّة والمدينة قرب البحر ، مراصد الاطلاع : ٣ / ١٠٤٤ ، معجم البلدان : ٤ / ٢٧٧.
(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢٧١ ، وفيها : تقدّم عن النجاشي وفي صعصعة ذكر عهده ، ويظهر منه غاية جلالته ونهاية علو مرتبته ، انتهى. رجال النجاشي : ٢٠٣ / ٥٤٢.
ولم ير فيها ما ذكر هنا.