ولمعنى (من) عدة احتمالات :
الأول : إنها لبيان الجنس ، كقولك : إبريق من طين. وكما قال تعالى (١) : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ). وقال (٢) : (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ). فيكون القول هنا ـ حقيقة أو مجازا ـ إن جنس الإنسان من علق.
الثاني : إنها للتبعيض كقوله تعالى (٣) : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ). أي بعضهم. فيكون المعنى : خلق الإنسان من بعض العلق. ولا يراد به الجزء من الكل بل الجزئي من الكلي ، لأن العلق كلي في أي معنى أعطيناه.
الثالث : إنها لابتداء الغاية ، كقولنا : خرجت من الكوفة. وهذا أوضح في المعنى المادي للعلق. باعتبار أنه أول حركة نمو الجنين.
ويدعم هذا المعنى : أننا نستطيع أن نفهم من الخلق في الآية هذا المعنى لا مطلق الخلق. بل نفهم ابتداء الإنشاء للخلق. فتكون من دالة على الابتداء لأول مرة ، وخلق أيضا تدل على ذلك. أو قل : ابتداء صنع الإنسان من علق.
الرابع : إنها بمعنى في أي الظرفية ، وهذا أقرب إلى المعنى المعنوي وهو التعلّق والحاجة إلى الله تعالى. فهو بمنزلة الظرف والإنسان بمنزلة المظروف ، لهذه الحاجة والتعلّق ، فالإنسان في علق.
إلّا أنه بعيد ، لصعوبة فهم الظرفية عرفا.
سؤال : ما هو ربط اقرأ الأولى بخلق الإنسان ، الذي هو مدخولها. مع أنه غير مربوط بالقراءة ظاهرا ، وخاصة مع فهم قيد الحيثية كما تقدم فلما ذا ذكر؟
__________________
(١) المؤمنون / ١٢.
(٢) الكهف / ٣١.
(٣) البقرة / ٢٥٣.