السابعة : أنه لا دليل واضحا على تعرض الآية الكريمة لنمو الجنين ، إلّا معنى العلق. فإذا صرفناه عن معناه لم يبق دليل أصلا ، وقد عرفنا أن معناه هو مصدر التعلق. فيمكن أن يكون مرادا. أي خلق الإنسان من التعلق.
والمراد : أن الطبيعة الأساسية للإنسان هي التعلق ، ونظيره قوله تعالى (١) : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ). وهو بلا شك معنى مجازي ، فيكون خلقة الإنسان منها ـ أي من التعلق أو العجل ـ يحتوي على تسامح في التعبير ولكن قد يبلغ اتّصاف الإنسان بهذه الصفات درجة من الوضوح والأهمية إلى حد تصبح بمنزلة لحمه ودمه أو بمنزلة جسمه وكأنها صفة مجموعة من كثرتها وعمقها وأهميتها.
وهنا يطرح سؤال عن معنى التعلّق؟
وجوابه : أن الإنسان لا يمكن بأي حال أن يعيش بالاستقلال. فالتعلّق موجود في الإنسان بكل صوره. وذلك لعدة أشكال :
الأول : الشوق والحب والإرادة. فقولك. تعلق به أي أحبه ومال إليه. وطرفه إما الدنيا وإما الله تعالى. أما الأسباب وأما مسببها. وأما الاستقلالية الكاملة فهي محال. وإن كان قد يتوهمها الفرد.
الثاني : أن نصرف التعلق في كونه حبا وعاطفة إلى كونه علما ويقينا. ولكن ما هو المتعلق؟ هذا وارد في كل واحد حسب مستواه. فبعض يتعلق بالأسباب الطبيعية ، وبعض يتعلق بالأسباب غير الطبيعية ، وبعض يتمحض بالتوكل على الله تعالى.
سؤال : عن معنى (من) في قوله تعالى : (مِنْ عَلَقٍ؟).
جوابه : أن معنى (من) لا يختلف باختلاف معنى العلق ، سواء كان ماديا أو معنويا ، وهو التعلّق ، كما شرحنا فيما سبق.
__________________
(١) الأنبياء / ٣٧.