جوابه : من عدة وجوه :
أولا : الإشارة إلى الذات ، يعني ذات الخالق سبحانه ، مع ذكر أهم النعم المنسوبة إليها وهو أصل الخلقة. وخاصة وأن الخطاب للإنسان فيحسن التركيز على خلقته التي هي أهم النعم عليه.
ثانيا : إن كلتا العبارتين : (اقرأ) واحدة في المعنى. فيكون السياق واحدا ، فيكون المتأخر كأنه مدخول للمتقدم ، والتكرار إنما هو للتأكيد ، أو للتوصل إلى مدخولها ، فيكون وصفا للنعمة بخلقة الإنسان وتعليمه. فيكون المجموع مناسبا مع القراءة.
ثالثا : إن القراءة متوقفة على أصل الوجود ، لا أنهما غير مرتبطين إطلاقا ، وإنما يلزم من عدمه عدمه. أي يلزم من عدم الخلقة عدم القراءة. فقد ذكر وجود الإنسان كمعد أو شرط لها.
رابعا : أن نفهم من القراءة الجانب المعنوي ، وهو التفكير في خلق الله. فيكون ذلك مناسبا مع خلق الإنسان. فإن خلق الإنسان من أعظم العبر والمعجزات في العالم بل أهمها على الإطلاق.
فإن قلت : فإنه عندئذ لا يناسب اقرأ الثانية التي مدخولها القلم والكتابة.
قلت : ذلك من وجهين :
أولا : إن التفكير كما يكون بالكون ثبوتا ، يكون أيضا بالكتابة إثباتا. أو قل : إن القراءة على الصفحات جزء من القراءة التكوينية أو التفكير في خلق الله. فيرجع كلاهما إلى محصل واحد ، وهو التفكير.
ثانيا : أن نقر هنا بالتعدد بين الفعلين ، أعني اقرأ الأولى واقرأ الثانية ، فلا ربط بينهما من هذه الناحية. فقد يكون الأول للتفكير ، والثاني للكتابة : ولا بأس بذلك.
فإن قلت : إن بينهما وحدة سياق تدل على وحدة المعنى.