وجوابه : مع تنزيه الذات الإلهية عن الحوادث. أحد شكلين :
الشكل الأول : إن هذه الحوادث والطبائع ، يضعها الله سبحانه في نفوس أوليائه الذين هم قادة الخلق. ومن هنا ورد (١) : رضا الله رضانا أهل البيت.
الشكل الثاني : إننا قلنا في علم الأصول. إن الله تعالى خاطبنا بصفتنا عرفيين وبصفته عرفيا. أي نزّل نفسه إنسانا وتحدث معنا كأحدنا. فحصلت من ذلك التنزيل شخصية وهمية. وتلك الشخصية تكون محطّا للعواطف المذكورة في القرآن كالحب والبغض والرضا والغضب والنسيان (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٢).
وهذان الجوابان كافيان. ولكن يمكن أن نقول أيضا : إن رضا الله ثوابه ، وغضبه عقابه ، وهو فهم المشهور ، ولكنه قابل للمناقشة :
أولا : إنه ليس بسعة الوجهين السابقين ، لوضوح عدم تفسير النسيان ونحوه.
ثانيا : إن ظاهر هذه الآية التي نتكلم عنها (في سورة البينة) أن الرضا غير الجنات بصراحة.
سؤال : ذكره القاضي عبد الجبار (٣). وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) إلى قوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ). يدل على أن العلماء خير البرية. لقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) وأنت إذا جمعت بين الآيتين ثبت ما ذكرناه. أقول : فهل الأمر كذلك؟
جوابه : نعم ، لظهور الآيتين معا في الحصر. أما إحداهما : فبإنما. وأما
__________________
(١) البحار / ج ٤٤ ، ٣٦٧.
(٢) التوبة / ٦٧.
(٣) تنزيه القرآن عن المطاعن : ص ٤٧٣.