كفر. والمراد بالبينة عندئذ الإسلام.
وجوابه
: أن ظاهر
الآية تفرقهم بما هم أهل الكتاب ، لا بعد الإيمان. مضافا إلى أن الانفكاك منفي لا
مثبت ، فتأمل.
ثالثا : تفرق أهل الكتاب في البلدان لغرض الهداية للبينة ،
والمراد بها هنا دينهم حينما كان حقا. فهم يحملون هذه البينة إلى الناس بهدايتهم
إلى دينهم.
وجوابه : إن الظاهر تفرقهم بالرأي ، أي في الدين أو المذهب ،
لا بالجسم ، كما هو مقتضى هذا الاحتمال.
رابعا
: تفرقهم فيما
بينهم بالآراء والمذاهب ، بحيث أصبحوا يكفر بعضهم بعضا ، وانقسموا إلى : كاثوليك
وأرثوذوكس ، وسريان وآشور وأرمن وغير ذلك ، ومنهم من لا يعترف بالبابوية. ومنهم من
لا يعترف ببعض أجزاء الكتاب ، أعني التوراة والإنجيل المتعارفة. بينما يؤمن
الآخرون بها جميعا.
وهذا الاختلاف
لم يحصل إلّا بعد البينة. ويراد بها هنا بعثة أنبيائهم.
وهذا المعنى
موجود في عدد من آي الكتاب الكريم ، كقوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً
بَيْنَهُمْ). أو قوله سبحانه : (كانَ النَّاسُ
أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا
اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ
ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ).
لأن هناك نحو
ملازمة بين الهداية وحصول الاختلاف عمليا.
فإن قلت : كيف
يكون إنزال الكتاب وتبليغ العلم سببا للتفرق.
جوابه : أنه يقول في الآية : (بَغْياً بَيْنَهُمْ). فلا يكون العلم بمجرده سببا
__________________