الثالث : إن لكل فرد ميزانه الخاص به يوم القيامة ، فتكون الموازين متعددة بعدد الأفراد : وهذا وإن وافق قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ). إلّا أنه مخالف لقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ ... وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ...) حيث أثبت لكل فرد الموازين جمعا. فيسقط هذا الوجه.
الرابع : ما فيه اقتضاء الوزن ، فإن الموزون على شكلين : إما فعلي وإما اقتضائي ويعبر عنه في الفقه بالمكيال والموزون ، يعني ما فيه قابلية الوزن وإن لم يوزن فعلا. فيصح الجمع ، لأنه متعدد وليس واحدا.
الخامس : تعدد دفعات استعمال الميزان.
السادس : قواعد العدل الكلية ، وهي كثيرة ولكل منها حقلها.
وبهذا الاعتبار نسميها موازين. لكل حقل ميزانه الخاص به.
سؤال : إنه نسب الثقل إلى الميزان في الآية ، مع أن المناسب أن ينسب إلى ما في الميزان. فما هو الوجه في ذلك؟
جوابه : من عدة وجوه :
الأول : أن نسمي ما في الميزان ميزانا مجازا ، بعلاقة المظروف بظرفه.
الثاني : أن نقصد بالميزان «الكفة» باعتبار إطلاق اسم الكل على الجزء.
الثالث : أن نقصد من الميزان الموزون ، أعني نفس الإنسان. فإذا ثقل ميزانه زادت أهميته ، وإذا خفّ قلّت أهميته. بل يكون التعبير بالثقل والخفة باعتبار ذلك. وخاصة مع ملاحظة ما سبق من أن الملحوظ في الآية هو زيادة الحسنات وثقلها دون السيئات.
سؤال : الرجاء إعطاءنا فكرة عن قواعد العدل الكلية؟
جوابه : إن هذه القواعد يختص بعلمها الله سبحانه والراسخون في العلم من خلقه ، ولذا عبّر عن قسيم الجنة والنار سلام الله عليه بميزان الأعمال (١)
__________________
(١) مفاتيح الجنان ص ٣٥٣ و ٣٤٦.