ولكن هذا ، بهذا المقدار ليس صحيحا. فإن الحسنات عليها ثواب والسيئات عليها عقاب. ومقتضى القاعدة أن الفرد ينبغي أن ينال ثواب حسناته وعقاب سيئاته ، لا أن مجرد رجحان الحسنات موجب لسقوط العقاب كله أو أن رجحان السيئات موجب لسقوط الثواب كله.
فالذي ثقلت حسناته ، عليه أن ينال عقاب سيئاته ، ثم يدخل الجنة. وكذلك من ثقلت سيئاته عليه أن يأخذ عقابها ليدخل الجنة على حسناته. وهكذا.
ثم قال سبحانه : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ).
قال الراغب في المفردات (١) : الوزن معرفة مقدار الشيء. قال تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ). أي أن الموازين جمع ميزان. والمراد الموازين العادلة المقسطة.
أقول : إنه حسب فهمي فإن جمع ميزان : ميازين وموازين : فإما أن يكونا بمعنى واحد ، وإما أن نفرق بينهما ببعض الفروق.
أولا : أن نقول : إن الميازين جمع ميزان. والموازين ما يسمى عرفا «عيارا» لأنه يوزن بها.
ثانيا : أن نقول : الميازين هي المادية والموازين هي المعنوية. كقواعد العدل الكلية.
سؤال : لما ذا استعمل الجمع في الموازين؟
جوابه : إن المراد من الجمع أحد أمور :
الأول : أن يكون المقصود ما في الميزان. أي الموزونات من الطاعات والمعاصي وهي كثيرة عادة ، ولا يمكن تصورها مفردا.
الثاني : أن نتصور ـ كأطروحة ـ أن لكل فعل ميزانه الخاص به. أي الفعل الكلي لا الجزئي ، من الحسنات والسيئات. كالصلاة والصوم والزنى والسرقة ، وغيرها.
__________________
(١) مادة «وزن».