جوابه : قال السيد الطباطبائي في الميزان (١) : قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) إشارة إلى وزن الأعمال. وأن الأعمال منها ما هو ثقيل الميزان ، وهو ما له قدر ومنزلة عند الله ، وهو الإيمان وأنواع الطاعات. ومنها ما ليس كذلك وهو الكفر وأنواع المعاصي. ويختلف القسمان أثرا ، فيستتبع الثقيل السعادة ، ويستتبع الخفيف الشقاء.
أقول : الموازين لها قسط من الحديث في علم الفلسفة وعلم الكلام. وينبغي أن نحمل فكرة عنه ، ثم نطبقه على القرآن الكريم.
قال المشهور : إن الصحيح هو البعث المادي لا المعنوي. وإن الإنسان يحيا في يوم القيامة كما يحيا في الدنيا. ونحو ذلك. ويستنتج من ذلك : أن وزن الأعمال التي صرحت به الشريعة المقدسة موجود. وهو يناسب المعاد الجسماني أو المادي.
ومن هنا قالوا : إن هناك ميزانا توزن به أعمال الأفراد ، فإذا رجحت الحسنات على السيئات دخل الجنة. وإذا رجحت السيئات دخل النار. ولعل هذا هو المراد من قوله : (خَفَّتْ مَوازِينُهُ) و (ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ).
ولكن ينبغي أن نلتفت إلى بعض الإشكالات التي ترد على الميزان المادي الذي عليه المتشرعة. لأن الذي في أذهانهم من الربط بين المعاد الجسماني والوزن المادي ليس بصحيح. بل يمكن أن نقول بالمعاد الجسماني. ومع ذلك نقول : بأن الوزن ليس ماديا بل معنويا. وهو قواعد العدل الكلية. عند الله تعالى. ولا دليل على الربط المزبور.
فإن قلت : فإن ما ورد في الكتاب ، والسنة من ألفاظ : الميزان ، ظاهره الميزان المادي ، لأنه تعالى خاطبنا باللغة العرفية ، وهو كذلك عرفا.
قلنا : إن ما يستحيل الأخذ به من الظواهر لا بد من المصير إلى تأويله. كما هو الحال في كثير من آيات القرآن الحكيم. كقوله تعالى (٢) : (يَدُ اللهِ
__________________
(١) المصدر والصفحة.
(٢) الفتح / ١٠.