أقول : أي محل التسجيل. كما نسمي الدفاتر سجلا. وقوله تعالى (١) : (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ). فيه أطروحتان للفهم :
الأولى : السجل : مكان المكتوب أو ظرفه. مثل الجرّارة تطوى في داخلها الكتب. وهذا هو الفهم المشهور.
الثانية : الكتب هي نفس الكتابة. والجمع منها بمعنى : الكتابات. والسجل : أي شيء من ورق أو طين ، يطوي الكتابات في داخله. والكتاب بمعنى الكتابة موجود في اللغة. ومنه قول النبي صلىاللهعليهوآله فيما ورد أنه أمر أحد أصحابه فقال : تعلم كتاب يهود. أي لغتهم وكتابتهم. قال : فتعلمتها في ثلاثة أيام.
هذا ، وقد وردت لفظة السجيل في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع. أحدها في هذه السورة ، والأخريات في سورة هود آية (٨٢) ، وفي سورة الحجر الآية (٧٤) ، لوصف الانتقام من قوم لوط : قال تعالى (٢) : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ).
وفي هذه الآية عقوبتان : الأولى : (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها). والثانية : (أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ). فقد يقال : إن العقوبة الأولى تكفي للقضاء عليهم ، فلا معنى للإمطار بالحجارة ، بعد أن يجعل عاليها سافلها.
وجوابه : من وجهين كلاهما نسوقهما كأطروحة محتملة :
الوجه الأول : إنه ليس المراد من جعل عاليها سافلها المعنى المادي على ما روي في رواية ضعيفة السند (٣) بل المراد المعنى المعنوي ، وهو : إذلال أعزائها وسلب السلطة عن متوليها. فالمعجزة المادية هي الرجم بالحجارة ، وليس الانقلاب الحقيقي للأرض.
__________________
(١) الأنبياء / ١٠٤.
(٢) هود / ٨٢.
(٣) انظر الميزان : ج ١٠ ، ص ٣٤٩.