سادسا : إن الروايات وإن دلت على الوحدة ، فإن هناك روايات أخرى تدل على التعدد ، ذكرها صاحب الميزان (١) ، أيضا. ولكنه يمكن القول بأن سند هذه الروايات ضعيف. كما أن سند روايات الوحدة ضعيف أيضا.
ومعه ، تسقط كلتا الطائفتين عن الحجية ، إما للضعف أو للتعارض. ونرجع إلى ظاهر القرآن الكريم بالتعدد. وذلك باعتبار الوجوه السابقة التي قلناها.
كما يمكن القول : إن روايات الوحدة تعارض هذا الظاهر القرآني ، فتسقط عن الحجية ، لقولهم عليهمالسلام (٢) : ما خالف قول ربنا باطل ، اضرب به عرض الجدار. وروايات الوحدة توافق هذا الظاهر ، فتكون معتبرة. وعلى أي حال ، يكون ظاهر القرآن معتبرا.
ثم إن كون الجار والمجرور : (لإيلاف) متعلق بما قبله من سورة الفيل ، ينتج أمرا ، وهو أن حادثة الفيل حصلت لأجل إيلاف قريش ، وأنسها بولادة النبي صلىاللهعليهوآله. وهو معنى لطيف إلّا أنه قابل للمناقشة. وعلى هذا تكون وحدة السورتين ، قرينة ـ ولو كانت ناقصة ـ على أن هذه السورة نزلت بعد سورة الفيل ، كجزء منها.
وهذا الوجه قابل للمناقشة من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن تعلق الجار والمجرور ، يكون بعيدا لفظا ، مع وجود فاصل آية أو أكثر من آية ، لا أقل من البسملة ، وهذا خلاف الظهور الفعلي.
الوجه الثاني : إن في سورة الفيل ستة أفعال : ترى وفعل ويجعل وأرسل وترميهم وجعلهم. فلأي منها يعود الجار والمجرور؟ نذكر عدة أطروحات كلها باطلة :
أولا : أن يعود إلى الجامع بينها ، أي إلى أحدها على نحو الإجمال. وهذا باطل نحويا ومعنويا ، وإن كان متصورا أصوليا.
__________________
(١) راجع الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣٦٤ ...
(٢) انظر الوسائل ج ١٨ كتاب القضاء ص ٧٨ ـ ٧٩ ...