فمدخول «يا» هو كل كلمة خالية من الألف واللام. أما المعرف بها ، فلا يمكن أن يكون مدخولا لها ، فتأتي أيها لأجل التوصل إلى ذلك. وهذا بحسب الذوق العربي ، واضح. وبحسب استقراء الاستعمالات القرآنية ، إن أيها لم تأت مفردة ، وإنما جاءت مدخولا لحرف النداء.
إذن ، فلا بد من وجود الاثنين ، ولا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر.
سؤال : هل إن ظهور القرآن في هذه السورة يدل على الجبر؟
هذه الشبهة مأخوذة من بعض ما قلناه ، وما قاله صاحب الميزان قدسسره ، فلا بد من ذكر المقدمات ، لفهم هذه الشبهة. ومن ثم الاجابة عليها.
المقدمة الأولى : الظهور بالشأنية وهذا ما قلناه من أن شأن الكافرين أن لا يؤمنوا وأن لا يعبدوا ما يعبد الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهو التوحيد. وليس المراد الفعلية والعمل والسلوك. بل المراد من شأنهم حالهم وديدنهم. فإن الحال والديدن من قبيل اللازم الذي يصعب تغييره. وهذا يعطي إشماما بالجبر.
وأوضح منه :
المقدمة الثانية : وهو ما ذكره صاحب الميزان ، وهو من غرائبه قدسسره ، حيث قال (١) : «لا أعبد» نفي استقبالي ، فإن «لا» لنفي الاستقبال. كما أن «ما» لنفي الحال. والمعنى لا أعبد أبدا ما تعبدون اليوم من الأصنام.
أقول : فيكون المعنى على هذا التقدير : إن النبي صلىاللهعليهوآله سوف لن يعبد ما يعبد الكفار ، وهو صحيح. ولكن العكس لا يصح أي : إن الكفار سوف لن يعبدوا الله تعالى. فظهور «لا» للتأبيد والاستقبالية
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٣٧٤.