جميع الموانع ..
فمثلا ، حين يريد أن يتحدث عن التوحيد ، ورفض الشرك ، فإنه يثيره بطريقة تستبطن الدليل الفلسفي ، ولكن دون أن يستخدم مصطلحات علم الفلسفة ، فيشير إلى موضوع تضادّ الإرادات ، أو بطلان تأثير ما عدا الإله الواحد ، وبطلان تعدد الآلهة ، ولكن من خلال التأكيد على أنه يوجب فساد الحياة ، وفساد السماوات والأرض ، ويتناقض مع هدف الإله الحكيم من الخلق ، لأنه إنما يريد الصلاح ..
وواضح : أن الفساد لا يمكن للإنسان أن يرضى به ، لأنه يهدد حياته ، وترفضه فطرته ، وعقله ، لأنه يخلّ بسعادته وراحته ، وبخططه ، وبمستقبله ..
والحاصل : أن القرآن ليس كتابا فلسفيا ، ولا تاريخيا ، ولا فقهيا ، ولا غير ذلك ، وإنما هو كتاب الله تعالى ، يظهر للمعاني الدينية ، وللأحكام الشرعية ، وقضايا التاريخ ، وجهها العملي ، حين يحولها إلى شأن حياتي ، ليستفيد الناس منه ، وليتفاعلوا معه بصورة عفوية ، ولا يتحدث للناس بمصطلحات تختص بفريق دون فريق ، ولا بعلوم لا يعرفها إلا قلة من الناس ، في كل زمان ومكان ..
وحتى حين ذكر بعض الأمور الكونية ، فإنه ذكرها أيضا بلغة عامة ، ولم يستعمل مصطلحات أهل الفلك ، أو غيرهم ..
وحين يتحدث عن نعيم الجنة ، فإنه لا يبالغ فيه بهدف إغراء الناس بأمور خيالية .. لأن الإنسان غير قادر على استيعاب الحقيقة مجردة ، فكيف إذا أريد الزيادة عليها بأسلوب المبالغة.
إن القرآن يقرر الحقائق على ما هي عليه ، وبصورة عملية تفصيلية ،