فكلمة «تسمى» قد أشارت : إلى أن هذا هو أحد أسماء تلك العين ، التي عرضت لها بسبب ملاحظة خصوصياتها ، الداخلة في حقيقة وجودها ، حتى لقد أطلقت عليها هذه التسمية بصورة عفوية وواقعية ، فلا حاجة ، بل لا مجال ، لتعيين من الذي سماها ..
وذلك يشير إلى أن صفة السلسبيل ليست عارضة على تلك العين ، ولا يوجد أي ادعاء أو مبالغة غير واقعية فيها ، فمعرفة الفاعل للتسمية لا تزيد في الثقة ، ولكن مجهوليته هي التي تزيدها ..
٢ ـ أما كلمة «سلسبيل» : فقد ادعي أنها لم توجد في كلام العرب ، وأن القرآن هو الذي استعمل هذه الكلمة فقط ..
ويبقى هذا مجرد ادعاء ، فإن القرآن لم يكن ليأتي بكلام غير مفهوم ، ولا معلوم لدى الناس ، وهو القائل عن نفسه : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١) ..
والسلسبيل أصلها سلسل ، ثم زيدت الباء والياء فيها للإشارة إلى أن هذه الصفة ثابتة فيها بعمق وقوة ، وبدرجة عالية ، وربما يكون سبب الزيادة غير ذلك.
كما أن من الجائز أن تكون نفس هذه الكلمة قد وضعت لإفادة هذا المعنى من دون أن يزاد فيها شيء.
والسلسبيل هي البالغة اللطافة ، والسلاسة ، والليونة ، والسهولة ..
وإذا لاحظنا صفة الحرارة واللذع في الزنجبيل ، فكون هذه العين بهذه الدرجة من اللطافة والسهولة يعطينا أنه زنجبيل يختلف عما عرفناه في الدنيا ، بل هو يكاد يكون مضادا له في صفته هذه ..
__________________
(١) سورة الشعراء الآية ١٩٥.