وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً* مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً* وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً* وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ..) إلى أن يقول : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ..)
فهو في هذه الآيات يستعمل الفعل الماضى المبني للمجهول «ذلّلت» ، والمبني للمعلوم «وقاهم» ، «لقّاهم» ، واسم الفاعل «متّكئين» ، «دانية» ، والمضارع المبني للمعلوم «يطوف» ، والمبني للمجهول «يطاف» ، ومع الواو «ودانية» ، وبدونها «متّكئين».
ولكل حالة من هذه الحالات خصوصية مستقلة ، أو تابعة يراد إبرازها ، والاستفادة منها ..
ومثال ذلك :
أنك تارة تورد الحالة أو المعنى المستقل ، فتقول : هذا فلان ..
ومرة يراد بيان أحوال وأوصاف متضادة لذلك الموصوف ، كقولك : فلان شجاع وعالم ونجار ..
وتارة ثالثة تورد الكلام لتثبت للموصوف صفة ، ثم تتبع تلك الصفة ببيان تفاصيلها وحالاتها ، كقولك : فلان عالم ؛ دقيق النظر ، متبحر ، محقق .. فالأوصاف الأخيرة إنما هي لبيان حالات العالم. وكذا لو قلت فلان شجاع ؛ يقاتل ساعات طويلة ، يهاجم الألوف ، ولا يلبس درعا ، ولا يهاب الموت .. أو قلت : هو نجار ماهر ، يصنع الأبواب ، والخزائن ، والكراسي ، والمناضد ، وكل ما يطلب منه ..
وقد جاء قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) وفقا للنحو الثاني ، وقوله : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها)