قوله تعالى :
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا
أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.)
«وَما تَشاؤُنَ» :
لقد ظهر أن
التعابير في الآيات الأخيرة قد جاءت بطريقة متفاوتة ، تتناسب مع طبيعة الخصوصيات
التي يراد الإلماح إليها في كل مقام ، فقد كان التعبير عن مقام العزة الإلهية ،
بضمير المتكلم ، وبصيغة الجمع : «أردنا» ، «بدّلنا» ، «شئنا». ثم جاء التعبير عنه بصيغة
المفرد ، وبعنوان الربوبية ، فقال : «إلى ربّه» .. ثم عاد هنا ليتحدث بصيغة ثالثة
، وهي صفة الألوهية ، فقال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا
أَنْ يَشاءَ اللهُ ..)
وكان الحديث أيضا
عن الناس بضمير الغائب : «خلقناهم» ، «أسرهم» ، «أمثالهم» ثم تحول للحديث عن
المفرد : «من شاء» ، «اتّخذ» ، «ربّه» ..
ثم عاد أخيرا
ليتحدث عنهم بضمير الجمع مرة أخرى .. ولكنه اعتبرهم حاضرين ، ووجه إليهم الخطاب
مباشرة ، فقال : (وَما تَشاؤُنَ)
..
وقد عرفنا : بعض
السبب في إجراء الحديث بصيغة الغائب المفرد هناك ، والسبب في عودته هنا للخطاب لهم
بضمير الجمع ، مشيرا إلى نفسه تعالى بواسطة لفظ الجلالة.
ولعل السبب في
الإتيان بلفظ الجلالة هنا ، هو أن تأثير مشيئة الله سبحانه في مشيئة العبد ، إنما
هو من موقع الخالقية التي تعني القدرة. وذلك يتناسب مع مقام الألوهية بصورة أتم
وأوضح ..