وغير ذلك مما أشار إلى الضلال والهدى ، والوصول إلى الله.
وقد أشار إلى الاختيار في مرتبتين : إحداهما مرتبة المشيئة ، والأخرى مرتبة المباشرة وإنجاز الفعل ، وذلك يدل على الاختيار بصورة أصرح وأوضح ..
وكما أن اتخاذ السبيل ، يشير إلى الاختيار ، كذلك هو يشير إلى حصول المبادرة من نفس الإنسان ، ويشير أيضا إلى أنها بالإرادة ، والعمد ، والتكلف للفعل.
٤ ـ إنه تعالى ، لم يذكر هنا الهداية إلى السبيل ، بل ذكر اتخاذ السبيل ، وذلك لأن الهداية متحققة ، ولا يحتاج إلى أكثر من التذكرة بها ، ولو لمرة واحدة ، فإن ذلك يكفي لأن تحضر الحقيقة كلها أمامه ، كأشد ما يكون الحضور ..
٥ ـ إن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من المبادرة إلى السبيل ، والاتخاذ له. وهذا يشير إلى حتمية الالتزام والبناء القلبي ، الذي يعطي العمل رونقا ، ويكون التعرض لإنجاز الفعل بدافع من المحبة ، لتتناغم الحركة الجوارحية مع المتابعة الجوانحية الحنونة ، فيعيشه في داخل روحه ، وفي صميم مشاعره وأحاسيسه ..
فلا يكون العمل روتينيا ، خاويا ، وجافا فارغا ، بل هو حركة مترافقة مع السبحات الروحية ، والنبضات الإيمانية اللذيذة والحية .. ليصبح جزءا من الكيان الإنساني وليسهم في صنع إنسانية الإنسان ، فيكون ضميره ، ووجدانه ، ومشاعره ، وعقله ، وروحه ، وسلوكه ، بكل ما لهذه الكلمات من دلالات .. وهذا يتناسب مع كون المقام مقام حث على الوصول إلى الله ، والاتصال به ، حيث لا يكفي في ذلك مجرد الحركة الجوارحية ، بل هو