بطريقة توحي بحالات ومعان ، تثير لذات معنوية ، روحية ، وشاعرية ، أكثر مما هي مؤثرة في النعيم الحسي ، واللذة الجسدية ..
فمثلا : جعل جزاءهم نفس الجنة ، لا مجرد دخول الجنة والسكنى فيها ، وذلك يشير إلى أن المطلوب هو إثارة الشعور بالمالكية ، والقدرة ، والتصرف من موقع المالك ، لا من موقع الساكن والنزيل ، فإن من يشعر بملكية الشيء يكون تصرفه فيه أقوى وأعمق ، وتراوده مشاعر طمأنينة ، وثبات وسكينة أقوى.
كما أنه تعالى قد ذكر في هذه السورة لذة الاستحقاق ، ولذة الجزاء .. بعد معاناة الجهد ، والضعف ، والحاجة ، من قبل أولئك الأبرار ، وذكر أيضا لذة رفع الجهد ، وزوال الضعف ، ودفع الحاجة ، ولذة الكمال ، ولذة العطاء بعد المعاناة ..
وبيّن في هذه السورة المباركة أيضا حالات التصرف وآفاقه ، فلاحظ قوله : (مُتَّكِئِينَ) ، فإنها تلمح إلى لذة القدرة على التصرف ، وإلى التصرف الفعلي الذي يحسّ الإنسان بلذته فعلا أيضا .. وستأتي بقية التفاصيل ..
فإذا قارنت هذه اللذات المعنوية التكريمية بأنواع تلك الأعمال التي تصدى الأبرار لها ، فإنك ستجد تناسبا عجيبا فيما بين طبيعة الأعمال وطبيعة الجزاء عليها ..
فإن الوفاء بالنذر ، والخوف من ذلك اليوم ، وإطعام الطعام في تلك الأحوال التي وصفناها ، وبهذه الروحية التي بيّنها القرآن ، وكون الهدف هو رضا الله ، وليس الحصول على النعيم والجنان .. ثم تفجيرهم للعين تفجيرا بالعمل الصالح .. و.. و ـ إن كل هذا ـ يناسب تماما مفردات هذا