٢ ـ إنها مع ذلك تحتفظ بلمعانها الأخّاذ ..
٣ ـ إنها تفضّ النظر الذي ينصب عليها ، وتفرقه وتجزؤه (١) وتنشره .. وينعكس عنها ، ويتسع ليقع على غيرها ..
فإن اللون الأبيض ، يعكس النور ويرده ، ويفرق البصر وينشره .. أما اللون الأسود فهو يجمع البصر إليه ، ولا يتفرق عنه ، ولا ينتشر ..
ولكن الفضة هنا تفترق عن اللون الأبيض في أنها لا ترد النور ، بل هي تستوعبه في نفس حال نشرها له ، كما أنها في حين هي تفرق البصر وتنشره ، فإن البصر يخترقها ويتجاوزها إلى ما بعدها ..
وهكذا يتضح كيف أن النظر إلى فضة الجنة يؤدي أكثر من مهمة معجزة ، وخارقة للعادة ..
٤ ـ ثم إن ثمة حالة فريدة ، ورائعة ، وهامة ، تصل إلى حد الإعجاز ، فإن من ينظر في المرآة لا يرى المرآة نفسها ، بل يرى الصورة فيها ، والذي يرى ما بعد الزجاج الشفاف فإنه لا يرى الزجاج نفسه ، ولكن الأمر في الجنة ليس كذلك ؛ إذ إنه في حين هو يرى الفضة ، فهو يرى ما بعدها أيضا. ويرى أيضا أمورا أخرى حولها .. فهل يكون هذا إلا الإعجاز بعينه ..
وهذا يعطي قدرا زائدا من البهجة ، والسرور ، ويلامس الأحاسيس والمشاعر ، ويثير فيها المعاني والخواطر اللذيذة المختلفة ..
ولأجل ذلك ، كانت للفضة هذه القيمة العالية جدا ، التي تظهر ما
__________________
(١) فقوله : انفضوا ، معناه تفرقوا من حوله. وقوله : لا فض فوك. دعاء بعدم فقده لأسنانه وعدم تفرقها بالقلع ..