فليس الحديث إذن عن خصوص ما يكون بذاته ـ ومن دون أي تدخل من خارج ـ مختزنا للحالة الجمالية الواقعية ، إذ قد تختزن نفس العينين ، أو الفم ، أو غيرها حالة جمالية رائعة ..
وكما أن حالة الضم والجمع ، قد تعطي إيحاء بالجمال ، كذلك هي قد تعطي الإيحاء بالقبح ، وتنشئ حالة ينفر منها الطبع .. حتى لو كانت نفس المفردات المنضمة من أجمل ما خلق الله ..
فإنه قد يقع نظرك على عين بمفردها ، فترى أنها غاية في الجمال ، والعين الأخرى أيضا إذا نظرت إليها بمفردها تجد أنها كذلك ، ولكنك حين تضمهما إلى بعضهما البعض تنشأ حالة أو معنى غير محبب ، كما إذا ظهرت حالة الحول وعدم التناسق في حركة سواديهما. أو كما لو كانت إحداهما أصغر من الأخرى ، أو كانت هناك درجة غير مستساغة من التباعد أو الاقتراب.
فللعين إذن جمال ذاتي ، واقعي .. ولها أيضا تأثير ومشاركة في إنشاء حالة جمالية ، أو قباحة في الهيكل العام للوجه ، وربما يؤثر ذلك على الناحية الإيحائية تجاه الجسد كله ..
وفي جسد الإنسان مواقع ليس لها خصوصية جمالية لافتة ، إلا من حيث انسجامها مع مواقع وأحجام سائر الأجزاء الداخلة في التكوين العام للجسد .. فليس لليد مثلا جمال خاص بها ـ كما هو الحال بالنسبة للفم ، أو العين على سبيل المثال .. ولكن لو تغير موقعها قليلا أو كثيرا ، أو لو أنها صغرت ، أو كبرت ، فإن ذلك يعطي الإيحاء الخاص المتناسب مع هذه التحولات.