فقتلوه رحمهالله ، وذهبوا برأسه إلى عبيد الله بن زياد فوضعوه بين يديه ، فجعل ينكت (١) بقضيب فى يده على ثناياه ، وعنده أنس بن مالك جالس ، فقال له : يا هذا ، ارفع قضيبك ، قد طال ما رأيت رسول الله يقبل هذه الثنايا ، ثم أمر عبيد الله بن زياد أن يسار بأهله ومن كان معه إلى الشام ، إلى يزيد بن معاوية ، ويقال : إنه بعث معهم بالرأس حتى وضع بين يدى يزيد فأنشد حينئذ قول بعضهم :
نفلق هاما (٢) من رجال أعزة |
|
علينا وهم كانوا أعق (٣) وأظلما |
ثم أمر بتجهيزهم إلى المدينة النبوية ، فلما دخلوها تلقتهم امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها ، واضعة كفها على رأسها تبكى وهى تقول :
ما ذا تقولون إن قال النبي لكم |
|
ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم |
بعترتى وبأهلى بعد مفتقدى |
|
منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم |
ما كان هذا جزائى إذ نصحت لكم |
|
أن تخلفونى بشر فى ذوى رحمى |
وسنورد هذا مفصلا فى موضعه إذا انتهينا إليه إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان ، وقد رثاه الناس بمراث كثيرة ومن أحسن ذلك ما أورده الحاكم أبو عبد الله النيسابورى وكان فيه تشيع :
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد |
|
متزملا (٤) بدمائه تزميلا |
فكأنما بك يا ابن بنت محمد |
|
قتلوا جهارا عامدين رسولا |
__________________
(١) ينكت : يحفر ويقلب.
(٢) هاما : رءوسا ، قامات.
(٣) أعق : لم يبر بوالديه وأقربائه.
(٤) متزملا : متشحا.