تضادهما فظاهر. وبعض الاوائل فسر الرطوبة بعدم الممانعة ، فعلى هذا بينهما عدم وملكة.
واختلف في تفسيرهما : فقال أبو علي ابن سينا : الرطوبة كيفية تقتضي سهولة قبول الاشكال لموضوعها ، كالماء الموضوع في الاناء المربع ، فانه يصير الماء مربعا أيضا ، فاذا أدرناه الى اناء مثلث صار مثلثا من غير صعوبة في ذلك. واليبوسة كيفية تقتضي عسر قبول الاشكال لموضوعها كالحجر ، فانا اذا أردنا جعله مثلثا افتقر الى عسر في نحته وجعله على ذلك الشكل ، وكذا اذا أردنا بعد ذلك شكلا آخر.
وفيه نظر : فانّا لا نسلم أن عسر قبول الاشكال في الحجر لليبوسة ، ولم لا يجوز أن يكون للصورة التركيبية ، مع أنّا نقول : لو كان العسر في الحجر اليبوسة لوجد أين وجدت وليس كذلك ، فان من الاجسام البسيطة ما يقبل الاشكال بسهولة مع كونه يابسا كالنار.
وفسر بعضهم الرطوبة بما يقتضي سهولة الالتصاق وسهولة الانفصال ، فعلى هذا يكون العسل رطبا ، فيكون أرطب من الماء. وهو خلاف ما أجمع عليه المحققون ، أجاب بعضهم بأن العسل وان كان سهل الالتصاق ، لكنه عسر الانفصال.
وقيل : الرطوبة هي البلة التي تنتشر على سطح المحل ، فعلى هذا الهواء غير رطب.
والتحقيق أن هاتين الكيفيتين من الامور المحسوسة ، وقد عرفت أنّها لا تفتقر الى تعريف ، فهؤلاء ان قصدوا التعريف فهو خطأ ، ويرد عليهم ما ذكرناه من النقض ، والا فهو ذكر لبعض خواصهما وأحكامهما ، فلا يكون عاما مطردا.
__________________
والرطوبة واليبوسة ، وتوابعها الخشونة والملاءة والصلابة واللطيف «منه» كذا بخطه الشريف على هامش نسخة الاصل.