اذا تقررت هذه المقدمات فنقول : اما أن يوجد فوق (١) البعدين بعد يشتمل على جميع الزيادات التي لا تتناهى ، أو لا يوجد ، فان وجد كان هو آخر الابعاد ، والا لكان فوقه آخر ، فلا يكون هو مشتملا على جميع الزيادات ، هذا خلف. وان لم يوجد كان هناك بعدا غير مشتمل عليه ، فيكون هو آخر الابعاد.
قال رحمهالله : والاخير مشكل ، فانه لا يلزم من عدم بعد لا يشتمل على ما لا يتناهى وجود بعد بعد هو آخر الابعاد. اللهم الا أن يقال : اذا كانت كل واحدة من الزيادات في بعد كان الكل كذلك ، وحينئذ يكون المنع أوجه ، فان للطالب أن يطالب على ذلك بالدليل.
ورابعها : ما ذكره بعض المهندسين ، وهو أن نفرض زاوية الخطين ثلثي قائمة ، فان كان الخطان غير متناهيين ، كان الواصل بينهما غير متناه ، ضرورة زاويتين تساوي زاويتي القاعدة ومساواتهما لزاويتي الخطين ، فان الخطوط متساوية ، فيكون الخط الواصل (٢) منهما محصور بين حاصرين هذا خلف.
وهذا فيه نظر : لان فيه مصادرة على المطلوب.
قال المصنف في الاسرار : هذه الحجة غير عامة على تقدير تمامها ، فانها تدل على التناهي من بعض الجهات.
واحتج حكماء الهند على قولهم : بأن خارج العالم يتميز فيه جانب عن جانب ، بأن الذي يلي القطب الشمالي يغاير الذي يلي القطب الجنوبي ، والعدم المحض لا امتياز فيه ، فهو موجود أما جسم أو جسماني ، فثبت أن وراء العالم أجسام الى غير النهاية.
والجواب : ان التميز مجرد أوهام ليس له حقيقية في الخارج.
__________________
(١) فى «ن» : بين.
(٢) فى «ن» : الواحد.