أقول : اعلم أن كل كلي اذا نسب الى حقائق الافراد التي تحته : اما أن يكون نفسها ، كالانسان بالنسبة الى زيد وعمرو وبكر ، فانه نفس ماهية كل واحد منهما ، وانما تزيد عليه بعوارض مشخصة من الاين والوضع وغيرهما. أو يكون جزءها ، كالحيوان بالنسبة الى الانسان والفرس وغير هما ، فانه جزء من كل واحد منها (١) مشترك بينها. أو يكون خارجا عنها ، كالماشي والضاحك بالنسبة الى الافراد التي تحتهما ، فانهما خارجان عن حقائقها.
اذا تقرر هذا فنقول : الوجود معنى مشترك بين الماهيات الموجودة ، صادق على كلها ، فهل هو نفس تلك الماهيات؟ أو جزؤها؟ أو خارجا عنها زائدا عليها؟
فذهب أبو الحسن الاشعري وأبو الحسين البصري وابن نوبخت من أصحابنا الى الاول ، واجبة كانت أو ممكنة. وذهب المثبتون من المعتزلة (٢) والاشاعرة (٣) الى الثالث ، فقالوا : انه زائد على [جميع] الماهيات ، واجبة كانت أو ممكنة.
وأما الحكماء فقالوا : انه زائد في حق الممكنات ونفس ماهية الواجب. وأما القسم الثاني فلم يعلم به قائل ، ويدل على بطلانه وجهان :
الاول : أنه لو كان الوجود جزءا للماهيات لزم أن يكون الواجب مركبا واللازم باطل كما سيأتي ، فالملزوم مثله. والملازمة ظاهرة ، اذ الوجود صادق على ماهية الواجب قطعا.
__________________
(١) فى «ن» منهما وبينهما.
(٢) كأبي على وأبى هاشم والعاصى عبد الجبار بن أحمد.
(٣) كالقاضى أبى بكر وامام الحرمين.