وكلاهما ضعيف : أمّا الاول : فانه انّما يكون (١) محسنا باعتبار تفويته الاعواض الكثيرة ، فانه لو لا ذبحه لكان موتها من قبل الله تعالى ، فتتزايد أعواضه على أعواض الذبح.
وفيه نظر : فان العقلاء انما يذمونه على الذبح وتفويت الحياة ، ولهذا لو سئل الواحد منهم لقال ذلك. والاقرب في الجواب : أنا انما نحكم على ذابح الشاة بالظلم وندمه لتجويز حياتها ، وأيضا باعتبار اقدامه على مال الغير ، ولهذا يغرم القيمة.
واما الثاني : فلان المفهوم جاز أن يكون مشروطا ، وحينئذ لا يلزم انقلاب علمه تعالى جهلا.
وأما قوله «يلزم أن يكون قد قطع أجله» ان أراد بالاجل الوقت الذي علم الله تعالى أنه لو لم يقتل لعاش إليه ، فلا نسلم أنه يكون قاطعا لاجله ، وان أراد به الوقت الذي بطلت حياته فيه ، فالملازمة ممنوعة.
وقال البصريون من المعتزلة : أن أجل الحيوان مطلقا سواء كان بسبب أو بغير هو الوقت الذي يعلم الله أنه لو لم يقتل لبطلت حياته فيه ، وحينئذ يجوز أن يكون بطلان حياة المقتول أجلاه أن ذلك الوقت هو الوقت الذي علمه الله تعالى ، ويجوز أن لا يكون ان كان غيره ، وهو اختيار المحققين ، لعدم دليل قاطع بأحد الطرفين ، ولقوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) (٢) أي يعيش من يريد القتل والمقتول لو لم يقتل ، والتنكير للحياة ينفى الوجوب لكل واحد.
__________________
(١) فى «ن» : انما لم يكن.
(٢) سورة البقرة : ١٧٩.