الجنس والفصل ،
وقد تقدم انه لا جنس له ولا فصل له ولا حد له. والرسم تعريف بالخارج عن الشيء ،
والتعريف بالخارج لا يفيد الاطلاع على الحقيقة ، فلا يكون معلوما بالحد ولا بالرسم
، فلا يكون معلوما بالكسب.
الثاني : قوله عليهالسلام : يا من لا يعلم ما هو الا هو . ولهذا أن موسى عليهالسلام لما سئل بما الدلالة على طلب الحقيقة؟ أجاب بذكر خواصه
وصفاته فنسب الى الجنون ، فذكر صفات أبين ، وقال : ان كنتم تعقلون. تنبيها لهم على
استحالة الاطلاع على حقيقته.
وذهب جمهور
المتكلمين من الاشاعرة والمعتزلة الى أن حقيقته تعالى معلومة للبشر ، محتجبين :
بأنا نحكم عليه بأحكام ايجابية وسلبية ، والحكم على الشيء يستدعي تصوره ، وبأن
وجوده عين ماهيته ووجوده معلوم ، فماهيته معلومة.
وأجيب عن الاول :
بأن التصديق لا يشترط فيه العلم بالمحكوم عليه بحسب حقيقته ، بل يكفي العلم به ولو
بوجه ما ، وهو هنا موجود من حيث العلم بأنه مؤثرا وغيره.
وعن الثاني : ما
تقدم من كون الواجب تعالى له وجودان ، والمعلوم منهما ليس ما هو نفس حقيقته ، بل
الشامل له ولغيره.
وأما المصنف فقد
استدل في هذا الباب : بأن المعقول لنا ليس الا الصفات. أما الحقيقية مثل الوجود
والوجوب ، وكونه قادرا وعالما وحيا وغير ذلك. وأما الاضافية مثل كونه خالقا ورازقا
وأولا وآخرا وغير ذلك. وأما السلبية مثل كونه ليس بجسم ولا عرض ولا في جهة الى غير
ذلك وما سوى ذلك ليس معقولا لنا.
ولا شك في أن هذه
الصفات أمور عارضة لذاته تعالى ، ونفس المعروض أعني
__________________