ظهر لنا الجدار
والنور معا ، لكن ظهور الجدار بواسطة وقوع النور عليه ، وظهور النور لا بواسطة
قيام نور آخر [به] بل بذاته ، فكذلك ذات الله تعالى ، وذات غيره بالنسبة الى
الصفات ، وهذا هو الحق.
وقد استدل المصنف
على حقيقته بوجوه : الاول : أنه لو كانت هذه الصفات موجودة في الخارج لزم اثبات
قديم سواه ، واللازم باطل فكذا الملزوم. أما الملازمة فظاهرة. وأما بطلان اللازم
فلان كل ما عداه ممكن ، لما يأتي من دلائل التوحيد ، وكل ممكن مستند إليه وهو
مختار لما تقدم ، وفعل المختار محدث لما تقدم أيضا ، فكل ما سواه محدث فلا قديم
سواه.
الثاني : لو كان
له تعالى صفة زائدة على ذاته لزم افتقاره الى الغير ، وهو باطل لما يأتي. وبيان
الملازمة ظاهرة ، لان الفرض توقف أفعاله تعالى على تلك الصفات ، وهي وان كانت
قائمة به تعالى ، لكنها مغايرة لذاته ، لتعقل كل منهما منفكا عن الاخر ، فيلزم
افتقاره الى الغير ، فيكون منفعلا عنه ، هذا خلف.
الثالث : لو كان
له صفة زائدة لزم : اما الدور أو التسلسل ، واللازم بقسميه باطل فكذا الملزوم.
بيان الشرطية : أن الصفة مفتقرة الى الذات ، والذات غيرها ، وكل مفتقر الى الغير
ممكن مستند إليه كما تقدم ، وهو فاعل مختار ، ففعله بواسطة القدرة والعلم ، فتكون
تأثيره في القدرة والعلم مشروطا بقدرة وعلم. فاما أن يكون مشروطا بقدرة أخرى وعلم
آخر أولا ، فان كان الاول لزم التسلسل ، لانا ننقل الكلام إليهما ونقول كما قلنا
في الشروط ، وان كان الثاني لزم الدور ، لانه اشتراط الشيء بنفسه.
وأما مذهب أبي
هاشم فيكفي في ابطاله عدم تعقله لما تقدم من نفي الاحوال.