مقدمتين نظريتين يجب انتهاؤه الى الضروريات ، دفعا للدور والتسلسل ، ومع ذلك يسمى دليلا نظريا.
واعلم أنه ذهب فخر الدين الرازي ومن تبعه الى أن الدليل النقلي سواء كان محضا أو مركبا لا يفيد اليقين ، لتوقفه على انتفاء أمور عشرة : الاول : [انتفاء الغلط في] نقل مفردات الالفاظ الثاني : الغلط في إعرابها الثالث : الغلط في تصريفها. الرابع : الاشتراك. الخامس : المجاز. السادس : التخصيص. السابع : النسخ. الثامن : الاضمار. التاسع : التقديم والتأخير. العاشر : المعارض العقلي.
وانتفاء هذه الامور مظنون [والمتوقف على المظنون مظنون] والمتوقف على المظنون أولى بأن يكون مظنونا.
وقال بعض المحققون : الحق افادته لليقين ، وليس الشرط في افادته أن تكون الامور المذكورة حاصلة في ذهن المستفيد ومنتفية عنده ، بل كونها حاصلة في نفس الامر ، فانا قد نتيقن المراد من [اللفظ] المنقول ولم يسبق الى أذهاننا شيء من هذه الشرائط ، كقوله تعالى (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (١) فانا نعلم منه نفي كونه والدا ومولودا ، لكن اذا حصل في ذهننا هذا اليقين استدللنا به على أن تلك الشرائط كانت حاصلة في نفس الامر.
واعلم أن كل ما يتوقف عليه صدق الرسول لا يستدل عليه بقوله ، وما لا يتوقف يجوز الاستدلال فيه بالعقل خاصة وبالنقل خاصة وبهما معا ، كوحدة الصانع واستحالة رؤيته وغيرهما (٢).
__________________
(١) سورة التوحيد : ٣.
(٢) ككونه متكلما سميعا بصيرا «منه».