ولا يتم الا
بالنظر ، وما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب ، والّا خرج الواجب عن كونه
واجبا مطلقا ويلزم تكليف ما لا يطاق ، والقسمان باطلان.
أقول : اتفق المحققون على ذلك ، خلافا للحشوية ، والدليل على وجوبه هو أن النظر يتوقف عليه
الواجب المطلق ، وهو مقدور ، وكل ما يتوقف عليه الواجب المطلق وكان مقدورا فهو
واجب ، فالنظر واجب.
بيان الصغرى : أن
معرفة الله تعالى واجبة مطلقا ، ولا تتم الا بالنظر ، أما أنه واجبة فلانها دافعة
للخوف ، ودفع الخوف واجب. أما أنها دافعة للخوف ، فلان المكلف الجاهل بالله تعالى
يجوز أن يكون له صانع أراد منه معرفته وكلفه بها ، وأنه ان لم يعرفه عاقبه على
تركها ، سواء كان ذلك التجويز بخاطر خطر له ، أو بحسب سماعه اختلاف الناس فى
العقائد [الحقية] الالهية ، وحينئذ يجد من نفسه خوف عقاب مظنون ، لعله يلحقه بسبب
تركه المعرفة ، فلا يزول ذلك الا بالمعرفة ، فتكون دافعة للخوف.
وأما أن دفع الخوف
عن النفس واجب ، فلانه ألم نفساني ، وكل ألم نفساني يتمكن المكلف من دفعه ولم يفعل
فانه يستحق الذم لعدم دفعه ، أما انها لا تتم الا بالنظر فلأنها ليست ضرورية ،
والا لما وقع فيها خلاف بين العقلاء ، لكن الاختلاف واقع وهو ظاهر ، فلا تكون
ضرورية ، فتعين أن تكون نظرية ، لانحصار العلم في الضروري والنظري.
وأما بيان الكبرى
: فلانه لو لم يجب ما يتوقف عليه الواجب المطلق لزم أما خروج الواجب المطلق عن
كونه واجبا مطلقا ، أو تكليف ما لا يطاق. بيان الملازمة : أن ذلك الواجب المتوقف
على هذا التقدير ان بقي وجوبه لزم التكليف بالمشروط مع عدم شرطه ، وهو تكليف ما لا
يطاق وهو محال كما يأتي وان لم يبق وجوبه بل يزول لزم الامر الاول ، فيصير واجبا
مقيدا ، والفرض