البلاغة :
قوله : «حبل الله المتين» التعبير بالحبل عن أمير المؤمنين عليهالسلام استعارة مصرِّحة ، قد ذُكر المشبَّه به واُريد به المشبَّه. ووجه الشبه كون أسباب النجاة من الغرق والحرق في مضيق البئر أو لجة البحر ، كالغريق بتشبث بكل حشيش ، فإذا تمسك بحبل قويم ومتين لا ينفصم ، ونجاه إلى الساحل ، وتخلص من الموت ، فهو النجاة المسبِّب من الاعتصام بالحبل ، فكذلك الغريق في ظلمات الجهل والكفر لا ينجو إلا بالاعتصام بأسباب الهداية المنصوبة من جانب الله تعالى ، وهو معنى الانتساب إلى الله ؛ فإن هذا الحبل معدّ من جانبه تعالى.
وقوله : «المتين» استعارة ترشيحية ؛ لكونه من ملائمات المشبَّه به ، كما أن الإنشاب من ملائمات الأظفار في «أنشبت المنيةُ أظفارَها». وكذلك الكلام في الصراط ، فهي استعارة مصرَّحة ، كما أن المستقيم استعارة ترشيحية.
ووجه الشبه في تشبيه علي عليهالسلام بالصراط كونه موصِلاً إلى المطلوب وهو الجنة ، أو رضوان الله والفوز بمراتب عالية.
قوله : «وناوش ذُؤْبانَهم» الذئبان استعارة مصرَّحة ، اُريد به أشرارَ العرب ، بمشابهة الشرارة واللصوصية والإفساد والإيذاء. و «المناوشة» ترشيح.
قوله : «فأودع قلوبهم» الخ. إرادة الأشياء المودعة من الأحقاد. واستعارة مكنية. وإثبات الإيداع لها بقوله : «فأودع» استعارة تخييلية ، كما في قولهم : «أنشبت المنيةُ أظفارَها». ووجه الشبه : أن الأشياء المودعة ـ كما أنها محفوظة بعينها لا تتغير ولا تتبدل كما هو شأن الوديعة ـ فكذلك الأحقاد والأظغان المكنون في قلوب أولياء المقتولين في تلك الغزوات بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لكونه العمدة والأصيل في تلك المعارك ، لم يبق دارٌ إلا وقد أقام لها مأتماً.
قوله : «فأضبَّت» إما على إعجام الضاد فلا استعارة فيه ، بل هو بمعنى الإلزام والإمساك على ما عرفت ، ولكن لو كان بالصاد المهملة من «صَبَّ الماءَ» فهي استعارة تخييلية. والقلوب التي هي مرجع ضمير الفاعل ، قد شبّه في النفس بالمياه المنصبة استعارة بالكناية. ووجه الشبه الاستيلاء والاستيعاب.